تقرير فرنسي يتساءل: لماذا سيكون صعبا على ترامب إضعاف الحوثيين؟

منذ شهرين

12

طباعة

مشاركة

لم تؤد "التدخلات الخارجية السابقة" إلى نتائج ملموسة في إضعاف جماعة الحوثيين باليمن، بل قد تكون أسهمت في تعزيز موقفهم.

هذا ما خلص إليه موقع "فرانس 24" في خضم حديثه عن التحديات التي تواجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في محاولاته لإضعاف الجماعة التي تشن هجمات على إسرائيل.

وأشار الموقع إلى أن الحوثيين، الذين يسيطرون على أجزاء واسعة من اليمن، يتمتعون بدعم إيراني مستمر، مما يعزز من قدراتهم العسكرية والسياسية. 

بالإضافة إلى ذلك، فإن "التعقيدات الجغرافية والقبلية في اليمن تجعل من الصعب تحقيق انتصار حاسم ضدهم". 

وبين أن أي محاولة جديدة لإضعافهم قد تواجه تحديات كبيرة تتطلب إستراتيجيات مختلفة وأكثر شمولية، بعد الفشل المتكرر في تحييدهم.

صامدون رغم الهجمات

وشنت الولايات المتحدة ضربات جوية على عدة أهداف في مختلف أنحاء اليمن خلال ليلتي 18 و19 مارس/ آذار 2025. 

واستهدفت الضربات بشكل خاص مدينة الحديدة الساحلية ومحافظة صعدة، التي تُعد معقلا رئيسا للحوثيين.

وأسفرت عن مقتل 53 شخصا وإصابة 98 آخرين، وفقا لما أعلنه الحوثيون، الذين أكدوا أنهم ردوا بشن ثلاث هجمات على حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر.

وبعد سنوات من القتال في جبال اليمن القاحلة ونجاتهم من آلاف الهجمات الجوية، ورغم الضربات القاتلة التي أعلن عنها ترامب في 15 مارس 2025، لا يزال هؤلاء المتمردون المخضرمون والمدعومون من إيران يظهرون موقفا متحديا، وفق وصف الموقع.

وكما كتب أليكس بليتساس على موقع مجموعة تفكير "المجلس الأطلنطي"، فإن "قدرة الحوثيين على الصمود تكمن في أن أسلحتهم منتشرة عبر التضاريس الجبلية لليمن، مما يعقد جهود الاستهداف".

وبالإشارة إلى أصل هذه الجماعة، ينقل الموقع الفرنسي عن تقرير صادر عن الأمم المتحدة، في أواخر عام 2025، أن "الحوثيين، القادمين من شمال اليمن، استولوا على مساحات شاسعة من الأراضي وأصبحوا منظمة مسلحة قوية بفضل الدعم الخارجي، لا سيما من إيران وحزب الله اللبناني".

وبوصفها أنهم "مقاتلون صامدون"، تنوه إليزابيث كيندال، مديرة كلية جيرتون في جامعة كامبريدج، أنه "منذ تدخل التحالف العسكري بقيادة السعودية لدعم الحكومة اليمنية في عام 2015، والذي يضم أيضا الإمارات، كان الحوثيون هدفا لأكثر من 25 ألف غارة جوية".

وينتمي الحوثيين إلى الأقلية الزيدية، وهي إحدى الفرق الشيعية، وقد دفعوا السعودية إلى الدخول في مفاوضات تهدئة قبل اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

نقص استخباراتي

وخلال عام 2024، كانت "جماعة الحوثيين هدفا لضربات أميركية وبريطانية وإسرائيلية".

وتهدف العمليات الأميركية إلى "تحييد تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر، وهو ممر بحري أساسي للتجارة العالمية".

ومن جانبهم، صرح الحوثيون أنهم "يستهدفون السفن المرتبطة بإسرائيل تضامنا مع الفلسطينيين، في سياق الحرب على غزة التي اندلعت بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس في إسرائيل في 7 أكتوبر 2023".

وفي هذا الصدد، يشير الموقع إلى أن "واشنطن كثفت الضغط على إيران وحلفائها وفرضت عقوبات على قادة الحوثيين، مصنفة الجماعة منظمة إرهابية".

ولكن رغم ذلك، تؤكد إليزابيث كيندال أن "القضاء على حركة تسيطر على أراض تعادل نحو عشرين ضعف مساحة لبنان و500 ضعف مساحة غزة سيكون صعبا".

وبهذا الشأن، يوضح فابيان هينز، من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، أنه "إذا كانت العمليات الاستخباراتية قد أسهمت في إضعاف كل من حماس وحزب الله، وهما حليفان آخران لإيران، فإن الحوثيين لم يكونوا أولوية من حيث جمع المعلومات".

ويضيف هينز أن "الحرب ضد حزب الله وحماس تضمنت هجوما بريا إسرائيليا واستخبارات متعمقة"، مؤكدا على أن "هذا لن يحدث في اليمن، فالأميركيون لن يرسلوا قوات برية".

حملة تجنيد واسعة

ومن جهة أخرى، يعكس فابيان هينز أن "طهران لعبت دورا أساسيا في تعزيز القدرات العسكرية للحوثيين، الذين يمتلكون صواريخ باليستية وأخرى من نوع كروز يصل مداها إلى 2000 كيلومتر، بالإضافة إلى طائرات مسيرة يمكنها الوصول إلى مدى أبعد". 

ورغم أن هجماتهم غالبا ما يُتصدى لها، فإنه يحذر من "وجود إمكانية دائمة لأن تصيب إحدى الهجمات هدفها".

ورغم أنهم لا يشكلون تهديدا مباشرا للقوة العسكرية الأميركية، فإنهم "يمكنهم الاستفادة من الطبيعة غير المتكافئة للصراع"، كما تؤكد إليزابيث كيندال.

وبحسب تقرير الأمم المتحدة، يشير الموقع الفرنسي إلى أن "الحوثيين أطلقوا مشروع تجنيد واسع النطاق، حيث ارتفع عدد مقاتليهم من 220 ألفا في عام 2022 إلى 350 ألفا بحلول منتصف عام 2024".

وترى كيندال أن "مجرد الاستمرار في إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة من البحر الأحمر، مهما كانت بدائية، سيؤدي إلى إرباك التجارة البحرية العالمية وتهديد حرية الملاحة".

وقال الشريك المؤسس لمركز "صنعاء" للدراسات الإستراتيجية ماجد المدهجي: إن "السبيل الوحيد لإضعاف الحوثيين بشكل كبير هو حرمانهم من الوصول إلى البحر الأحمر، الذي يعد المنفذ الرئيس لوصول الأسلحة والتمويلات إليهم".

وخلص الموقع الفرنسي إلى أن "الحملة الجوية بمفردها لن تشكل تهديدا وجوديا للحوثيين".