معهد عبري يوصي حكام العرب بتغيير نهجهم تجاه حماس.. ماذا يقترح؟

3 months ago

12

طباعة

مشاركة

يثير صمود حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في غزة، وشعبيتها المرتفعة في الشارع العربي، سخط الاحتلال الإسرائيلي الذي يشن على القطاع المحاصر عدوانا مدمرا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.

إذ انتقد تقرير لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي ما عده "إبداء الدول العربية المعتدلة، موقفا متسامحا، بل ومتعاطفا مع حماس"، وفق زعمه.

وينطلق لتحليل أسباب هذا "التعاطف" العربي مع المقاومة الفلسطينية، متنبئا بتغيير هذا الوضع قريبا ومدى استفادة إسرائيل من ذلك.

الحكومات والشعوب

ويشدد المعهد على أنه يجب على إسرائيل التعاون مع الدول العربية، لـ "تعزيز التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس، ووقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في قطاع غزة، من خلال اتباع نهج حازم تجاه الحركة".

ويدعو الدول العربية إلى ممارسة حالة من "الضغط ونزع الشرعية عن حماس، تفضي إلى إحداث تغيير للموقف المطلوب من العالم العربي تجاه الحركة".

في إطار ذلك، يسرد المعهد ستة إجراءات، أوصى الدول العربية بتطبيقها، بهدف تشويه صورة حماس لدى الرأي العام العربي، مستعرضا في الوقت ذاته بعض الأصوات العربية بالفعل، التي باتت تجاهر بالفعل بالطعن في المقاومة.

يشرح المعهد، في مستهل تقريره، حالة الفجوة الواقعة بين الشعوب العربية التي تؤيد المقاومة الفلسطينية، وأنظمة الحكم التي تحاربها.

ويقول إنه “منذ هجوم 7 أكتوبر، واجه زعماء العالم العربي تحديا معقدا”، حيث ترفض "الأنظمة العربية المعتدلة" في دول مثل مصر والأردن والمغرب والإمارات والسعودية، نهج المقاومة الذي تتبعه حماس.

كما ترفض ارتباط حماس بالمحور الإيراني، وتتطلع إلى زوال حكم الحركة في قطاع غزة.

لذلك يرى المعهد أن هناك توافقا غير معلن بين الدول العربية "المعتدلة" وإسرائيل، حول القضاء على حماس "حتى لو كان ذلك سرا".

في ذات الوقت، يقر بعدم "نقل هذه المواقف تقريبا إلى الرأي العام العربي، حيث يظل الخطاب العلني السائد تجاه حماس داعما في معظمه".

وأكمل: نتيجة لذلك، في الوقت الذي تواجه فيه حماس ضغطا عسكريا مستمرا من إسرائيل، فإنها لا تتعرض لضغط شعبي عربي موازٍ".

وهو الأمر الذي عده المعهد سلبيا؛ حيث إن ذلك "يسمح للحركة بالعمل وكأن لديها دعما في الشارع العربي، ويعزز تمسكها بفرض شروط قاسية للإفراج عن الرهائن وإنهاء الحرب، ويقوي إيمانها بقدرتها على البقاء كلاعب ذي صلة وشرعية بعد ذلك".

كذلك انتقد المعهد عدم إدانة الدول العربيةـ باستثناء الإمارات والبحرين- هجوم 7 أكتوبر، بشكل رسمي.

وطالت سهام النقد القاهرة إذ قال: "ففي مصر، على سبيل المثال، تُصور حماس بشكل متكرر كمنظمة مقاومة شرعية، تقاتل نضالا عادلا، حتى لو كان غير مثمر، ضد الاحتلال الإسرائيلي".

وأردف: "يميل المتحدثون الرسميون وغير الرسميين في مصر إلى تجاهل الفظائع التي ارتكبتها المنظمة في هجوم 7 أكتوبر، واستغلالها لسكان غزة "كدرع بشري لاستمرار بقائها، ويختارون التركيز على انتقاد إسرائيل"، وفق زعم المعهد.

