"المقاومة لم تنكسر حتى آخر دقيقة".. تفاعل واسع مع إعلان اتفاق نهاية إبادة غزة

شدوى الصلاح | منذ ١٠ ساعات

12

طباعة

مشاركة

بعد عامين من الصمود الفلسطيني الأسطوري في وجه حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد قطاع غزة، تم الإعلان عن التوصّل إلى اتفاق يقضي بإنهاء الحرب، وانسحاب الاحتلال منه، ودخول المساعدات وتبادل الأسرى.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية: إن إعلان وقف إطلاق النار مع حماس دخل حيّز التنفيذ في تمام الساعة 12 ظهرا بالتوقيت المحلي. في ظل غياب إعلان رسمي عن الأمر حتى الآن. فيما قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي: إن وقف إطلاق النار سيدخل حيّز التنفيذ بعد موافقة الحكومة عليه.

وقالت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في بيان أصدرته فجر 9 أكتوبر/تشرين الأول 2025: إنها خاضت مفاوضات مسؤولة وجادة برفقة فصائل المقاومة الفلسطينية حول مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في شرم الشيخ، بهدف الوصول إلى وقف حرب الإبادة على شعبنا الفلسطيني، وانسحاب الاحتلال من قطاع غزّة.

وعبرت عن تقديرها العالي لجهود "الإخوة الوسطاء في قطر ومصر وتركيا، كما ثمّنت جهود الرئيس الأميركي الساعية إلى وقف الحرب نهائيا وانسحاب الاحتلال بشكل كامل من قطاع غزّة".

ودعت حماس ترامب والدول الضامنة للاتفاق، ومختلف الأطراف العربية والإسلامية والدولية، إلى إلزام حكومة الاحتلال بتنفيذ استحقاقات الاتفاق كاملة، وعدم السماح لها بالتنصّل أو المماطلة في تطبيق ما تم التوافق عليه.

ووجهت "التحية "لشعبنا العظيم في قطاع غزّة، وفي القدس والضفة، وداخل الوطن وخارجه، الذي سجّل مواقف عزٍّ وبطولة وشرف لا نظير لها، وواجه مشاريع الاحتلال الفاشي التي استهدفته وحقوقه الوطنية؛ تلك التضحيات والمواقف العظيمة التي أفشلت مخططات الاحتلال الإسرائيلي في الإخضاع والتهجير".

وأكّدت أن تضحيات شعبنا لن تذهب هباءً، وأننا سنبقى على العهد، ولن نتخلّى عن حقوق شعبنا الوطنية حتى الحرية والاستقلال وتقرير المصير.

وبدوره، قال رئيس "مكتب الشهداء والأسرى" لدى حماس زاهر جبارين: "في إطار الاتفاق الجاري على وقف إطلاق النار والعدوان على شعبنا في غزة، تؤكد حماس أنها قد سلّمت قوائم الأسرى الفلسطينيين (للوسطاء الذين يتولون نقلها إلى إسرائيل) ضمن المعايير المتفق عليها في إطار الاتفاق".

وأضاف عبر بيان: "في انتظار الاتفاق النهائي على الأسماء تمهيدا لإعلانها لشعبنا عبر مكتب إعلام الأسرى، فور اكتمال الإجراءات والتفاهمات ذات الصلة".

وتقدر تل أبيب وجود 48 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها نحو 11 ألفا و100 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، قتل العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.

فيما أعلن الرئيس الأميركي توصل إسرائيل وحماس إلى اتفاق على المرحلة الأولى من خطته لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة، قائلا: "أنا فخور جدا بأن أعلن أن إسرائيل وحماس وقّعتا المرحلة الأولى من خطة السلام الخاصة بنا".

وقال: إن "هذا يعني أن جميع الرهائن سيُفرج عنهم قريبا جدا، وأن إسرائيل ستسحب قواتها إلى خط متفق عليه كخطوة أولى نحو سلام قوي ودائم وأبدي، وسيُعامَل جميع الأطراف بعدالة".

وأضاف ترامب: "إنه يوم عظيم للعالمين العربي والإسلامي، ولإسرائيل، ولجميع الدول المحيطة، وللولايات المتحدة، ونشكر الوسطاء من قطر ومصر وتركيا الذين عملوا معنا لتحقيق هذا الحدث التاريخي وغير المسبوق".

وفي تصريحات لاحقة لقناة "فوكس نيوز" الأميركية، قال ترامب: "من المحتمل أن يتم إطلاق سراح الأسرى في 13 أكتوبر/ تشرين الأول" الجاري، مذكرا العالم بأسره أنه اجتمع من أجل خطة وقف إطلاق النار، وأنه لولا ذلك لما نجحت الخطة.

