انتخابات قبرص التركية.. مسار تصادمي جديد أم مقدمة لحسم النزاعات؟

12

طباعة

مشاركة

سلط معهد الدراسات السياسية الدولية في إيطاليا، الضوء على أهمية الانتخابات الرئاسية لجمهورية شمال قبرص التركية فيما يتعلق بالنزاع القبرصي وموارد الطاقة البحرية.

وتطرق موقع المعهد في تقرير، إلى العواقب الجيوسياسية المحتملة لما ستسفر عنه الجولة الثانية لهذه الانتخابات من نتائج وسط تجدد التوترات في المياه المتنازع عليها بين تركيا واليونان.

وفي جولتها الأولى التي أجريت في 11 من أكتوبر/تشرين الأول، شهدت الانتخابات الرئاسية التي تعترف بها تركيا فقط، شهدت، فوز القومي ورئيس الوزراء الحالي إرسين تتار، المدعوم من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بنسبة 32.35 بالمئة. 

وسيتنافس تتار في جولة الإعادة مع الرئيس الحالي مصطفى أكينجي، الذي حصل على 29.84 بالمئة من الأصوات، لكن من الواضح أنه المرشح للفوز بفضل دعم المرشحين المنهزمين في الجولة الأولى. 

تصويت جيوسياسي؟

يرى الموقع الإيطالي أن "نتيجة الانتخابات، التي لا قيمة لها إلا لتركيا، حاسمة أيضا على ضوء استئناف المفاوضات بشأن إعادة توحيد الجزيرة، التي تعثرت لبعض الوقت".

وتزامنا مع هذا الحدث، تصاعدت التوترات مرة أخرى قبالة مياه الجزيرة بعد أن أعلنت أنقرة عن مهمة استكشاف جديدة في قاع البحر في المياه المتنازع عليها. ​​وبالنسبة لأثينا تشكل عودة سفينة أورتش ريس للتنقيب شرق البحر الأبيض المتوسط "تهديدا جديدا للاستقرار في المنطقة".

وستقام الجولة الثانية في 18 من أكتوبر/تشرين الأول، وسيتمكن أكينجي فيها من الاعتماد على دعم ناخبي صاحب المركز الثالث توفان إرهورمان، مرشح يسار الوسط المعتدل. 

وأورد الموقع أنه إذا كان أكينجي يؤيد إعادة التوحيد، فإن تتار يدعم الانسجام التام لسياسات القبارصة الأتراك مع سياسات أنقرة، والتفاوض على اتفاقية الدولتين، كبديل للنموذج الفيدرالي.

كما يرى تتار بأن الاتفاق مع القبارصة اليونانيين لتقاسم الحقوق في حقول النفط والغاز البحرية المحتملة يجب أن يكون شرطا مسبقا لمفاوضات السلام.

وقبل أيام قليلة من التصويت، أمر إرسين تتار بإعادة فتح منتجع فاروشا السياحي، مما أثار انتقادات دولية وجدلا. وقد تم إخلاء المدينة، التي عُرفت في الستينيات باسم ''الريفييرا القبرصية'' وهي وجهة للممثلين والمشاهير، من قبل القبارصة اليونانيين بعد "هجوم القوات التركية" في عام 1974، وظلت مهجورة منذ ذلك الحين، وفق المعهد. 

من جانبها، تدرس الأمم المتحدة، التي تسيطر على المنطقة العازلة بين الجانبين الآن عما إذا كان هذا يشكل انتهاكا للقانون الدولي.

وبدوره، اعتبر مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيب بوريل أنها "خطوة لا تساعد"، موضحا أنه "على العكس من ذلك، ستجعل التوصل إلى اتفاق بشأن وضع صعب للغاية في شرق البحر المتوسط، ​​أكثر صعوبة".  

وبسبب التوترات المتعلقة بحقول الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط، كان الاتحاد الأوروبي قد هدد بداية أكتوبر/تشرين الأول بفرض عقوبات جديدة على تركيا، حليف حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إذا لم توقف مهام التنقيب والاستكشاف في المياه التي تطالب بها قبرص واليونان.

وفي رسالة بعث بها إلى جميع القادة الأوروبيين، باستثناء اليونان وقبرص، أبدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موقفه قائلا: "أود أن أؤكد مرة أخرى أننا مستعدون للحوار مع اليونان دون شروط مسبقة" وحث بروكسل على "البقاء محايدة" للحفاظ على دورها كوسيط. 

وأوضح الموقع الإيطالي أنه إذا كانت فرنسا قد انخرطت في مسار تصادمي مع تركيا في ملفات مختلفة بغرض إرسال إشارة قوية، فإن ألمانيا تضغط من أجل الحوار، بينما يواصل وزير خارجيتها التوسط بين أثينا وأنقرة. 

أما آلية الاتحاد التي تتطلب الإجماع في قرارات السياسة الخارجية، تضع أوروبا مرة أخرى على المحك.

في الأثناء، أعلنت تركيا في 12 من أكتوبر/تشرين الأول عن الشروع في مهمة استكشاف جديدة لسفينة البحث "أورتش ريس" في المياه المتنازع عليها. 

في الختام، أكدت "فاليريا تالبوت"، المديرة المساعدة المهتمة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمعهد الإيطالي، في تعليقها للموقع، أن شرق البحر الأبيض المتوسط ​​لا يزال في دائرة الضوء في أوروبا، كما لا تزال مياهه مضطربة. 

وإذا ما تم اعتبار عودة سفينة البحث التركية "أورتش ريس" إلى الساحل، عشية القمة الاستثنائية للمجلس الأوروبي في الأول والثاني من أكتوبر/تشرين الأول، علامة على الهدنة من قبل أنقرة، فإن التحركات التركية الأخيرة تؤكد أن لا نية لتركيا في القيام بخطوة إلى الخلف، وفق المعهد.

من ناحية أخرى، تضيف الباحثة الإيطالية: أن الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في جمهورية شمال قبرص التركية، تعيد لفت الانتباه إلى المسألة القبرصية التي طال أمدها والصعوبات في التوصل إلى حل لأزمة مفتوحة داخل الاتحاد الأوروبي.