قبيل اتفاق السلام.. صحيفة بريطانية تكشف تسليح روسيا لمليشيا حفتر سرا

12

طباعة

مشاركة

كشفت صحيفة بريطانية أن روسيا قامت سرا بإرسال معدات عسكرية وتحديث مقاتلات مليشيا اللواء الانقلابي الليبي خليفة حفتر، خلال عامي 2019 و2020، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.

وأوضح تقرير صحيفة "ميدل إيست بيزنس إنتلجنس" أنه تم "تحديث الطائرات المقاتلة التي يقودها الانقلابي حفتر وصيانتها سرا باستخدام أجزاء شحنتها روسيا، في انتهاك لحظر الأسلحة المفروض من قبل الأمم المتحدة منذ 2011، ونُقلت الأجزاء إلى قاعدة بنينا الجوية الواقعة جنوب بنغازي والمجاورة لمطار بنينا الدولي".

وأشارت إلى أنه "بعد تحديث طائرة باستخدام أجزاء روسية، غالبا ما يتم نشر صور للطائرة على وسائل التواصل الاجتماعي مع تعليقات تدعي أنه تم إصلاحها باستخدام أجزاء من المخزونات التي أنشأها الزعيم الراحل معمر القذافي، الذي قُتل عام 2011 خلال الحرب الأهلية في البلاد".

ونقلت الصحيفة عن مصدر لم تسمه قوله: "رغم أن بعض الأجزاء مأخوذة من مخزونات قديمة، فإن العديد من المكونات الرئيسة تم إحضارها بواسطة طائرات الإمداد الروسية".

وأضاف المصدر أنه "غالبا ما تبدو الطائرات وكأنها خليط من الأجزاء القديمة من الخارج، ولكن في الداخل هناك أجزاء جديدة قادمة من روسيا، مع تحديث بعض العناصر حتى تتمكن الطائرات من ضمان أداء أفضل".

وتابع: "قد تم تحديث 3 نماذج على الأقل من الطائرات وهي Mikoyan-Gurevich MiG-21 وSukhoi Su-24 وSukhoi Su-27، وشملت المعدات التي استوردتها روسيا أجزاء خاصة بمحركات الطائرات ومدافع مثبتة على الطائرات، بحسب مصادر أمنية".

حملة حفتر

في 4 أبريل/نيسان 2019، أطلق حفتر حملة عسكرية لمحاولة السيطرة على العاصمة طرابلس، مقر حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا.

وأوضح أحد المصادر: "جاءت خطة تحديث المقاتلات الحالية لحفتر بعد الهجوم الأولي على طرابلس، وكانت القوة الجوية التي يسيطر عليها حفتر أساسية في إستراتيجيته للاستيلاء على العاصمة، لكن الطائرات تحطمت ودمرت بواسطة المدافع المضادة للطائرات".

ودفع ذلك روسيا إلى عرض تحديث الطائرات الحالية لعناصر حفتر حتى تكون أقل عرضة للهجوم وأقل عرضة للتعطل.

وتزامنت بداية عملية تحديث أسطول حفتر الحالي من الطائرات الحربية مع شحن طائرات مقاتلة روسية الصنع إلى ليبيا لتوسيع سلاح حفتر الجوي.

وفي مايو/أيار 2020، نشرت القيادة الأميركية في إفريقيا (أفريكوم)، المسؤولة عن العمليات العسكرية الأميركية في الدول الإفريقية، صورا أظهرت نشر طائرات مقاتلة روسية في ليبيا من أجل دعم المتعاقدين العسكريين الخاصين الذين ترعاهم الدولة الروسية والذين يعملون على الأرض هناك.

ووصلت المقاتلات الروسية إلى ليبيا، من قاعدة جوية في روسيا، بعد عبورها سوريا حيث قالت أفريكوم: إنه "أعيد طلاؤها للتمويه على أصلها الروسي".

وأوضحت في وقت لاحق أن المقاتلات التي حلقت في اتجاه ليبيا تتكون من 14 طائرة على الأقل من طراز "ميج 29" وعدة طائرات من طراز "Su-24".

في ذلك الوقت، قال قائد أفريكوم، الجنرال ستيفن تاونسند: "لوقت طويل، أنكرت روسيا المدى الكامل لتورطها في الصراع الليبي المستمر.. حسنا، ليس هناك من ينكر ذلك الآن.. شاهدنا الطائرات الروسية المقاتلة من الجيل الرابع في ليبيا".

وأشار تقرير الصحيفة إلى أنه "لا يمكن لعناصر حفتر ولا الشركات العسكرية الخاصة تسليح وتشغيل ودعم هؤلاء المقاتلين دون دعم الدولة وهو الدعم الذي يحصلون عليه من روسيا".

