إسرائيل حاضرة.. قواعد صراع واشنطن وطهران تتغير بعد سليماني

12

طباعة

مشاركة

اتفق كاتبان تركيان على أن الحرب بين واشنطن وطهران لم تبدأ، ومن غير الواضح تماما ماهيتها، غير أنهما أكدا أن التحذيرات والتهديدات المتبادلة التي ما زالت حبيسة وسائل الإعلام ستنطلق إلى الميدان قريبا، بيد أن الحرب المقبلة وقواعدها غير معروفة.

وقال الكاتب أورال جاليشلار في مقالة بصحيفة "بوستا": إن "التصريحات حول حرب ومدى فوز كل من إيران والولايات المتحدة فيها مستمرة، وفي حين وصف ترامب إيران أنها لم تفز بحرب ما، وكل ما تمكنت الحصول عليه كان من خلال المفاوضات، رد إسماعيل قاآني الذي عينه آية الله خامنئي ليحل محل قاسم سليماني، حيث وصفه نفسه بأنه ابن الحرب".

تصدير الثورة

وتابع جاليشلار: "الحرب التي تحدث عنها قاآني هي الحرب العراقية الإيرانية، حيث فقد أكثر من مليون شخص حياتهم (1980-1988)، وعندما أطاح الخميني بالشاه وأسس جمهورية إيران الإسلامية، بدأت حقبة جديدة في إيران حيث هدف النظام الجديد إلى تصدير طريقة تغيير النظام في البلاد إلى العالم الإسلامي كنموذج للثورة الإسلامية".

وأشار إلى أن "الثورة الإيرانية عملت على التواصل مع عدد من البلاد الإسلامية حول العالم، وخصصت لذلك مبالغ كبيرة، ومنها لبنان، إذ أن حزب الله المرتبط تماما بإيران مهد الطريق لإنشاء منظمات الجهاد الإسلامي في فلسطين".

ورأى الكاتب أن "الهدف الأول لنظام الخميني هو نظام صدام في العراق، في وقت كان فيه صدام قد أسس ديكتاتورية من السنة بالعراق، وظنت إيران أنها قادرة على استنهاض أبناء مذهبها في العراق، فنشبت الحرب والتي كانت مخيفة ومروعة، ولم يكن فيها رابح، وعلى العكس عملت هذه الحرب على توحيد الأنظمة العسكرية وهيمنة الحكومات الاستبدادية في البلدين".

وحسبما ذكر جاليشلار، فإن "إسماعيل قاآني بديل سليماني، كان واحدا من أبناء تلك الحرب، التي عاش هو وسلفه أتونها لمدة ثماني سنوات، واعتقدا أن الثورة الإسلامية ستمضي قدما، فأظهرا جلدا كبيرا في تنشئتها، وبدأت تجاربهما العسكرية، حيث كانت أول تجربة لهما قمع الانتفاضة الكردية في منطقة مهابات الإيرانية عام 1979؛ ثم حرب العراق، ثم العمليات في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأسهمت العملية التي بدأت مع الغزو الأمريكي للعراق في تمهيد الطريق لهم ومع الوقت أضحت هذه النماذج، أسماء رمزية لنموذج تصدير الثورة".

الرابح الأكبر

وتطرق الكاتب إلى تصريحات صدرت عن ألوف ابن، رئيس تحرير جريدة "هآرتس" الإسرائيلية وهو واحد من الذين بحثوا حول من الذي سيكسب هذه الحرب، حيث ذكر أن "ترامب استفاد من خطأ سليماني، لكن الرابح الأكبر هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ففي اغتيال سليماني قلب للصورة والمشهد تماما".

وأضاف ألوف أن ترامب أوضح أن "الولايات المتحدة ستبقى في المنطقة وأن مصالحها مرتبطة بالبقاء، وعليه، كان الهدف الذي تم اختياره رائعا، دون الإضرار بالمدنيين ودون التسبب في خسائر أمريكية. سياسيا، كان خطر هذه العملية أصغر من خطر انتقاد الديمقراطيين والجمهوريين لـ "أنتم ترموننا في الحرب".

ووفقا لألوف، فكان خطأ سليماني إستراتيجيا وكانت ثقته بنفسه أكبر من اللازم، ومع ذلك – بحسب الكاتب – فإن في إسرائيل، هناك من يفكر بطريقة أخرى، حيث أن عدد الأشخاص الذين يقولون إن الولايات المتحدة ارتكبت خطأ خطيرا في هذا الاغتيال ليس صغيرا.

تصميم ترامب

من جانبه، تساءل الكاتب برهان الدين بوران في مقالة بصحيفة "صباح" التركية، حول إلى أين سيذهب التوتر الأمريكي - الإيراني بعد اغتيال سليماني، حيث اكتفت طهران وحتى اللحظة بالانسحاب من جميع بنود الاتفاق النووي، وأضحت في حل منه؟

وحول الرد العسكري، تساءل الكاتب: أين سيكون مكانه ومتى، هل في العراق، أم في الشرق الأوسط أو مكان آخر من الدنيا؟ هل تكون الهجمات إلكترونية، "سيبرانية" أم عمليات من خلال وكلاء إيران في المنطقة؟

وبينما تتواصل التهديدات الإيرانية، يواصل ترامب الرد بمثلها مشددا أن كل هجمة إيرانية ستقابل بأعنف منها، لافتا إلى أن هناك 52 هدفا إيرانيا في مرمى النيران الأمريكية.