ورأى أن "الرسالة المشوهة المتضمنة في هذا الخطاب، توحى أن إسرائيل –وليس حماس– هي المعتدية والمسؤولة عن اندلاع الحرب والقتل الواسع ومعاناة سكان قطاع غزة".

وتطرق إلى موقف الدول العربية من حادثة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، حيث "أُثيرت إدانات عربية شديدة ضد إسرائيل، ولم يُفهم الفعل من زاوية أن ذلك إجراء ضروري في حرب ضد زعيم منظمة إرهابية"، وفق وصفه

وتابع: بل وُصف في مصر بأنه "تصعيد خطير"، وفي الأردن بأنه "جريمة"، وفي السعودية بأنه "انتهاك صارخ لسيادة إيران". 

وعلاوة على ذلك، فإن "معظم الضغط العربي العلني لتحقيق وقف إطلاق النار، يُمارس على إسرائيل وليس على حماس (حتى وإن كانت تُنقل رسائل أكثر صرامة للمنظمة من مصر وقطر من خلف الكواليس)".

بينما أشار المعهد إلى "وجود نبرة عربية أكثر حدة تجاه حماس، في بعض الأحيان، من خصومها الفلسطينيين الداخليين في غزة ورام الله".

دوافع عدة 

وسرد أسباب تجنب الدول العربية زيادة الضغوط على حماس. إذ رأى أن الرأي العام الداعم للقضية الفلسطينية والمقاومة، يحول بين ممارسة ضغط علني ضد المقاومة الفلسطينية.

وقال إن "الخوف من الرأي العام الداخلي، خاصة في الدول التي تشعر أنظمتها بالخطر بسبب التحديات الاقتصادية والديمغرافية، يمثل عاملا أساسيا في تجنب التشويه الإعلامي المكثف ضد الحركة".

وأضاف: "كما تأتي الرغبة في الحفاظ على موقف وساطة لا يُنظر إليه على أنه مؤيد لإسرائيل (خاصة في حالة مصر)؛ والشعور التاريخي بالعداء لتل أبيب بين العناصر الرئيسة في النخب الحاكمة، كدوافع حاكمة أيضا للموقف العربي".

وتتحمل إسرائيل أيضا بدورها "مسؤولية عدم قدرة الدول العربية على إنشاء حملة تشويه إعلامية ضد حماس".

وقد رأى أن الغموض في نوايا إسرائيل فيما يتعلق باليوم التالي للحرب، أدى للخوف العربي من سعيها لاحتلال القطاع وفرض حكم عسكري عليه.

وهو أحد الأمثلة على تحمل إسرائيل المسؤولية في عدم قدرة الدول العربية على تشويه حماس.

من جانب آخر، يرى أن "تخوف الدول العربية من الإضرار بعلاقاتها مع رعاة حماس الإقليميين، قطر وتركيا وإيران، يؤدي إلى تقليص المجال الذي تتمتع به هذه الدول للمرونة الخطابية".

وادعى المعهد أن "الموقف (الناعم) تجاه حماس لا يخدم المصلحة العربية الأساسية في التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار، في ظل ظروف قد تكون مقبولة أيضا لدى إسرائيل".

وأكمل: "من شأن مثل هذا الاتفاق أن يمهد الطريق لإنهاء الحرب، ويحد من اتجاه الأضرار الإنسانية والاقتصادية والأمنية المتراكمة التي لحقت بالفلسطينيين والدول العربية المحتاجة وأن يساعد على منع تصعيد خطير بين إسرائيل وحزب الله وإيران، الذي يمكن أن تتحول إلى حرب إقليمية".

ودعا المعهد إلى العمل على تمكين السلطة الفلسطينية من إدارة شؤون غزة.

ويعتقد أن "عزل حماس ونزع شرعيتها، من شأنه أن يضع السلطة الفلسطينية كبديل للحكم، وسيجعل من الصعب على الحركة والمشروع الإسلامي أن يتعافى في قطاع غزة بشكل خاص، وفي المنطقة ككل".

