اشتباكات متكررة رغم مساعي الحوار.. ما حقيقة موقف طالبان من إيران وباكستان؟
"طالبان، بعد كل توتر، تعلن أن الصراعات العسكرية انتهت بالجهود السياسية"
رغم تأكيد حركة "طالبان" المستمر على تعزيز العلاقات مع جيرانها وحل الخلافات الحدودية بالدبلوماسية والحوار، إلا أن العديد من الاشتباكات والتوترات المسلحة حدثت خلال عامي 2022 و2023 بين جنود طالبان وإيران وباكستان.
فيما يؤكد بعض الخبراء أن "إيران وطالبان لا تريدان التوتر والصراع الحدودي في سياستهما الإستراتيجية".
ويشيرون إلى أن "هذه الصراعات سببها خلافات داخلية، بالإضافة إلى عدم إلمام مقاتلي طالبان بالنقاط الحدودية وعدم وجود هرمية في التنظيم داخل هذه المجموعة".
اشتباكات متعددة
وفي السياق، قالت صحيفة "8 صبح" الأفغانية، إن "الخبراء يعتقدون أن جيران كابول لا يتعاملون مع طالبان كشريك موثوق به في المنطقة".
ولفتت إلى أن "مقاتلي طالبان اشتبكوا مع حرس الحدود الإيراني والباكستاني عدة مرات خلال العامين الماضيين، وفي المرة الأخيرة، نزع مقاتلو طالبان سلاح أحد جنود حرس الحدود الإيراني ونقلوه إلى أفغانستان".
وذكرت أن "طالبان اشتبكت مع حرس الحدود الإيراني 12 مرة خلال 22 شهرا فقط، قُتل فيها عدة أشخاص من الجانبين".
من ناحية أخرى، أوضحت الصحيفة أن "طالبان لم تشتبك مع حرس الحدود الإيرانيين فحسب، بل اشتبكت أيضا مع الجيش الباكستاني عدة مرات على الحدود".
ووفق ما ذُكر سابقا، أكدت أنه "على مدى العامين الماضيين، أصبحت العلاقات بين باكستان وطالبان متوترة بشكل متزايد".
وأردفت: "رغم أن عددا من الخبراء العسكريين يصفون سلوك باكستان تجاه طالبان بأنه تكتيكي، إلا أن إسلام آباد لم تتلق ردا ذا مغزى من طالبان فيما يتعلق بوجود الحركة الباكستانية في أفغانستان".
كما نقلت الصحيفة التقارير المتعاقبة لفريق "مراقبة العقوبات والدعم التحليلي" التابع لمجلس الدولي، والتي تظهر أن "حركة طالبان الباكستانية استفادت أكثر من أي جماعة أجنبية متطرفة في أفغانستان من هيمنة طالبان".
ولفتت الصحيفة إلى أن "حركة طالبان، التي تقول إنها لا تستخدم الأراضي الأفغانية ضد جيرانها، لطالما تعرضت لانتقادات من دول المنطقة والمجتمع الدولي".
وفي هذا الصدد، قال قائد قوات الحدود الإيرانية، أحمد علي جودارزي، إن "حرس الحدود الإيراني اعتقل مجموعة من (الإرهابيين) كانوا يعتزمون دخول البلاد في منطقة نيبندان الحدودية".
وذكر عدد من وسائل الإعلام الإيرانية، نقلا عن جودارزي، أن "هؤلاء الإرهابيين الأفغان أرادوا دخول إيران من أفغانستان".
وبحسب الصحيفة الأفغانية، "فقد قُبض على عدد منهم، ووُجد معهم بعض المعدات المتفجرة، بما في ذلك ألغام وجهاز إرسال واستقبال وجهاز تحكم عن بعد وذخيرة وكاميرات للرؤية الليلية".
إضافة إلى ذلك، صرح قائد قوات الحدود الإيرانية بأن "بعض هؤلاء المقاتلين أُصيبوا في اشتباك مع حرس الحدود وذهبوا إلى أفغانستان"، فيما لم تتعلق "طالبان" بأي شيء عن ادعاءات قائد الحدود الإيراني.
