القتال يشتد بين جيش السودان ومليشيا حميدتي.. وناشطون ينددون بدور الإمارات
“ما تشهده مدينة الفاشر جريمة حرب وعقاب جماعي للمدنيين”
اشتباكات عنيفة اندلعت بين الجيش السوداني و"الدعم السريع" في ولايات الخرطوم والجزيرة (وسط) والنيل الأبيض (جنوب) ومدينة الفاشر بولاية شمال دارفور (غرب).
وأوضحت وكالة "الأناضول" التركية الرسمية نقلا عن شهود العيان في 2 يونيو/حزيران 2024، أن الجيش السوداني نفذ غارات جوية على مراكز تجمع لعناصر الدعم السريع حول مصفاة الجيلي للنفط شمالي الخرطوم، وأن أعمدة الدخان تصاعدت في سماء المنطقة بكثافة جراء القصف.
وأشارت إلى تأكيد الشهود أن طيران الجيش شن غارات في مناطق جنوبي الخرطوم، ومنطقة القطينة بولاية النيل الأبيض المتاخمة للخرطوم من الناحية الجنوبية، لافتة إلى أن الدعم السريع يسيطر على مناطق واسعة في مدينة بحري (شمال شرقي الخرطوم) بما فيها مصفاة الجيلي.
وأوضحت أن الجيش يتمركز بعدة أحياء شمال بحري، وفي مقر سلاح الأسلحة ومعسكري حطاب والكدرو بذات المدينة.
ورصدت وسائل إعلام سودانية، تأكيدات وزارة الصحة بولاية شمال دارفور ارتفاع أعداد القتلى والمصابين خلال اليومين الماضيين نتيجة للمواجهات بين الجيش وحلفائه من الحركات المسلحة ضد الدعم السريع في الفاشر.
ونقلت عن المدير العام لوزارة الصحة بولاية شمال دارفور، إبراهيم عبد الله خاطر، قوله إن عدد الإصابات خلال اليومين الماضيين بلغ حوالي 84 مصابا و45 قتيلا.
وسلط ناشطون على منصة "إكس" الضوء على التطورات التي تشهدها السودان وتحولها إلى وكر للمليشيات وتصاعد الإجرام بها والانتهاكات بحق المدنيين، صابين جام غضبهم على مليشيات الدعم السريع التي يرأسها محمد حمدان دقلو الشهير بـ"حميدتي".
وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها، #الدعم_السريع_مليشيا_ارهابية، #الفاشر_مقبرة_الجنجويد، #الفاشر، #الامارات_تقتل_السودانيين #السودان #الفاشر، أعربوا عن غضبهم من تصاعد القتال بين الجيش والدعم السريع في كل الجبهات، مستنكرين التجاهل الإعلامي والعالمي والحقوقي.
واتهم ناشطون الإمارات بأنها "الممول الرئيس والمباشر والداعم بالمال والمرتزقة والسلاح والمركبات القتالية لمليشيات الدعم السريع المتسببة في كل الجرائم الحاصلة"، مستدلين على ذلك بتقارير أجنبية فضحت دور الإمارات برئاسة محمد بن زايد في تقديم أشكال الدعم كافة للمليشيات.
تطورات ومستجدات
وتفاعلا مع التطورات، أكدت الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ، أن “الشعب السوداني مازال ينزف دما، وتتواصل على أرضه مجازر سفك الدماء، فقد شنت مليشيات حميدتي هجوما شرسا على الفاشر، مرتكبة مجزرة مروعة ضد المدنيين العزل قُتل فيها أكثر من 300 شخص بطريقة وحشية”.
وقالت إن "الدعم السريع تُحاصر حاليا الفاشر، وتُغلق خزان المياه الوحيد في المدينة حتى يموت سكانها عطشا، وتقتل العزل من السكان في سلوك إجرامي، ويغرق الولاية في بحر من الدماء، ويُشعل نار حرب أهلية ثانية في دارفور، ويزيد جراح شعب السودان المكلوم الذي يستحق التذكير بمأساته والتضامن مع أهله".