وأضاف: "هذا أكثر من غزة، هذا السلام في الشرق الأوسط"، مؤكدا أن إطلاق سراح الأسرى تطور "مهم للغاية".

وأشار ترامب إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتصل به، وقال له: إنه "لا يمكن لإسرائيل أن تحارب العالم بأسره، وهو يعلم ذلك جيدًا".

وعن مستقبل خطة وقف إطلاق النار، قال ترامب: “برأيي سترون الناس يتعايشون بشكل جيد وغزة يتم إعادة إعمارها، وتم إنشاء مجلس أطلق عليه اسم ”مجلس السلام" لبحث (قضية) غزة بشكل أساسي".

وعبر ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي عن فرحتهم بالتوصل إلى اتفاق يقضي بوقف الحرب على غزة ويسمح بإعادة الإعمار وعودة النازحين إلى بيوتهم بشكل آمن، متداولين مقاطع فيديو وصورا توثق حالة الحفاوة الفرحة الواسعة بين الفلسطينيين إثر الإعلان عن الاتفاق.

وشاركوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #وقف_الحرب #غزة_تنتصر، #وقف_اطلاق_النار، وغيرها مشاهد الفرح والاحتفالات في شوارع القطاع المحاصر، ومخيمات النزوح فور الإعلان عن اتفاق برز خلالها رفع شارات النصر والوعيد بالانتقام.

عامان من الصمود

وتفاعلا مع التطورات، كتب مأمون فندي، أن "إسرائيل" لم تكن لتتفق مع المقاومة، برعاية الدولة العظمى ووساطة دول إقليمية كبرى مثل مصر وتركيا وقطر، إلا لأن لدى المقاومة ما تضعه على الطاولة بعد عامين من الصمود.

وقال: إن المقاومة لم تنكسر حتى الدقيقة التسعين، ولا في الوقت الإضافي، ولقد أثبتت أنها منتصرة، أو على الأقل متعادلة، ناصحا: "دع عنك هراء من يهاجم غزة، فهؤلاء لا يعرفون معنى الكرامة ولا يؤمنون بالمقاومة، ويرضون بالهوان".

وقدم محمد بكر قراءة في الوقف المرتقب للحرب على غزة، قائلا: "على المستوى الإنساني نتحدث عن كارثة إنسانية وثمن كبير دفعه أبناء شعبنا الفلسطيني على مستوى الأرواح والبنى التحتية، وهذا ما تدفعه كل شعوب الأرض عبر التاريخ التي تناضل من أجل حقوقها".

وأضاف أن على المستوى السياسي، فمجرد الحديث الأميركي عن اتفاق مع حماس فهذا يعني أن الأخيرة طرف وبالتالي هي موجودة والحديث الإسرائيلي عن اقتلاعها بات خلف الظهر.

وأوضح بكر، أن مجرد موافقة الجيش الإسرائيلي على الانسحاب لخط متفق عليه كخطوة أولى تمهيدا للانسحاب الكلي يعني أن المهاجم انسحب مقابل بقاء الطرف الثاني على أرضه وفشل تهجيره.

وأكد أن الأكثر أهمية على المستوى الدولي هو ترسخ صورة واحدة لدى العالم على المستوى الشعبي والرسمي حول الرواية الإسرائيلية وتبني الرواية الفلسطينية وهذا ما انعكس في الأمم المتحدة لجهة الاعتراف بدولة فلسطين وهذا بطبيعة الحال أهم حصاد سياسي في السلة الفلسطينية وتحديدا اعتراف بريطانيا بالدولة الفلسطينية.

وأشار بكر إلى أن تسليم السلاح وإدارة القطاع لجهة فلسطينية قوامها وملامحها الدولة الفلسطينية لا يعد في الميزان الإستراتيجي هزيمة للفصائل، بل هو حالة طبيعية وبشكل تدريجي عندما يتم الانتقال الكلي من السلطة إلى الدولة.

ورأى أن القضية الفلسطينية ما بعد الحرب تنتصر سياسيا وبقوة وبدعم دولي غير مسبوق تمهيدا للإعلان الرسمي عن دولة فلسطين بعد ترتيب البيت الداخلي وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ديمقراطية.

ورأى زياد الجرحي، أن الحديث عن "هدنة" بين غزة والاحتلال ليس إلا غطاء سياسيا مؤقتا، يهدف إلى تهدئة الساحة الإعلامية وتهيئة الأجواء الإقليمية قبل الانتقال إلى مرحلة جديدة من التصعيد.

