لوريون لو جور: هكذا تستفيد قطر من صورة جيرانها "المشوَّهة" دوليا

12

طباعة

مشاركة

وقّع أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني عددا من الاتفاقيات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال زيارته إلى الولايات المتحدة، أبرزها في مجال الدفاع والطيران. بعد عامين من بدء الحصار الذي تفرضه الرياض وحلفاؤها على الدوحة، اجتمع تميم، في البيت الأبيض، يوم الثلاثاء، بالرئيس الأمريكي. 

الاجتماع هو الثاني بين الرجلين بعد اللقاء الذي جمع بينهما أبريل/ نيسان 2018، مما يوضح تغيّر موقف الرئيس الأمريكي إزاء الأزمة المستمرة بين الدوحة ودول الخليجية المجاورة، وفقا لصحيفة "لوريون لو جور" اللبنانية الناطقة بالفرنسية.

وذكّرت الصحيفة أنه في يونيو/ حزيران 2017، رحب الرئيس بفرض الحصار على قطر في سلسلة من التغريدات، وقال: "من الجيد للغاية رؤية زيارة السعودية مع الملك و50 دولة أخرى تؤتي ثمارها بالفعل، إذ أوفى زعماء إقليميون بوعودهم باتخاذ موقف صارم من تمويل الجماعات المتشددة" وأن "عزل قطر قد يشكّل بداية نهاية رعب الإرهاب"، مبينا أن "كل الدلائل تشير إلى دور قطر في تمويل التطرف".

لكن الرئيس الأمريكي، أشاد خلال كلمة له في مأدبة عشاء أقامها وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشن، مساء الاثنين، بمناسبة زيارة أمير قطر للعاصمة واشنطن، بعلاقات بلاده مع الدوحة، واصفاً أمير قطر بـ"الصديق الرائع".

ورأى الأستاذ في جامعة كلية الملك بلندن، أندرياس كريج، أن الخطاب الأمريكي ضد الدوحة تطور منذ ذلك الحين، واجتماع اليوم هو "علامة على أن قطر قد نجت من عاصفة هذه الأزمة".

وأوضح الخبير في تصريح للصحيفة اللبنانية أن واشنطن لا تنظر إلى الدوحة على أنها مشكلة لأنها تتعاون معها في قضايا مختلفة، إذ تُعقد المحادثات بين طالبان والحكومة الأفغانية في الدوحة، في حين تسمح الإمارات لواشنطن بالحفاظ على قنوات اتصال خلف الكواليس مع حماس في قطاع غزة.

شراكة طويلة الأمد

ومن القضايا التي استحقت أن تكون على جدول أعمال هذا الاجتماع، مبيعات الأسلحة الأمريكية للإمارات أو القضية الليبية. وقال البيت الأبيض في بيان صدر في يونيو/ حزيران الماضي: "إن الزيارة ستستند إلى شراكة طويلة الأمد بين الولايات المتحدة وقطر وستعزز علاقاتنا الاقتصادية والأمنية الكبيرة بالفعل".

وبالنسبة للاستثمارات القطرية في الولايات المتحدة فقد صرح العضو المنتدب لهيئة الاستثمار القطرية في يناير/ كانون الثاني بأن الدوحة ترغب في زيادة الاستثمارات في الولايات المتحدة إلى 45 مليار دولار على مدار العامين المقبلين، كجزء من إعادة توازن محفظة أصولها خارج أوروبا. 

وبينت الصحيفة أن المحادثات بين ترامب والأمير تميم كانت يجب أن تركز كذلك على إيران، إذ لا زال التوتر المندلع في الخليج منذ بداية شهر يونيو/ حزيران مستمرا، في أعقاب الهجوم على اثنتين من شاحنات النفط في بحر العرب، اتهمت الولايات المتحدة إيران بالوقوف وراءه.

ولفتت إلى أنه بعد أسبوعين، نشرت واشنطن طائرات مقاتلة من طراز "ل إف-22 رابتور الشبح"، للمرة الأولى في قاعدة العُديد في قطر "للدفاع عن القوات والمصالح الأمريكية"، وفقًا للقيادة الجوية للقوات الجوية الأمريكية دون تحديد عدد هذه الطائرات.

وأوضحت أن قاعدة العُديد تعد أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، حيث يتم نشر حوالي 11 ألف جندي، وهي بمثابة مقر القيادة المركزية الأمريكية أو القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية. 

وأشار جدول أعمال الاجتماع إلى مناقشة مشروع توسيع هذه القاعدة، في حين وقّع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مذكرة تفاهم مع قطر لتوسيعها وتجديدها في يناير/ كانون الثاني الماضي.

هل تكون قطر وسيطا؟

وشدد أندرياس كريج على أن "أي تصعيد مع إيران يعني أن قطر ستكون في طليعة أي حرب بسبب قاعدة العديد، حتى لو كان للقطريين علاقات أكثر ودية مع إيران خلافا لجيرانها الخليجيين"، مضيفا: "هذا يجعل قطر هدفًا رئيسيًا للإيرانيين، بينما سيتم شن أي عملية عسكرية أمريكية ضد إيران من قطر".

وأوضحت الصحيفة أن طهران وواشنطن ترغبان في تجنب هذا السيناريو على الرغم من أن تصريحاتهما أصبحت أكثر تشددًا في الأشهر الأخيرة. 

وأشارت إلى تصريحات وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الشهر الماضي، التي أعرب فيها عن خشيته من "أي خطأ في الحساب من جانب أي من الطرفين، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر". 

وقال: إن "أي نزاع يجب أن يقود إلى تسوية. نأمل أن يحدث هذا في أقرب وقت لأنه كلما طالت العملية، زادت التوترات التي تخلقها مما يؤدي إلى المزيد والمزيد من المشاكل والصراعات، وأن الدوحة تحاول سد هذه الفجوة وخلق محادثة بين واشنطن وطهران".

ورأت "لوريون لو جور" أنه في حين أن حلفاء آخرين للولايات المتحدة في الخليج متورطون في صراعات إقليمية مختلفة، شوّهت صورتهم دولياً، يمكن أن تستفيد الدوحة من فرصة تقديم نفسها كوسيط محتمل بين واشنطن وطهران.  

ولفتت إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يعتقد أنه كان وراء العملية التي أدت إلى مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بينما يستهدف ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، تقرير التأثير الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية للمدعي العام الأمريكي روبرت مولر.

ووفقا لما نشرته وكالة "أسوشيتد برس" فإن بن زايد هو الزعيم الأجنبي الوحيد المذكور في التقرير، إذ ذكر اسمه لدوره الغامض في لقاء عقد بجزر سيشل في 11 يناير/كانون الثاني 2017، بين مدير صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي كيريل ديمترييف ومؤسس شركة "بلاك ووتر" العسكرية الخاصة الأمريكية إريك برنس الذي لديه علاقات بأشخاص قريبين من ترامب.

ورغم أن تقرير مولر لم يتطرق مباشرة إلى دور ولي عهد أبوظبي في ترتيب هذا اللقاء، لكنه لفت إلى أن بن زايد سعى إلى عقد اجتماع في الولايات المتحدة مع مسؤولي المرحلة الانتقالية في إدارة ترامب، قبل أن يدخل إلى البيت الأبيض.