الداخلية السنغالية شطبت اسمه والقضاء يرفض.. هل يعود سونكو لحلبة السباق الرئاسي؟
دخلت مسألة مشاركة المعارض السنغالي البارز عثمان سونكو في الانتخابات الرئاسية المقررة في فبراير/شباط 2024، مرحلة جديدة بعد إلغاء القضاء قرار شطب اسمه من القوائم الانتخابية.
وفي 12 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ألغت المحكمة العليا في مدينة زيغينشور (جنوب البلاد) قرار وزارة الداخلية بشطب اسم المعارض سونكو من القوائم الانتخابية.
وشطبت وزارة الداخلية اسم المعارض من قائمة الأشخاص الذين يحق لهم التصويت أو الترشح بعد أن حُكم عليه في الأول من يونيو/حزيران 2023، بالسجن لمدة عامين بتهمة "إفساد الشباب"، كما جرى الإعلان عن حل حزبه "باستيف".
لكن قاضي المحكمة العليا في مدينة زيغينشور كان له رأي آخر، إذ أمر بإعادة زعيم المعارضة السنغالية المسجون إلى القائمة الانتخابية بعد جلسة استماع في المحكمة.
انتصار قضائي
هذا القرار وصفه محامو المعارض سونكو الذي سبق وأن حل في المرتبة الثالثة في الانتخابات الرئاسية لسنة 2019، بأنه يمهد الطريق أمامه للترشح لرئاسيات 25 فبراير 2024.
مي بامبا سيسي، محامي سونكو، أشاد بموقف القاضي الذي حكم في الاستئناف المقدم في 4 أكتوبر 2023 بالتراجع عن شطب اسم المرشح من اللوائح الانتخابية.
وقال سيسي، في تصريح للصحافة عقب إعلان القاضي قرار إلغاء شطب اسم سونكو، إن "هناك قضاة لا يخضعون إلا لسلطة القانون، لذا يمكننا أن نحافظ على الأمل".
وذلك في إشارة إلى الأمل في أن يفتح هذا القرار إمكانية ترشح سونكو للاستحقاقات الرئاسية المقبلة.
من جهته، وصف المحامي سونكو سيري لي، قرار قاضي المحكمة العليا بأنه انتصار مهم، مستدركا: لكن المعركة ستكون طويلة جدا.
وأضاف محامي المعارض السنغالي سونكو، في تصريح للصحافة المحلية عقب صدور قرار المحكمة العليا، أن "هذا القرار سيكون مصدر إلهام لولايات قضائية وبلدان أخرى".
ومقابل إشادة محامو سونكو بقرار قاضي المحكمة العليا في مدينة زيغينشور، أعلن زملاؤهم المسؤولون عن الدفاع عن مصالح الدولة في هذه القضية عزمهم الاستئناف على هذا القرار أمام محكمة النقض.
المحامي مي عبدو ديالي كين، قال "ثبت أن عثمان سونكو ممنوع من المشاركة في الانتخابات القادمة، وتم إخطاره بهذا الفعل في 19 سبتمبر/أيلول 2023".
وتابع في تصريح للصحافة المحلية أن "سونكو تقدم باستئنافه في 4 أكتوبر 2023، رغم أن القانون أعطاه مهلة خمسة أيام"، مبينا أنه "نتيجة لذلك، فهو ممنوع بمرور الوقت، ولهذا السبب سنستأنف أمام محكمة النقض".
عراقيل قانونية
ورغم صدور قرار قضائي بإلغاء شطب اسم المعارض سونكو من اللوائح الانتخابية والأمر بإعادة تسجيله فيها، فإن المديرية العامة للانتخابات السنغالية رفضت تسليم استمارات الرعاية الانتخابية لممثلي سونكو لأنه من بين الأشخاص الذين جرى شطبهم من القائمة.
وتشترط القوانين الانتخابية بالسنغال عددا محددا للناخبين أو المسؤولين المنتخبين المطلوبين لرعاية مرشح معين للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 25 فبراير 2024.
وفي 20 أكتوبر 2023، أوضحت المديرية العامة للانتخابات السنغالية، في بلاغ لها، أن عدم تسليمها استمارات الرعاية الانتخابية (التزكيات) باسم عثمان سونكو حتى الآن، يرجع لكون الحكومة قدمت طلب طعن على مستوى المحكمة العليا في قرار محكمة زيغنشور بإلغاء قرار وزارة الداخلية بشطب المرشح المذكور من القائمة.
