انتهاك دستوري.. صحيفة بريطانية: إدارة بايدن تدعم "الاستبداد" في هايتي
شددت صحيفة "إندبندنت" البريطانية على أن "الأزمة السياسية والاقتصادية التي تمر بها هايتي وصلت إلى بعد أعمق مما أحدثه الزلزال عام 2010 وإعصار ماثيو عام 2016، ذلك لأن الرئيس جوفينيل مويس أعلن نفسه رئيسا للبلاد رغم انتهاء فترة ولايته في 7 فبراير/شباط 2021".
وأوضحت الصحيفة بنسختها التركية في مقال للكاتب حسام الدين أصلان أن "الاستقرار في هايتي انهار بشكل تدريجي خلال عصر مويس، حيث يعاني من مشكلة شرعية خطيرة، قانونية وسياسية".
وأشار أصلان إلى أن "المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية تعمقت وزاد التضخم، كما زادت الحاجة إلى الغذاء والوقود، خاصة مع انتشار كورونا، حيث يكسب معظم السكان أقل من دولارين في اليوم".
وتحتل هايتي المرتبة 104 من بين 107 دول في مؤشر الجوع العالمي لعام 2020، أي أننا أمام مشهد لصومال آخر في القارة الأميركية، يقول الكاتب التركي.
نظام استبدادي
وأوضح أصلان أن "مويس كان حليفا وثيقا للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وكان أيضا من دعاة التحالف ضد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، فيما يبدو أن الرئيس جو بايدن يواصل ـحالياـ سياسات ترامب في هايتي".
وأردف قائلا: "وقد تم التخطيط والتدبير لصعود مويس إلى الرئاسة خلال عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، من قبل وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون والمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى هايتي، بيل كلينتون".
ولفت الكاتب إلى أن "مويس كان مثل الإدارات الاستبدادية اليمينية من قبله، حليفا قويا للولايات المتحدة، وكانت السمة المشتركة بين هؤلاء الفاعلين هي الشراكات والمصالح المربحة التي طوروها مع الولايات المتحدة في قطاعات الملابس، والزراعة، والسياحة، والتعدين".
وقد أشارت الإدارة الجديدة بقيادة بايدن إلى أنها ستذهب إلى تغيير جذري في سياستها الخارجية يختلف عن سياسة ترامب، مدعية أن واشنطن ستعود لدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وكتب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلنكين على "تويتر" أن الولايات المتحدة "ستدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان وأمن وازدهار هايتي دائما".
وعلق أصلان قائلا: "لكن هذه الكلمات الواعدة تبدو فارغة في الوقت الحالي، حيث تدعم إدارة بايدن النظام الاستبدادي في بورت أو برنس من بوابتها الخلفية، لكنها في الوقت نفسه تناهضها في حقوق الإنسان والحرية والفكر السياسي والسلطوية وحرية الصحافة وتعارض كل ذلك، لكن بشكل غير رسمي".
واستدرك: "لكن ووفقا لدستور هايتي، انتهت ولاية مويس في 7 فبراير/شباط الماضي، لكنه رفض الاستقالة، مدعيا أنه سيبقى في السلطة لعام آخر، بما أنه كان يخطط لسن دستور جديد".
وأضاف أصلان: "رغم كل ذلك، نفذت حكومة مويس تدابير تقشف فرضها صندوق النقد الدولي ما أدى إلى زيادة تكاليف الوقود، وخفض قيمة العملة الوطنية، وتعميق الفقر مما تسبب في اندلاع احتجاجات حاشدة تطالب بإسقاط مويس".
وأردف: "وبينما كان من المقرر أن يستقيل مويس في 7 فبراير/شباط الماضي، عقد مؤتمرا صحفيا في مطار بورت أو برنس، وأعلن اعتقال 23 شخصا من بينهم قضاة في المحكمة العليا، وذلك بتهمة التخطيط للانقلاب ضده".
