"مراوغ وكذاب".. هكذا وصف ناشطون خطاب ماكرون للمسلمين

12

طباعة

مشاركة

انتقد ناشطون على "تويتر"، تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، السبت، التي أعرب فيها عن تفهمه لمشاعر المسلمين إزاء الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد ﷺ، وقوله: إنها "ليست مشروعا حكوميا، بل هي منبثقة من صحف حرة ومستقلة".

وأطلق الناشطون وسم #لن_تخدعنا_ماكرون، اتهموه خلاله بالكذب والنفاق والمراوغة والتلاعب بمشاعر المسلمين، والمكابرة والتملص من الاعتذار رسميا لهم عن إساءته، وإصراره على التمسك بموقفه، وإعادة تموضع وتلميع صورة بلاده بعد الإدانة والمقاطعة غير المسبوقة من المسلمين لفرنسا.

وأعلنوا تمسكهم بمقاطعة المنتجات الفرنسية، خاصة بعدما أثبتت التحركات الشعبية فعاليتها، مؤكدين أن العالم الإسلامي لن يتنازل عن الاعتذار الرسمي، وإغلاق صحيفة "شارلي إيبدو" التي نشرت الرسوم المسيئة للرسول ﷺ، وسن قوانين تُجرم الإساءة للإسلام والمسلمين، وتحترم رموزهم الدينية ومقدساتهم، وأن يعاد فتح المساجد والجمعيات المغلقة في فرنسا.

ودعا الناشطون الرئيس الفرنسي، للتوقف عن نشر الصور المسيئة على المباني العامة ومنعها في عموم البلاد، وسن قوانين تجرمها، وأن يتوقف عن حملات الكراهية المعلنة حكوميا ضد المسلمين، مهددين بالاستمرار في تأديبه اقتصاديا بالمقاطعة.

رد الشعب

وسخر ناشطون من ادعاء ماكرون خلال مقابلته مع قناة الجزيرة، أمس السبت، بأن الرسومات الكاريكاتيرية وردت في صحف حرة مستقلة لا تعبر عن موقف الحكومة، مستنكرين ازدواجية مواقفه ورعونة تصريحاته.

ورد عليه الإعلامي الجزائري حفيظ دراجي، قائلا: "واحدة بواحدة والبادئ أظلم.. نحن نقول إن مقاطعة البضائع الفرنسية هي أيضا نابعة من إرادة شعبية حرة مستقلة، لا تعبر عن مواقف رسمية للحكومات".

وقال الدكتور عبد الله معروف أستاذ دراسات بيت المقدس: إن "ماكرون الأرعن يحاول التلاعب بنا، ويظن أننا شعوب بلهاء لا تفهم! وكلامه اليوم لن يختلف عن بيان وزارة خارجيته الوقح المتغطرس"، مضيفا: "إذا كانت الرسوم المسيئة لرسول الله والتطاول عليه ليست مشروعا حكوميا، فالمقاطعة كذلك مشروع شعبي بحت".

وتساءل الإعلامي القطري جابر الحرمي: "طالما أنها ليست مشروعا حكوميا، لماذا يا ماكرون تبنيتها وأمرت بنشر هذه الرسوم المسيئة على جدران وواجهات الأماكن العامة في فرنسا؟!، واصفا مواقفه بـ"الازدواجية المفضوحة.. والتبرير غير المنطقي الذي أتى بعد بدء مفعول مقاطعة المنتجات الفرنسية من الشعوب العربية والإسلامية".

ولفت الناشط الحقوقي والسياسي المصري أسامة رشدي، إلى أنه رغم نفي ماكرون موافقته على الرسوم المسيئة، إلا أنه دافع عن حق من ينشرها بزعم حرية التعبير، مؤكدا أن "هذا غير مقنع وبناء عليه فسيكون على المسلمين أيضا حرية التعبير عن موقفهم المعارض لهذا الموقف بكل الوسائل السلمية، وهذا يعمق الصدام وليس التفاهم". ووصف المقاربة الفرنسية بالـ"شاذة"، مؤكدا أن احترام العقيدة من الحقوق.

واعتبر حسن حمود ازدواجية ماكرون "قمة الوقاحة"، قائلا: "ماكرون يطالب الحكومات الإسلامية بمعاقبة من يدعمون مقاطعة المنتجات الفرنسية، وبالمقابل يدعم من يسيء لرسولنا الكريم.. قمة الوقاحة!!".