ولكي يقبل ترشح أي شخص يريد أن يشارك في الرئاسيات، عليه الحصول، على توقيع 0,6 بالمئة على الأقل و0,8 بالمئة على الأكثر من الهيئة الناخبة (عموم الناخبين المسجلين في القوائم الانتخابية)، حسب منشور لوزير الداخلية بخصوص الانتخابات الرئاسية صدر في 25 سبتمبر 2023.
أو توقيع الحصول على 8 بالمئة من النواب الحاليين بالجمعية الوطنية، أو توقيع 20 بالمئة من رؤساء مجالس المقاطعات للمترشح.
ومقابل رفض المديرية العامة للانتخابات بالسنغال تسليم استمارات الرعاية لممثلي المعارض السنغالي عثمان سونكو، طلبت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات (لجنة رسمية تشرف على إجرائها) بإعادة المرشح إلى القوائم وتسليمه الوثائق الأساسية للترشح.
وفي 31 أكتوبر 2023، قالت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بالسنغال في رسالة إلى المديرية العامة للانتخابات إن سونكو "يجب أن يتمتع بوضعه كناخب مسجل في القوائم مع جميع الحقوق المرتبطة بها".
مواجهة ديمقراطية
وفي تعليقه على هذا الجدل، قال الباحث السنغالي في العلوم السياسية هارون با، إنه "في الوقت الذي حكم فيه القاضي لصالح سونكو بإلغاء قرار شطب اسمه من القوائم الانتخابية، ترى الحكومة أنه شخص فاقد للحقوق السياسية وبالتالي فلا يحق له الترشح حيث إنه لم تبْرَأ ذمته من كل التهم الموجهة إليه".
وأوضح الباحث السنغالي في العلوم السياسية لـ"الاستقلال"، أن قرار قاضي محكمة زيغنشور يأتي بعد جملة من التطورات في الحياة السياسية من سجن زعيم "باستيف" وحل الحزب وتشكيل حكومة جديدة برئاسة أمادو باه المرشح الرسمي للحزب الحاكم.
وفي 6 أكتوبر 2023، أنهى رئيس جمهورية السنغال ماكي سال، مهام وزراء أعضاء في الحكومة، وأعلن عن تشكيل حكومة جديدة بقيادة رئيس الوزراء أمادو باه.
وكان الرئيس ماكي سال قد أعلن في 9 سبتمبر 2023، أنه جرى اختيار أمادو باه لقيادة ائتلاف بينو بوك ياكار (BBY متحدون من أجل الأمل) في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 25 فبراير 2024.
وأكد الباحث أنه مع اقتراب موعد السباق على الكرسي الرئاسي واتساع دائرة الانشقاق داخل الائتلاف الحاكم ووصول المترشحين إلى ما يزيد عن 250 فإن "كل ذلك يعطي انطباعا على أن الحكومة تحاول كسب الوقت وماضية في استبعاد سونكو زعيم الحزب المنحل من المشاركة في الانتخابات القادمة عبر الوسائل القانونية والنصوص التشريعية".
من جهته، رأى رئيس حركة المستقبل الآخر (معارضة) ابراهيما ثيام، أن قرار قاضي محكمة زيغينشور بإعادة سونكو إلى القوائم الانتخابية التي شُطب منها ليس حكما بسيطا.
وبالتالي فإنه يجب أن يسمح لسونكو بالتنافس في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مشددا على أن القاضي تكلم بالقانون ويجب سماعه واحترامه.
وفي 31 أكتوبر 2023، رأى ثيام، في مقال رأي نشرته مواقع محلية، أنه سواء كنا نحب سونكو أم لا، فإنه في الواقع يمثل تيارا سياسيا معينا بالسنغال، كما أن العديد من السنغاليين يؤيدونه، ناهيك عن أنه كان إحدى الشخصيات الرئيسة في المعارضة لعدة سنوات.
وتابع أن دخوله السجن لا يغير في الأمر شيئا، مشيرا إلى أن سونكو حل في المرتبة الثالثة خلال الانتخابات الرئاسية لسنة 2019، وهو ما يبرر ضرورة مراعاة الحد الأدنى من التقدير له.
وأعرب رئيس حركة "المستقبل الآخر" المعارضة، عن أمله في أن تشهد الانتخابات الرئاسية المقبلة لانتخاب خليفة ماكي سال "مواجهة ديمقراطية".
وبين أنه بهذا الثمن فقط سيكون البلد موحدا وغير منقسم، وبالتالي أقوى في مواجهة التحديات الصعبة التي تنتظره.