مع استمرار أزمة كورونا.. ما احتمال انهيار أسعار النفط مجددا؟
.jpg)
تحدثت صحيفة تركية عن قضية انخفاض أسعار النفط لما دون الصفر لأول مرة في التاريخ، مبينة أن الأزمات المتعلقة بهذا القطاع، تؤدي إلى ارتفاع سعره لكن هذه المرة حدث العكس تماما.
وقال الكاتب في صحيفة يني شفق "لافنات يلماز": إن انخفاض سعر تسليم النفط المعروف باسم غرب تكساس أو خام غرب تكساس الوسيط إلى السالب، في أبريل/نيسان 2020، حدث نادر قد لا يتكرر مرة أخرى وسيشغل مساحة كبيرة في الأدبيات المتعلقة بالنفط وتطوراته.
وفاق انهيار تسعيرة العقود الآجلة للنفط الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط تسليم مايو/ أيار 2020، توقعات المحللين في أسواق الطاقة العالمية، ليسجل سعر البرميل الواحد (-37 دولارا) عند التسوية.
وكانت توقعات المحللين تشير إلى هبوط سعر برميل الخام الأميركي لمتوسط يتراوح بين 11 - 13 دولارا للبرميل في ختام جلسة 20 أبريل/نيسان. وهو اليوم قبل الأخير الذي تبيع فيه الشركات عقود النفط الآجلة تسليم مايو/ أيار 2020.
حادثة تاريخية
وتطرق الكاتب إلى تسعير النفط في عام 1973، حيث حرب أكتوبر الشهيرة والتي جرت بين إسرائيل من جهة ومصر وسوريا من جهة أخرى، وكانت ساحة المعركة هي شبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان.
وبدأت الحرب في السادس من أكتوبر/تشرين الأول وانتهت في السادس والعشرين من الشهر نفسه، ما تسبب في إشعال المنطقة تماما.
نتيجة للدعم الأميركي المفتوح لإسرائيل في تلك الحرب، أعلنت الدول العربية المصدرة للبترول قرارها بعدم بيع النفط إلى الدول التي دعمت إسرائيل، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية، في 15 أكتوبر/تشرين الأول 1973.
في اليوم التالي من الإعلان خفضت أوبك إنتاج النفط وأوقفت شحنه إلى الولايات المتحدة وهولندا. وباختصار، أدى كل من الحظر المطبق على الدول التي تدعم إسرائيل والانخفاض الخطير في إمدادات النفط إلى زيادات فلكية في الأسعار.
تكرر الأمر بعد سنوات طويلة ومع ذلك، فإن الصدمة التي شهدناها هذه المرة على أسعار النفط في 20 أبريل/نيسان 2020، لم تكن نتائجها الارتفاع المفرط لسعر النفط، بل على العكس، انخفض السعر إلى السالب، يقول الكاتب.
انخفاض الأسعار
ويضيف الكاتب: "انخفض سعر تسليم نفط غرب تكساس الوسيط إلى -40 دولارا للبرميل (ناقص) في مايو/أيار 2020 (تسليم مؤجل)، بسبب آثار فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي ومنها انخفاض كبير في الطلب على النفط".
بالطبع، يوضح الكاتب أنه لا يمكن لهذه الأسعار أن تدوم، سيما الحديث عن خام تكساس الوسيط، لكن السؤال: ماذا حدث وكيف؟
ومنذ أزمة الفيروس، تأخذ أسعار النفط منحنى منخفضا وتأثرت أيما تأثير، رغم كل محاولات رأب الصدع بين روسيا والسعودية، فما أن ثبتت الأسعار حتى عاودت الهبوط مرة أخرى.
ويقول الكاتب: "رغم سلسلة من الاجتماعات لأوبك (منظمة البلدان المصدرة للنفط) والتدخل الأميركي وتصريحات الرئيس دونالد ترامب التي أكدت اتفاق الجميع على خفض الإنتاج، ولكن دون جدوى.
ويبدأ اعتبارا من مايو/أيار 2020، تنفيذ قرار لتحالف (أوبك+) يقضي بخفض الإنتاج بمقدار 9.7 ملايين برميل يوميا، وهو أكبر اتفاق على إنتاج الخام في تاريخ الصناعة النفطية.
وقدرت منظمة أوبك في تقريرها الشهري، الصادر في أبريل/ نيسان 2020، أن يشهد نفس الشهر أسوأ انكماش بمقدار 20 مليون برميل يوميا.
فيما قالت وكالة الطاقة الدولية: إن الطلب على النفط الخام سيتراجع بمقدار 29 مليون برميل يوميا، خلال أبريل/ نيسان 2020، ما يعني تراجعا بنسبة 29 بالمئة من إجمالي الطلب قبل الجائحة، البالغ 100 مليون برميل يوميا.
أداة استثمار
ويرى الكاتب أنه "يجب أن ننظر أيضا إلى الوضع الخاص فيما يتعلق بأسعار زيت خام غرب تكساس الوسيط، فبالإضافة إلى كونه سلعة، فهو أيضا أداة استثمار مهمة".
وأضاف: "هناك مستثمرون يشترون ويبيعون نفط غرب تكساس الوسيط بعقود مستقبلية، وتعمل الشركات في الغالب على استبدال عقودها بعقود آجلة قبل انتهاء موعد الاستحقاق، وإجراء تغييرات على الورق دون رؤية البراميل فعليا". وكان 20 أبريل/نيسان هو اليوم الأخير من عقود مايو لخام غرب تكساس الوسيط.
في هذه الظروف عندما يكون الطلب منخفضا والمخازن ممتلئة، فإن مالك العقد الذي لا يمكن التخلص من نفطه قبل انتهاء المهلة النهائية يعلن عن بيع النفط بأي ثمن حتى لا يصل إليه النفط بشكل حقيقي ملموس.
وأدى ذلك إلى انخفاض سعر برميل نفط غرب تكساس الوسيط - 40 دولارا للبرميل. وتجدر الإشارة إلى أن وضع سعر النفط السلبي لأول مرة في التاريخ هو حالة خاصة لسعر نفط خام غرب تكساس الوسيط وأن السعر لن يكون دائما بالسالب، وفق تقدير الكاتب.
ومع ذلك، يقول: "لا يمكننا تجاهل أن ما حدث، شكل موجة صدمة جديدة في سوق النفط، وكان هذه كله بسبب فيروس كورونا، والذي هو بالأساس عامل غير اقتصادي ومع ذلك كان تأثر الاقتصاد به والنفط بشكل خاص".
ويتوقع أن يشهد سعر خام غرب تكساس الوسيط انخفاضات مماثلة، في الفترة المقبلة، وحتى الانتهاء من الفيروس بشكل كلي، سنشاهد الكثير من الحوادث والوقائع المماثلة، بحسب الكاتب.