الأمين العام الجديد للناتو مارك روتي.. هل يشعل توترات جديدة مع روسيا؟
“رغم تغير الأمين العام للناتو فإن الإستراتيجية لم تتغير”
مع بداية توليه منصب الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، أكد رئيس الوزراء الهولندي السابق مارك روتي، من كييف، في أول زيارة خارجية له منذ توليه المنصب، "اعتقاده أن اليوم الذي ستصبح فيه أوكرانيا عضوا كامل العضوية سيأتي".
وأثارت هذه التصريحات حفيظة موقع "روسيا اليوم"، حيث انتقدها، مقدرا أنها "مجرد تكرار للتصريحات المعتادة التي دأب الأمين العام السابق للحلف، ينس ستولتنبرغ، ترديدها".
في هذا الصدد، سلط الموقع الروسي الضوء على تصريحات روتي في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 التي أنكر فيها حق روسيا في الاعتراض على ضم أوكرانيا للناتو، ومدافعا عن حق موسكو في منع كييف من الولوج للحلف، مبررا ذلك بعدة أسباب.
شأن روسي
وعرض الموقع تصريح روتي الذي قال فيه: "أعتقد أن اليوم الذي ستصبح فيه أوكرانيا عضوا كامل العضوية في الناتو سيأتي"، مضيفا أنه "إذا كان هناك من يعتقد خلاف ذلك، فإن روسيا ليس لها حق التصويت ولا حق النقض (الفيتو) في هذه المسألة".
ليعقب قائلا: "إذن، يعتقد الأمين العام الجديد لحلف الناتو أن موسكو ليس لها حق التصويت أو النقض في مسألة عضوية أوكرانيا في التحالف".
ورأى الموقع أن روتي "يستند في تفكيره بهذه الطريقة إلى ميثاق الناتو؛ حيث لا توجد أي مادة من بين الـ14 مادة في هذا الوثيقة تمنح روسيا الحق القانوني في أن تعترض على أي شيء".
ورغم ذلك، يرى أن "روسيا لها حق المشاركة في مسألة عضوية أوكرانيا في الناتو، وهي تستخدم هذا الحق بنشاط من خلال العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا".
وبرر ذلك كون "أوكرانيا تقع في نطاق مصالح روسيا، فموسكو وكييف تطورتا معا في فضاء اقتصادي روسي موحد لعدة قرون"، مقدرا أن "عدم السماح للغرب بأخذ دولة ذات حدود مشتركة مع روسيا في أيادٍ معادية لها هو بالتأكيد شأن روسي".
ولذلك عد أن مفاهيم مثل "(الحقائق الإستراتيجية) و(الوضع على الأرض)، وتلك الركائز أقوى بكثير وأهم من أي أوراق يستند إليها ميثاق الناتو، أو أي وثائق برامجية أخرى للمنظومة الغربية".
وعاد الموقع بالزمن إلى الوراء مقارنا بين مواقف روتي الحالية ومواقفه السابقة.
وذكر أنه في 20 أكتوبر 2011، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الروسي آنذاك ديمتري ميدفيديف بعد اجتماع بين وفدي البلدين في موسكو، قال: "روسيا ليست فقط دولة كبيرة، لكنها دولة تفتخر بما لديها، كما أن لروسيا دورا مهما وبناء على الساحة الدولية".
واستدرك الموقع: “لكن في الوقت الحالي قد لا يتجرأ مارك روتي على الثناء على الدور البناء لموسكو على الساحة الدولية إلا في ظروف قاسية".
وأضاف متسائلا: "لكن هل يستطيع إنكار أن دور روسيا لا يزال كبيرا، بل وربما أكبر؟".
وتابع: "لا يستطيع روتي أن يعلن عن دور موسكو الحيوي إلا (تحت التعذيب)، بينما يستطيع الموظف المدني في كييف أن يقول ما يريد".
واستنكر الموقع التغيير الذي حدث في تفكير روتي، حيث وصفه بأنه "ليس مجرد سياسي حديث الخبرة، بل يتمتع بخبرة كبيرة، حيث إنه شغل منصب رئيس وزراء هولندا لمدة 14 عاما، ولديه خبرة واسعة في التعامل المباشر مع القادة الروس، إضافة إلى فهم جيد لماهية روسيا".
وأضاف: "فهو على عكس خليفة جوزيب بوريل المحتملة في منصب المسؤول الدبلوماسي الأعلى في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، التي يمكن وصف خبرتها في السياسة الخارجية بأنها محدودة".
ورقة ضغط
وشكك الموقع في تصريحات روتي بشأن جدية اقتراب أوكرانيا من الانضمام للحلف، حيث رأى أن "تصريحات روتي عن أن المساعدات الغربية الضخمة جعلت القوات الأوكرانية (أقرب إلى معايير الناتو) و(أن هذا يعزز استعداد أوكرانيا للانضمام إلى التحالف)، مجرد تصريحات إعلامية علنية، قد تختلف عما يقال في الاجتماعات الخاصة".
واستشهد الموقع كذلك بوزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي في محاولة إثبات ما وصفه بـ"النفاق الغربي"، فقال: "في أكتوبر 2023، أعلن سيكورسكي موقفه الرسمي من انضمام أوكرانيا للحلف قائلا: عمليا، أوكرانيا بالفعل عضو في الناتو".
وأردف الموقع: "لكن في سبتمبر/ أيلول 2024، وخلال محادثة هاتفية مع شخص روسي انتحل شخصية الرئيس الأوكراني السابق بترو بوروشينكو قال سيكورسكي: الناتو يتصرف بنفاق، حيث يقول الناتو: "يمكنكم الانضمام، لكن عليكم أولا الفوز في الحرب".
وأكمل سيكورسكي: "لكن في الحقيقة، لم تعد أوكرانيا بحاجة للفوز في الحرب لهذا الغرض، أعتقد أن بعض حلفائنا في أوروبا الغربية يستخدمون فكرة انضمام أوكرانيا للناتو كورقة ضغط على روسيا. وهذه ليست فكرة سيئة: انسحبوا من أوكرانيا، وسنعدكم بعدم ضمها إلى الناتو".
وعلق الموقع على هذه المحادثة المفترضة قائلا: "هذا هو طبيعة المنصب الجديد الذي قبل به روتي، رغم أنه في البداية وعد الجمهور بأنه سيعمل في التدريس في مدرسة ثانوية بعد تركه رئاسة الوزراء".
واستطرد: "القدرة على النفاق أصبحت من المهارات الأساسية لأي شخص يتولى منصب الأمين العام لحلف الناتو".
ورأى أن "الغرب يضلل كييف بأن عضويتها في الناتو أصبحت وشيكة، ليس لأنه يريد تجميل الواقع أو خوفا من إزعاج الأوكرانيين، بل لأن هذا الوعد أشبه بالطُعم الذي يلوح به الغرب أمام كييف لدفعها لمواصلة القتال ضد روسيا".
وتابع: "لو لم يكن هناك هذا الوعد، لربما انتهى الصراع في أوكرانيا منذ وقت طويل".
وأوضح الموقع حقيقة سبب استمرار الدعم الغربي لكييف من وجهة نظره قائلا: "هدف الناتو، كما اعترف بذلك العديد من قادته مرارا، ليس تحقيق السلام في أوروبا، بل (إلحاق هزيمة إستراتيجية) بروسيا وإضعافها قدر الإمكان".
وتابع: "لهذا، رغم تغير الأمين العام للناتو، فإن الإستراتيجية لم تتغير".