باستهداف المسلمين.. هكذا يسعى مودي للسيطرة على انتخابات البرلمان الهندي
“ديكتاتورية مودي على المعارضين والمؤمنين بالديانات غير الهندوسية تزداد حدتها كلما اقترب موعد الانتخابات”
يتوجه قرابة مليار ناخب في الهند إلى صناديق الاقتراع خلال الفترة من 19 أبريل/نيسان إلى بداية يونيو/حزيران 2024، لاختيار 543 نائبا جديدا لعضوية البرلمان.
وستُجرى الانتخابات على 7 مراحل، أيام 26 أبريل، و7 مايو/أيار، و13 مايو، و20 مايو، و25 مايو، و1 يونيو، وسيتم الإعلان عن النتائج في الرابع من يونيو.
وتشير الاستطلاعات إلى فوز شبه مؤكد لحزب "بهاراتيا جاناتا" القومي الهندوسي الذي يتزعمه رئيس الوزراء الحالي ناريندرا مودي، الذي يسعى للفوز بولاية ثالثة على التوالي بعد فوزه في انتخابات عامي 2014 و2019.
حملة ضغط
واتهمت صحيفة إيطالية مودي بالسعي إلى محاولة تحقيق "فوز سهل" في الانتخابات المقبلة من خلال تسليط ضغوط مالية على حزب " المؤتمر الوطني الهندي" المعارض الرئيس، وشن حملة تضييق جديدة ضد الأقليات الدينية، وفي مقدمتهم المسلمون.
وكشف آخر تعداد سكاني أجري في البلاد منذ سنوات أن الهندوس يشكلون 79.8 بالمئة من عدد السكان، فيما ارتفع عدد المسلمين إلى 14.2 بالمئة، بينما بلغ عدد المسيحيين الهنود فقط 2.3 بالمئة.
واستنكرت صحيفة "لا نووفا بوصولا كوتيديانا" الإيطالية حملة الضغط على المعارضين ومتبعي الديانات الأخرى بالقول إن "قبضة الجهاز الحكومي الموالي لرئيس الوزراء الحالي مودي على الأحزاب أو المرشحين المعارضين والمؤمنين بالديانات غير الهندوسية، تزيد حدتها كلما اقتربت البلاد من موعد التصويت".
وقالت إن السلطات تشن منذ منتصف مارس/آذار 2024، "إرهابا ماليا وقضائيا حقيقيا" ضد أحزاب المعارضة وقادتها، في إشارة إلى حملة تحقيق تستهدف شفافية ميزانيات الأحزاب السياسية بتوجيه من القضاة والوزراء.
وذكرت في هذا السياق مطالبة حزب المعارضة الرئيس، المؤتمر الوطني الهندي، في 28 مارس 2024 بدفع 18.2 مليار روبية أخرى (218 مليون دولار) كضرائب، في خطوة تكشف عن "نية واضحة لشل الحزب ماليا قبل موعد بداية الانتخابات البرلمانية الوطنية بأسابيع".
وقبل ذلك، طالبت إدارة ضريبة الدخل الحزب في فبراير/ شباط 2024 بدفع 2.1 مليار روبية (25.3 مليون دولار) في إطار تحقيق في الإقرارات الضريبية للحزب للسنة المالية 2018-2019.
وقال المتحدث باسم حزب المؤتمر الوطني الهندي، أجاي مايكن: "قالوا لنا إن حسابات حزب المعارضة الرئيس في الهند جُمدت"، مشككا في نزاهة هذا الإجراء ضد الحزب قبيل الانتخابات.
وقال أمام صحفيين: "مع تجميد حسابات حزب المعارضة الرئيس قبل أسبوعين فقط من إعلان الانتخابات الوطنية، هل تعتقدون أن الديمقراطية حية في بلادنا؟".
وذكرت الصحيفة الإيطالية كذلك استجواب وكالة الجرائم المالية عام 2022، القيادي في الحزب المذكور راهول غاندي ووالدته سونيا غاندي في إطار تحقيق بشأن مزاعم غسل الأموال.