فيما أكدت الولايات المتحدة أن "روسيا استخدمت شركة فاغنر التي ترعاها موسكو في ليبيا لإخفاء دورها المباشر ومنح الكرملين إمكانية الإنكار المتواصل لأفعاله".

وفي حديثه خلال مايو/أيار الماضي، قال الجنرال تاونسند: "سمع العالم حفتر يعلن أنه على وشك شن حملة جوية جديدة، سيكون ذلك عبر طيارين مرتزقة يقودون طائرات زودت بها روسيا حفتر لقصف الليبيين".

ومنذ فبراير/شباط 2011، فرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حظر أسلحة على ليبيا فيما يتعلق بتوريد الأسلحة أو المعدات العسكرية.

لكن، من غير المعروف بالضبط المسار الذي سلكته رحلات الإمداد الروسية لتسليم أجزاء الطائرات إلى قاعدة بنينا الجوية في ليبيا بحيث يمكن ترقية أسطول حفتر الحالي، وفق الصحيفة البريطانية.

وتقوم الرحلات الجوية الروسية التي تطير في القاعدة الجوية بشكل روتيني بإيقاف إرسال موقعها، وهذا يجعل من الصعب تتبع موقع الطائرة، ويُعتقد أن الرحلات الجوية ربما تكون قد طارت إلى ليبيا عبر سوريا.

وغالبا ما يتم توثيق الرحلات الجوية الروسية وهي تحلق جنوب غربا من قاعدة "حميميم" الجوية، وهي قاعدة في سوريا تديرها روسيا وتقع جنوب شرق مدينة اللاذقية.

موازين القوى 

في 8 أبريل/نيسان 2019، نفذت طائرات مقاتلة تابعة لحفتر غارة على مطار معيتيقة الوحيد في طرابلس.

وتم استخدام مطار معيتيقة العسكري كمحور نقل رئيس في غرب ليبيا منذ عام 2014، عندما توقف مطار طرابلس الدولي عن العمل بسبب الأضرار الناجمة عن القتال.

ومع مرور الوقت، تباطأ تقدم مليشيا حفتر في محاولته للسيطرة على طرابلس، ويرجع ذلك جزئيا إلى القدرات الجوية المتزايدة لحكومة الوفاق الوطني.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وقعت تركيا معاهدة مع الحكومة الليبية التي تتخذ من طرابلس مقرا لها، لتقديم الدعم العسكري "مقابل السماح لها بالوصول إلى حقول الغاز في البحر المتوسط"، وفق الصحيفة.

وشمل الدعم التركي لحكومة الوفاق، توريد طائرات بدون طيار، والتي أثبتت فاعليتها في قلب المد ضد مليشيا حفتر وداعميه، وفي يونيو/حزيران 2020، انهار هجوم حفتر وانسحبت قواته من بلدة ترهونة باتجاه سرت وقاعدة الجفرة الجوية وسط ليبيا.

وأعلن طرفا النزاع عن اتفاق سلام في سبتمبر /أيلول 2020، وفي أكتوبر/تشرين الأول، تم توقيع "اتفاق سلام رسمي"، ومع ذلك، لا يزال الكثير غير معروف حول مدى انتهاك القوات الأجنبية  لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة.

وفي سبتمبر/أيلول 2020، منعت روسيا والصين الإصدار الرسمي لتقرير صادر عن خبراء الأمم المتحدة بشأن ليبيا اتهم أطرافها المتحاربة وداعميها الدوليين، بما في ذلك روسيا، بانتهاك حظر الأسلحة.

وقال نائب سفير برلين لدى الأمم المتحدة، غونتر سوتر: إنه "عرض القضية على مجلس الأمن بعد أن منع البلدان إصدار التقرير من قبل لجنة مراقبة العقوبات على ليبيا التي ترأسها ألمانيا".

وأضاف أن "العديد من الوفود طلبت نشر التقرير المؤقت لفريق الخبراء، حيث كان التقرير سيخلق شفافية تشتد الحاجة إليها، فيما يتعلق بنقل الأسلحة إلى ليبيا".

وأكد سوتر أن "من شأن التقرير أن يسهم في تسمية وفضح أولئك الذين يستمرون في انتهاك صارخ لحظر الأسلحة رغم الاتفاقات التي تم التوصل إليها".

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول: "من المتوقع نشر تقرير كامل لفريق خبراء الأمم المتحدة خلال الأسابيع المقبلة بمزيد من المعلومات حول انتهاكات حظر الأسلحة خلال عامي 2019 و2020".