لوموند: الرياض أغلقت قضية خاشقجي دون أن يعرف العالم القاتل
تحدثت صحيفة لوموند الفرنسية عن عقوبة الإعدام التي صدرت في ديسمبر/كانون الأول 2019 بحق أعضاء مجموعة الكوماندوز، الذين لم يتم تحديد هويتهم، المتهمون في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول عام 2018.
وقد خُففت تلك العقوبة، في 7 سبتمبر/ أيلول، حيث أصدر القضاء السعودي أحكاما بالسجن 20 عاما على 5 مدانين، والسجن بين 7 و10 أعوام على 3 آخرين. وتقول الصحيفة: إن القرار كان متوقعا.
هذا الحكم، كما تقول لوموند، هو الخطوة الأخيرة من الإجراءات القانونية التي أطلقتها السعودية ردا على الفضيحة العالمية التي سببها مقتل جمال خاشقجي، وهو كذلك نتيجة منطقية للعفو الذي منحه أبناء المقتول في مايو/أيار 2020، لقتلة أبيهم.
وقدمت الصحافة الحكومية حينها البادرة التي أُعلنت خلال شهر رمضان المبارك، كما تُشير لوموند إلى أنه ينظر إليه كعمل صالح تماشيا مع التقاليد الإسلامية.
لكن، تذكر أن مراقبين شككوا في طابعها العفوي، مسلطين الضوء على الفيلل بملايين الدولارات التي قدمتها العائلة المالكة في السعودية لأبناء الفقيد.
من جانبها وصفت التركية خديجة جنكيز، خطيبة خاشقجي الحكم الذي أصدره القضاء السعودي بـ "المهزلة". وغردت على موقع تويتر بقولها: إن "المجتمع الدولي لن يقبل بهذا (الحكم)".
وكان هذا الحكم محل انتقاد على الفور من قبل أغنيس كالامارد المقررة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن الإعدام، قائلة: إنه "محاكاة ساخرة للعدالة، هذه الأحكام ليس لها شرعية قانونية أو أخلاقية. لقد صدرت بعد عملية لم تكن عادلة ولا شفافة".
تبرئة المتورطين
تقول صحيفة لوموند: إن السلطات السعودية أغلقت هذه القضية دون أن يعرف العالم المسؤول الحقيقي عن مقتل جمال خاشقجي.
كما برأ النظام القضائي السعودي العضوين المرافقين لولي العهد محمد بن سلمان المشتبه في أنهما خططا وأشرفا على العملية.
فلم تتم مقاضاة سعود القحطاني المستشار الإعلامي لابن سلمان، وجرى تبرئة عنصر المخابرات اللواء أحمد عسيري في ديسمبر/كانون الأول 2019.
ووفقا لوكالات المخابرات الغربية، بما في ذلك الأميركية، لا يمكن تنفيذ هذا التخطيط المروّع دون موافقة ابن سلمان الذي يسيطر على جهاز الأمن السعودي في كل مكان.
لكن ولي العهد السعودي، الذي نفى معرفته بالعملية، تمت تبرئته من كل مسؤولية من قبل عدالة بلاده، التي أيدت بشكل غير مفاجئ فرضية السلطة، أي أن العملية فشلت، مدفوعة بعناصر خارجة عن السيطرة.
تقول الصحيفة: إن هذه المحاكمة التي تمت دون جمهور أو صحفيين لم تسمح بمعرفة الحقيقة وفهم ما حدث في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018 في القنصلية السعودية في إسطنبول حيث اغتيل خاشقجي.
وقالت إيناس عثمان، مديرة منظمة غير حكومية تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان ومقرها جنيف: إنه منذ بدء الإجراءات القانونية في السعودية، كانت هناك "محاولات متكررة للتستر فقط".
وأوضحت لوموند أنه في أبريل/نيسان 2019، زعمت صحيفة واشنطن بوست أن الأبناء الأربعة للصحافي، ومن بينهم صلاح، حصلوا على منازل بملايين الدولارات وكانوا يتقاضون آلاف الدولارات شهريا من قبل السلطات وهو ما أنكرته الأسرة.
يذكر التقرير أنه بعد إنكار الاغتيال، ثم تقديم عدة روايات للوقائع حيث زعمت الرياض أن الجريمة ارتكبت من قبل عملاء سعوديين زُعم أنهم تصرفوا بمفردهم ودون تلقي أوامر من قادتهم.
وبرأ المدعي العام السعودي ولي العهد، وقال لتلفزيون بي بي إس الأميركي: إنه تحمل المسؤولية عن الاغتيال لأنه حدث "في ظل حكمه"، بينما نفى أي علم به من قبل.
وتقول لوموند: إنه لم يتم التعرف على هوية المدانين الجدد، لكن مكتب النائب العام السعودي شدد على أن هذا الحكم الجديد "يضع حدا" للقضية، في إشارة إلى رغبة الرياض في طي الصفحة نهائيا.
من جهتها، بدأت العدالة التركية، مطلع تموز/يوليو، بمحاكمة عشرين سعوديا غيابيا، بينهم اثنان مقربان من ولي العهد وهما القحطاني، وعسيري ويعدان من رعاة جريمة القتل.
ولم يجر اتهام الرجلين لـ"عدم كفاية الأدلة"، لكن تم طردهما رسميا من الدائرة السياسية لولي العهد.
وعلى الرغم من جهود الرياض لإنهاء هذه الصورة الكارثية، إلا أنها تواصل التمسك بابن سلمان الذي لم تطأ قدمه أبدا الولايات المتحدة أو أوروبا.