صحيفة تركية: هل يتكرر سيناريو العراق بعد مطالبة أنقرة بالنووي؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "صباح" التركية، مقالا للكاتب محمد بالاس، تناول فيه قلق الولايات المتحدة الأمريكية من رغبة تركيا في امتلاك سلاح نووي، ولا سيما بعد حديث سابق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن ذلك.

وقال الكاتب: إن واشنطن الآن والمشرعين داخلها يبدون قلقهم من امتلاك أنقرة السلاح النووي، مستندين بذلك إلى انتقادات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول حصر امتلاك السلاح النووي بدول محددة تتحكم في مصائر العالم.

وأثارت تصريحات الرئيس أردوغان، حول الأسلحة النووية، جدلا واسعا في الأوساط الإعلامية التركية، لا سيما حينما قال: "يمتلكون صواريخ ذات رؤوس نووية، ليسوا واحدا أو اثنين بل أكثر، ولكن يرفضون امتلاكنا الصواريخ ذاتها، هذا أمر لا أقبله".

كما أشار أردوغان في تصريحه إلى إسرائيل، بصفتها دولة غير عضو في اتفاقية منع الانتشار النووي، لافتا إلى أنها حصلت على أسلحة نووية، وأن ذلك جعلها دولة محصنة.

وأوضح الكاتب في مقاله: "بحجة وجود السلاح النووي أو ما يوصف بسلاح الدمار الشامل، غزا الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش العراق واحتلها بالتعاون مع المملكة المتحدة، وكان وقتئذ رئيس الوزراء توني بلير، فقتلوا من شبانها ما قتلوا".

وتابع: "وللسخرية لو كان هذا السلاح متوافرا بالفعل في بغداد لاستخدامه صدام حسين آنذاك لصد العدوان على بلاده، إذ أنه وبعد مدة ليست بالطويلة تكشفت الأمور بأن العراق خارج التسليح النووي، وأن الدول التي تمتلك السلاح النووي هي ذاتها؛ كباكستان والهند بالإضافة إلى إسرائيل. ولم يكن من نصيب العراق سوى القتل والتدمير والتمزيق والصراع الطائفي الذي يفتك بالبلاد منذ العام 2003 وحتى يومنا هذا، ووسط هذا كله نشأ تنظيم الدولة، فزاد الأمور سوءا على سوء".

هل الدور على تركيا؟

وهنا تساءل الكاتب: هل يمكن تتكرر الحجة وتستخدم واشنطن ذات المزاعم من أجل شن هجوم على أنقرة؟. وتابع: حين كنت أتابع مجريات مصادقة مجلس الشيوخ على فرض عقوبات ضد تركيا بحجة شرائها صواريخ أنظمة الدفاع الجوي الروسية إس 400، قدم كل عضوين في الكونجرس الأمريكي مشروع قانون للبحث عن السلاح النووي في منطقة الشرق الأوسط.

وبحسب الكاتب، فقد قال عضوان ديمقراطيان في الكونجرس إن دولا تسعى لاستخدام التكنولوجيا الأمريكية لتطوير محطات الطاقة النووية يجب أن توافق على عمليات تفتيش شاملة تجريها الأمم المتحدة بموجب مشروع قانون سياسة الدفاع المتوقع الإعلان عنه هذا الأسبوع.

وأردف: يطالب الإجراء، الذي قاده النائب الديمقراطي برادلي شيرمان، وإدوارد ماركي الدول بالتوقيع على ما يسمى بالبروتوكول الإضافي. ويتطلب هذا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إجراء عمليات تفتيش مفاجئة لمنشآت الطاقة النووية لضمان عدم قيام الدول بتطوير مواد للأسلحة النووية.

عضوا الكونجرس قالا: إن هذا ورد في مشروع قانون تفويض الدفاع الوطني السنوي، وهو أحد التشريعات القليلة التي يجب أن يقرها الكونجرس كل عام. ويمكن الإعلان عن مشروع القانون في الأيام المقبلة بعد شهور من المفاوضات.

ولفت الكاتب إلى أن هذا القانون جاء بعد موافقة لجنة فرعية في مجلس الشيوخ بشأن فرض عقوبات ضد تركيا، واستذكروا بيان الرئيس رجب طيب أردوغان حول "حيازة أسلحة نووية".

ورأى مراقبون، أن تركيا لا تحتاج إلى أسلحة نووية ما دامت دولة عضوا في حلف شمال الأطلسي، فعضويتها إلى جانب تمتعها بغطاء الردع الأمريكي الممتد، أتاحا لها أن تكون واحدة من بين خمس دول فقط تمتعت بحق تخزين قنابل نووية أمريكية على أراضيها؛ هي: إيطاليا وبلجيكا وهولندا وألمانيا.