ودعت الهيئة الدول العربية والإسلامية إلى القيام بواجبها بالسعي إلى إيقاف الحرب ومنع استمرار نزيف الدماء في السودان الحبيب.
وأكد هلال نوري، إلى وقوع خسائر كبيرة جدا في العتاد والأرواح في صفوف مليشيا الدعم السريع لأول مرة منذ بداية الصراع بالفاشر، لافتا إلى أن أعداد الأهداف المدمرة للمليشيا ضخمة، كما تم رصد شحنة ذخائر وأسلحة قادمة من إحدى دول الجوار تم تدميرها بالكامل.
وقالت مبادرة "أنقذوا الجنينة"، إن "ما يشهده إقليم دارفور، خاصة في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، هو جريمة حرب، وجريمة ضد الإنسانية، وعقاب جماعي للمدنيين".
وأشارت إلى أن "الجميع محكوم عليهم بالموت جوعا أو بسبب القصف العشوائي المتعمد من قبل أطراف النزاع"، مؤكدة "وجوب وقف القتال فورا وفتح الممرات الإنسانية والسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى المحتاجين، الذين أنهكهم الجوع ويعيشون في ظروف مروعة لا توصف".
وأكدت الصحفية ملاذ عماد، أن الوضع في الخرطوم والولايات المحاصرة "كارثي"، انعدام تام لمياه الشرب غلاء وشح كبير جدا في أسعار السلع وأغلب المواد التموينية الاستهلاكية خلال فترة الحرب تحديدا الدقيق والعدس، وصعوبة في الحركة داخل وخارج المدن والأحياء بسبب الحصار المفروض وانقطاع عام لكل شبكات الإنترنت والاتصالات.
وأشارت إلى أن وجود نقص حاد في علاجات الأمراض المزمنة مثل السكري والضغط والكلى وأمراض القلب والشرايين، وانقطاع تام للكهرباء في أغلب المدن والمحليات المحاصرة ولجوء المواطنين لحفر الآبار يدويا قرب الخطوط الرئيسة لمحطات المياه.
ولفتت عماد، إلى وقوع اشتباكات بكل أنواع الأسلحة وتدوين مستمر وبصورة عشوائية تجاه بيوت المواطنين، واستيقاظ الناس يوميا على مشهد سحب الدخان التي تغطي سماء الخرطوم، الجزيرة، الفاشر وغيرها من الولايات، أو على صوت الرصاص الطائش داخل البيوت وصوت التدوين المدفعي وصراخ الأطفال.
وقالت الصحفية المصرية شيرين عرفة: "أطيب شعوب الأرض.. أرق الناس قلوبا، وأعذبهم حديثا، أصحاب الفطرة النقية، إخواننا في الدين والعروبة والأرض والنيل، أهل السودان الحبيبة، يتعرضون لأقسى وأشد محنة في تاريخهم الحديث".
وقال الناشط ياسين أحمد: "كالعادة مليشيات الجنجويد المرتزقة تقصف بالمدفعية الثقيلة منازل المواطنين بالفاشر حي مكركا وزنقو بعد عجزها عن هزيمة الجيش".
وقال المستشار السابق بمجلس الوزراء السوداني أمجد فريد: "لن ننسى أبدا أن مجرم آل دقلو أشعل حربا في السودان ودمره وشرد شعبه وأذلهم في بقاع الأرض لتحقيق طموحه وطموحات من يوسوس له للحكم وتأسيس شمولية فاشية جديدة ترث حكم المخلوع عمر البشير ثم هرب بعد ذلك مختبئا في بلاد سادته تاركا بلادنا تحترق".
جرائم الدعم
ورصدا لجرائم الدعم السريع عرض مكاوي المالك، مقطع فيديو يوثق ارتكاب المليشيات مجزرة وحشية وعنصرية بحق أسرى معركة الزرق، حيث قاموا بتصفيتهم بدم بارد لمجرد انتمائهم لقبائل المساليت والفور، وذلك مواصلة لسلسلة جرائمها.
