"جرائم حرب محتملة".. هيومن رايتس ترصد انتهاكات قوات السيسي في سيناء

12

طباعة

مشاركة

قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، إن استمرار الجيش المصري في هدم المنازل والإخلاء القسري أثناء النزاع المسلح في محافظة شمال سيناء يعد "انتهاكا للقانون الإنساني الدولي" ومن المرجح أن يرقى إلى "جرائم حرب".

وبين أواخر 2013 ويوليو/تموز 2020، دمر الجيش ما لا يقل عن 12 ألفا و350 مبنى أغلبها منازل، وآخرها في منطقة العريش، كما قام الجيش بتجريف وتدمير وإغلاق ما يقرب من 6 آلاف هكتار من الأراضي الزراعية، معظمها منذ منتصف عام 2016، وفق المنظمة الحقوقية.

وأكدت أن "الحكومة لم تقدم سوى القليل من المعلومات بخلاف المزاعم الواسعة في وسائل الإعلام بأن عمليات الإخلاء والهدم كانت ضرورية في إطار الحرب ضد جماعة ولاية سيناء المسلحة، وهي جماعة محلية تابعة لتنظيم الدولة ومسؤولة عن هجمات ضد أهداف عسكرية ومدنية".

وشددت المنظمة في تقريرها على أن "الآلاف من عمليات الإخلاء والهدم هذه، يبدو أنها تنتهك قوانين الحرب، التي تحظر مثل هذه الأعمال إلا للضرورة العسكرية المطلقة أو لضمان أمن المدنيين المعنيين، مما يجعلها جرائم حرب وانتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي، ترتكب بنية إجرامية".

عنف الشديد

وقال نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة، جو ستورك: "على مدى السنوات السبع الماضية في شمال سيناء، طرد الجيش المصري بشكل غير قانوني عشرات الآلاف من السكان، ودمر منازلهم ومزارعهم ومصادر رزقهم.. وتعكس عمليات الهدم والإخلاء عقلية رسمية مسيئة ترفض رفاهية السكان، وهو أمر أساسي لأمن المنطقة واستقرارها".

ومنذ أواخر 2017، هدم الجيش الممتلكات لإنشاء منطقة عازلة في مدينة العريش واستكمال منطقة أخرى في رفح، كما دمر مئات المنازل خارج هذه المناطق العازلة، واستمر جزء كبير من التدمير دون تحديد إحداثيات المناطق المراد هدمها رسميا، ودون توضيح الأسباب، ودون تحديد عملية تعويض عادلة. 

وأشار التقرير إلى أن "غالبية العائلات التي تم إجلاؤها منذ أواخر 2017، وكذلك العائلات التي هدمت ممتلكاتها منذ 2013، لم تحصل بعد على تعويض، ولم تقدم الحكومة أي خطط واضحة حول موعد عودة السكان الذين تم إجلاؤهم عن ديارهم أو الإشارة إلى ما إذا كان لديها مثل هذه الخطط".

ووثقت "رايتس ووتش" عامي 2015 و2018 عمليات هدم واسعة النطاق للمنازل في شمال سيناء ابتداء من 2013 وحتى أوائل 2018، كان الجيش يخلي بشكل أساسي الناس من المناطق السكنية في أحواز مدينة رفح، على الحدود مع غزة والكيان الإسرائيلي.

ووجد التحليل الأخير لسلسلة زمنية لعشرات صور الأقمار الصناعية عالية الدقة التي تم تسجيلها بين 4 ديسمبر/كانون الأول 2017 و1 يوليو/تموز 2020، أنه خلال تلك الفترة هدم الجيش حوالي 4 آلاف مبنى في مدينة العريش ومحيطها، بهدف بناء منطقة عازلة تحيط بمطار العريش الذي كان مدنيا ويستخدم منذ 2013 لأغراض عسكرية.

وأظهرت صور الأقمار الصناعية التي تم تسجيلها في ديسمبر/كانون الأول 2020 استمرار عمليات الهدم في منطقة رفح، ويبدو أن معظم المباني المهدمة في العريش كانت مباني سكنية أو تجارية,

ودمر حوالي 3500 منها عام 2018 وحده، بعد أن قال رئيس النظام عبدالفتاح السيسي: إنه "سيستخدم العنف الشديد والقوة الغاشمة" في سيناء بعد هجوم على المطار في ديسمبر/كانون الأول 2017.