وفي غضون ذلك، نقلت الصحيفة الأفغانية أن "طالبان، رغم استمرار علاقاتها الوثيقة مع تنظيم القاعدة وحركة طالبان الباكستانية، تحاول تقديم نفسها كشريك دولي فعال في الحرب ضد الإرهاب".
غير أن الصحيفة زعمت أن "حركة طالبان سمحت للمليشيات بالتعبئة والتجنيد والتدريب في أفغانستان".
وقبل ذلك، في تقرير له، قال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أيضا إن "تنظيم الدولة يسعى سريعا إلى تنفيذ هجماته انطلاقا من أفغانستان".
ووفق ما يشير إليه تقرير مجلس الأمن، أوضحت الصحيفة أن "تنظيم الدولة قام بزيادة عمليات التجنيد المحلية ونقل المقاتلين من الدول العربية والإفريقية إلى أفغانستان".
فوضى داخلية
ومن خلال قربها وروابطها الثقافية والتاريخية وانتماءاتها العرقية مع جارتها الجنوبية، تتأثر دول آسيا الوسطى، وخاصة طاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان، تاريخيا بالأحداث في أفغانستان.
وذكرت الصحيفة -وفقا للخبراء- أن "سياسة طالبان الخارجية تجاه جيرانها غير ناجحة، وسببها الشعور الجهادي لدى هذه الجماعة".
ووفقا لهم، فإن إنشاء سياسة خارجية فعالة لأفغانستان تتمثل في سياسة تتعامل مع حماية الحدود وتوسيع التجارة ومكافحة تهريب المخدرات والاتجار بالبشر والنزاعات على المياه، "وهي أمور غير موجودة بوضوح في طالبان"، على حد قول "8 صبح".
وفي هذا الإطار، تشير الأزمات الحدودية بين طالبان وجيران أفغانستان والصراعات المسلحة مع باكستان وإطلاق الصواريخ من أفغانستان إلى أوزبكستان وطاجيكستان والاشتباكات الحدودية المستمرة مع إيران إلى أن "الدول المجاورة من غير المرجح أن تعمل على تعزيز شراكة طويلة الأمد مع طالبان".
من جانبه، قال محلل قضايا الشرق الأوسط، مهرداد فرهمند، لصحيفة "8 صبح"، إن "إيران وطالبان لا تريدان التوتر والصراع مع بعضهما البعض".
وفي رأيه، فإن الوضع الحالي لطالبان وإيران "يتطلب أن يتصرف الطرفان بدبلوماسية وسلام".
ومن ناحية أخرى، يعتقد فرهمند أن "الصراعات الحدودية ليست سياسة إستراتيجية لإيران وطالبان، ولكنها تحدث بسبب عدم سيطرة طالبان على الحدود الغربية".
وفي إشارة إلى الوضع الحالي، أكد أنه "لا يوجد منتصر في الحرب مع أفغانستان"، لافتا مرة أخرى إلى أن "الطريقة الأكثر منطقية وعملية بالنسبة لإيران هي التسامح مع طالبان".
وبحسب الصحيفة الأفغانية، تحدث فرهمند عن أن "القضايا الأيديولوجية لإيران وطالبان أقل أهمية في العلاقات بين الجانبين، رغم أن بعض السياسيين الإيرانيين عدوا طالبان قوى مناهضة لأميركا".
وفي هذا الشأن، قال إن "زيادة المهاجرين الأفغان في إيران جعلتها أكثر عرضة للخطر بطريقة أو بأخرى، وهذا أحد العوامل التي تجعل طهران تتصرف بحذر تجاه طالبان وتبني سياستها على التعايش وليس التوتر".
ونوهت الصحيفة إلى أن "حركة طالبان، بعد كل توتر، تعلن أن الصراعات العسكرية انتهت بالجهود السياسية".
كما أنها تشدد في كل مرة على أنه "لم يعد هناك أي تهديد من الأراضي الأفغانية تجاه دول المنطقة والدول المجاورة".