من إعدام المجرمين إلى تحديد المهور.. كيف يرشو الحوثيون اليمنيين؟

آدم يحيى | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

بين الفينة والأخرى يحاول الحوثيون التودد للشعب اليمني واتخاذ إجراءات ما على الأرض لعلها تحبب المجتمع فيهم، وتكسب من خلالها تعاطفهم والانحياز لصفوفهم ضد الحكومة الشرعية.

مؤخرا، ألزمت جماعة الحوثي مشايخ محافظة صنعاء بالتوقيع على وثيقة تلزم الأهالي بتحديد مهر الزواج بـ 600 ألف ريال يمني، حوالي (1000 دولار أمريكي)، وتفرض عقوبات على من يخالف ذلك.

ردود الأفعال تباينت بشأن القرار، البعض رحّب بالقرار كونه يسهم في تيسير الزواج، وعمل بعض الناشطين الداعمين للحوثيين على التسويق للجماعة وتلميع صورتها بكونها حريصة على تيسير الحياة للمواطنين، وأن بيدها الكثير لتعمله لو أتيح لها المجال وانتهت الحرب.

غير أن القرار أثار غضب آخرين، موضحين أن جماعة الحوثي تحاول إرضاء المجتمع اليمني في المناطق الخاضعة لسيطرتها بتقديم إصلاحات شكلية وغير حقيقية، فيما يشبه رشوة المجتمع.

القرار أثار أيضا حفيظة فتيات اعتبرنه امتهانا لكرامتهن، ومعاملتهن كسلعة فرض لها الحوثيون سعرا ثابتا، بينما الأصل أن يتم تحديد المهور بالتوافق بين أهل العروسين.

غير صادقين

الكاتب والناشط الحقوقي موسى النمراني قال: "إذا كانت جماعة الحوثي صادقة في تيسير الحياة على المواطنين، فيجب عليها بيع المواد الأساسية والمواد الغذائية بسعرها الرسمي، بدون إضافة مبالغ أخرى تصل لعدة أضعاف بعدة مسميات".

ويضيف النمراني لـ "الاستقلال": "تباع أسطوانة الغاز المنزلي بالسعر الرسمي بنحو دولارين ونصف، لكن الحوثيين يقومون ببيعها بخمسة أضعاف وعشرة أضعاف، ومثل ذلك بقية المحروقات والسلع الأساسية، وهو ما ينفي ما يدعيه الحوثيون من العمل على تسهيل الحياة للمواطنين".

ويستدرك النمراني: "هذا لا يعني مطالبة الحوثيين بتخفيض أسعار المواد الغذائية، فهم سلطة غير شرعية، ومطالبنا لا تقتصر على بيع المواد الأساسية بالأسعار الرسمية، بل تتجاوز ذلك إلى المطالبة والعمل على إنهاء انقلاب الحوثيين".

جماعة الحوثي فرضت إتاوات على اليمنيين تحت عدة مسميات، كالمجهود الحربي، والمولد النبوي، ودعم فعالية أسبوع الشهيد، ثم الزكاة، وآخرها الدعوة للتبرع لحزب الله، غير عابئة بأوضاع اليمنيين القاسية وغير ملتفتة إلى حالة المجاعة التي ضربتهم، والمرتبات المنقطعة عنهم منذ 3 أعوام.

أحكام إعدام

في هذا السياق أصدرت جماعة الحوثي عددا من الأحكام العاجلة لمرتكبي جرائم قتل واغتصاب، كالمتهم حسين الساكت والمتهم محمد المغربي، حيث تم تنفيذ حكم الإعدام فيهم على نحو عاجل ما لاقى ارتياحا لدى عامة الشعب اليمني، لكنها بالمقابل، وحسب حقوقيين، تقوم الجماعة بالتستر على مجرمين موالين لها، ومماطلة محاكمتهم، بل وتهريبهم من السجون والمحاكم.

الكاتب والناشط الحقوقي محمد الأحمدي قال لـ"الاستقلال": "الحوثيون جماعة متعالية وموغلة في التغطرس، لا يكف عناصرها عن الاعتداء على المواطنين بكافة الأشكال، وما تنفيذ حكم الإعدام بشكل عاجل على بعض المتهمين إلا محاولة للضحك على المجتمع بأنهم سلطة تقيم العدل".

مضيفا: "هي تنفذ حكم الإعدام على مجرمين ليس لهم ثقل مجتمعي، بينما تماطل وتغض الطرف عن جرائم قتل تورط بها عناصر تابعة لهم، والدليل أنه حتى الآن لم يتم تنفيذ حكم إعدام واحد بحق أي عنصر من عناصر الحوثي، رغم ارتكابهم لعشرات جرائم القتل".

إزاء كل الإجراءات التي يقوم بها الحوثيون من إصدار أحكام عاجلة وتحديد للمهور، يقومون بارتكاب انتهاكات بحق المواطنين، وقد تراوحت تلك الانتهاكات بين الاعتداء على المواطنين واعتقالهم وتعذيبهم، ثم التضييق على آخرين وفرض أموال طائلة عليهم بعدة مسميات وهو ما يؤكد أن الحوثيين يقومون على الضد من تيسير الحياة على المواطنين.

