أسلحة الإمارات.. كيف تعيد رسم خارطة المنطقة؟
صفقات سلاح ضخمة عابرة للقارات أثقلت بها دولة الإمارات ترسانتها العسكرية؛ لتناسب الدور الذي تلعبه في المنطقة، وتحديداً إعادة رسم خارطة الصراع بعد ثورات الربيع العربي، وحتى تتجاوز الضغط السياسي إلى الفعل العسكري في كثير من الأحيان، في ظل حُكم ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد.
الأسلحة الإماراتية تسببت في انتهاكات مفزعة وحروب دامية، وإسقاط حكومات وإقامة أخرى، رصدتها تقارير دولية. وتبقى الغاية الأولى؛ كبح جماح ثورات التغيير في الشرق، وضبط التوازن والحفاظ على هيمنة القوى الإقليمية الحالية، ممثلة في أبوظبي كطرف جناح مع الرياض.
الترسانة العسكرية.. مدافع ولي العهد البعيدة
أكد معهد ستوكهولم لأبحاث السلام (SIPRI)، أنه في الفترة الزمنية ما بين 2013 و2017، صدَّرت الولايات المتحدة نسبة 49% من أسلحتها إلى منطقة الشرق الأوسط الملتهبة، وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة من أبرز عملائها الرئيسيين، مستحوذة على نسبة 7.4% من إجمالي صادرات السلاح الأمريكي.
وخلال تلك المدة زادت الإمارات من واردات سلاحها بنسبة 51%، وكانت هي الواجهة الأولى لصادرات السلاح الإيطالي بنسبة 12%، وللسلاح السويدي بنسبة 17%، وللجنوب إفريقي بنسبة 22%.
وبحسب الدراسة، فإن دولة الإمارات تحتل المرتبة 22 في قائمة أكبر 25 دولة مصدرة للسلاح، بنسبة 0.2% من صادرات السلاح العالمية خلال الفترة ما بين 2013 و2017.
في مايو/آيار 2017، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، بيع 60 صاروخاً من طراز (باتريوت باك – 3) و100 صاروخ من طراز (جيم – تي)، إلى الإمارات العربية المتحدة، في صفقة تقدر بـ 2 مليار دولار.
وفي 23 فبراير/شباط 2017 استغلت الإمارات معرض الدفاع الدولي (أيدكس 2017) لعقد سلسلة من الصفقات العسكرية، وتضمنت صفقات مع شركات أمريكية، وروسية؛ لشراء صواريخ، وذخائر جوية، وصواريخ مضادة للدروع.
وبلغت القيمة الإجمالية للصفقات 1.46 مليار دولار، بحسب ما أعلنه المتحدث الرسمي باسم المعرض، العميد الركن طيار راشد الشامسي، الذي قال: "إن الصفقات تنوعت بين شركات محلية وعالمية لتبلغ إجمالاً 90 صفقة".
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية قد أعلنت في ديسمبر/كانون الأول 2016، عن صفقة توريد أسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة بقيمة 3.5 مليار دولار، لشراء 27 مروحية هجومية من طراز (آباتشي آي إتش-64 إي)، بالإضافة إلى معدات دعم مصنعة من قبل شركتي (بيونغ) و(لوكهيد مارتن).
وفي 1 مارس/آذار 2017 صرح القائم بأعمال وزير الدفاع الصربي، نيناند ميلورادوفيتش بأنه: "لدى صناعاتنا العسكرية اتفاقيات سارية مع الإمارات بقيمة 220 مليون دولار، وأن صربيا والإمارات وقعتا على عقد توريد قذائف صاروخية بقيمة 21 مليون دولار".
رسائل الموت إلى ليبيا
في التاسع من مايو/آيار 2017، نشرت مجلة "تايم" الأمريكية، أن دولة الإمارات العربية المتحدة قامت بنشر 6 طائرات توربينية في قاعدة جوية شرق ليبيا، في انتهاك واضح لحظر تصدير الأسلحة إلى هناك.