وحُكم على راهول بعد ذلك بالسجن لمدة عامين، وسُجن في مارس 2023 بتهمة إهانة رئيس الوزراء جراء تصريحات أدلى بها قبل سنوات.
وفي أغسطس/ آب 2023، استعاد السياسي المعارض مقعده النيابي، بعدما علقت المحكمة العليا قرار إدانته.
ضربة موجعة
ومن الإجراءات التي تستهدف المعارضين وتُمهد الطريق لفوز سهل لمودي، ذكرت الصحيفة الإيطالية تمديد محكمة هندية احتجاز زعيم المعارضة ورئيس وزراء دلهي، آرفيند كيجريوال، حتى مطلع أبريل بعدما اعتقلته مديرية إنفاذ القانون الفيدرالية في 21 مارس.
واتهمت الوكالة، التي تسيطر عليها حكومة مودي، حزب كيجريوال ووزراءه بقبول مليار روبية (12 مليون دولار) في شكل رشا من مقاولي المشروبات الكحولية منذ ما يقرب من عامين.
وصفت صحيفة "لا نووفا بوصولا كوتيديانا" خبر اعتقال هذا السياسي بـ"الضربة الموجعة" لحزبه "آم آدمي"، الذي تأسس قبل 11 عاما تحت شعار "محاربة الفساد".
وفي أبرز ردود الفعل الدولية، حثت وزارة الخارجية الأميركية الهند في بيان على ضمان "عملية قانونية عادلة وشفافة" لزعيم المعارضة كيجريوال، وقالت إنها تراقب عن كثب الأحداث.
على الطرف المقابل، قالت وزارة الخارجية الهندية في بيان: "نعترض بشدة على هذه التصريحات"، مضيفة "في الدبلوماسية، يُتوقع من الدول أن تحترم سيادة الدول الأخرى وشؤونها الداخلية".
واستنتجت الصحيفة الإيطالية أن ما ذكرته من أحداث تشكل أمثلة واضحة على رغبة رئيس الوزراء الحالي مودي وحزبه الهندوسي الحاكم، في الفوز بالانتخابات "بسهولة والسيطرة على حكم البلاد بكل أداة من أدوات السلطة والقضاء على الخصوم المزعجين".
وفي نفس سياق سياسة التضييقات، تابعت الصحيفة أن "الرغبة في تحقيق فوز ساحق لا تستهدف فقط المعارضين السياسيين، وإنما تشمل كذلك الأقليات الدينية"، مشيرة في هذا الصدد إلى قرار المحكمة في 23 مارس، حظر المدارس الإسلامية في ولاية أوتار براديش.
وأوتار براديش هي الولاية الأكثر اكتظاظا بالسكان في البلاد، إذ يعيش فيها 240 مليون نسمة خُمسهم تقريبا من المسلمين.
وبرَرت المحكمة حكمها بذريعة أن هذه المدارس "تخالف العلمانية المنصوص عليها في الدستور الهندي" وأمرت بنقل الطلاب إلى مدارس تقليدية.
وبحسب رئيس مجلس التعليم بالمدارس الدينية في الولاية، افتخار أحمد جافيد، يؤثر قرار المحكمة على 2.7 مليون طالب و10 آلاف معلم في 25 ألف مدرسة.
واتهمت الصحيفة الإيطالية الحكومة الهندية، في إطار محاولتها لتحويل البلاد إلى ملكية حصرية هندوسية، بتهميش الأقليات الدينية الأخرى، خاصة المسلمين.
في هذا الصدد، أشارت إلى قرار إقصاء اللاجئين المسلمين من الحصول على الجنسية، ومنحها في المقابل للهندوس والبارسيين والسيخ والبوذيين والجاينيين والمسيحيين الذين دخلوا البلاد من أفغانستان وبنغلاديش وباكستان، وهي دول ذات غالبية مسلمة.