ولفت الكاتب إلى أن التهديدات الجديدة تشير إلى أن ترامب مصمم على الدخول في مزيد من العمليات العسكرية ضد إيران، إذا اقتضت الضرورة ذلك، في وقت يعارض فيه الديمقراطيون ذلك رافضين أي حرب مع إيران، ويؤكدون بقسوة أن ترامب لا يمكنه اتخاذ قرارات حرب مع إيران وأنه لا يمكنه تجاوز سلطة الكونجرس.

وتابع: ومع ذلك فمن المفهوم من اغتيال سليماني، أن ترامب يمكن أن يبدأ في الواقع حربا مع إيران كما يمكن للولايات المتحدة أن تنفذ عمليات عسكرية مختارة تستهدف أماكن حرجة في إيران؛ وبالتالي، يمكن أن يكون هناك نوع من الحرب دون الإعلان عنها، كما يمكن لترامب أن يمضي بهذه الطريقة على الرغم من الكونجرس.

تغيرت اللعبة

ورأى الكاتب، أنه باغتيال سليماني تغيرت قواعد اللعبة، وعندما تتغير اللعبة في التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، يتفق الطرفان ولقد صرح وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر بهذا أولا، وعليه فقد لا يكون مقتل عدد كبير من الجنود الأمريكيين مرضيا بالنسبة لإيران، وهذا ما أشار اليه الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، اذ قال، مهددا الجنود الأمريكان: "لقد بدأت حقبة جديدة".

ونوه إلى أنه "طالما كانت إيران فاعلا في تغذية الفوضى في المنطقة، ولكن حين خرج المواطنون في مظاهرات، خرج أتباع إيران سواء في العراق أو لبنان للتصدي لهؤلاء المتظاهرين، والآن، يعطي نهج ترامب الفوضوي إيران فرصة أخرى".

والأسئلة الحاسمة بحسب الكاتب، هي: هل يعبر العقل السياسي الإيراني الخط الأحمر لترامب ليحمله على ضرب أهدافه الـ52 ؟ يعني لو فعلا كان هناك لعبة جديدة بقواعد مختلفة، ما الذي سيحدث، هل ستكون حربا خاطفة، أم طويلة المدى، أو معركة استنزاف طويلة الأجل؟ جواب تلك الأسئلة منوط بإيران وحدها بحيث الخطوة المقبلة ستحدد ذلك.

خيارات إيران

وأشار إلى أن "طهران قد تختار تمديد عملية الانتقام، والانتظار في الوقت المناسب بدلا من المضي قدما في رد فوري، وهي مجبرة عليه، حيث أنها تدرك في حالة عدم الرد على اغتيال سليماني سوف تتعرض لانتقاد سواء من داخل إيران وحلفائها كما ستتعرض للانتقاص من خصومها الإقليميين".

ولفت الكاتب إلى أن إيران أولا، ستعمل على تعزيز الصورة النمطية الداخلية من خلال أسطورة "الشهيد سليماني"، ثم يتبع إستراتيجية ستجبر الولايات المتحدة على مغادرة العراق وهو ما اتخذ مؤخرا داخل أروقة البرلمان العراقي، وبذلك ستكون ردود فعل إيران حول هذا القرار في الهواء بدون قيمة.

وتابع: يمكن لإيران، التي حافظت على خط مقاومتها منذ 40 عاما، أن تنشئ لعبة جديدة تسمح للولايات المتحدة بالانسحاب من العراق على المدى المتوسط والطويل، في وقت أرسلت فيه واشنطن بالفعل 3500 جندي إلى المنطقة؛ لكن هل الولايات المتحدة مستعدة للانخراط أكثر في الشرق الأوسط للحد من نفوذ إيران؟

ورأى الكاتب أن "هذا يتناقض مع رؤية ترامب والديمقراطيين في المنطقة، وبالنظر إلى مقتل سليماني في العراق أثناء الوساطة بين المملكة العربية السعودية وإيران، فقد تجد الولايات المتحدة صعوبة في ضمان اعتماد حلفائها الخليجيين لسياسة ردع جديدة".

مخاوف إسرائيل

نقطة أخرى يشير إليها الكاتب، وهي "مخاوف إسرائيل بعيد انسحاب واشنطن من المنطقة، إذ أنه وعقب هذه الخطوة سوف تصبح إيران وحدها في المنطقة، وبالتالي الضرر الأكبر سيكون ليس من نصيب الخليج وحده حلفاء واشنطن، بل أيضا من نصيب إسرائيل ربيبة أمريكا، ومع ذلك تعلم يقينا أن الثقة بالولايات المتحدة ليست على المدى الطويل ويجب أن يكون لها أي لإسرائيل خططها البدلية وأوراقها الخاصة بها".

واختتم الكاتب حديثه بالقول: "لقد غيّر عهد ترامب وبوش وأوباما قواعد التعامل مع إيران، وفي الفترة الأخيرة، اعتمدت إدارته ردعا قاسيا بشكل غير متوقع، لذا فالشيء الأكيد أن قواعد اللعبة تغيرت تماما، لكن إلى مدى القواعد الجديدة ستبقى السائدة، وما هي نتائجها؟".