وأكد أن كل المؤشرات تقول: إن الهدوء المصطنع الحالي ما هو إلا فاصل تكتيكي، تمهيدًا لضربة أوسع، واحتمال كبير أن تكون الوجهة القادمة هي إيران. مشيرا إلى أن الاحتلال يحاول التقاط أنفاسه، وإعادة التموضع، وضمان دعم دولي بحجة "السلام المؤقت"، بينما يجهّز لمعركة إقليمية أكبر.

وأضاف الجرحي: "اللي فاهم المشهد كويس عارف إن غزة مش مجرد جبهة، دي مفتاح كل اللعبة وأي هدنة لا توقف العدوان فعليًا فهي ليست سلامًا، بل هدوء ما قبل العاصفة".

وقال ياسين عزالدين: بغضّ النظر عن تفاصيل الاتفاق بخصوص غزة فيجب تصاعد إسناد فلسطين والضغط على الاحتلال دون توقف، فالغدر من شيم نتنياهو وترامب وما لم يستمر الحراك الضاغط على الاحتلال فنحن إلى الغدر أقرب.

وتوقع أن يفتح نتنياهو جبهات جديدة في سوريا أو إيران أو لبنان أو اليمن أو العراق، أما الضفة فقد فتح فيها جبهة منذ فترة وسيصعد أكثر في الفترة القادمة.

وأضاف عزالدين: "لقد حققت الحرب عزلة عالمية لدولة الاحتلال ويجب تعزيزها من خلال مواصلة الضغط وعدم التراخي مطلقًا".

وكتب نذير بن عمو: "التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار.. خبر سار.. لكن لا ثقة أبدا في الصهاينة وعلى رأسهم الخنزير البرتقالي الطامع في جائزة نوبل.. أرجو أن تكذبني الأحداث".

وقال علي أبو رزق: "الفرحة غير مكتملة هذه المرة، ليست كفرحة الهدنة السابقة، شعبنا يشعر بغصّة كبيرة ومؤلمة وغير مسبوقة، فهذا عدو أوقح وأقذر وأنذل مما تخيلوا وتخيلنا، كل دمعة فرح تنزل من عين يقابلها دمعة حزن في الجهة المقابلة".

وأضاف: "لذلك، نعتقد أن النضال السياسي العالمي يجب أن يبدأ ويتصاعد بعد وقف إطلاق النار، وليس العكس".

وتحدث أبو رزق عن وجوب تشكيل مظلة شعبية عالمية لوقف الحرب ومساندة أهل غزة إغاثيا ونفسيا وماديا وإنسانيا، قائلا: إن كل إنسان حر يجب أن يشعر أنه يحمل ديْنا في عنقه تجاه غزة وأهلها، ديْنا لا يزول إلا بزوال هذا الاحتلال وانقشاعه تماما.

دليل هزيمة

وتأكيدا على أن الاتفاق دليل هزيمة للاحتلال الإسرائيلي، أشار منير الخطير، إلى أن اليمين المتطرف في إسرائيل يعيش حالة حزن، لافتا إلى أن وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، عدّ أي إيقاف للحرب هو هزيمة لإسرائيل وانهيار لحكومة نتنياهو.

وعدّ أحد المغردين وقف النار أكبر دليل على هزيمة إسرائيل أمام حماس المحاصرة منذ سنتين دون أكل أو شرب أو سلاح، وإلى الآن إسرائيل لم تسطع التوصل لأي أسير.

وأكد جمال راتب، أن خروج أي محتل من أي بلد وبأي شكل هو هزيمة له، و هو بنفس السياق انتصار لمن أخرجه، مهما كان ثمن إخراجه باهظاً وزمن إخراجه طويلا؛ لأن المحتل لا يرحل بسهولة.

وحذر من أن الشعوب التي لا تريد دفع ثمن تحريرها ستبقى تحت حكم الاحتلال، أو تحت حكم من يفرضه الاحتلال.

نتاج الصمود

ورفضا لنسب أي فضل لأحد في التوصل لوقف إطلاق النار، أكد إسماعيل الثوابتة، أن التوصّل إلى اتفاق يقضي بإنهاء الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وانسحاب الاحتلال، ودخول المساعدات، وتبادل الأسرى؛ هو ثمرة صمود شعبنا الفلسطيني العظيم ومقاومته الباسلة.