وأكدوا أن هذه القنابل المخزنة في قاعدة إنجرليك الجوية التركية ليست تحت قبضة تركيا مباشرة، لكنها لا تزال موجودة، وما دامت أن العلاقة مع واشنطن لا تزال قائمة، وعضوية حلف الأطلسي فعّالة، فسيكون من الصعب على أنقرة تبرير امتلاك سلاح نووي.

"أردوغان هو الهدف"

وقال الكاتب: إن السيناتور ماركي كان واضحا في اتهامه لتركيا بأنها تنوي أو تخطط لتوفير السلاح النووي على أراضيها، مشيرا إلى أن القادة الأتراك رفيعي المستوى يظهرون عدم التزام بالاتفاقية الدولية (NPT) والتي تعد تركيا من الدول الموقعة عليها بحظر امتلاك أسلحة الدمار الشامل.

ووقع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية "NPT" حتى الآن 189 دولة من ضمنهم الولايات المُتحدة والاتحاد السوفيتي اللذين وقعا عليها عام 1968 ولكن تبقى الهند وباكستان وكوريا الشمالية وإسرائيل، الدولة النووية المُحتملة، خارج هذه الاتفاقية.

وتتعهد الدولة الموقعة على الاتفاقية بعدم تداول التكنولوجيا النووية مع دول أخرى وإيقاف تطوير الترسانة النووية. واتفقت هذه الدول على عدم استخدام الأسلحة النووية إلا في حين الهجوم عليها بأسلحة نووية.

ونقل الكاتب أن ماركي زاد في مداخلته خلال تقديم المقترح، بالقول: إن "الرئيس أردوغان ينتهك القانون الدولي ويعمد على احتلال سورية، بدون النظر أو الأخذ في الحسبان حقوق الإنسان ولا أروحاهم، ولدية نية واضحة في امتلاك السلاح النووي، ويحلم بأن تدخل واشنطن مع تركيا تعاونا مشتركا في مسألة السلاح النووي بناء على المادة (123)".

المادة (123) من قانون الولايات المتحدة للطاقة الذرية لعام 1954، وضعت تحت عنوان "التعاون مع الدول الأخرى"، وهي اتفاقية للتعاون كشرط أساسي للصفقات النووية بين الولايات المتحدة وأية دولة أخرى. وتسمى اتفاقية (123) حتى الآن، حيث دخلت الولايات المتحدة فيما يقرب من 23 اتفاقية مع 48 دولة.

وتطرق الكاتب إلى مداخلة السيناتور الآخر شيرمان، حيث قال: "يجب على الولايات المتحدة التخلي عن أعمال بيع التكنولوجيا النووية للقادة الذين يعربون عن اهتمامهم بالحصول على أسلحة نووية، هؤلاء لا يهم كثيرا إذا ما كانوا أردوغان ودول أخرى كالسعودية، وإيران".

العقوبات المطروحة  

ونوه الكاتب إلى أن ذلك يأتي بعدما وافق الكونجرس الأمريكي بتصويت 403 عضوا على تمرير قانون العقوبات ضد تركيا في 29 أكتوبر/ تشرين الأول، وهذه المرة في مجلس الشيوخ الأمريكي، حيث تناقش لجنة الشؤون الخارجية في المجلس مشروع القانون، الذي يتضمن العقوبات نفسها في النص الذي أقره الكونجرس مسبقا.

وأشار إلى أن القانون هذا من ضمنه هو استبعاد تركيا تماما من مشروع الطائرة الشبح "إف-35" وهي الطائرة التي ترغب أنقرة في شرائها، غير أن العقوبات الأمريكية تحول دون امتلاك أنقرة لها وهي التي استثمرت أكثر من مليار دولار فيها.

وكان الكونجرس الأمريكي، قد وافق على موازنة وزارة الدفاع (البنتاغون) لعام 2020، والمقدرة بـ738 مليار دولار. وصوّت 377 نائبا لصالح الموازنة، مقابل رفض 48 نائبا لها. وتنص وثيقة الموازنة على حظر تسليم تركيا مقاتلات "إف-35" بسبب شرائها منظومة الدفاع الصاروخي الروسية "إس-400".

كما تدعو الوثيقة إلى فرض عقوبات على تركيا في إطار قانون "كاتسا"، وتطالب بإخراج تركيا من مشروع تصنيع مقاتلات "إف-35". وتدعو أيضا إلى تخصيص مبلغ قدره 440 مليون دولار، لشراء مقاتلات "إف-35" المخصصة لتركيا.

ولدخول الموازنة حيز التنفيذ، يتطلب مصادقة مجلس الشيوخ عليها دون إجراء أي تعديل، ومن ثم تعرض على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمصادقة عليها حيث أكد بالفعل أنه سوف يصادق عليها.

وينقل الكاتب تصريحا عن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، قال فيه: "إذا تم استبعادنا من مشروع (إف-35)، فسوف يتعين علينا الدخول في مزيد من عمليات البحث لتلبية احتياجاتنا".