تضليل ماكرون

وأعرب ناشطون عن استيائهم من حديث الرئيس الفرنسي وتجنبه الاعتذار عن إساءآته للإسلام والمسلمين، إذ قال الدكتور محمد المختار الشنقيطي أستاذ الأخلاق السياسية: إن مقابلة ماكرون مع "الجزيرة" حشد من الكلام المكرور المبتذل، وظهر فيها مرتبكا محشورا في الزاوية.

وأشار إلى أن "ماكرون لم يعتذر عن تحويله العنصرية ضد الإسلام من موقف لليمين المتطرف، إلى سياسة للحكومة الفرنسية، وإصراره على ربط الإسلام بالإرهاب".

وأكد الدكتور محمد الصغير مستشار وزير الأوقاف السابق، أن تنصل ماكرون لا يعوض الآثار التي وقعت على المسلمين، فلا بد من اعتذار واضح عن الإساءة والرجوع عن قرار إغلاق المساجد والجمعيات وضمان عدم التنمر على المسلمين أو مضايقة المحجبات، وأن يجرم التطاول على المقدسات كتجريم معاداة السامية، معلنا الاستمرار في مقاطعة المنتجات الفرنسية حتى تحقيق ذلك.

وأشار الباحث العربي مهنا الحبيل إلى أن ماكرون مارس كما هائلا من الخلط والتضليل، وحشدا من الحديث عن العنف والإرهاب المرفوض من المسلمين، لم يكن مطروحا وليست قضية مواجهة مع حملته الأخيرة، ويهرب بصورة مستمرة من الأسئلة المباشرة التي تحدد عباراته في التحريض وانتقاص الإسلام.

استمرار المقاطعة

وأعلن ناشطون استمرار مقاطعتهم للمنتجات الفرنسية تأديبا لماكرون، إذ قال الدكتور حاكم المطيري رئيس "حزب الأمة" الكويتي: إن "تراجع ماكرون في لقاء قناة الجزيرة خدعة شيطانية ويجب استمرار الحملة العالمية الإسلامية ضده حتى يوقف عدوانه على مقام النبيﷺ بشكل رسمي بوقف عرض الرسوم المنكرة والاعتذار للمسلمين عن هذا الاعتداء الخطير بلا مواربة أو خداع!".

وأشار الكاتب الصحفي الدكتور عبد الله العمادي، إلى أن ماكرون تكلم كثيرا وحام حول النقطة الرئيسية ولم يحقق المنتظر منه، قائلا: "لهذا لن تخدعنا ماكرون، مقاطعة المنتجات الفرنسية مستمرة إلى ما شاء الله لها أن تكون".

وحث الناشط السعودي المعارض عمر بن عبد العزيز، قناة "الجزيرة" على ألا تنصت لكلام ماكرون وتستمر بدعمها لحملة مقاطعة المنتجات الفرنسية، وأن تبادر القناة بدعوة أردوغان أو عمران خان لتوضيح وجهة النظر الأخرى.

وكتب مشهور الحارثي تغريدة على "تويتر" قال فيها: "لن تخدعنا ماكرون المقاطعة مستمرة وتتمدد".

يشار إلى أن تصريحات الرئيس الفرنسي وسياسات بلاده المناهضة للإسلام والمسلمين والمسيئة للرموز الدينية خلال الفترة الأخيرة، أثارت غضب الناشطين والمسلمين في جميع أنحاء العالم، ودفعتهم لشن حملة لمقاطعة المنتجات الفرنسية تأديبا له.

وكان ماكرون قد هاجم الإسلام في خطاب ألقاه في ليه موروه، أحد الأحياء الحساسة في ضاحية باريس، الجمعة 2 أكتوبر/تشرين الأول 2020، قائلا: إن "الإسلام ديانة تعيش أزمة في كل مكان في العالم".

وأعلن أن على فرنسا التصدي لما وصفها بـ"الانعزالية الإسلامية"، زاعما أنها تسعى إلى "إقامة نظام مواز وإنكار الجمهورية" في البلاد، وتبعت تصريحاته تداولا للرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد ﷺ التي نشرتها صحيفة فرنسية.

وأعاد مدرس فرنسي عرضها خلال درس ألقاه لتلاميذه عن "حرية التعبير"، لكنه قتل وقطع رأسه على يد أحد الطلبة، الأمر الذي جعل ماكرون يهاجم الإسلام، مستغلا الحدث بوصفه الواقعة بأنها "هجوم إرهابي إسلامي"، وأصر في تصريحات صحفية على أن فرنسا لن تتخلى عن "الرسوم الكاريكاتيرية".