منع مرور طائرة نتنياهو.. ما علاقته بنزع وصاية الأردن على القدس؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "يني شفق" التركية مقالا سلطت فيه الضوء على تداعيات "منع إسرائيل زيارة ولي العهد الأردني الأمير حسين بن عبدالله للمسجد الأقصى في 10 مارس/آذار 2021، بالمقابل إلغاء زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المقررة إلى الإمارات، عندما لم تسمح الإدارة الأردنية لطائرته باستخدام مجالها الجوي بعد ما حدث".

وقالت الصحيفة في مقال للكاتب طه كيلينج: "بينما تمت محاولة إنقاذ الموقف من خلال تبادل الرسائل بين تل أبيب وأبو ظبي، كانت محاولة نتنياهو للذهاب إلى الإمارات تتعرض إلى الإلغاء للمرة الرابعة مع الأحداث الأخيرة".

وأوضح الكاتب: "سأقوم بالتركيز على بعض النقاط التاريخية والتوترات الجديدة المتعلقة بالإمارات والتي طفت على السطح في السنوات الأخيرة، مع الإشارة إلى مكانة الأردن في الشرق الأوسط".

بداية الحكاية 

وبحسب كيلينج، كانت المملكة الأردنية الهاشمية، التي ظهرت على مسرح التاريخ عام 1921 تحت اسم "إمارة ما وراء الأردن" بمساعدة من المملكة المتحدة، قد عهدت إلى عبد الله، أحد أبناء الشريف حسين بن علي، مقابل تمرده على الإمبراطورية العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى.

وتابع قائلا: "وبينما كان عبد الله بن الحسين، الذي كان يملك عددا قليلا جدا من المتعاطفين في العالم العربي في ذلك الوقت، يواصل العمل مع البريطانيين من ناحية، كان قد كثف اتصالاته وعلاقاته مع الصهاينة من الناحية الأخرى".

لكن الغضب الذي أثارته هذه "السياسة الوعرة والخطرة" تسبب في مقتل الملك عبد الله الأول في المسجد الأقصى يوم 20 يوليو/تموز 1951 برصاصة تم إطلاقها من بندقية أحد الفلسطينيين.

وكان هذا الاغتيال بمثابة صدمة كبيرة بالنسبة للأردن، الذي يتشكل غالبية سكانه من الفلسطينيين، حتى أن سياسة وعقيدة أمن الدولة تشكلت بالكامل في إطار الدروس المستفادة من مصير الملك عبد الله الأول، ليضطر ملوك الأردن بعده إلى اتباع "سياسة متوازنة للغاية شأنهم شأن السائر على حبل رفيع".

وتظهر هذه السياسة بصمتها بوضوح في عهد الملك طلال (1951-1952)، والملك الحسين (1952-1999) والملك عبد الله (من 1999 وحتى اليوم)، وفقا للكاتب التركي.

وأضاف: "تركت إسرائيل رعاية جميع الأماكن الإسلامية في القدس الشرقية ورقابتها، وخاصة المسجد الأقصى، للأردن بعد مغامرة طويلة وصعبة عندما تم توقيع اتفاقية السلام بين الأردن وإسرائيل عام 1994".

وهكذا، اكتسب الأردن ورقة رابحة يمكنها أن يبرزها أمام شعبه والعالم العربي ليوضح سبب توقيعه لاتفاقية "سلام مع إسرائيل".

وشرح ذلك بالقول: "رغم استمرار الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن المسجد الأقصى والقدس الشرقية قد أصبحا بعد كل شيء تحت سيطرة ورعاية دولة عربية، وهو ما يفسر سبب عدم ثوران غضب الفلسطينيين ضد الملك الحسين كما ثار غضبهم على أنور السادات، الذي وقع اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1979". 

ويبرز تفصيل الأقصى في اتفاقية 1994 نقطة أخرى تحمل معنى مهما بالنسبة للأردن، "فقد كانت عائلة الشريف حسين بن علي، الذين خسروا الحجاز (وبالتالي الثقل الروحي والسياسي الذي تكسبه مكة المكرمة والمدينة المنورة) أمام السعوديين عام 1925، ترغب في احتكار المسجد الأقصى عنصرا موازنا أمام المسجد الحرام والمسجد النبوي".

البديل الآخر

واستطرد كيلينج: "وهكذا أصبحت دولة لا محل لها من الإعراب مثل الأردن تمتلك ثقلا أكبر بكثير مما تملكه بالفعل، لتستقر في مكان حرج ومهم للغاية في موازين الشرق الأوسط".

ورغم حدوث أزمات بين الحين والآخر، إلا أن وصاية الأردن على المسجد الأقصى والقدس الشرقية استمرت حتى السنوات الأخيرة، لكن، ومع جلوس دونالد ترامب على عرش السلطة في البيت الأبيض عام 2017، بدأت بعض التغييرات في الحدوث في موازين الشرق الأوسط.

وأوضح قائلا: "وضع ترامب هدف استبدال الإمارات بالأردن نصب عينيه وعمل عليه بالتنسيق مع إسرائيل بعد أن أقام علاقات مع الفاعلين في المنطقة من خلال صهره اليهودي، جاريد كوشنر".

وأضاف أن "العرقلة الفعلية للسيطرة الأردنية على القدس الشرقية والمسجد الأقصى كانت تشكل أحد أهم ركائز المشروع الشهير، الذي تم تسويقه على أنه (صفقة القرن) والذي قضى بتسليم القدس إلى إسرائيل بكل بساطة".

وقد كان معروفا منذ فترة طويلة كما انتشرت الشائعات والأقاويل حول أن بعض الأشخاص والمنظمات التابعة للإمارات يقومون بشراء عقارات من المنطقة المعروفة باسم "القدس القديمة" داخل السور ويقومون بنقلها إلى مؤسسات صهيونية.

وهكذا كانت عملية "تهويد القدس" التي لم تزل إسرائيل تعمل عليها منذ بداية الاحتلال عام 1967، تتابع طريقها برفقة حليف عربي، بحسب الكاتب التركي.

وأردف موضحا: "رغم علاقاتها الوثيقة، لم تكن إسرائيل قادرة على إقناع الأردن بالقيام بمثل هذا المشروع، ويشير منع ولي العهد الأمير الحسين من متابعة طريقه إلى القدس إلى بدء مرحلة جديدة في الأزمة التي تشكل الإمارات رأسها وقلبها". 

وختم كيلينج مقاله مشيرا إلى موقف واشنطن قائلا: "على الناحية الأخرى تتجه الأنظار الآن إلى الإدارة الأميركية الجديدة التي تكرر وعودها بشكل مستمر حول استعادة التوازنات القديمة في الشرق الأوسط". 

ولفت قائلا: "لكن أهم سؤال في هذا السياق يكمن في مدى كون الأردن دولة (لا يمكن الاستغناء عنه) بالنسبة لبايدن وفريقه في المرحلة الحالية، لكننا في حال أردنا أن نحكم على الوضع من خلال الإشارات القادمة عن واشنطن، فإن الجواب المحتمل سيكون: لا يهمنا سواء كانت الإمارات أو الأردن بما أنه سيتم حماية وضمان أمن إسرائيل".


المصادر