أبرز تلك الانتهاكات ما كشفت عنه وكالة أسوشيتد برس في تقرير لها قائلة: "إن القيادي الحوثي سلطان زابن الذي تم تعيينه مديرا للبحث الجنائي بصنعاء يعتقل أكثر من 100 فتاة في فلل سرية استأجرها زابن في منطقة حدة وسط صنعاء".

ويضيف التقرير: "يقوم زابن بتوجيه تهم للفتيات بالدعارة، ثم يساوم أهالي الفتيات وابتزازهن بدفع مبالغ طائلة، من أجل الإفراج عنهن وإطلاق سراحهن، هؤلاء الفتيات تم اعتقالهن من متاجر ومحلات وحدائق عامة، وتم إخفاؤهن قسريا، والتفاوض مع أهلهن عبر وسطاء من جماعة الحوثي". 

تهريب المتهمين

في مقابل تنفيذ أحكام الإعدام العاجلة على مجرمين لا ينتمون لجماعة الحوثي، ولا يحظون بثقل مجتمعي، وينتمون لأسر فقيرة وطبقات معدمة، يقوم الحوثيون بتهريب سجناء من الموالين لها.

قامت سلطات الحوثيين بتهريب عدد من المتورطين بجرائم قتل، وتحدث نبيل فاضل لـ"الاستقلال" قائلا إن مدير عام البحث الجنائي في صنعاء، وهو مسؤول معين من قبل جماعة الحوثي، قام بتهريب عناصر حوثية كانت قد قتلت ابنه "وليد فاضل"، بعد أن اعترضوا سيارته.

وفي وقت سابق أقدمت مجاميع مسلحة من جماعة الحوثي على متن أطقم عسكرية بمهاجمة المحكمة الجزائية في مدينة إب، وسط اليمن، واعتدت على عربة السجن وهرّبت 4 أفراد متهمين بقضايا قتل من بينهم القيادي الحوثي عبدالوهاب الوشلي، والمتهم بقضية قتل المواطن عمران الفقيه الذي قتل أمام زوجته ووالدته وابنته في إحدى نقاط الحوثيين بمديرية السبرة جنوب شرق محافظة إب.

وفي 2017 اقدمت الجماعة على تهريب السجين محمد الحديدة بعد نقله لهيئة مستشفى الثورة العام وسط مدينة إب بحجة تلقي العلاج، وشهد السجن المركزي بمدينة إب تهريب عدد من نزلاء السجن كان أبرزهم تهريب شقيق القيادي الحوثي عبد اللطيف حجر من السجن المتهم بقضية قتل، فيما تم تهريب سجناء آخرين والإفراج عن عدد منهم من بينهم سجناء صدرت بحقهم أحكام بالإعدام.    

قتل متعمد

لم يقتصر الانتهاك على تهريب السجناء بل وصل لحد القتل العمد، حيث أقدم قيادي حوثي يدعى عبد الله الديلمي على إطلاق النار بشكل متعمد على طفل في الرابعة عشرة من العمر، بسبب ركل الأخير كرة قدم صوب الجاني بشكل غير مقصود، بأحد أحياء مدينة إب، وسط اليمن.

وقال شهود عيان، إن الطفل عبد الرحمن أكرم عطران، قتل على يد القيادي الحوثي، الذي قام بتصويب المسدس إلى رأسه بشكل مباشر، وأطلق رصاصة اخترقت جمجمته.

وأظهر مقطع فيديو مجموعة مسلحة من جماعة الحوثيين بقيادة المشرف السقاف يعتدون على صاحب محل ملابس في منطقة الحصبة شمال صنعاء.

وللأطباء نصيب من تنكيل الحوثيين، ففي شهر رمضان الماضي أقدم المشرف الحوثي، المكنى بـ "أبو كنان"، مع مجموعة مسلحين على الاعتداء بالضرب المبرح على الدكتور عبد الله مهيوب.

الحوثيون استخدموا أعقاب البنادق في تنفيذ جريمة الاعتداء على الطبيب المناوب في قسم الغسيل الكلوي بمستشفى الثورة العام، ما أسفر عن تعرضه لإصابات وكسور في الرأس وأنحاء متفرقة من جسده.

واقتحمت مجموعة مسلحة تابعة للحوثيين، عيادة طبية في منطقة باب السلام شرق العاصمة صنعاء، واعتدت على الطبيب أحمد العلفي، جسديا بالضرب المبرح، أمام المرضى وطاقم التمريض في العيادة الطبية، تم اقتياده بعد ذلك بطريقة مهينة إلى مكان مجهول.

وأفادت مصادر خاصة من أقارب الطبيب للاستقلال، أن سبب الاعتقال هو انتقاد الطبيب لممارسات جماعة الحوثي، في إحدى مجموعات الواتس آب، وأن أحد أعضاء المجموعة سرب تلك الانتقادات إلى الحوثيين، الأمر الذي أسفر عن اقتحام عيادته والاعتداء عليه ثم اختطافه.