عديمة الجدوى.. هكذا أدت القرارات الأممية إلى إطالة الحرب في اليمن
_1.jpg)
لم تعد القرارات الأممية الصادرة عن مجلس الأمن بشأن اليمن، تلقى ترحيبا أو حتى تُقابل بتفاؤل من قبل كثيرين، في ظل استمرار الأزمة منذ 2011 ثم الانقلاب على الدولة في سبتمبر/أيلول 2014.
خيبة الأمل تجاه مجلس الأمن وقراراته دائما ما تتصدر بأسئلة على نحو: ما جدوى تلك القرارات المتتالية، إذا لم يكن المجتمع الدولي جادا في تنفيذها؟
فمع كل قرار أممي يصدر، تتعمق الأزمة في اليمن، سياسيا واقتصاديا، وتتسع دائرة المعاناة الإنسانية، وزاد من حجم ذلك الخذلان اقتصار دور الأمم المتحدة على إدلاء التصريحات بالقلق، وعدم قدرتها على تقليص دائرة المعاناة الإنسانية كحد أدنى.
ويرى البعض أن مجلس الأمن، بتلك القرارات، يسجل موقفا فقط، لكنه ليس جادا في تنفيذها، مع كونه قادرا على تطبيقها بصفته صاحب السلطة الأعلى في المجتمع الدولي، ومن بيده حق استخدام الأدوات العسكرية.
وجرى تفسير ذلك من قبل كثيرين بأن مجلس الأمن يتعامل وفق سياسية "قل ما يشاؤون واعمل ما تشاء"، وبالتالي فإنه لا ينفذ إلا القرارات التي تنسجم مع مصالح الدول الكبرى، خصوصا الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، والتي تستفيد من استمرار الأزمات وتقتات من بيع الأسلحة.
القرار الأحدث
في 26 فبراير/شباط الماضي، تبنى مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2511، بشأن اليمن، والذي يمدد بموجبه سريان نظام العقوبات الدولية الخاص بالنزاع في اليمن لمدة عام كامل، أي حتى نفس التاريخ من عام 2021.
وقد نص القرار على تمديد العقوبات ضد الشخصيات المتورطة في النزاع، خصوصا بعض القيادات في جماعة الحوثي، والتي كانت قرارات أممية قد فرضت عليها عقوبات سابقة. وطال القرار قضية الجنوب، فنص على الالتزام القوي بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامته الإقليمية.
وأعرب القرار في ذات الوقت عن قلقه مما سماها التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية المستمرة، بما في ذلك أعمال العنف وحالات الاختفاء القسري المستمرة والتهديدات الناشئة عن النقل غير المشروع للأسلحة وعن تكديسها وإساءة استخدامها بما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار.
وأشار القرار أيضا إلى فرض حظر محدد الأهداف على توريد الأسلحة، ودعا جميع الدول الأعضاء والجهات الفاعلة الأخرى إلى الامتثال لهذا الحظر. وقد مدد القرار فترة تفويض لجنة الخبراء الخاصة باليمن لعام كامل أيضا، أي حتى 28 مارس 2021.
أبرز القرارات
لم يكن قرار مجلس الأمن تمديد سريان نظام العقوبات الدولية الخاص بالنزاع في اليمن لمدة عام الأخير، بل سبقه قرارات أخرى أصدرها المجلس منذ أكتوبر/تشرين الأول 2011 وحتى فبراير/شباط 2020:
- القرار (2014) في 21 أكتوبر 2011، ودعا إلى تطبيق الحل السياسي القائم على مبادرة مجلس التعاون الخليجي.
- القرار (2051) في 12 يونيو 2011، وأكد على تطبيق الحل السياسي وإمكانية فرض عقوبات.
- القرار (2140)، في 26 فبراير 2014، ودعم مخرجات الحوار الوطني وفرض عقوبات تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
- القرار (2201) في 15 فبراير 2015، وندد بحل البرلمان من قبل الحوثي واستيلائه على المؤسسات الرسمية.
- القرار (2204) في 24 فبراير 2015، وقد مدد ولاية الخبراء حتى مارس 2016.
- القرار (2216) في 14 أبريل 2015، وطالب الحوثيين بسحب قواتهم من جميع المناطق التي سيطروا عليها بما فيها صنعاء، وتسليم الأسلحة المتوسطة والثقيلة للدولة، وإيقاف نشاطهم المسلح في المدن اليمنية وعلى الحدود السعودية، وفرض حظر توريد الأسلحة للحوثيين، الإفراج عن وزير الدفاع اليمني اللواء محمود الصبيحي وجميع السجناء السياسيين والأشخاص الموجودين تحت الإقامة الجبرية والموقوفين تعسفيا.