وعرض الباحث في الشؤون الدولية والإستراتيجية المتخصص في إفريقيا والشرق الأوسط إدريس آيات، مقطع فيديو لسيدة سودانية تبكي بحرقة يُدمي القلب؛ إنها "تحكي مجازر ميليشيا الدعم السريع؛ كيف قتلت أمها، والدها، وإخوانها، والجميع يهرب تجاه تشاد من دارفور!".
وعلق قائلا: "لن تفهم أبدا الآلام والخوف والمعاناة حتى تأتي الحرب إلى عتبة دارك بتسليح خارجي".
وأكد المغرد أبو عزيز، أن مليشيا الدعم السريع المدعوم من قبل الإمارات تقوم بإجبار الأحياء على دفن أنفسهم أحياء إلى جانب إخوتهم المقتولين".
وشبه أحد المغردين الدعم السريع بـ"السرطان"، لافتا إلى أن "أي منطقة سيطرت عليها وقفت منها الحياة تماما وجفف أي شيء فيها يساعد المواطن على المعيشة".
دور الإمارات
وتسليطا للضوء على دور الإمارات في قتل السودانيين من خلال دعمها مليشيا الدعم السريع، غرد خليل أحمد، تحت وسم الإمارات تقتل السودانيين، مشيرا إلى رصد شاحنات محملة بالأسلحة تعبر الحدود السودانية قادمة من تشاد.
وأشار أحد المغردين إلى وجود وثائق جديدة تؤكد أن ابن زايد ينشر الدمار ويؤجّج الصراعات ويدمّر بلدان المنطقة، لافتا إلى أن تقريرا للأمم المتحدة عن شحنات إماراتية عسكرية منتظمة لميليشا الدعم السريع فى السودان تصلها عبر تشاد.
وتساءل: “متى يضع شعب الإمارات الأبيّ حدا لهذا الإجرام العابر للحدود؟”
ونقل أستاذ الاقتصاد في جامعة تورنتو - كندا، فارس المصري، عن صحيفة "الغارديان" البريطانية، قولها إن الإمارات هي الجهة الخارجية الأكثر استثمارا في الحرب، فهي التي تقدم دعما مباشرا وشاملا للدعم السريع، ما أتاح لها شن الحرب بشكل واسع وتقويض الانتقال الديمقراطي في السودان.
وأشارت هدير قصي، إلى نشر صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية تقريرا قالت فيه إنها اطلعت على تقرير موثوق للأمم المتحدة يقول إن الإمارات تشحن معدات عسكرية عبر رحلات أسبوعية لطائرات شحن إماراتية إلى مطار فى تشاد ثم تسلم عبر الحدود السودانية لمليشيات الدعم السريع فى السودان لمساعدتها على استمرار الحرب الأهلية، واصفة ذلك بأنه "فضيحة إماراتية".
وعرض الأكاديمي المصري سام يوسف، ما قال إنها "قصة حقيقية تثبت دور دويلة الإمارات العبرية في إشعال حرب السودان!!".
وأضاف أن "عبد الإله محمد عثمان، سوداني وقع عقدا للعمل في دويلة الإمارات لكنه فوجئ بنقله عنوة من أبوظبي إلى ليبيا لإجباره على القتال لصالح الإمارات في صفوف مليشيات حميدتى!!".
وقالت بنت خليفة إن "شيطان العرب ابن زايد ومن على شاكلته يستخدمون آخر كروتهم المحروقة لمحاولة إنقاذ المليشيا المتهالكة"، مضيفة أن شاحنات كبيرة مشحونة بالأسلحة والذخائر الإماراتية تعبر الحدود السودانية تحركت من منطقة ادري التشادية دعما للمليشيات.
انتصارات الجيش
وعن دور الجيش السوداني، قال الصحفي أحمد البلال الطيب: "فيما واصلت القوات المتمردة قصفها العشوائي المتقطع من بحري لكرري ووادي سيدنا، ردت عليها مدفعية الجيش".
