كيف قرأ الإعلام الفرنسي اتفاق العسكر والمعارضة في السودان؟

12

طباعة

مشاركة

اهتمت العديد من الصحف الفرنسية بالوضع في السودان عقب الاتفاق الذي تم التوصل إليه على تقاسم السلطة بين المعارضة والعسكر، وسط تساؤل حول مدى إمكانية أن يجنب هذا الحل الوسط البلاد حربا أهلية ويقود السلطة في النهاية إلى أيدي المدنيين.

فمن جهتها رأت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن توصل المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير في السودان إلى اتفاق حول الهيئة التي يُفترض أن تقود المرحلة الانتقاليّة المقبلة، بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير، جنّب البلاد حربا أهلية.

وقالت الصحيفة: في ظل جهود الوسطاء وخوفا من حدوث الأسوأ، انتهى المعسكران إلى التوصل لاتفاق حول تقاسم السلطة خلال فترة انتقالية، حيث يجب أن تستمر ثلاث سنوات أو أكثر.

وأوضحت، أن هذا التقدم كان ضروريا للخروج من حالة الأزمة الخطيرة، حيث انفجرت التعبئة الشعبية، وسط عنف، جعل السودان على عتبة حرب أهلية.

وأشارت إلى أن المفاوضين اتفقوا على هيكل يتكون من أحد عشر شخصا: خمسة مدنيين، خمسة عسكريين وإقامة مجلس للسيادة بالتناوب بين العسكريين والمدنيين ولمدة 3 سنوات قد تزيد قليلا، لكنه لم يوضح الآليّة التي سيتمّ اعتمادها.

ووفقا للخطّة الانتقالية التي أعدها الوسيطان الإفريقي والإثيوبي فإن المجلس السيادي، سيرأسه في البداية أحد العسكريّين لمدّة 18 شهرا على أن يحلّ مكانه لاحقا أحد المدنيين حتى نهاية المرحلة الانتقالية.

هل من عقبات؟

وأكدت الصحيفة، أنه رغم ذلك لا تزال هناك عقبات كثيرة، أولا، يوجد سوء تفاهم بين المتظاهرين، الذين كانوا يطالبون منذ أشهر، وبشجاعة لا يمكن إنكارها، على الرغم من العنف، بأن تكون "كل السلطة للمدنيين".

كما تساءلت هل يمكن أن يؤدي الاتفاق، في ظل الوضع الحالي، إلى نقل السلطة، بعد ثلاثين عاما من الديكتاتورية إلى المدنيين؟ أم أننا يجب أن نعتمد على الإدارة المختلطة مع الجيش، على الأقل خلال الفترة الانتقالية؟

ولفتت إلى أن الجواب لا يزال غير معروف، خاصة وأن الخطوات الأولى لعملية الانتقال، بمجرد تعيين الحكومة، ستواجه العديد من القضايا الساخنة، فالاقتصاد في حالة كارثية ومن المحتمل الآن أن تظهر الانقسامات في كل جانب، وخصوصا على جانب قادة قوى الحرية والتغيير، ما يهدد بخطر صراع أهلي، كما حدث في السودان خلال المراحل التي تلت الثورتين السابقتين، عندما رافق المظاهرات الجماهيرية سقوط قوتين عسكريتين عامي 1964 و 1985.

انفراجة لخفض العنف

أما "راديو فرنسا الدولي" فقال إن الحل الوسط الذي توصل إليه المدنيون والعسكر حول تقاسم السلطة خلال الفترة الانتقالية حتى الانتخابات المقبلة، انفراجة يمكن أن تطلق العنان للوضع القائم وتخفض مستوى العنف، ومع ذلك، تبقى العديد من الأسئلة دون إجابة.

وأضاف السؤال الأول: هل سيقبل المواطنون هذا الاتفاق؟ هل سيتم تقاسم السلطة مع الجيش، في حين طالب جزء من السودانيين بانسحاب كامل للانقلابيين، موضحا أنه في هذا السياق، خطّط التحالف المدني لعقد اجتماعات عامة لشرح الحل الوسط للشعب.