ورغم قلة الأخبار في وسائل الإعلام الأميركية حول الأحداث في هايتي، نشرت كل من "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" مقالات مليئة بالقلق، فمما لا شك فيه أن الحكومتين تعطيان الأولوية لاستثمارات الشركات الأميركية، والدفاع عن مال وثروة النخبة الهايتية وتحقيق أقصى قدر من الربح المشترك، وفقا للكاتب.
مستبد سلطوي
وبحسب أصلان "لا يزال مويس في السلطة بدعم كامل من واشنطن والمؤسسات من مثل الأمم المتحدة ومنظمة الدول الأميركية، رغم ولايته التي استمرت لخمس سنوات، منتهكا بذلك الدستور الهايتي".
وأضاف أن " مويس يستند في ذلك إلى الحجة القائلة بحدوث مخالفات في انتخابات 2015 التي تسببت في تأخير تعيينه لمدة عام، حيث فاز مويس بالجولة الأولى من الانتخابات بالفعل في أكتوبر/تشرين الأول 2015، ومع ذلك، فقد حدث تزوير في الانتخابات، وتأخرت إعادة الانتخابات عدة مرات".
وتابع: "لقد فاز مويس بنسبة 55.6 بالمائة في الانتخابات التي أجريت في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 ليتولى منصبه رسميا في 7 فبراير/شباط 2017، وبما أن الرئيس وأنصاره يقولون بأن نهاية الفترة سيكون عام 2022، يستعد مويس لإجراء استفتاء في أبريل/نيسان (تم تأجيله فيما بعد إلى يونيو/حزيران المقبل) لتأسيس رئاسة أقوى".
ويرى أصلان أن "الجدل حول نهاية سلطة مويس الدستورية أدى إلى ظهور الرئيس بصورة استبدادية وقمعية، لكن العصابات المسلحة، وتواطؤ الحكومة، وهيكل الحكومة الشبيه بالمافيا يكمن وراء الأزمة في هايتي، كما أن المجتمع الدولي، الذي تمثله الولايات المتحدة بشكل أساسي، يعبد طريق دكتاتورية جديدة في هايتي".
وتابع قائلا: "وقد وجد مويس طريقة أخرى لإدارة البلاد بمفرده، بشكل غير خاضع للرقابة، وتمثل ذلك في عدم إجراء انتخابات تشريعية وبلدية، ليصبح مويس السلطة التنفيذية والتشريعية في نفس الوقت، ويقر حوالي 40 مرسوما حولت رؤساء البلديات إلى نواب عن السلطة التنفيذية".
وأكد أسلان أن "مويس عزز سلطته الاستبدادية من خلال تقليص السلطات الإشرافية لمحكمة الحسابات من خلال مرسوم، وهكذا، سمح لنفسه أن ينفق متى شاء، كما أنشأ في تحد للقوانين، مجلسا انتخابيا يتألف فقط من أعضاء حزبه (تيت كالي أي ذوو الرؤوس الصلعاء"). وقد سمح هذا للمجلس بإجراء استفتاء لصياغة دستور جديد".
ومنذ أن تولى مويس منصبه عام 2017، قام بحل المؤسسات الديمقراطية الرئيسة في البلاد بشكل منهجي، فأضعف وحدة مكافحة الفساد ووحدة الاستخبارات المالية المركزية، التي قادت التحقيقات في الفساد وغسيل الأموال والاتجار غير المشروع بالمخدرات والجرائم الخطيرة الأخرى.
كما أضعف محكمة النزاعات الإدارية، والمسؤولة عن مراقبة جميع النفقات والالتزامات المالية التي تتكبدها حكومة هايتي، يوضح الكاتب التركي.
وأكد أنه "حان الوقت لإدارة بايدن حتى تقوم بتنفيذ سياساتها وفقا لمبادئها، فيجب على الولايات المتحدة عكس سياسة دعم مويس، والتشاور مع المجتمع المدني الهايتي من أجل رؤية مستقبلية".
وشدد أصلان في ختام مقاله على أنه "ينبغي اتخاذ خطوة قوية لوضع الديمقراطية وحقوق الإنسان في قلب سياستها الخارجية تجاه هايتي، فليس لدى مويس ما يقدمه للجماهير الفقيرة في هذه البلاد".