وأضاف أن "مصادر عسكرية أكدت أن جهود ولاية الخرطوم تواصلت بالتنسيق مع القوات المسلحة والشرطة وفقا لإعلام الشرطة والولاية، لإزالة الأنقاض وإعادة تأهيل وإعمار سوق أم درمان، عقب إنجاز إصلاحات الكهرباء والمياه والخدمات الأساسية، تعزيزا لعودة المواطنين التي انتظمت عقب تطهير المنازل والأعيان المدنية من القوات المتمردة".
وأشار أنس محمد إلى أن "القوات المسلحة، والقوة المشتركة والمستنفرين استطاعت تحرير أكبر معسكر لمليشيا الدعم السريع في (وادي أمبار) ومنطقة (برمرقي) قرب قاعدة الزُّرق العسكرية، وغنموا كمية من العتاد الحربي بعد معارك عنيفة".
ورأى عاطف جمال، أن "الشيء الوحيد الجيد الذي فعلته حركات دارفور المسلحة هو التحالف مع الجيش والدخول في معركة حماية الفاشر - لأنهم كانوا سيجبرون على دخولها لا محال".
وأكد أن "الدعم السريع لا هدف لهم سوى القتل وسبي أموال مواطني الفاشر والمناطق التي سيدخلونها وإن اعترض طريقهم أي أحد كان سيقتلونه".
وقال محمد خير: "رغم الألم والمآسي إلا أننا سعداء بالانتصارات التي حققتها قواتنا إخواننا في الجزء الشمالي لولاية شمال دارفور".
تجاهل تام
واستنكارا لغياب الموقف الدولي من الأحداث في السودان والتجاهل الإعلامي والحقوقي لها، تساءل الناشط ياسر مصطفى: “أين المجتمع الدولي من هذه الجرائم؟، أين المحكمة الجنائية الدولية؟، أين حقوق الإنسان، بل أين حتى منظمات حقوق الحيوان؟”
وأكد أحد المغردين، أن المجتمع الدولي والتقاعس متعمّد مرة واثنتن وثلاثا، مشيرا إلى أن الدعم السريع يواصل القصف والتدوين على أحياء مدينة الفاشر الجنوبية بعد مغيب شمس اليوم.
وأضاف أن "ترويع السكان المدنيين قتلهم وتشريدهم هي السياسة المتبعة من هذه المجموعة الإرهابية".
وأشارت مغردة إلى أن "17 ألف طفل في غزة صاروا أيتاما منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، وحوالي 14 مليون طفل سوداني بحاجة لمساعدة إنسانية عاجلة"، متسائلة: “أين هي منظمات حماية الطفل ممّا يحدث في السودان وغزة؟”
وأكد وسام بن عبدالله، أن "السودان الذي أهمله الإعلام العربي والعالمي ينزف جرحا من قوات إرهابية تم دعمها من سارقي خيرات البلدان الذهب والمعادن والشجر والحجر".
وذكر بأن "القرامطة سرقوا عام 325 حجر الكعبة وأعيد بعد 20 عاما مكسورا"، قائلا إن "اليوم أحفادهم على درب أجدادهم لكن في البلدان المختلفة".
وقال نشوان الحاج: "السودان القتل في الظلام.. بعيدا عن الإعلام وتحت غياب تام لعدسات الكاميرات يحرق السودانيين أحياء".
ووصف سعدة شيليم، ما يحدث في السودان بأنه "شيء محزن جدا وجرائم يندى له الجبين"، لافتا إلى "اغتصاب النساء واستعبادهن وقتل الرجال وتشريد ونزوح الملايين والبلد مُهدد بدخول أسوأ مجاعة في التاريخ الحديث".
وقال إن "المحزن والمخجل الإعلام العربي والغربي كذلك غائبون عن كل هذه الجرائم، وكأن السودان خارج نطاق هذا الكوكب اللعين".