اتفاقية تاريخية للغاز بين موسكو وطهران.. هل تحل أزمة الطاقة في إيران؟

منذ ٣ أشهر

12

طباعة

مشاركة

تواصل روسيا العمل على ربط إيران بشبكة الغاز الروسية لحل أزمة الطاقة في الجمهورية الإسلامية وتحسين ميزان الصادرات لدى موسكو.

وتطرق موقع "تيليبوليس" الألماني إلى ما وصفها بـ “الاتفاقية التاريخية” التي وقعتها روسيا وإيران لتوريد الغاز في 17 يناير/كانون الثاني 2025.

وجاءت الخطوة ضمن اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة التي وقعها الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والإيراني مسعود بزشكيان في موسكو.

وشملت الاتفاقية مجالات الدفاع ومكافحة الإرهاب والطاقة والتمويل والنقل والصناعة والزراعة والثقافة والعلوم والتكنولوجيا. 

وقال بوتين في مؤتمر صحفي مع بزشكيان إنهما يناقشان إمدادات الغاز لإيران، متعهدا بتزويد طهران بكميات كبيرة منه لتجاوز أزمتها الطاقاوية.

كما أعلن بوتين عن خطط لبناء خط أنابيب غاز إلى إيران بهدف نقل ما يصل إلى 55 مليار متر مكعب سنويا إلى الدولة الواقعة في غرب آسيا. 

الخطوات الأولى

ويهدف الاتفاق بحسب الموقع الألماني إلى دمج إيران في شبكة الغاز الروسية لتعزيز صادرات روسيا وتقليل اختناقات الطاقة في إيران. 

وتملك إيران ثاني أكبر مخزونات من الغاز في العالم بعد روسيا، لكن العقوبات الأميركية أعاقت استخدام التكنولوجيا مع هذه المخزونات وأبطأت التطوير فيما يتعلق بصادرات الغاز.

وتمر إيران بأزمة كهرباء حادة، اضطرت السلطات أخيرا إلى إغلاق المدارس والمباني العامة في عدة مدن.

ويقول خبراء: إن الأزمة الحالية ليست نتيجة ظروف طبيعية، بل انعكاس لسوء الإدارة والفساد المستشري، فيما تعيدها طهران إلى العقوبات الدولية.

ومن ناحية أخرى، أشار الموقع الألماني إلى أن خط الأنابيب يعد جزءا من ممر النقل الشمالي-الجنوبي الذي يعمل فيه آلاف الأشخاص، وتعتمد عليه 80 بالمئة من شركات البناء. 

و"ممر الشمال - الجنوب" مشروع نقل دولي عملاق، طُرح خلال قمة الاتحاد الأوروبي في العاصمة الفنلندية هلسنكي عام 1992، ثم وقّعت الدول الثلاث، إيران وروسيا والهند عام 2000 الوثيقة الأولى لإنشائه في سانت بطرسبرغ الروسية. وعام 2016، التحقت دول أخرى بالمشروع.

ويضيف الموقع أن إيران تحاول الاستفادة من تكلفة التوصيل المنخفضة مقارنة بالتصدير إلى أوروبا والصين، بينما تسعى شركة الغاز الروسية "غازبروم" للحفاظ على حجم صادراتها عبر إيجاد أسواق جديدة بدلا من التركيز على أسعار البيع.

كما أُعلن عن خطة لتسليم 300 مليون متر مكعب من الغاز يوميا عبر بحر قزوين، مما يعزز التعاون الإستراتيجي بين البلدين في مجال الطاقة، رغم استمرار التحديات التقنية والتجارية.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2024، اعتذر بزشكيان للشعب عن أزمة الطاقة في البلاد، لكن اليوم تأتيه المساعدة من موسكو. وفي المرحلة الأولى من الاتفاق، سيُنقل مليارا متر مكعب من الغاز الروسي إلى إيران عبر أذربيجان. 

وبهذا الشأن، قال السفير الإيراني في روسيا، كاظم جلالي، للصحفيين الروس: "إن المشاورات حول هذا الموضوع لا تزال مستمرة. لقد توصلنا إلى اتفاقيات مهمة بهذا الشأن، ولا تزال هناك بعض القضايا الصغيرة التي يجرى العمل عليها".

وأضاف في فبراير/ شباط 2025: "نأمل أن تُنفذ الخطوات العملية الأولى خلال العام 2025".

ولفت الموقع إلى أن أزمة الطاقة بإيران أسهمت بلا شك بتسريع عملية ربط البلاد بشبكة الغاز الروسية، لضمان عدم غرق القصر الرئاسي في الظلام. 

وأيضا للحيلولة دون تعطل المنشآت الصناعية بسبب عجز محطات الطاقة الغازية عن توليد الكهرباء.