وفيما يتعلق بممارسة السلطة، نقل الراديو عن آن لوري- ماهي، الباحثة في معهد الدراسات الإستراتيجية للمدرسة العسكرية، القول: إنها تنتظر رؤية التوقيع النهائي للاتفاقية "من سيقود هذا المجلس ومن سيتحمل أي مسؤوليات؟"، مؤكدة أنه "في الوقت الحالي، لا يبدو أن هذا الاتفاق أحرز نجاحا كبيرا للمدنيين".

وأكد الراديو، أن رئيس المجلس السيادي له دور حاسم في هذا الاتفاق، سيكون رئيس الدولة بحكم الأمر الواقع، وهناك العديد من الأسماء المطروحة، وفي بعض الأحيان مثيرة للجدل للغاية مثل عبد الفتاح البرهان، زعيم الانقلابيين، أو حتى محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، قائد مليشيا قوات التدخل السريع، المتهم بارتكاب جرائم متعددة.

كما تساءل أيضا خلال المرحلة الانتقالية، هل سيعمل المجلس من أجل السلام؟ وأين سيكون مقر اللعبة في السلطة، حيث سيقدم الجميع خياراتهم الخاصة من أجل الانتخابات المقبلة؟

التشكيك في الانقلابيين

وذكر الراديو أنه في هذا السياق، يشك الكثيرون في الانقلابيين، ينظر إليهم كاميرون هدسون من المجلس الأطلسي- مؤسسة بحثية غير حزبية مؤثرة في مجال الشؤون الدولية- على أنهم خبراء تكتيكيون.

ويقول: "لم يصبحوا فجأة ديمقراطيين، يفكرون على المدى الطويل، لديهم 21 شهرا لتعزيز سيطرتهم، التلاعب بالنظام لصالحهم وتقسيم المدنيين". في وقت لا يزال فيه الإنترنت مقطوعا ويستمر المئات من رجال المليشيات في القيام بدورياتهم، وهو رمز لسيطرة العسكر.

يشار إلى أنه ليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها التفاوض المباشر بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي، إذا كان الطرفان على وشك التوصل إلى اتفاق، منتصف مايو/أيار الماضي.

وتوقفت المحادثات بين الجانبين بسبب اختلاف الجانبين على من يقود المجلس السيادي، ما أدى إلى انهيار المحادثات، خاصة بعد قيام قوات الأمن بفض اعتصام المحتجين أمام القيادة العامة للجيش في 3 يونيو/حزيران الماضي بالقوة ما نتج عنه سقوط عشرات القتلى.

ومنذ مطلع يونيو/حزيران الماضي، أدت حملة القمع هذه إلى مقتل 136 شخصا خلال عملية تفريق اعتصام مقرّ القيادة العامة للجيش في الخرطوم، وبحسب لجنة الأطباء المركزية المقربة من حركة الاحتجاج. في المقابل، تتحدث السلطات عن حصيلة بلغت 71 قتيلا منذ هذا التاريخ.

وبفضل وساطة إثيوبيا والاتحاد الإفريقي، استأنف الجانبان المفاوضات الحسّاسة لرسم الخطوط العريضة للمرحلة الانتقالية المقبلة.

وتولى المجلس العسكري الحكم في السودان بعد الإطاحة بالرئيس السابق، عمر البشير، في 11 أبريل/نيسان الماضي، عقب تظاهرات رفضا لزيادة سعر الخبز ثلاثة أضعاف في بلد فقير يعاني أزمة اقتصادية خانقة.

وسرعان ما اتخذت الاحتجاجات طابعا سياسيا عبر المطالبة بإسقاط النظام وعلى رأسه البشير الذي حكم البلاد بقبضة من حديد لنحو ثلاثة عقود.