وعرض حمود النوفلي صورة لوفد حماس الموجود بشرم الشيخ، قائلا: "سيتذكر التاريخ وسيسطر بأحرف من نور أن البقية الباقية من هؤلاء الرجال الأطهار الأتقياء، ومن سبقهم من القادة الشهداء هم من أجبر المحتل على إدخال آلاف الشاحنات من الغذاء بعد أن عجزت الدول العربية عن إدخال عبوة حليب وتركتهم في المجاعة وهم يتفرجون وينددون ويتآمرون".

وقال عبدالرحمن عياش: "مفيش منّة لمخلوق على غزة، ومنّتها علينا كلنا"، مضيفا: "خسارة إن الدور المصري يتأخر سنتين، والتنسيق العربي والإسلامي ميحصلش إلا لما أميركا توافق". 

وذكر بأنه كان توجد فرصة لإجبار نتنياهو على وقف الحرب في مراحل مختلفة من الحرب، مؤكدا أن "مسؤوليتنا عظيمة والمفروض نكون اتعلمنا كتير! ربنا يعز الفلسطينيين ويحقن دماءهم ويتمم فرحتهم بالعودة والتحرير".

ورأى رفيق عبدالسلام، أنه بعد الاتفاق على المرحلة الأولى لقرار وقف إطلاق النار، نستطيع القول ومن دون تهوين ولا تهويل، أن أهالي غزة بصبرهم وجلدهم وتغليبهم لإرادة الحياة على إرادة الموت، قد انتصروا على عدوهم بالنقاط وطول النفس، ومنعوه من تحقيق أهدافه في التهجير واسترجاع الأسرى بقوة السلاح.

وأضاف أن رغم العدد الهائل من الشهداء والدماء والخراب وتدمير كل مقومات الحياة، فقد انتزع الشعب الفلسطيني انتصارا صعبا وقاسيا، ورغم منسوب الإجرام والتقتيل وهوس القوة عند قادة دولة الاحتلال، والدعم الأميركي والغربي الواسعين فقد انهزم نتنياهو وفريقه وجيشه واندحر مشروعهم الإحلالي الاستيطاني في غزة.

وأكد عبدالسلام أن هذه ضربة كبيرة تلقتها دولة الاحتلال لا قوْمة لها من بعدها مهما كان وسيكون منسوب الدعم السياسي والضخ المالي والتسليحي الأميركي والعالمي، والمعركة مازالت مستمرة على جبهات أخرى كثيرة، قائلا: "هنيئا لكم يا أبطال غزة بما صابرتم ورابطتم وضحيتم نيابة عن الأمة وكل أحرار العالم".

فرحة وتهنئة

وهنأ إبراهيم المدهون أهالي القطاع بسلامتهم الكاملة مع انتهاء هذه الحرب العاتية، سائلا الله أن يتقبّل منا ومنكم، وأن يرحم الشهداء، ويشفي الجرحى، ويعوّضهم خيرًا عمّا فقدوا، قائلا: "حقًا ما أنجزتموه وما قدّمتموه عظيم جدًا جدًا".

ورأى أن حركة حماس مضت نحو هذه الصفقة بدافع وطني خالص، لوقف الإبادة وإنهاء الحرب ووقف تدمير المدن ووقف التهجير، ولتمكين أهلنا من العودة قدر المستطاع إلى بيوتهم ومدنهم. 

وتوقع المدهون، أن في المراحل القادمة، سيكون هناك تشكيل لوفد وطني شامل لبحث كل النقاط العالقة وترتيب المرحلة المقبلة.

وأضاف: "برأيي، نحن اليوم أمام لحظة فارقة وعظيمة في تاريخ شعبنا، تتطلب أن نوحّد الراية والموقف والفكر، فحقًا ما قبل الطوفان ليس كما بعده".

وتابع: "صحيح أننا واجهنا حرب إبادة، ودفعنا أثمانًا باهظة من دمائنا وأرواحنا، لكننا اليوم مطالبون باستثمار هذه اللحظة التاريخية، وإعادة بناء صفوفنا، وترتيب بيتنا الداخلي"، مؤكدا أن "المرحلة القادمة تتطلب أن نقف معًا، نداوي جراحنا، وننهض بأنفسنا؛ لأن القادم بإذن الله عظيم لشعبنا عظيم جدًا".

وعرضت منى العمري مقطع فيديو يوثق احتفال أهل غزة بالتوقيع على وقف إطلاق النار، مؤكدة أن لحظة الفرح الجميلة هذه التي تسري بين الخيام المقهورة، ثمنها صبر ودم، دم الأمهات والآباء والأبناء، ثمنها سيل من الذكريات التي جرفتها إسرائيل.

وقالت: إن لحظة الفرح هذه ليست لحظة، هي وعد هذا الشعب المقهور لنفسه بالحياة، متسائلة: "كم مرة هدمت غزة منذ عهد الرومان إلى يومنا هذا؟! عادت في كل مرة من جديد، تشبه أهلها ويشبهونها". 