الصورة التي نشرتها المجلة وتوضح انتشار الطائرات الإماراتية في القاعدة الليبية
ونشرت مؤسسة البحوث العسكرية "جاينز"، ومقرها لندن، تقريراً يفيد بأن الإمارات قامت بإنشاء قاعدة عسكرية شرقي ليبيا ما بين مارس/آذار ويونيو/حزيران 2016؛ تنطلق منها طائرات هجومية من طراز AT-802، وأخرى بدون طيار لدعم قوات اللواء خليفة حفتر.
وفي 27 أغسطس/ آب 2014، نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، تقريراً أعدته الصحفية ماري فيتزيجرالد، قالت فيه إن كادراً من رجال الأعمال، وقادة الميليشيات الليبيين يأملون الاستفادة من الهجوم الذي شنته مصر والإمارات على مواقع الكتائب الإسلامية في العاصمة الليبية طرابلس؛ لمنعهم من السيطرة على الميناء الدولي.
وأوردت المجلة أسماء الشخصيات الليبية التي تدفع نحو وضع استراتيجية للتعاون مع الإمارات ومصر، وكان من بينهم:
- محمود جبريل، الذي شغل منصب وزير التخطيط في عهد القذافي، ثم رئيس الحكومة أثناء الثورة، قبل أن يغادر الساحة مضطراً بعد قرار العزل السياسي.
- عبد المجيد مليقطة، وكتائب القعقاع، وهي مليشيا تابعة لقبائل الزنتان، ووفرت الحماية لمحمود جبريل في تحالف القوى الوطنية.
- علي النابض، وهو من المقربين لجبريل، شغل منصب سفير ليبيا في الإمارات.
- حسن تنتاكي، وهو رجل أعمال ليبي، ولديه مصالح في تجارة النفط، وعمل سابقا مع سيف الإسلام نجل الزعيم الليبي معمر القذافي.
وفي 10 يونيو/حزيران 2017، كشف تقرير أصدرته لجنة العقوبات الدولية الخاصة بليبيا، أدلة قاطعة على تورط دولة الإمارات في خرق حظر التسليح المفروض على البلاد؛ حيث قدمت الدعم العسكري لقوات اللواء خليفة حفتر على أنها شحنة مواد غير قاتلة.
ووفق التقرير ذاته، أدى الدعم الإماراتي إلى زيادة قدرات حفتر بصورة كبيرة، وهو الأمر الذي ترتب عليه تزايد أعداد الضحايا في النزاع الدائر في ليبيا.
وقال خبراء الأمم المتحدة إنهم تمكنوا من تتبع تسليم شحنات مروحيات قتالية مصنوعة في بيلاروسيا إلى دولة الإمارات، وقدّموا صوراً تظهر وجود هذه المروحيات في قاعدة الخادم الجوية (شرق ليبيا) معقل حفتر.
كما رصد التقرير، زيادة في انتهاكات حقوق الإنسان من قبل بعض الجماعات المسلحة، المعترف بها من مجلس النواب أو المجلس الرئاسي وحكومة الإنقاذ الوطني.
الدور الإماراتي في اليمن.. جرائم مفزعة
في 18 يناير/كانون الثاني 2018، أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرها السنوي بشأن دولة الإمارات العربية المتحدة بعنوان "الإمارات.. انتهاكات في الداخل والخارج"، وورد في التقرير أن "الإمارات عضو قيادي في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وأن هيومن رايتس ووتش وثقت 87 اعتداء غير قانوني على ما يبدو، بعضها على الأرجح جرائم حرب، قُتل فيها نحو 1000 مدني منذ مارس/آذار 2015، ولم يقدم أعضاء التحالف، بمن فيهم الإمارات، معلومات كافية عن الدور الذي تلعبه قواتهم في الحملة لتحديد قوات البلد المسؤولة عن الهجمات غير القانونية".
وشهد يوم 23 يونيو/حزيران 2017، طلبا من منظمة العفو الدولية "آمنستي"، بإجراء تحقيق دولي وعاجل في دور الإمارات بتأسيس شبكات تعذيب في اليمن. وقالت مديرة البحوث في منظمة العفو الدولية، إنه يجب تشكيل لجنة تحقيق تقودها الأمم المتحدة فوراً للتحقيق في دور الإمارات وباقي الأطراف في هذه "الشبكة المرعبة" للتعذيب.