وأوضح أن "التجارب السابقة تظهر أن الضغط العربي على حماس، قد يكون فعالا نظرا لحساسية المنظمة تجاه صورتها العامة".

واستشهد المعهد بالتوترات التي شهدتها علاقة حماس مع القاهرة عقب عام 2013، والتي جرى تجاوزها في عام 2017، إبان "حملة إعلامية مصرية استهدفت تشويه الحركة، وربطها بجماعة الإخوان المسلمين".

وأشاد بـ "بعض الأصوات النقدية على هامش الخطاب العربي تجاه حماس، ومن الأفضل أن تصدر من طيف أوسع من صانعي الرأي العام، بما في ذلك القادة والصحفيين ورجال الدين"، وفق قوله.

ومن ضمن تلك الأمثلة، ما نشر في أواخر يوليو/ تموز 2021، في مقال نشرته صحيفة الدستور المصرية.

إذ شككت الصحيفة "في الاستقرار النفسي لزعيم حماس، يحيى السنوار، وفي كفاءته للمنصب، ودعا إلى إبعاده عن مراكز صنع القرار".

وذهب مقال جريدة الدستور إلى القول إن "حماس ليست حركة تحرير وطني تكافح من أجل المصلحة الفلسطينية، بل هي منظمة تعمل لصالح أجندات إيران والإخوان المسلمين وتركيا"، وفق زعمه.

علاوة على ذلك، زعم “أن المنظمة انتهكت قوانين الإسلام عندما اختطفت نساء وأطفالا، وأخفتهم في مناطق سكنية مدنية ولم توفر لسكان تلك المناطق ملاذات آمنة، مما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف من الأبرياء”.

وأردف المعهد: "تتمثل المعضلة التي تواجهها الدول العربية في كونها تواجه تحديا معقدا ويتطلب توازنا دقيقا، فيجب إدانة حماس ورفض نهجها، دون أن تبدو الدول كأنها تدعم إسرائيل، أو تدير ظهرها للقضية الفلسطينية".

وبين أنه "كلما استمرت الحرب وأصبح يُنظر لحماس كمعرقلة لأي مسار لوقف إطلاق النار وإعادة الأسرى، وكمهددة للمصالح العربية وكعنصر يسبب التصعيد الإقليمي، يزداد احتمال أن تنظر المزيد من الدول العربية في اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه الحركة".

نزع الشرعية 

ويشرع المعهد عدة إجراءات يمكن أن تستخدمها الدول العربية، لتعزيز عزل حماس ونزع الشرعية عنها، أولها إصدار “إدانة علنية” لعملية طوفان الأقصى.

وأكمل: "ويجب على الدول العربية أن تنفذ حملة إعلامية توعوية تُبرز الضرر الذي تلحقه حماس بالقضية الفلسطينية والمصالح العربية، وتوضح ارتباطها بالإسلام السياسي ومحور المقاومة بقيادة إيران"، وفق زعمه.

ويأتي ذلك من "خلال إتاحة وسائل الإعلام الرسمية العربية، منابر مركزية وواسعة الانتشار للأصوات الفلسطينية والعربية الناقدة لحماس، التي تقتصر حاليا في معظمها على وسائل التواصل الاجتماعي".

وأضاف المعهد: "كما يجب أن يشدد النقد الموجه لحماس، مع عدم التعارض من دعم الدول العربية لحقوق الشعب الفلسطيني، ولا مع انتقادات الدول العربية المتزامنة لرفض الحكومة الإسرائيلية للمسار السياسي الهادف إلى حل الدولتين".

أما المسار الثالث، فيتبلور حول "الإجراءات القانونية"، حيث “ينبغي النظر في فرض عقوبات ضد الناشطين الداعمين لحماس في الدول العربية، أو الذين يجمعون تبرعات لصالح المنظمة”.

