رويترز: الجيش السوداني يخلع البشير بانقلاب عسكري.. ماذا بعد؟

12

طباعة

مشاركة

قالت وكالة "رويترز" للأنباء إن الرئيس السوداني عمر البشير، الذى يحكم السودان بشكل مستبد منذ ثلاثين عاماً، أُطيح به أمس الخميس 21 أبريل/ نيسان، بانقلاب عسكري قام به الجيش السوداني، لكنه لم يُرضي المحتجين، الذين استمروا في احتجاجاتهم داعين الجيش إلى تسليم السلطة للمدنيين.

وأشارت إلى أن الإطاحة بالبشير، الذي يبلغ 75 عاماً، جاء بعد أشهر من الاحتجاجات المتواصلة في البلاد.

وأضافت الوكالة في تقريرها أن وزير الدفاع السوداني عوض محمد أحمد بن عوف قال، في بيان أذاعه التلفزيون الرسمي السودان، إنه تقرر خلع البشير وتشكيل مجلس عسكري -دون أن يسمي رئيسه- يحكم البلاد لمدة عامين تتبعها انتخابات رئاسية، وأفاد أنه تم اعتقال البشير والتحفظ عليه في مكان آمن.

وأوضح التقرير أن بن عوف قال في بيانه الأول إنه قرر إعلان حالة الطوارئ في كل أرجاء البلاد، ووقف إطلاق النار وتعليق العمل بالدستور. وأضاف وزير الدفاع، الذي كان جالساً على كرسي مطلي بالذهب، بحسب الوكالة، أنه تقرر وقف الرحلات الجوية في مطار الخرطوم وجميع المنافذ البرية والبحرية لمدة 24 ساعة أو لإشعار آخر.

فرحة لم تدم

من جهة أخري قالت رويترز، إن "تجمع المهنيين السودانيين"، المنظم الرئيسي للاحتجاجات في السودان، أعلن رفضه لبيان وزير الدفاع والخطة التي تقدم بها، كما دعا المتظاهرين إلى مواصلة الاعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة الذي بدأ السبت الماضي، إلى حين الاستجابة لمطالب الشعب السوداني.

وقال شاهد عيان لرويترز إن المتظاهرين احتشدوا في شوارع العاصمة السودانية الخرطوم، كما تحولت مشاعر البهجة لديهم بتنحية البشير إلي مشاعر غضب حيال بيان وزير الدفاع السوداني، إذ لم تتحقق مطالبهم، وغيروا هتافهم من "يسقط بس"، الذي قصدوا به البشير، إلى "يسقط أيضا" ضد بيان وزير الدفاع.

وأفادت مصادر سودانية للمصدر ذاته أن البشير محتجز في مقر الرئاسة تحت "حراسة مشددة"، بينما قال رئيس حزب الأمة المعارض الرئيسي، نجل صادق المهدي لقناة "الحدث"، إن البشير محتجز مع "عدد من قادة جماعة الإخوان المسلمين".

وفي سياق متصل، قالت الوكالة إن محكمة العدل الدولية في لاهاي، كانت قد وجهت الاتهام إلى البشير، وهو يواجه مذكرة توقيف بسبب مزاعم الإبادة الجماعية في إقليم دارفور بالسودان خلال تمرد بدأ في عام 2003 وأدى إلى وفاة ما يقدر بنحو 300 ألف شخص.

وأضاف التقرير أن البشير كان قد تحدى مذكرة التوقيف التي أصدرتها بحقه المحكمة الجنائية الدولية، وقام بزيارة دول أعضاء في المحكمة، وعلى الرغم من الجهود الدبلوماسية التي بُذلت، استطاع الإفلات من الاعتقال في جنوب إفريقيا في عام 2015 والأردن عام 2017.

العسكر مرة أخرى؟

وأشارت رويترز إلى أن سقوط البشير أتى في أعقاب الإطاحة هذا الشهر بـ"رجل الجزائر القوي" عبدالعزيز بوتفليقة، بعد الاحتجاجات الجماهيرية بعد عقدين من الحكم.

من جهة أخرى، تناول التقرير أسماء بعض الخلفاء المحتملين للبشير ومنهم وزير الدفاع الحالي بن عوف، الذي كان رئيساً سابقاً للمخابرات الحربية، بالإضافة إلى كونه إسلامي، بحسب المصدر ذاته. ومن بين الأسماء المتداولة، رئيس أركان الجيش السابق، عماد الدين عدوي الذي يُقال أنه يحظى برضا جيران السودان الإقليميين، لأنه علي عكس البشير ليست لديه ميول إسلامية.

وفي السياق ذاته، أضافت الوكالة أن الأمين العام للجنة المركزية لأطباء السودان، عمر صالح سنار، قال إن مجموعته تتوقع التفاوض مع المؤسسة العسكرية لنقل السلطة للمدنيين، وأضاف في تصريحات لرويترز "سنقبل فقط بحكومة انتقالية مدنية". بينما قال كمال عمر 38 عاماً، أحد المتظاهرين، "سنواصل اعتصامنا حتى النصر".