ثم صعد الجيش عملياته، بما في ذلك فرض قيود صارمة على الحركة دفعت بآلاف السكان إلى حافة أزمة إنسانية بين فبراير/شباط ومايو/آيار 2018.

وفي وقت سابق، ربما في وقت مبكر من 2014، هدم الجيش حوالي 1500 بناية في العريش.

كما وجد تحليل "رايتس ووتش" لصور الأقمار الصناعية أنه من بين حوالي 5500 مبنى هدم في العريش منذ 2014، كان هناك أكثر من 2000 مبنى خارج النطاق الأمني.

هدم تعسفي

وذكرت تقارير إعلامية وشهود تحدثوا سابقا مع "رايتس ووتش" أن الجيش يهدم منازل أعضاء مشتبه بهم في ولاية سيناء أو أقاربهم، وتتناقض عمليات الهدم المكثفة هذه مع تصريح محافظ شمال سيناء في يناير/كانون الثاني 2018 بأن عمليات الهدم "لن تمس مدينة العريش".

ولم تجد المنظمة الحقوقية الدولية أي سجل منذ 2013 لمراسيم رسمية تفرض أو تنظم عمليات الإخلاء في مدينة العريش أو حولها أو تحدد التعويض.

كما دمر الجيش بين ديسمبر/كانون الأول 2017 ويوليو/تموز 2020 نحو 700 كوخ ومنشآت مؤقتة داخل منطقة العريش العازلة وعشرات الأكواخ خارجها، وكثيرا ما يزعم الجيش أن الجماعات المسلحة اخترقت هذه المجتمعات المؤقتة.

وتظهر البيانات شبه الرسمية والتقارير الإعلامية، أن الأشخاص الأكثر فقرا الذين تم إجلاؤهم لا يجدون عادة بديلا سوى بناء أكواخ في مجتمعات مؤقتة جديدة.

ووجد تحليل صور الأقمار الصناعية الأخرى التي تم تسجيلها بين أغسطس/آب 2013 وأغسطس/آب 2020 أن جميع الأراضي الزراعية تقريبا داخل المنطقة العازلة بالمطار، حوالي 1800 هكتار، قد تم جرفها على الأرجح، بالإضافة إلى 800 هكتار من الأراضي الزراعية في مدينة العريش وحولها، معظمها بين أغسطس/آب 2016 وأغسطس/آب 2019.

وبناء على تحليل الصور، قام الجيش أيضا بجرف وتدمير وإغلاق 3500 هكتار من الأراضي الزراعية في رفح ومحيطها، خاصة بين أغسطس 2016 وأغسطس 2019، وأكد السكان على الأرض هذا التحليل.

ولم ترد السلطات المصرية على الأسئلة التي أرسلتها "رايتس ووتش" في 11 و26 يناير/كانون الثاني 2021 إلى مكتب مجلس الوزراء ووزارة الدفاع والهيئة العامة للاستعلامات.

ووسط التعتيم الصارم على المعلومات حول أحداث سيناء، بما في ذلك حظر التقارير المستقلة، ينكر المسؤولون المصريون بشكل روتيني الطبيعة القسرية لعمليات الإخلاء هناك، وتستخدم وسائل الإعلام الموالية للحكومة وصف "المنقولين" للإشارة إلى السكان الذين تم إخلاؤهم، وفق المنظمة الحقوقية.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019، قال السيسي: "لم نطرد أحدا... أعطينا السكان أموالا وهدمنا المباني والمزارع لأن ذلك من الأمن القومي"، مضيفا أن الحكومة "دفعت المليارات" كتعويضات.

وراجعت "هيومن رايتس ووتش" تقارير إعلامية وبيانات رسمية، إلى جانب روايات 4 عائلات نازحة قابلتها المنظمة الحقوقية بشكل مشترك مع مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، وهي منظمة مستقلة، تدعم النتائج السابقة للمنظمة الحقوقية والتي تفيد بأن عملية التعويض كانت مبهمة وبطيئة، وتفتقر إلى المراجعة المستقلة أو آليات الاستئناف.

كما لم يتم إدراج آلاف الأشخاص في قائمة التعويضات أو "لم يتلقوا أي تعويضات بعد".

وختمت "رايتس ووتش" تقريرها بدعوة نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة، ستورك، حكومة النظام المصري لـ"إنهاء عمليات الإخلاء والهدم التعسفية، والتعجيل بالتعويض العادل والشفاف لكل شخص متضرر، وتقديم ضمانات بأن السكان المطرودين يمكنهم العودة إلى ديارهم في أقرب وقت ممكن".