"قمع قاس".. هل يمكن لعدوى احتجاجات إيران أن تنتقل إلى العراق ولبنان؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

ترى مجلة إيطالية أن عدوى الأزمة الإيرانية التي اندلعت في 14 أيلول/سبتمبر 2022، يمكن أن تنتقل إلى دول أخرى في المنطقة، على غرار العراق ولبنان، حيث يعاني السكان من أوضاع مماثلة.

وقالت مجلة "فورميكي" إن "الكثير من الدول، خاصة الخليجية، تخشى تأثيرات اتساع محتمل لرقعة الاحتجاجات نحو الجوار الإقليمي".

وتتواصل الاحتجاجات في إيران ذات الأغلبية الشيعية، حيث اندلعت الاحتجاجات في الجنوب الشرقي مع خروج المئات من المتظاهرين إلى شوارع مدينة زاهدان السنية جنوب شرقي البلاد في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2022.

قمع قاس

وعدت فورميكي أن احتجاج "الجيل زد" (أول جيل لديه وصول واسع للإنترنت من سن مبكرة) في إيران، يشكل رمزا لمدى قوة هذه الفئة التي تخرج للاحتجاج كما حدث منذ أكثر من 10 سنوات من "الربيع العربي"، يحركها الشعور بالغضب وعدم الرضا عن القيادة الحاكمة.

وأوضحت أن الأمر لا يتعلق بإيران فقط، ولكن أيضا بمناطق أخرى من المنطقة، حيث يكون كل من هذا المكون الاجتماعي والديموغرافي والثقافي وكذلك الاستياء من النخب "حيويا" للغاية.

والإشارة، بحسب المجلة، إلى العراق أو لبنان، مؤكدة بأنه لهذا السبب "لا مصلحة لدول الخليج في الوقت الراهن في تأجيج نيران الاحتجاجات". 

وأضافت أنه "من الواضح أنهم يخشون اندلاع جبهة واسعة من زعزعة الاستقرار من المحتمل أن تؤثر عليهم بشكل غير مباشر ومباشر، لا سيما وأن الشباب الشيعة في البحرين يعيشون في ظل ظروف غير مستقرة ". 

واستنكرت بأن المحتجين في إيران واجهوا قمعا قاسيا من السلطات، ما أدى إلى مقتل العديد منهم على يد قوات الأمن (على الأقل 215 وفقا للبيانات التي جمعتها منظمة حقوق الإنسان الإيرانية)، إلى جانب فرض قيود على استخدام شبكة الإنترنت و تنفيذ الاعتقالات الجماعية. 

ولفتت إلى أن "الشباب يواصل رغم ذلك النزول إلى الشوارع وإيجاد طرق للاحتجاج عبر الإنترنت".

من جانبه، قال نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، علي فدوي، في تصريحات إعلامية مطلع أكتوبر 2022، إن "متوسط عمر المعتقلين في العديد من الاحتجاجات الأخيرة كان 15 سنة".

وذكرت الصحيفة الإصلاحية الإيرانية المستقلة "شرق" أن بعض الطلاب المعتقلين خلال الاحتجاجات نقلوا إلى "معاهد نفسية". 

وتستنج المجلة الإيطالية بأن "الشرطة غير قادرة على التعامل مع الوضع، بينما يعول النظام أكثر على قوات الباسيج والحرس الثوري في التصدي للاحتجاجات".

ونقلت فورميكي عن مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز ويلسون، ميريسا كورما، قولها: "لقد تم كسر حاجز الخوف". 

وذكرت المجلة أنه "في شوارع المدن الإيرانية، في نحو 177 مدينة، تخلع الفتيات من جميع الأعمار الحجاب، في احتجاج رمزي على مقتل الفتاة الكردية، مهسا أميني، التي اعتقلت وتعرضت للضرب وربما قتلت على يد شرطة الأخلاق في سبتمبر/أيلول 2022 لعدم ارتدائها الحجاب بشكل صحيح".

بينما يهتف المحتجون بـ"الموت للديكتاتور"، في إشارة إلى المرشد الأعلى علي خامنئي، و"الموت للباسيج"، في إشارة إلى القوات التابعة للحرس الثوري المتهمة بقمع الاحتجاجات.