- القرار (2266) في 24 فبراير 2016، قضى بتجميد أموال وأصول حظر سفر الأفراد الواردة أسماؤهم في القرار (2140)، وهم قادة من حزب المؤتمر الشعبي الحاكم وعناصر من جماعة الحوثي.
- القرار (2342) في 23 فبراير 2017، وجدد حظر الأسلحة وتجميد الأموال للأفراد والكيانات الواردة أسماؤهم في القرار (2140).
- القرار (2402) في 26 فبراير 2018، قام بتمديد حظر السفر وتجميد جميع الأصول المالية لمن يعيقون السلام في اليمن.
- القرار (2451) في 21 ديسمبر 2018، أيد اتفاقية استوكهولم بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي، والتي كانت نتيجة الحوار والمحادثات بين الجانبين بإشراف الأمم المتحدة.
- القرار (2452) في 16 يناير 2019 وقضى بإنشاء بعثة سياسية خاصة لدعم اتفاق الحديدة.
- القرار (5481) في 15 يوليو 2019 والذي قضى بتمديد ولاية بعثة الحديدة إلى يناير (2020).
- القرار الأخير، (2511) نهاية فبراير 2020 وهو القرار الأخير لمجلس الأمن بشأن اليمن.
غير فاعلة
لم تسهم أي من تلك القرارات بحل الأزمة في اليمن، ذلك لأنها، عمليا، غير فاعلة، أو لأن مجلس الأمن لم يقم بدوره في إلزام الأطراف بالتنفيذ، مع الإشارة إلى أن القرار 2216 كان كافيا لإنهاء القتال، لو جرى تنفيذه.
وبحسب الكاتب والصحفي اليمني شاكر خالد، فإن قرارات مجلس الأمن وتحركات المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث أصبحت مثار سخرية بين اليمنيين، لدى المواطن العادي قبل النخب، حيث باتوا يرددون بأن القرارات مجرد حبر على ورق.
يضيف خالد لـ"الاستقلال": "ما يُقال شيء، وما يحصل شيء آخر، فهذا العالم لا يعترف إلا بسياسة الأمر الواقع وبأجندات القوى العظمى، ومع أن في اليمن حرب عمرها خمس سنوات نتيجة سيطرة جماعة الحوثي على الدولة، لكن خبرة هذه السنوات تكفي لعدم توقع أي جديد من مجلس الأمن".
ويرى أن قرار مجلس الأمن 2511 الأخير بشأن اليمن، أعاد إلى أذهان المواطنين أيضا سلسلة القرارات التي أصدرها المجلس بشأن فلسطين على مدى عقود، والتي لم يطبق منها شيء على أرض الواقع، خاصة بعد الإعلان عن "صفقة القرن" التي تسلب حقوق الفلسطينيين وأراضيهم.
وصدر قرار واضح وملزم للحوثيين يحمل رقم 2216 في العام 2015، ألزم الجماعة بالانسحاب من المدن الرئيسية وتسليم الأسلحة الثقيلة للدولة والإفراج عن المعتقلين، وهو ما دفع اليمنيين للتفاؤل خاصة حين كانت الحرب في بدايتها وتغول الحوثيين كان ما يزال محدودا، لكن مجلس الأمن لم يفعل شيئا حيال القرار، وترك الحوثيين يفرضون سياسة الأمر الواقع.
وأردف الكاتب اليمني: "تعقد ملف اليمن كثيرا جراء هذا التراخي الأممي والتواطؤ مع جماعة إرهابية، وزاد التحالف الذي تقوده السعودية من منسوب الإحباط، ودخل التحالف بأجندة مختلفة عن المعلنة في بداية الحرب وليست في صالح اليمنيين الذين باتوا مدركين أيضا أن الخروج من هذه الحرب قرار محلي محض".
ولم يلتزم الحوثيون بأي من قرارات مجلس الأمن، ومع هذا الرفض لم يتخذ مجلس الأمن أي خطوات تدفع الحوثيين للالتزام بها، ما يجعل عدم قيامه بخطوات للدفع نحو تنفيذ ذلك القرار أمرا عديم الفائدة