"يعد بحكم ديمقراطي".. خفايا إدارة حفتر للمناطق الخاضعة لسيطرته
سلط موقع جامعة "لويس الخاصة للدراسات" الضوء على خفايا إدارة المناطق الخاضعة للواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، فرغم وعده بتأسيس نظام ديمقراطي علماني مستقر بمجرد حكم البلاد، إلا أن تلك المناطق أظهرت وجها استبداديا لسلطة تعتبر أكثر قسوة وعدوانية من سلطة الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي.
واستخلصت الجامعة تقريرها من زيارة أجراها صحفي ومصور حرب في صحفية "نيويورك تايمز" الأمريكية، إلى تلك الأراضي التي يسيطر عليها اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر.
معقل الجنرال
وقال التقرير: إن "بنغازي، معقل الجنرال، أضحت مدينة مدمرة ينتشر فيها الفساد ويختبئ السكان خوفا من الاعتقالات التعسفية والتفتيش القسري، وتنتشر قصص التفجيرات والخطف والاعتقالات، هذا وسيطر المتطرفون على العديد من المساجد وهناك خطر في إمكانية تسللهم إلى قوات الشرطة".
ونقل عن أحد سكان بنغازي ( امتنع عن ذكر اسمه خوفا من ملاحقته ) قوله: إن "الجميع خائفون، حتى من إخوانهم المواطنين". وبحسب الموقع، فإن وسط المدينة يبدو مختلفا قليلا عما كان عليه قبل 3 سنوات عندما سيطر عليه حفتر (في عام 2017 ) بعد حملة قصف استمرت أربع سنوات.
وأشار الموقع إلى أن أحياء الضواحي مليئة بالحانات والمحلات التجارية، ولكن الشوارع تبدو كأنقاض قديمة. يتجول رجال الأمن بملابس مدنية في وسط المدينة ويستمعون إلى "محادثات العملاء"، بينما يسيطر الدعاة المتطرفون على معظم المساجد وينشرون "نظرة متطرفة" عن الإسلام.
ونقل التقرير عن الناشط الليبرالي ببنغازي أحمد شركاسي، الذي فر إلى تونس في أعقاب تهديدات بالقتل "نحن نعيش في سجن". وذكر الموقع أن "حفتر بدأ صعوده إلى السلطة بوعده بإنقاذ بنغازي، وفي 2014، عندما روعت المليشيات المدينة، أقسم الجنرال بأنه سيعلن حكومة عسكرية ويحرر البلاد من التهديد المسلح".
في وقت لاحق، بدأ في الحصول على دعم المقاتلين الموالين للسعودية، وأتباع المنهج السلفي، الذين اعتبروا منافسي حفتر عدوا لقضيتهم، وفق تقرير الموقع.
وأشار إلى أن "التحالف المتكون من المليشيات القبلية والسلفيين وأتباع القذافي يهدد بخرق وعود النظام العلماني والديمقراطي، الذي كان يبشر به حفتر في البداية. لكن ذلك لم يمنع الكثيرين في بنغازي من الاحتفال بالجنرال ونشر صوره في كل مكان، كما تبث التلفزيونات المحلية الدعاية أو الخطب السلفية يوميا".
ونوه الموقع إلى أن "المظاهرات الأسبوعية في الشوارع، التي ينظمها مكتب دعم القرار الحكومي، تذكّر بالمسيرات المؤيدة للقذافي التي نظمت خلال سنوات النظام".
أما الوصول إلى بنغازي من الصحفيين الأجانب أو أعضاء الجماعات الإنسانية فهي محدودة للغاية. ويجب على السكان الحصول على تصريح رسمي لمغادرة المدينة والسفر إلى الخارج، وأحيانا يخضعون لتحقيقات طويلة من الأمن، بحسب التقرير.
"نظام وحشي"
ووصف جوناثان وينر، المبعوث الخاص السابق لليبيا، "النظام الوحشي" قائلا: "إذا كنت مع حفتر، فأنت تحت مظلته ويمكنك أن تفعل ما تريد، إذا لم تكن كذلك، فأنت عدو ويمكن أن تسجن أو تُقتل أو تُنفى".
كما حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في يناير/كانون الثاني الماضي من "تدهور القانون والنظام" في مناطق شرق ليبيا، "بما في ذلك العديد من قضايا الجرائم والترهيب".
وأفاد الموقع بوجود مساعد سابق للقذافي يعمل الآن مع حفتر، وهو الجنرال السابق في سلاح الجو، محمد المدني الفكري، الذي تم تعيينه لإنشاء ذراع مالي لقوات حفتر، وأمر بمصادرة الممتلكات المرموقة، وفرض رسوم دخول قدرها 500 دولار للعمال الأجانب وادعى احتكارا مربحا لبيع الخردة المعدنية، لكنه استخدم منصبه أيضا لطلب مشاركته في العديد من الشركات الخاصة، كما ذكر عدد من الدبلوماسيين الغربيين ورجال أعمال في بنغازي.
كذلك عمل الفكري ممثلا للجنرال حفتر خلال محادثات وقف إطلاق النار الأخيرة التي نظمت تحت رعاية الأمم المتحدة، حسبما ذكر التقرير.
ونوه الموقع إلى أنه على الرغم من أن بنغازي لم تعد ساحة معركة، إلا أنه بالكاد تخلو من العنف، ففي أغسطس/ آب 2019، تسبب انفجار سيارة مفخخة في مقتل 3 من موظفي الأمم المتحدة ومدنيين آخرين، دفع الأخيرة إلى سحب دبلوماسييها من المدينة.
وبحسب التقرير، فإن العديد من المنظمات الإنسانية تحدثت عن عمليات اختطاف متكررة وحالات اختفاء قسري وجرائم قتل ارتكبها مجهولون في وسط بنغازي وضواحيها، وغالبا ما يكون تحديد مسؤولية العنف مستحيلا، لكن العديد من السكان يلومون المليشيات القبلية المختلفة التي تقاتل إلى جانب حفتر.
وأشار الموقع إلى أن واحدة من أكبر الأحواض التي يجند فيها الجنرال الليبي مقاتليه هي قبيلة العواقير، حيث يفخر أعضاء المجموعة غالبا بإفلاتهم من العقاب ويدعي الكثير منهم أدوارا بارزة في الشركات الحكومية أو الجامعات المحلية.
وجرى مؤخرا تعيين قائد مليشيا يدعى، عزالدين الوكواك رئيسا لفريق بنغازي الأكثر شهرة "نادي النصر"، كما عين سابقا مديرا لمطار بنغازي بعد تولي اللواء المتقاعد خليفة حفتر حكم المدينة، وفقا لتقرير الموقع.