وأردفت فورميكي أن "حجم رد الفعل الناجم عن مقتل أميني يعكس مدى انتشار المشاعر المعادية للنخبة الحاكمة في قلوب الإيرانيين، وخاصة الشباب منهم، الذين يرون في النظام عائقا وجوديا أمام مستقبلهم".

نقطة اللاعودة

وكتبت الناشطة، مسيح علي نجاد، في مقال بمجلة "فورين أفيرز" الأميركية، أن السلطات الإيرانية واجهت في الماضي احتجاجات كبيرة، لا سيما في 2009 و2017 و2019، إلا أن هذه المظاهرات مختلفة. 

وأوضحت أنها "تجسد الغضب الذي يعتمل داخل نفوس السيدات والشباب في إيران تجاه نظام يسعى لخنق أهم رغباتهم، إنهم يعدون بقلب وتقويض مؤسسة الحكم".

فيما لاحظت فورميكي أن "هذا النوع من المشاعر تشترك فيه نفس الطبقة الاجتماعية والديموغرافية في العراق ولبنان، حيث يرتبط جزء من السخط الجماهيري بالصلات التي تربط بعض مجموعات السلطة بمخالب النظام الديني الإيراني". 

وأضافت بأنه "تواصل مبني على التقارب الأيديولوجي الذي يدور في فلك فيلق الحرس الثوري، السائد والحاسم في طهران تدريجيا منذ بداية الثورة الخمينية حتى اليوم".

ورجحت المجلة أن "ما يجري قد يمثل نقطة اللاعودة، لا سيما وأنه في إيران تم التغلب على محرمات النقد العلني للمرشد ولم يعد من يتظاهر يشعر بالخوف من العواقب". 

وترى أن "شيئا مشابها للأزمة الإيرانية يحدث في مكان آخر من الممكن أن يتصاعد في أي لحظة"، مشيرة إلى أنه "من غير الصحيح الحديث عن توسع الظاهرة، لأنها متوسعة بالفعل".

ولفتت إلى لبنان، حيث تلعب القوات السياسية (والقوات شبه العسكرية مثل حزب الله) المقربة من إيران دورا حاسما في العمليات الداخلية.

كما أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي يائس وهذا مرتبط أيضا بالاتفاقية الأخيرة بشأن ترسيم الحدود البحرية التي أرادت الولايات المتحدة التوسط فيها مع إسرائيل، لتجنب مزيد من التصدع والشروع في طريق خجول من التعافي، تضيف فورميكي.

بينما في العراق، يظل الاستقرار السياسي تحديا، وسيكون في خطر أكبر من تداعيات المشاكل في إيران، وفق المجلة.

ويعيش العراق منذ عام 2021 أزمة سياسية محتدمة بين التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، و"الإطار التنسيقي" (الذي يضم ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وتحالف الفتح، وفصائل أخرى موالية لإيران)، مما حال دون انتخاب رئيس للبلاد أو تشكيل حكومة.

وفقط في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2022، أدى عبد اللطيف رشيد اليمين رئيسا للعراق بعد انتخابه من البرلمان، وكلف مرشح الإطار التنسيقي، محمد شياع السوداني، بتشكيل الحكومة الجديدة، بينما يرفض التيار الصدري المشاركة فيها.

وأردفت المجلة الإيطالية بأن "مسألة الاحتجاجات الإيرانية وامتداداتها المحتملة تبرز وسط مواقف حرجة أخرى، على غرار الدور الذي تلعبه طهران في تمويل روسيا عسكريا في أوكرانيا، مما يهدد بفشل شبه نهائي لمحاولة إعادة إحياء الاتفاق النووي".

وختمت تقريرها بالقول إن "امتدادات الاحتجاجات تأتي أيضا في خضم أزمة سوق الطاقة والتوترات بين الولايات المتحدة والسعودية، وعمليات التواصل داخل المنطقة، والتي انعكست أيضا على ملفات أخرى مثل ليبيا أو تركيا أو آسيا الوسطى أو القرن الإفريقي".