شبكات النقل

وخلال المؤتمر الصحفي المشترك، تحدث بزشكيان مع بوتين عن "ضرورة إزالة العقبات وتوسيع مسارات الإمداد". 

وأشار الرئيس الإيراني إلى "وجود بعض المشكلات التقنية"، لكنه أكّد أن "خطوات كبيرة قد اتخذت بالفعل".

ونتيجة لذلك، يمكن لروسيا وإيران فتح فصل جديد في تعاونهما في مجال الطاقة، على حد قول الموقع.

وبشأن التعاون في قطاع الغاز، أوضح بزشكيان: “يمكن القول إن الإنسان، ككائن حي، يمتلك قدرات معينة، حيث تعمل الشرايين على توزيع الطاقة اللازمة على مختلف أجزاء الجسم”.

وأردف: "نحن بحاجة إلى مثل هذه الشرايين، أي مسارات النقل، لإيصال الطاقة إلى المكان المناسب".

ومن ناحيته، أكد بوتين أن "هناك مكتبا خاصا يتولى معالجة المشكلات التقنية والإدارية والمالية والتنظيمية"، مشددا على أنها "قابلة للحل".

ومع ذلك، ينوه الموقع الألماني إلى أنه "لم يُتطرق إلى حقيقة أن إيران تمتلك ثاني أكبر احتياطي للغاز في العالم".

ولكن عموما، يفترض أن تمر إمدادات الغاز عبر أذربيجان. وفيما يخص هذا الموضوع، قال وزير الطاقة الروسي سيرغي زيفيليوف: “نحن الآن في المرحلة النهائية من المفاوضات، وهي تحديد السعر”.

ولفت إلى أنه "جرى الاتفاق على الكميات مسبقا، والسعر دائما مسألة تجارية، ونحن نسعى لإيجاد حل توافقي".

وفي هذا السياق، يشير الموقع إلى أنه "يمكن استخدام خط أنابيب الغاز بين روسيا وأذربيجان لنقل الغاز في الاتجاهين، وتبلغ طاقته السنوية 10 مليارات متر مكعب". 

كما أضاف أن "هناك خط أنابيب بنفس السعة يربط بين أذربيجان وإيران"، موضحا أنّ "تدفقات الغاز الأخيرة كانت أقل بكثير من هذه السعة".

روسيا تتحمل التكاليف

ونظرا لقدم خطوط أنابيب الغاز، يتوقع الموقع الألماني أن تخضع لعمليات تحديث وتطوير. 

ولزيادة سعة النقل بأكثر من خمسة أضعاف، ستكون هناك حاجة إلى أنابيب إضافية وضواغط غاز أقوى على طول المسار.

وفي يونيو/ حزيران 2024، وقعت شركة الغاز الروسية "غازبروم" والشركة الوطنية الإيرانية للغاز "NIGC" مذكرة تفاهم إستراتيجية لتنظيم إمدادات الغاز الروسي إلى إيران.

ومن المقرّر أن تتحمل روسيا تكاليف إنشاء البنية التحتية اللازمة لهذا المشروع؛ حيث قُدرت العائدات المالية السنوية له بما يتراوح بين 10 إلى 12 مليار دولار أميركي.

وهنا، يذكر الموقع أن الجهات الإيرانية أعلنت لاحقا أن روسيا ستزود إيران بـ 300 مليون متر مكعب من الغاز يوميا، أي ما يعادل 109 مليارات متر مكعب سنويا، عبر بحر قزوين.

ووفقا لأحدث تقرير لـ "المراجعة الإحصائية للطاقة العالمية" (تصدره مؤسسة الطاقة في المملكة المتحدة)، بلغ إنتاج إيران من الغاز خلال عام 2023 حوالي 251.7 مليار متر مكعب.

بينما كان الاستهلاك المحلي 245.6 مليار متر مكعب، مما يعني أن هامش التصدير المتاح ضيق للغاية.

وفي هذا الإطار، يلفت الموقع إلى أنه بموجب مذكرة التفاهم التي تمتد لثلاثين عاما، تسعى إيران إلى إعادة بيع الفائض من الغاز المستورد إلى دول أخرى، وتتوقع شراء الغاز الروسي بسعر 100 دولار لكل 1000 متر مكعب. 

ومن المتوقع أن يثير هذا الأمر نقاشات مشابهة لتلك التي أُثيرت حول خط أنابيب الغاز الروسي "قوة سيبيريا 2".

ومن جانبه، أوضح المحاضر في الجامعة المالية التابعة للحكومة الروسية فاليري أندريانوف، أن "تكاليف شحن الغاز إلى إيران قد تكون أقل مقارنة بتصديره إلى أوروبا والصين".

وبالتالي، أصبح إيجاد أسواق جديدة والحفاظ على حجم الصادرات أكثر أهمية لشركة "غازبروم" الروسية من الدخول في مفاوضات طويلة بشأن الأسعار، وفق الموقع.