"كرامة المهاجرين".. ما تداعيات استدعاء السفراء بين الجزائر والنيجر؟
"الجزائر رحلت خلال الربع الأول من عام 2024 أكثر من 17 ألف مهاجر"
توتر دبلوماسي جديد في القارة السمراء، بعد إعلان وزارة الخارجية الجزائرية، في 6 أبريل/ نيسان 2024، استدعاء سفير النيجر لديها، وذلك على خلفية موضوع إعادة الرعايا النيجريين المقيمين في الجزائر بصورة غير نظامية.
ويأتي ذلك بعد إجراء مماثل للنيجر، حيث استدعت في 3 أبريل 2024، سفير الجزائر.
معاملة لاإنسانية
وقالت مجلة "جون أفريك" الفرنسية المختصة بالشؤون الإفريقية، إن "الجزائر باتت في السنوات الأخيرة وجهة مفضلة للمهاجرين غير النظاميين القادمين من غرب ووسط القارة الإفريقية".
ولفتت إلى أن الجزائر "تعد نقطة رئيسة للعبور إلى الاتحاد الأوروبي".
وأفادت المنظمة الدولية للهجرة بأن الجزائر، منذ عام 2014، طردت عشرات الآلاف من المهاجرين غير النظاميين من أراضيها.
وأوضحت بعض المنظمات غير الحكومية أن الحكومة الجزائرية تركز جهودها في عمليات إعادة الآلاف من على الحدود.
وحول السبب الذي دفع حكومة النظام العسكري النيجري إلى استدعاء السفير الجزائري لديها، قالت المجلة الفرنسية إن ذلك كان "للاحتجاج على الطبيعة العنيفة" التي تجري بها الحكومة الجزائرية عمليات الترحيل والإعادة القسرية لعشرات الآلاف من المهاجرين القادمين من غرب إفريقيا إلى النيجر.
وطالبت السلطات العسكرية في نيامي السلطات الجزائرية "إتمام عمليات الترحيل، مع احترام كرامة المهاجرين وسلامتهم الجسدية والمعنوية".
بدورها، قالت وزارة الخارجية الجزائرية، في بيانها الصادر في 6 أبريل 2024، إن "التعاون الثنائي في مسائل ترحيل مواطني النيجر كان محلا لصدور بعض الأحكام من قبل سلطات نيامي، والتي يعدها الجانب الجزائري أحكاما لا أساس لها من الصحة".
وأفادت الخارجية الجزائرية أنها ذكرت سفير النيجر، في غضون استدعائه، بـ"وجود إطار ثنائي محدد لهذه المسألة".
وأوضحت أن السفير "جرى لفت انتباهه" إلى "تمسك الجزائر الراسخ بالقواعد الأساسية لحسن الجوار"، ومشددة على "إرادة الجزائر في مواصلة التنسيق مع النيجر".
توتر مستمر
وفي هذا الصدد، أشارت "جون أفريك" إلى أن العديد من المنظمات الحقوقية غير الحكومية، من بينها منظمة أطباء بلا حدود، نددت بما وصفته بـ"المعاملة اللا إنسانية" التي يتعرض لها المهاجرون من غرب إفريقيا الساعون إلى الوصول إلى الاتحاد الأوروبي.
وأشارت إلى أن هؤلاء المهاجرين يعاد منهم حوالي 2000 شخص شهريا من الجزائر وليبيا إلى جارتها النيجر.
ووفقا لادعاءات بعض الجمعيات والمنظمات غير الحكومية، يُنقل المهاجرون النيجريون إلى بلدة أساماكا الحدودية، وبعضهم ينقل إلى مناطق أخرى غير مأهولة تقع على بعد 15 كيلومترا من المدينة.
وبحسب جمعية "إنذار فون الصحراء"، رحلت الجزائر، خلال الربع الأول من عام 2024، أكثر من 17 ألف مهاجر إلى الصحراء على الحدود مع النيجر.
وهو ما يعد زيادة ملحوظة إذا ما قورنت بعمليات العام الماضي، حيث سُجلت 26 ألف عملية ترحيل خلال عام 2023 بأكمله.
لكن الجزائر، بدورها، كثيرا ما نفت اتهامات "العنف والمعاملة اللا إنسانية"، ونددت بمروجي هذه الاتهامات، واصفة إياها بأنها "خبيثة".
ووفقا لبعض المراقبين والمحللين، يعكس التوتر الراهن الحادث بين الجزائر والنيجر أزمة حقيقية بين البلدين، لا سيما بعد فتور العلاقات بينهما منذ يوليو/ تموز 2023، إذ نددت الجزائر آنذاك بالانقلاب العسكري ضد الرئيس النيجري محمد بازوم.
وأشارت المجلة إلى أن الجزائر حاولت لاحقا التوسط في الأزمة، وطرحت مشروعا انتقاليا للتسوية، لكنه قوبل بالتجاهل من قبل السلطات العسكرية في النيجر.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2023، شن رئيس الوزراء الانتقالي المعين من قبل المجلس العسكري، علي محمد لمين زيني، هجوما قاسيا على الجزائر، واتهمها بـ"الرغبة في التلاعب بالسلطة الجديدة في نيامي"، بعد رفضها الوساطة الجزائرية.