وعودة إلى البيان الأول لعوف، وفقاً للمصدر ذاته، قال وزير الدفاع إنه قرر الإفراج الفوري عن كافة المعتقلين السياسيين، وتم تداول صور تُظهر انضمام معتقلين سياسيين للمحتجين في مقر الاعتصام. ومن جهة أخرى، طوقت قوات الجيش المناطق الإستراتيجية في العاصمة الخرطوم، واقتحمت أيضا مقر حركة البشير الإسلامية، المكون الرئيسي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم.

وقال شهود عيان لرويترز إن المحتجين في الولايات الشرقية بورتسودان وكسلا هاجموا المكاتب الرئيسية للمخابرات السودانية والخدمات الأمنية.

مصير مجهول

ومن جانب آخر قالت رويترز إن البشير، "المظلي السابق" (جندي مظلات سابق في الجيش السوداني)، الذي كان قد استولى على السلطة في انقلاب سلمي عام 1989، ذو شخصية مثيرة للخلاف، إذ استطاع أن يشق طريقه وسط صراعات داخلية متوالية، في الوقت الذي كان يقاوم فيه محاولات الغرب لإضعافه.

وذكر التقرير أن السودان عانى من فترات طويلة من العزلة الدولية منذ عام 1993، عندما أضافت الولايات المتحدة حكومة البشير إلى قائمتها الخاصة بالجهات الراعية للإرهاب، لإيوائها متشددين إسلاميين. كما عانى من حرب أهلية طويلة الأمد مع انفصاليين جنوبيين، انتهت في عام 2005، وأصبح جنوب السودان دولة مستقلة في عام 2011.

وأوضح المصدر ذاته أن الاحتجاجات عمت ربوع السودان منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أشعلتها محاولة الحكومة رفع أسعار الخبز والأزمة الاقتصادية التي أدت إلى نقص الوقود والعملة المحلية، وتصاعدت الاضطرابات منذ نهاية الأسبوع، عندما بدأ الآلاف من المتظاهرين الاعتصام أمام مجمع وزارة الدفاع، حيث مقر إقامة البشير.

وكانت اشتباكات قد اندلعت بين الجنود الذين كانوا يحاولون حماية المتظاهرين وأفراد المخابرات والأمن الذين يحاولون تفريقهم، قُتل حوالي 20 شخصًا منذ بدء الاعتصام.

وأشارت الوكالة إلى أن نشطاء أجانب كانوا قد مارسوا ضغوطاً لتسليم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية، وقالت المديرة المساعدة في قسم إفريقيا في مؤسسة هيومن رايتس ووتش الحقوقية، جيهان هنري، "يجب أن لا يضطر ضحايا الجرائم الأكثر خطورة في دارفور إلى انتظار العدالة".

نحو من التدهور

من جهة أخرى قالت شبكة "سى ان ان" الأمريكية إن لانا هارون، المصورة التي التقطت فيديو الناشطة السودانية، آلاء صالح، التي تغني للثورة وضد الحكومة، قالت إن المتظاهرين سيستمرون في اعتصامهم.

وأضافت لانا “الاحتجاج سيستمر لأن لدينا الكثير من المطالب، وقلنا ذلك بوضوح للحكومة. الحكومة القديمة لا تزال في مكانها، فقط عمر البشير ترك كرسيه، الجميع هنا في الشارع يحتجون أكثر من قبل"، وزادت "الاحتجاج سيستمر حتى تتغير الأمور، لا أحد يعلم ماذا سيحدث لكن ليس هذا هو الطريق".

في سياق متصل، قالت منظمة العفو الدولية في بيان أصدرته أمس الخميس، إن الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير، بعد ثلاثة عقود من الديكتاتورية الوحشية، يجب اعتبارها "دعوة للاستيقاظ" للزعماء الآخرين الذين يحرمون شعبهم من الحريات الأساسية.

وجاء في بيان العفو الدولية "في هذا اليوم التاريخي للسودان، يجب على العالم أولاً وقبل كل شيء أن يعترف بالشجاعة الفريدة والإبداع والشجاعة التي أظهرها السودانيون في المطالبة بحقوقهم. ينبغي أن تكون أحداث اليوم بمثابة دعوة للاستيقاظ للقادة في جميع أنحاء العالم الذين يعتقدون أنهم يستطيعون الهروب من حرمان الناس من حقوقهم الأساسية".

وفي سياق متصل، ذكرت شبكة "سي ان ان"، أن السفارة الأمريكية في الخرطوم أصدرت بياناً عقب بيان الانقلاب العسكري قالت فيه إن الأجواء في العاصمة الخرطوم تحولت من البهجة بسقوط البشير إلى المزيد من التدهور.