الطفلة ندى.. قصة مأساة جديدة لضحايا ختان الإناث بمصر
سلطت صحيفة "لاكروا" الفرنسية الضوء على مسألة استمرار ختان الإناث في مصر، وذلك بعد وفاة فتاة تبلغ من العمر 12 عاما نهاية يناير/ كانون ثاني الماضي، في عيادة نتيجة مضاعفات لحقت بها أثناء خضوعها لجراحة الختان من قبل طبيب بمحافظة أسيوط جنوبي البلاد.
وقالت الصحيفة في تقريرها إن "الأمم المتحدة، جعلت يوم 6 فبراير/ شباط، منذ ثماني سنوات، يوما دوليا لعدم التسامح إزاء تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، الذي لا يزال يمارس على نطاق واسع بالقارة السمراء".
وبحسب المنظمة الدولية، فعلى الرغم من أن ممارسة هذا العملية تتركز بشكل رئيسي في 30 دولة بإفريقيا والشرق الأوسط، إلا أنها تُمارَس في بعض الدول الأسيوية وأمريكا اللاتينية، كما أن بعض المهاجرين الذين يعيشون في غرب أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا ونيوزيلندا يمارسونها.
قصة "ندى"
وأوضحت "لاكروا" أن هذه الفتاة المصرية اسمها ندى. ع، وكانت تبلغ من العمر 12 عاما، وتوفيت في عيادة بمحافظة أسيوط بصعيد مصر، وتم الكشف عن هذه الدراما نهاية شهر يناير/ كانون ثاني عن طريق خط المساعدة التابع للمجلس المصري للطفولة والأمومة.
وأشارت إلى أن السلطات المصرية ألقت القبض على والد هذه الفتاة والطبيب بموجب قانون صدر عام 2008 يجرم تشويه الأعضاء التناسلية للإناث (إزالة البظر وأحيانا الشفرين الصغيرين والشفرين الكبيرين).
وعلق مكتب الأمم المتحدة في مصر بالقول: لقد تعرضنا للصدمة لأن مثل هذه الوفيات التي لا معنى لها ما زالت تحدث في عام 2020، خاصة أن الحادث وقع قبيل 6 فبراير/ شباط أي اليوم العالمي لتجريم ختان الإناث.
ومع أنه لا توجد إحصاءات حديثة حول مدى انتشار عادة الختان في مصر- بحسب الصحيفة- فإن نسبة الفتيات والنساء اللاتي أجريت لهن عمليات ختان بين أعمار 15 و49 عاما بلغت 87 بالمئة، وفق أخر إحصائية نشرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في 2015.
وقالت العديد من النساء اللواتي شملهن استطلاع رأي أجرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" ومنظمة الصحة العالمية: إن مجرد إثارة نقاش عن ختان الإناث في مجتمعاتهن يعد من المحرمات، وبالتالي فإن الأرقام المعلنة تستند إلى تقديرات فقط.
ولا تتحدث النساء أحيانا عن ذلك علنا خشية الانتقاد، وفي أحيان أخرى، لاسيما في المناطق التي يكون فيها ختان الإناث غير قانوني، يُخشى أن يؤدي ذلك إلى محاكمة أفراد الأسرة أو مجموعة معينة.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن لدى الأمم المتحدة طموح للقضاء على ممارسات تشويه المؤلمة هذه بحلول عام 2030، مؤكدة أنه بحلول عام 2020، هناك ما يقدر بنحو 4.1 مليون فتاة معرضة لخطر التشويه.
مسألة طارئة
وعلى الرغم من الحظر الذي تفرضه السلطات، فإن مصر من بين 30 دولة أو أكثر لا تزال تمارس ختان الإناث، كما أن هذه الممارسة يجريها موظفون صحيون، وفقا للصحيفة.
وأشار تحليل جديد أجرته "اليونيسف" إلى أن حوالي 1 من كل 4 فتيات، أي 52 مليون فتاة في جميع أنحاء العالم، خضعن لتشويه الأعضاء التناسلية، على أيدي موظفين صحيين.
وذكرت المنظمة: أن هذه النسبة أعلى مرتين بين المراهقات، مشيرة إلى أن 34 بالمئة من ضحايا هذه الممارسة، تتراوح أعمارهن بين 15 و19 عاما، مقارنة بـ 16 بالمئة من الضحايا ممن تتراوح أعمارهن بين 45 و49 عاما، مما يشير إلى زيادة هذه الممارسة، وفقا للتحليل الصادر بمناسبة اليوم الدولي.
وبحسب "لاكروا" في مصر، انخفض معدل تشويه الأعضاء التناسلية للإناث بنسبة 13 بالمئة بين الفتيات من سن 15 إلى 17 في ست سنوات، أي من عام 2008 إلى عام 2014.
لكن الدراسة الاستقصائية للصحيفة الفرنسية، وجدت مدى الصعوبة في القضاء على هذه الممارسة، وكذلك أظهرت الزيادة الحادة في ختان الفتيات أثناء البلوغ.
وقالت الصحيفة: في عام 2014، تم تشويه 32 بالمئة من الفتيان في سن 11-12 عاما، وكذلك الحال أيضا بالنسبة لـ 50 بالمئة من الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 13 و 14 عاما، و 61 بالمئة من اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و 17 عامًا، و68 بالمئة ممن تتراوح أعمارهن بين 18 و 19 عاما.
أكدت "لاكروا" أن عادة ختان الإناث في مصر لم تنته رغم أن هذا البلد شدد في العام 2016 عقوبة إجراء الختان إلى الحبس مدة تراوح بين خمس و7 سنوات، حيث قبل ذلك كانت عقوبة الحبس تتراوح بين ثلاثة أشهر وعامين.
وبينت أن الجهود المبذولة للقضاء على هذه الممارسات تصطدم بالحجج الدينية القوية، وهو ما جعل الأمم المتحدة ترى ضرورة استهداف الأجيال الشابة من خلال برامج الوقاية.
وأشارت الصحيفة إلى أن 60 بالمئة من الشباب المصري ما زالوا يعتبرون ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث ضرورية في عام 2014. وخلصت "لاكروا" في تقريرها إلى أنه بعد وفاة ندى، أصبح تسريع القضاء بمصر على هذه الممارسة "مسألة طارئة".