تحقيق أميركي: جنوب إفريقيا دعمت السعودية والإمارات لقصف اليمنيين

12

طباعة

مشاركة

كشف معهد أميركي عن استفادة شركات الأسلحة في جنوب إفريقيا، بشكل كبير من بيع الأسلحة إلى الأطراف المركزية في الحرب اليمنية التي تسببت في أزمة إنسانية صنفت بأنها "الأسوء على مستوى العالم" بعد مرور 6 سنوات على اندلاعها.

ووفقا لتحقيق أجراه معهد "NPO Open Secrets" بعنوان "الاستفادة من البؤس - جرائم حرب جنوب إفريقيا في اليمن"، قامت شركات الأسلحة في جنوب إفريقيا بتصدير أسلحة بقيمة 2.81 مليار راند (15 راند يساوي دولار واحد) إلى السعودية، وأسلحة بقيمة 4.74 مليارات راند للإمارات، وكلا البلدين متورطان في الصراع باليمن الذي انطلق أوائل عام 2015.

وأكد أن "شركة Rheinmetall Denel Munition (RDM)، قد تكون مذنبة بالمساهمة في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن".

وأوضح التحقيق أن "هذه الصادرات تشمل قذائف الهاون ومدافع وقذائف المدفعية والذخيرة والمركبات القتالية المدرعة والبرمجيات لأنواع مختلفة من الحرب الإلكترونية".

ومن المحتمل أن الكثير من هذا العتاد تم استخدامه كجزء من الهجوم السعودي والإماراتي في اليمن، "مما كان له عواقب وخيمة على السكان المدنيين"، وفق التحقيق.

عواقب كارثية

ونفت شركة "RDM" هذه الاتهامات، خاصة فيما يتعلق بالذخائر المستخدمة في الهجوم على مدينة الحديدة الساحلية الإستراتيجية عام 2020.

ولم يول الهجوم الذي قادته السعودية، الذي أطلق عليه اسم عملية "النصر الذهبي"، اهتماما كبيرا لتحذيرات الوكالات الإنسانية من عواقب إنسانية كارثية، حيث أن 80 بالمائة من المواد الغذائية والمساعدات لليمن يتم توجيهها عبر الميناء، بالإضافة إلى تسبب الهجوم في تعطل إمدادات المياه.

وكشف التحقيق أن "اثنتين من المركبات التي هاجمت الميناء تم تحديدهما على أنهما من طراز G6 Rhinos الجنوب إفريقي".

وفقا للمعهد، فإن "G6 Rhino هي مدفع هاوتزر عيار 155 ملم ذاتي الحركة، مثبت في المعارك، ومتحرك للغاية، ومحمي بالكامل، مع رد فعل فائق السرعة ومدى إطلاق نار يزيد عن 50 كم".

ولفت إلى أنه "من الواضح أن الأسلحة المنتجة في جنوب إفريقيا، على الأرجح من قبل شركة RDM وشركات أخرى، تم استخدامها من قبل العديد من الأطراف في الصراع باليمن".

وأشار تحقيق "Open Secrets" إلى أن "RDM هي واحدة من العديد من شركات الأسلحة العالمية التي استفادت من الدمار الذي خلفته الحرب وما نجم عن ذلك من بؤس اليمنيين".

وأوضح أن "الاستفادة من البؤس بدأ مع الحرب الأهلية اليمنية رسميا نهاية عام 2014، والجذور العميقة للصراع الداخلي الذي انطلق منذ عقود".

وأشار التحقيق إلى أن "مثل العديد من النزاعات الأهلية، سرعان ما أصبحت الحرب في اليمن صراعا دوليا، يشتمل الآن على شبكة معقدة من الجماعات المحلية والدولية وعبر الوطنية التي غيرت سلوكها وولاءاتها وأهدافها بمرور الوقت، وهذه المجموعات المختلفة وموردي أسلحتهم مسؤولون عما أصبح أكبر أزمة إنسانية في السنوات الأخيرة".

وتعد شركة "RDM" مشروعا مشتركا بين شركة الأسلحة الألمانية "Rheinmetall Waffe Munition GmbH" التي تمتلك حصة 51 بالمائة وشركة "Denel" المملوكة للدولة في جنوب إفريقيا، بحيازة 49 بالمائة.

بدورها، أكدت تقارير اللجنة الوطنية لمراقبة الأسلحة التقليدية أن "RDM" قدمت هذه الذخائر بالفعل.

جرائم حرب

وردت "RDM" على أسئلة المحققين حول دور الشركة في بيع الذخائر إلى السعودية والإمارات، اللتين تقودان الضربات الجوية في اليمن، أنها تقدمت بطلب إلى اللجنة الوطنية لمراقبة الأسلحة التقليدية للحصول على جميع الأذونات اللازمة لتصدير الأسلحة.