إضافة إلى منع مظاهر الدعم لحماس في المجالين العام والافتراضي من قبل العناصر الإسلامية، وحتى النظر في تصنيف حماس كمنظمة إرهابية من قبل الجامعة العربية، وفق قول المعهد.

أما المسار الرابع، يقول إنه "يجب العمل على تقييد أنشطة حماس" عبر تهديدها باتخاذ خطوات لتقييد أنشطتها في الدول العربية، وتخفيض مستوى ومكانة العلاقات واللقاءات معها".

وتابع: "تشمل الإجراءات العقابية إغلاق المكاتب ومنع جمع الأموال وفرض عقوبات على القادة وتقييد الحركة والتنقل وتجميد الحسابات البنكية".

ودعا البند الخامس إلى "تشجيع خطاب ديني بديل ومعتدل"، حيث "يُتوقع من المؤسسات الدينية الرسمية في الدول العربية، مثل الأزهر في مصر، تجنب خلط الدين بالسياسة".

وأردف: "أو بدلا من ذلك، إدانة صريحة للأعمال الإرهابية التي نفذتها حماس ضد المدنيين الأبرياء، بصفتها غير مشروعة من الناحية الشرعية الإسلامية"، على حد زعمه.

وأخيرا يشدد المعهد على ضرورة "بناء بديل لحكم حماس في القطاع، من خلال تعزيز السلطة الفلسطينية" والمساعدة في تنفيذ إصلاحات تسمح بعودتها إلى قطاع غزة، كجهة حكم شرعية تحظى بدعم شعبي واسع".

وأكمل: "يمكن ترجمة هذا الموقف إلى إجراءات في المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والإنسانية والأمنية والإعلامية".

وأثنى المعهد على دور دولة الإمارات بغزة، قائلا: "تمثل نموذجا عربيا إيجابيا للتدخل بهذا الاتجاه، عبر رؤية إنشاء قوة مهام دولية مؤقتة، تهدف إلى تحقيق 3 أهداف رئيسة: معالجة الأزمة الإنسانية، وإقامة النظام والقانون، ووضع حجر الأساس لحكومة مؤهلة تحت سلطة شرعية واحدة".

في المقابل، يدعو إسرائيل إلى "تشجيع الدول العربية، خاصة دول السلام واتفاقيات أبراهام، على دراسة مسارات العمل المقترحة". 

وأضاف: "يمكن تحفيزها على تنفيذ هذه الخطوات، إذا أبدت إسرائيل استعدادا مبدئيا للتقدم بالتوازي نحو تحقيق رؤية (دولتين لشعبين)".

وذلك "عبر سماح إسرائيل بتعزيز المبادرات التي تشمل تلك الدول لاستقرار وإعادة إعمار غزة بعد انتهاء الحرب، والتزامها بسحب قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع بعد تشكيل حكم معتدل مرتبط بسلطة فلسطينية مُجددة".

لتحقيق ذلك، أوصى المعهد إسرائيل بـ “ضرورة التمييز بين حماس والفلسطينيين، وزيادة انفتاحها على التعاون مع الأطراف الفلسطينية البراغماتية من خارج الحركة (وترفض أيديولوجية المقاومة العنيفة)”.

كما يدعو للتأكيد على "التهديدات المحتملة للمنطقة إذا انتهت الحرب وحماس خرجت بصورة منتصرة".

ختاما يقول: "الشرق الأوسط ليس ساحة للعبة محصلتها صفر بين العرب والإسرائيليين أو بين المسلمين واليهود، بل هو مساحة لديناميكية تشمل مجموعة من المصالح المشتركة متعددة الأطراف، التي يجب تطويرها من خلال حوار مسؤول وهادئ".

ويضيف: "يمكن أن يكون الاتفاق على ضرورة إضعاف حماس ومحور المقاومة أساسا مفيدا للتعاون البراغماتي بين جميع اللاعبين الذين يسعون إلى تشكيل منطقة مستقرة ومتكاملة ومزدهرة بعد الحرب".