"تسخين متعمد".. وجهة نظر إسرائيلية عن تغيير أردوغان وضع مرعش القبرصية

قسم الترجمة | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

ادعى معهد دراسات عبري أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعمل لترويج "حل الدولتين" للقضية القبرصية، وأن ذلك على عكس رغبة المجتمع الدولي في إعادة توحيد الجزأين اليوناني والتركي بعد 50 عاما من الانقسام.

معهد دراسات الأمن القومي العبري، تحدث عن زيارة أردوغان لشمال قبرص 19 يوليو/ تموز 2021، ضمن ما زعم المعهد أنها مساع لتثبيت رؤيته، وتساءل: هل يعمل أردوغان بالفعل على الأرض لتغيير الوضع بقبرص؟

رؤية تركيا

المعهد العبري، قال: إنه "في 2020، عزمت أنقرة على تغيير نموذج حل الصراع القبرصي اليوناني والقبارصة الأتراك عبر العمل الميداني، وبذلت جهودا دولية للترويج لحل النزاع القبرصي".

وأضاف: جزيرة قبرص التي انقسمت شقين عام 1974، يرتبط شمالها بتركيا وجنوبها باليونان، كان الاتجاه لحل أزمتها عبر وضع فيدرالي للقسمين.

وزعم المعهد أنه "منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2020، كما يتجلى في التصريحات المتكررة لأنقرة، ينصب التركيز على تغيير النموذج نحو حل الدولتين".

خلال زيارة أردوغان إلى شمال قبرص، أعلن هو وزعيم القبارصة الأتراك إرسين تتار، أن جزءا صغيرا من مدينة الأشباح فاروشا، (مرعش) المنطقة العسكرية، سيجري فتحها للمدنيين.

وفي 20 يوليو/ تموز 2021، قال أردوغان: "منطقة مرعش القبرصية ستستعيد أيامها الخوالي من خلال فتحها بطريقة لا تضر بحقوق أي شخص وفي إطار القانون الدولي".

المعهد العبري ادعى أن تغيير سياسة تركيا تجاه مرعش، التي حافظ عليها القبارصة الأتراك كورقة مساومة مع القبارصة اليونانيين؛ جزء من محاولة أنقرة توسيع نموذج حل النزاع في الجزيرة.

بلدة وارسو، الواقعة على مشارف فاماغوستا، كانت المنتجع الرئيس في قبرص قبل عام 1974، إذ جذبت مدينة المنتجع العديد من المشاهير وأطلق عليها لقب "لاس فيغاس البحر الأبيض المتوسط".

ويزعم المعهد أن "سكان فاروشا من اليونانيين فروا منها عام 1974 إثر الحضور العسكري التركي للجزيرة، كما قرر الأتراك مغادرة المدينة المهجورة بعدما أصبحت منطقة عسكرية مغلقة".

عام 1974، تدخلت تركيا بالثلث الشمالي من قبرص ردا على محاولة انقلابية هناك لإلحاق الجزيرة باليونان.

قسمت الجزيرة في 20 يوليو/ تموز 1974، لقسم شمالي تركي مسلم، وجنوبي قبرصي رومي، ولم تعترف إلا تركيا حتى الآن بـ"جمهورية شمال قبرص المسلمة".

مجلس الأمن الدولي، طالب عامي 1984 و1992، بإعادة ممتلكات البلدة لأصحابها الأصليين وتسليمها إلى إدارة الأمم المتحدة.

المعهد العبري اتهم الجانب التركي برفض القرارات والأفكار الفيدرالية المقترحة لحل النزاع في الجزيرة، واقتراح مجلس الأمن أن تعود إلى سيطرة القبارصة اليونانيين.

في أكتوبر/ تشرين الثاني 2020، قرر الجانب التركي فتح الشواطئ في المنطقة للزوار، مما مهد الطريق لاتخاذ قرار بشأن الافتتاح الجزئي للمدينة وتعزيز فكرة التقسيم إلى دولتين، وفق المعهد.

الذي يدعي تقريره أنه "رغم تقديم تركيا تعويضات لمالكي العقارات القبارصة اليونانيين، فإن السياسة الحالية هي التراجع عن الاتفاقات التي تم التوصل إليها بمفاوضات سابقة بين الطرفين".

المعهد العبري، قال: "رغم أن الحل الفيدرالي يمثل تحديا، إلا أن مفهوم الدولتين كحل للصراع في قبرص يواجه مشاكل رئيسة مثل: الحجم الصغير للجزيرة والذي سيجعل مثل هذا الحل صعب التنفيذ".

وزعم أنه جرى تعريف الجزيرة بأكملها على أنها انضمت إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004، ويدعي المعهد أنه لذلك يشكل هذا عقبة أمام تقسيمها.

نفاذ صبر أنقرة

تقرير المعهد زعم وجود مشكلة أخرى واجهت حل الصراع "وهي أن القبارصة اليونانيين لا يضمنون أن أنقرة لن تضم الجزء التركي لاحقا".