وكشف تحقيق أجرته "وكالة أسوشيتد برس"، في 22 يونيو/حزيران 2017، عن وجود شبكة سجون سرية في اليمن تديرها دولة الإمارات العربية المتحدة.
وأشارت الوكالة إلى أنها وثّقت أكثر من 18 سجناً سرياً في جنوب اليمن تحت إدارة الإماراتيين، أو القوات اليمنية التي دربتها الإمارات؛ وذلك فق تقارير، قالت الوكالة إنها جمعتها من معتقلين سابقين، وعائلات السجناء، ومحامين وحقوقيين، ومسؤولين عسكريين يمنيين.
وبسبب الحرب الدائرة في اليمن، والدور الإماراتي فيها، أعلن وزير الخارجية الدنماركي، أندرس سامويلسون، في يناير/كانون الثاني 2019، أن بلاده علّقت صادرات الأسلحة والمعدات العسكرية إلى الإمارات، على خلفية الأزمة الإنسانية التي سببتها في اليمن.
أهداف خفية وصفقات مشبوهة
كشف موقع "ميديا بارت" الفرنسي في أغسطس/ آب 2018، أنه حصل على وثائق تثبت فضيحة رشوة تتعلق بصفقة أسلحة فرنسية ألمانية وردت للإمارات.
الوثائق المسربة من ويكليكس، تحمل تفاصيل صفقة سلاح بين ألمانيا وفرنسا من جهة والإمارات من الجهة الأخرى عام 1993، بقيمة 3.6 مليار دولار.
وتضمنت الصفقة دبابات من نوع (لوكلير)، تستخدم في انتهاكات حقوقية واسعة داخل الأراضي اليمنية، بلغ عددها 388 دبابة، بالإضافة إلى 46 مدرعة، وذخائر وقطع صيانة.
دبابة من طراز لوكلير المشاركة في العمليات العسكرية باليمن
وأكدت التسريبات أن الصفقة رافقتها رشوة قدمتها الشركة المملوكة للحكومة الفرنسية المعروفة باسم (GIAT)، وحاليا تسمى (NEXTER)، إلى وسيط إماراتي عبر حسابات في الجزر العذراء البريطانية وجبل طارق وليختن شتاين، بقيمة عمولة تجاوزت 234 مليون دولار.
وكشفت التسريبات ذاتها أن الوسيط يحمل رتبة عقيد في الجيش الإماراتي، ويوصف بالمدرب الشخصي لولي العهد محمد بن زايد.
صورة من الوثائق المسربة
الوثائق تكشف جزءاً من استخدام شركات الدعاية العامة، ومجموعات الضغط التابعة للإمارات، هذه الصفقات في الضغط على صنّاع القرار في دول عديدة، لا سيما الكبيرة والمؤثرة في المجتمع الدولي.
المصادر
- الإمارات توقع 90 صفقة عسكرية بقيمة 5.2 مليارات دولار
- صفقة GIAT.. فساد وانتهاكات قانونية فرنسية - ألمانية لصالح جرائم الإمارات
- تسريبات ويكليكس الخاصة بوقائع فساد صفقات السلاح بين ألمانيا وفرنسا والإمارات
- «قيمتها 161.4 مليار دولار».. أغلى 10 صفقات عسكرية أبرمتها الدول العربية في 2017
- رصد: بسبب حربها في اليمن.. الدنمارك تعلق صفقات سلاح إلى الإمارات
- 10 دول عربية تستورد ثلث سلاح العالم.. تعرف عليها
- الإعلان عن تفاصيل صفقة سلاح أمريكية ضخمة للإمارات
- In Yemen’s secret prisons, UAE tortures and US interrogates
- تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش عن الانتهاكات الإماراتية في اليمن
- تقرير لجنة العقوبات الدولية التابعة للأمم المتحدة بشأن الحالة الليبية
- تقرير فورين بوليسي عن أهم رجال الإمارات في ليبيا
- تقرير مؤسسة البحوث العسكرية "جاينز" عن القاعدة الإماراتية في ليبيا