ويقول معدو التحقيق إن "التركيز على RDM على وجه التحديد يرجع إلى أن المساهم الأكبر في ألمانيا يواجه حظرا في برلين ضد تصدير أي أسلحة إلى السعودية".

وأكدوا "بينما يركز تحقيقنا على RDM، فإن جميع الطرق تؤدي إلى ألمانيا".

ولفت إلى أن "السلطات أصدرت قانونا يفرض على منظمي الأسلحة في جنوب إفريقيا يمنع تصدير الأسلحة التي قد تسهم في انتهاكات حقوق الإنسان أو تفاقم النزاعات، لكن في هذه الحالة، فشلوا تماما في القيام بذلك".

وأوضح أن "حكومة جنوب إفريقيا أذعنت بدلا من ذلك لمصالح صناعة الأسلحة وتم تجاهل معاناة اليمنيين".

وفي الوقت الحاضر، هناك حوالي 16 مليون شخص في اليمن لا يحصلون على ما يكفي من الغذاء، و18 مليون لا يحصلون على مياه الشرب، وأكثر من مليون تضرروا من تفشي الكوليرا، مما تسبب في أزمة إنسانية غير مسبوقة.

وذكر المركز الأميركي إلى أن "قيمة الأسلحة المباعة، والتي وافقت عليها جنوب إفريقيا إلى الدولتين الرئيسيتين المتورطتين في الحرب، تبلغ 1.2 مليار راند من المركبات والقنابل والقذائف عام 2018 و11 مليار راند بين 2010 و2019".

وأشارت النتائج الرئيسية في التقرير إلى أن "السعودية والإمارات كانتا من بين أكبر مستوردي ذخائر جنوب إفريقيا منذ عام 2014، وأن الموافقات على الصادرات إلى كل منهما ارتفعت بين عامي 2015 و2016 وشكلت 40 بالمائة من جميع صادرات الأسلحة المعتمدة من جنوب إفريقيا".

وبين عامي 2015 و2018، كانت الولايات المتحدة المورد الأول، وتصدرت قائمة صادرات الأسلحة إلى كل من السعودية والإمارات، حيث باعت ما قيمته 13 مليار دولار من الأسلحة إلى هاتين الدولتين.

وفي المرتبة الثانية، تأتي المملكة المتحدة التي باعت ملياري دولار من صفقات الأسلحة للبلدين، ويقول تحقيق "Open Secrets" إن هذه الأسلحة، بالإضافة إلى التي باعتها جنوب إفريقيا "تُستخدم ضد المدنيين وفي ارتكاب جرائم حرب".

صراع وحشي

وكشف التحقيق أنه خلال السنوات الست الماضية، قُتل آلاف المقاتلين في الحرب، كما أظهر تقرير للأمم المتحدة أدلة كثيرة على أن "المدنيين قد استُهدفوا عمدا في الصراع الوحشي".

وأشار إلى أن "عددا لا يحصى من الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية، بما في ذلك الجماعات الإرهابية، قد انضمت إلى الصراع، مما أدى إلى تفاقم تعقيده".

وتسبب الصراع في  تدمير المدارس والمصانع والمستشفيات وأصبح 80 بالمائة من السكان -من مجموع 24 مليون شخص- في أمس الحاجة إلى المساعدات الإنسانية.

وعام 2018، قُدر بالفعل أن 85 ألف طفل قد ماتوا جوعا منذ بداية الحرب، ومنذ 2020، كان على اليمن أن يواجه العبء الإضافي لجائحة كورونا.

وقال معدو التحقيق: "في حين أن الصراع معقد وهناك أدلة واسعة النطاق على الانتهاكات من قبل جميع الأطراف، فقد استخدم التحالف بقيادة السعودية والإمارات قوتهم العسكرية الكبيرة لإطلاق وابل من الهجمات على السكان المدنيين".

وخلص تقرير للأمم المتحدة لعام 2020 إلى أن كلا من السعودية والإمارات، مع الحكومة اليمنية والقوات الانفصالية، "ارتكبوا ما يرقى إلى جرائم حرب".

وأكد أن "هذه الانتهاكات تشمل استهداف وقتل المدنيين، والاغتصاب والعنف الجنسي، والتعذيب واستخدام الجنود الأطفال".

وشدد التحقيق على "أنه بين عامي 2015 و 2016، أول عامين من الصراع، كان ما يقرب من نصف صادرات جنوب إفريقيا من الأسلحة موجها لصالح السعودية والإمارات، لهذا فحكومة كيب تاون متناقضة بشأن السلام في اليمن".