"ناسا": المدينة المنورة مهددة بانفجار بركاني شديد.. وهذه الأدلة
قدّمت وكالة "ناسا" دراسة تتناول أرض المدينة المنورة رابع أكبر المدن السعودية، بعد التقاط مجموعة من الصور بواسطة الأقمار الصناعية؛ تُظهر أن المدينة التي تعدّ واحدة من أقدس المدن لدى المسلمين، قد بنيت بالقرب من حمم بركانية مهددة بثوران شديد.
وقالت الوكالة، في الدراسة التي ترجمتها "الاستقلال": إنّ "المدينة المنورة تتشارك بطبيعة أرضها مع أوكلاند، أكبر مدينة في نيوزيلندا، حيث تقع على أرض من البراكين الصغيرة المتناثرة والخامدة. وكذلك بُنيت هيلو في هاواي، بالكامل على فيض الحمم البركانية القديمة. حتى أن هناك مدينة في اليابان تسمى أوجاشيما تقع بشكل مباشر على فوهة بركان نشط".
وفيما يخص المدينة المنورة، أوردت الوكالة أن "فقدان الغطاء النباتي في المناطق القاحلة في غرب السعودية، يجعل من اختلاط فيض الحمم البركانية مع العمارة الحديثة في المدينة المنورة لوحة بارزة الملامح".
تطور حالة البراكين
في 22 يونيو/ حزيران 1984، التقط قمر "ناسا" الصناعي، المخصص للخرائط، الصورة الأولى. وبعد أكثر من ثلاثة عقود، في 22 يوليو/ تموز 2018، التقط القمر الصناعي المختص بالأرضي التشغيلية الصورة الثانية.
22 يوليو/تموز 2018 22 يونيو/حزيران 1984
وذكرت الوكالة أنّ المدينة توسعت بشكل سريع، عبر أجزاء من الفيض البركاني الذي تدفّق من صدع بركاني، يبعد نحو 20 كيلومترا جنوبا، وصار الآن داخلا في الضواحي الشرقية للمدينة. لقد حوّل إنشاء جامعة جديدة، ومجمع مستشفيات، وأحياء سكنية، وطرقات، الذَوْب الداكن لتدفق الحمم البركانية إلى صورة تبدو أكثر إشراقا وأكثر تنوعا".
وأشارت إلى أن "البناء على الذَوْب البركاني يعد أمرا شائعا، بيد أن بعض خصائصه تتطلب من المهندسين المعماريين والمهندسين بذل القليل من العناية والاجتهاد الإضافيين".
ويقول بيدرو سيفري، المهندس العمراني في شركة "سيمبسون غومبرتز آند هيغر"، إنّ "المسألة مع الذوب أو أي تدفّق لحمم جيولوجية جديدة، هي أنّ المادة يمكن أن تكون صلبة وكثيفة للغاية، ولكن خصائصها تتفاوت وتتنوع إلى حد كبير في حقول الحمم البركانية؛ فبعض الذوب يكون كثير المسامات بسبب كميات كبيرة من الغازات أو البخار التي اندلعت مع الصهارة وخلّفت وراءها العديد من الفراغات. وبعضه قد يكون مسننا، كما يتصف بعضه بأن لديه قوام متكتل، مثل حلوى الأرز كريسبي".
وأضاف: "لكن المهندسين عادة يفضلون البناء على الصخور المتحولة، مثل الصخور التي تم إخضاعها تحت قوة ضغط عالية؛ بحيث تصبح الصخور كثيفة وموحدة تماما".
براكين "حَرّة رهاط"
وبحسب الدراسة، فإن تدفق الحمم يعد جزءا من "حرة رهاط"، التي تشكّل أكبر حقل بركاني في السعودية. ويشمل الحقل أكثر من 500 بركان، تبلغ مساحتها 20 ألف كيلومتر مربع، وهي مساحة بحجم بحيرة أونتاريو، في كندا.
وأوضحت أنّ الفيض البركاني الذي وصل إلى المدينة المنورة في عام 1256 ميلادي، عندما تدفق نحو 500 مليون متر مكعب من الحمم، من ست منافذ في الجزء الشمالي من الحقل البركاني. هو أحدث تدفق للحمم في حَرّة رهاط، وثمة تدفق آخر حصل في السعودية يعود إلى ثوران البركان في عام 641 ميلادي، أدى إلى تدفق يشبه شكل الإصبع إلى شرق تدفق 1256 ميلادي.
وفي حين أنّ الفوّهات الموجودة بالقرب من المدينة المنورة ظلت ساكنة لعدة قرون، يمكن لـ"حَرّة رهاط" أن تنشط مرة أخرى. واستنتج فريق من الجيولوجيين بعد دراستهم احتمالية تأثر المدينة بثوران جديد، أنّ ربع مساحة المدينة معرضة باحتمال ضئيل لأن تغمرها الحمم (أقل من 0.1 بالمئة). وقدّر الباحثون أنّ البركان يحدث تنفيسا جديدا تقريبا كل 3300 عام، وفقا لـ"ناسا".
تحذير من ثوران شديد
وبيّنت الدراسة، أنّ ثوران بركان عام 1256 ميلادي كان بطيء الحركة وليس انفجاريا، تماما كما حصل حين تدفقت الحمم البركانية من "كيلاويا" التي سالت إلى أحياء في جزر هاواي عام 2018.
ويُظهر تحليل لأرضية منطقة "الدعيثة" البركانية، غرب مركز المدينة المنورة، أن بعض الفوهات المواجهة لـ"حَرّة رهاط" ألقت قطعا من الحمم، تسمى القنابل والقذائف الصغيرة المعروفة باسم "لابيللي" عبر الهواء، خلال اندلاع 641 ميلاديا.
ونقلت "ناسا" عن هوجو مورسيا، الباحث في علم البراكين بجامعة كالداس، قوله: إنّ "هذا الحقل بركاني نشط، وقد ينبثق ثوران جديد منه في أي وقت؛ لذا من المهم أن نكون مستعدين"، مؤكدا "العثور على أدلة تفيد بوجود كميات كافية من المياه، في الطبقات الجوفية المحصورة؛ لتوليد ثوران شديد الانفجار".