وأضافت العمري: "أثر الفراشة لا يزول يا أنس ويا قريقع ويا سلامة لحظة الفرح هذه هي من إنتاج الزملاء الأكارم في غزة، الذين غطوا الحرب وحيدين بإصرار وعزيمة تضفي على مناهج الصحافة منهجًا يقول: الإنسان في بادئ الأمر قضية". 

وأشارت إلى أنه رغم خذلان العالم لهم إلا أنهم أصروا وواصلوا التغطية، لتمتلئ عواصم العالم بالوعي، قائلة: "نعم، هذه كاميرا سامر أبو دقة، ومحمد سلامة، وصوت إسماعيل الغول، هم كلهم وزملاؤنا الأوفياء الموجودون على الأرض في كل غزة، هم الذين صاغوا هذا المشهد".

وأشار عبده فايد إلى أن منظر فرحة أهالي القطاع بتوقيع الاتفاق بين الحركة الخضراء والعدو، مبهج بشكل لا يُعقل، لافتا إلى أنهم حتى في الفرحة لم ينسوا من عدوهم.

ووصف الاتفاق بأنه "تاريخي"، مشيرا إلى أن الحركة الخضراء لم تتنازل فيه عن سلاحها للعدو ولا تقبل بفنائها، ويبدو أن وراءها دعم الوسطاء الثلاثة الذين يقولون بصيغة وسط تبعد عن المقترح الأميركي، وتعطي الحركة متنفس في التفاوض، بتسليم الحركة سلاحها فقط لأطراف عربية بعد تفاهم وطني وليس لجهة دولية.

وقال فايد: إن على قدر الخوف من القادم بأن تعود الحرب بمجرد تسليم القابعين تحت الأرض، وعلى قدر السوابق التاريخية القريبة التي تعلمنا خسة وغدر ترامب وصبيه العبري، لكن الآن فرحة لم يسبق لها مثيل ولا يتصوّر الأمر أن يكتب يومًا أن الحرب قد انتهت.

وأضاف أن تلك المأساة قد ولّت للأبد، مترحما على أرواح 70 ألف شخص غادروا العالم ولم يفرحوا، وعلى 100 ألف مفقود يأمل أن تجد أجسادهم مأوى كريم، وعلى مليوني شخص لم يأكلوا ولم يشربوا ولم يتداووا على مدار 730 يوم إلا بأقل القليل.

وتمنى فايد "الرحمات على رجال الظل الذين لن نعرف أسماءهم قط، لكن نعلم، رغم ذلك، أنهم دافعوا عن أرضهم حتى آخر نفس، وكانوا شوكة في حلوق أعدائهم" قائلا: "هم الأبطال الحقيقيون، وليس مختلًا مثل ترامب فعل بهم الأفاعيل ثم يأتي ليتبجّح ويصوّر نفسه كرجل للسلام على حساب عظامهم الناتئة من جلود مهترئة".

ورأى مراد علي أن مشاهد الفرح في غزة بوقف الحرب تثير التأمل، فجميع الأهالي يرفعون إشارات النصر، رغم ما حلّ بهم من مآسٍ ودمار.

وقال: إن هذا الشعب العظيم، بصموده على مدار عامين متواصلين في وجه تحالف صهيوني غربي، وتخاذل عربي، وصمتٍ إسلامي، يرى في بقائه على أرضه، وثباته في وجه العدوان، نصرًا حقيقيًا؛ لأن النصر في ميزان أهل الكرامة هو الصمود، والثبات على الأرض، وعدم الانكسار.

وذكر علي، بأن أحد أهداف إسرائيل كان تحطيم الروح المعنوية لأهل غزة، وإخضاعهم بالترهيب، لكن مشاهد الفرح رغم الدمار تثبت أن هذا الهدف قد فشل فشلًا ذريعًا.

وأوضح أن الاحتفال لا يعني الفرح بالدمار، بل هو رسالة تحدٍ تقول: "رغم كل ما فعلتموه، لم تنكسر إرادتنا". وبهذا، تحوّل الشعب من مجرد ضحية إلى فاعلٍ يحمل مشروعًا ينقذ العالم من الهيمنة الصهيونية.

وسأل الله تعالى أن يُتمّ على أهل غزة فرحتهم، وأن يبارك في ثباتهم وصبرهم، وأن يتقبّل شهداءهم وجرحاهم، ويجعل ما قدموه نورًا يُضيء طريق الحرية لأمتنا وللعالم.