"المستبد في ضيافة المأزوم".. هكذا وصف ناشطون لقاء ماكرون والسيسي

12

طباعة

مشاركة

بعد أن حارب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الإسلام ووصفه بالإرهاب وشن حربا على المسلمين وفصل قوانين مناهضة لهم ومنع عنهم أبسط حقوقهم، التقاه رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي في قصر الإليزيه بالعاصمة باريس، الاثنين 7 ديسمبر/كانون الأول 2020.

وأكد الطرفان على أهمية تعزيز الشراكة والتحالف الإستراتيجي بينهما، وأعلن ماكرون عدم وضع شروط تتعلق بحقوق الإنسان إزاء توريد المعدات العسكرية لمصر، فيما شدد السيسي على متانة العلاقة مع فرنسا.

وفي خطوة اعتبرها ناشطون على تويتر، تجاهلا لغضب العرب والمسلمين المتصاعد تجاه فرنسا وسياستها، ومحاولة لتلميع ماكرون، ودعم اقتصاده بشراء صفقات سلاح جديدة.

وردوا عليها بمزيد من الضغوط والدعم لحملات مقاطعة فرنسا المستمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إثر إعادة فرنسا نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة لنبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، دافع عنها الرئيس الفرنسي واعتبرها "حرية رأي وتعبير".

وأعرب الناشطون عبر مشاركتهم في وسوم عدة أبرزها، #السيسي_و_ماكرون_ملة_واحدة، #ماكرون_خنزير_فرنسا، #السيسي_عدو_الله، عن غضبهم من زيارة السيسي، منددين باستقبال الرئيس الفرنسي لرئيس النظام المصري الذي تواجه بلاده سيلا من الانتقادات الحقوقية. 

وأكدوا أن ماكرون حليف كل طغاة المنطقة، خاصة أصحاب الخلفية العسكرية مثل السيسي والجنرال الليبي الانقلابي خليفة حفتر، وغيرهما، لافتين إلى أن السيسي أيضا يحتاج إلى ماكرون ليمنحه شرعية دولية.

دعم المستبدين

التحالف مع المستبدين العرب وتصدير السلاح لهم هي أبرز السمات التي اتسمت بها فرنسا في عهد ماكرون، وبرز ذلك في زيارته الأولى لمصر في يناير/كانون الثاني 2019، التي تجاهل فيها دعوات منظمات حقوقية بارزة لوضع حد للتغاضي عن الانتهاكات الكارثية لحقوق الإنسان في مصر.

كما برز دعمه للطغاة في سياسته مع الملف الليبي، ودعمه للانقلابي حفتر، والآن يواصل تقديم الدعم لزعيم الانقلاب المصري، معلنا تجاهله للملف الحقوقي هناك.

ورأى الناشط الحقوقي أسامة رشدي، أن "لا جديد في زيارة السفاح السيسي لباريس"، مشيرا إلى أن "ماكرون يرعى تحالف المستبدين لأسباب مصلحية وأيدولوجية بعد فشله المتكرر في ليبيا وأرمينيا وشرق المتوسط والذي يوجه اللوم فيه إلى تركيا".

وأضاف: "لم نفاجأ من دعمه الطاغية الذي منحه منصة ليبرر قمعه ومصادرته لحقوق وحريات المصريين بزعم الاستقرار".

 ووصف الصحفي بالتلفزيون التركي، سمير العركي، استضافة ماكرون للسيسي بـ"المستبد في ضيافة المأزوم"، قائلا: إنها "صورة تلخص نفاق الغرب وازدواجيته، حتى لا يطلوا من برج عال ليحاضروا فينا حول الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان فلولا دعم ماكرون وميركل وترمب وغيرهم ما رأينا أمثال السيسي وبشار وحفتر!!".

دعم الانتهاكات

وندد ناشطون بإعلان ماكرون أن مبيعات الأسلحة لـمصر "لن تكون مشروطة بتحسين حقوق الإنسان"، واعتبروها "دعما علنيا للانتهاكات الحقوقية".

وكانت 17 منظمة حقوقية فرنسية ودولية قد أصدرت بيانا قبل زيارة السيسي لفرنسا يتهم ماكرون بغض الطرف عن انتهاكات النظام المصري المتزايدة للحريات.

فيما عقبت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، على زيارة رئيس النظام المصري لفرنسا، قائلة: إن "السيسي لعب بمهارة لدعم المصالح الأوروبية، وصور نفسه أنه حصن ضد الإرهاب والهجرة، وصديق لإسرائيل، ومشتر غزير للأسلحة".