وذهب إلى أكثر من ذلك بالقول: "كما تخشى دول مجاورة أخرى أن يكون التقسيم مجرد خطوة أولى قبل ضم الجانب الشمالي من الجزيرة إلى تركيا".

من ناحية أخرى قال التقرير: إن "صبر تركيا يكاد ينفذ بعد الفشل في الوصول إلى حل سياسي".

عام 2004، جرى استفتاء على "خطة عنان" الأمين العام للأمم المتحدة حينها، والتي اقترحت طريقا للتوحيد الفيدرالي، أيده القبارصة الأتراك بأغلبية كبيرة، ورفضه القبارصة اليونانيون.

منذ ذلك الحين، تزايد الانطباع في تركيا وشمال قبرص بأن الجانب اليوناني لن يوافق على توحيد الجزيرة في ظل ظروف تمنع استعادة الوضع القائم في ستينيات القرن الـ20، عندما كان أمن الأقلية التركية مهددا.

لذا أعرب أردوغان عن نفاد صبره بقوله: "ليس لدينا أكثر من 50 عاما لنقضيها".

تسخين قبرص

يزعم المعهد العبري أنه "رغم أن زيارة أردوغان احتفال روتيني بالذكرى 47 للوجود التركي بالجزيرة، يمكن للمرء أن يربط بين الطبيعة والأسلوب الأكثر عدوانية لخطاب أردوغان عن الوضع السياسي في بلاده".

وقال: "بعد تدهور الوضع الاقتصادي في تركيا تتزايد المعارضة للحكومة وقائدها، وتشير استطلاعات الرأي إلى إضعاف أردوغان والائتلاف البرلماني الذي يدعمه في أوساط الجمهور التركي".

وفي إشارته إلى احتمال عدم فوز أردوغان بانتخابات 2023، ادعى المعهد أنه "لذلك فإن تسخين المصلحة القبرصية وسيلة لتعبئة الرأي العام التركي حول قضية تكتسب تعاطفا بين الأحزاب في تركيا".

وعلق التقرير على الوفد التركي الذي رافق أردوغان إلى قبرص وأنه ضم ممثلين عن حزب "السعادة" بالقول: يمكن اعتبار ذلك علامة على جهود أردوغان لتوسيع قاعدة دعمه السياسي بتوحيد الجهود في السياق القبرصي". 

وادعى أنه "بعد العديد من التوصيات التي قدمت لأردوغان، امتنع عن افتتاح القاعدة العسكرية الدائمة التي تبنيها تركيا في شمال شرق قبرص ويمكنها تشغيل طائرات بدون طيار".

ويزعم المعهد العبري أنه "بسبب عدم وجود آثار إقليمية واسعة النطاق لتلك القاعدة، كان من الممكن أن تثير هذه الخطوة انتقادات لاذعة من بعض الدول في شرق البحر المتوسط".

أخبار سارة

وقال المعهد العبري: إن "البيان التركي حول مرعش كان عرضا أكثر اعتدالا، ومن زاوية أخرى، يمكن اعتبار تصريح أردوغان بشأن مرعش محاولة لصياغة محتوى في خطابه".

وألمح إلى أنه "في الأيام التي سبقت زيارته إلى قبرص، أعلن أردوغان أن لديه بشرى سارة لإيصالها إلى شمال قبرص، لأنه في ذلك الوقت غادر وفد من أذربيجان إلى شمال قبرص".

وأشار إلى وجود "تقديرات بأن باكو ربما تعترف بشمال قبرص التي تعترف بها اليوم أنقرة فقط".

وادعى: "أن الأخبار السارة كانت خططا لبناء قصر جديد لرئيس شمال قبرص والبرلمان، الأمر الذي تسبب في خيبة أمل وانتقادات في بعض أوساط الرأي العام التركي"، وفق زعم التقرير.

ويدعي المعهد أن "الحدث سلط الضوء على استمرار العزلة السياسية لشمال قبرص، والتي لم يعترف بها حتى أقرب حليف لتركيا".

الباحثان في المعهد جاليا ليندنشتراوس، رامي دانيال زعما في تقريرهما أن تشديد الموقف التركي من قضية فاروشا يستخدم أيضا كوسيلة لإظهار الدعم لـ(الإخوة القبارصة)  الشماليين المعزولين الذين يميلون إلى تركيا.

وقالا: "علاوة على ذلك، فإن مشروع البناء التركي الكبير خطوة أخرى في نقل نموذج أردوغان السياسي إلى شمال قبرص، التي تفوز الآن، مثل تركيا نفسها بمشاريع بنية تحتية كبيرة كهدايا منها".

وزعم الباحثان وجود "معارضة للحكومة التركية في المجتمع القبرصي الشمالي"، وواصلا ادعاءاتهما بالقول: "بل إن تتار يعتبره بعض القبارصة الأتراك الزعيم الدمية لأنقرة".

وختم التقرير بالقول: "زيارة أردوغان والنقاشات العامة التي أحاطت به في تركيا وشمال قبرص أبرزت مدى تعقيد العلاقات بين البلدين"، وفق زعمه.