وأشارت إلى أن الحكومات الأوروبية قبلت تلك "الصفقة القذرة" على حساب حقوق الشعب المصري وحرياته، داعية إلى وقف مبيعات الأسلحة إلى مصر وتوجيهها إلى المؤسسات التي تخدم الشعب بشكل مباشر.

ومنذ وصول السيسي للسلطة عبر انقلاب عسكري في يوليو/تموز 2013، تعزز التعاون العسكري بين فرنسا ومصر، وأصبحت فرنسا المورد الأول للسلاح في مصر، واستحوذت على نسبة 37% من مجموع صفقات مصر التي وقعتها خلال الفترة بين 2013 و2017، بحسب معهد "ستوكهولم الدولي للبحوث في مجال السلم".

وعلق الصحفي السعودي المعارض تركي الشلهوب، على تصريح الرئيس الفرنسي، قائلا: إن "هذه حقيقة المتطرف ماكرون الذي يتشدق بالحفاظ على حقوق الإنسان والحريات العامة ومبادئ الجمهورية!!".

 وعقب الكاتب سليم عزوز على تصريح ماكرون، قائلا: "طبيعي، لأنك سمسار سلاح أصلا، ولأن مصر أصلا ليست في حاجة إلى سلاحك، لكنها صفقات، تضمن لك العمولة وتضمن للسيسي التأييد الفرنسي!.. ثمن الشرعية مكلف للغاية عندما تضن بها الشعوب".

 من جانبه، نشر الكاتب الصحفي ياسر أبو هلالة، صورة لماكرون خلال استقباله للسيسي، معقبا بالقول: "الاثنان يرقصان مع بعضهما على أنغام الكذب، لا علاقة للسيسي بالقيم الدينية ولا علاقة لماكرون بالقيم الإنسانية".

وأضاف: "يحتاج الأول الثاني للترويج له في الغرب، وهو كاره لقيمه، بقدر احتياج الثاني له للترويج له في الإسلام وهو كاره لقيمه، وتستمر الرقصة، المثيرة للضحك والاشمئزاز".

 وقال الباحث في مكافحة الفساد والتنمية المستدامة، خالد عبد الله المهندي: إن "زيارة السيسي إلى ماكرون، مؤشرات سلبية ودلالات غير إستراتيجية، للفت الأنظار عن المشاكل الداخلية، لا سيما حقوق الإنسان".

ولفت المهندي إلى أن "ماكرون يؤكد على تفهم السيسي للرسومات المسيئة للنبي محمد (ص) ويصف المقاطعة بالجهل والتطرف، بينما السيسي يؤكد على تفهم ماكرون لجهود الحرب على الإرهاب وإن مست حقوق الإنسان".

 استمرار المقاطعة

وصعد ناشطون من دعواتهم وترويجهم لحملات مقاطعة المنتجات الفرنسية التي توسعت في الدول العربية والإسلامية، ودعمتها جهات إسلامية علمية بارزة، دفعت فرنسا لإصدار بيان خطي دعت فيه إلى وقفها، فيما استنكروا مساهمة السيسي في دعم الاقتصاد الفرنسي.

وشدد رئيس حزب الفضيلة، مؤسس تيار الأمة، محمود فتحي، على ضرورة مقاطعة المنتجات الفرنسية، ورجال أعمال الفساد الذين شاركوا في الزيارة.

ولفت وكيل اللجنة الدينية بمجلس الشعب السابق، محمد الصغير،  إلى وصف ماكرون حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية بحملة الكراهية، وشكره السيسي على الوقوف معه ضد هذه الحملة، معتبرا ذلك "تأكيدا على أن السيسي وماكرون ملة واحدة!".

وتساءل: "هل يمكن أن نقف معهم في نفس الصف، أم سنستمر في المقاطعة؟".

بدوره، قال الكاتب والصحفي السوري قتيبة ياسين: إن "ماكرون استضاف السيسي لتخفيف الاحتقان ضده والمقاطعة، ولم يعلم أن استضافة عدو الله تعتبر سببا آخر للمقاطعة".  وأكد المغرد عزيز العبدلي، أن "زيارة السيسي إلى فرنسا طوق نجاة لاقتصادها بعد مقاطعة العالم الإسلامي لمنتجاتها، وتصريح ماكرون عدم ربط الشؤون الاقتصادية والعسكرية بانتهاك مصر لحقوق الإنسان".