عملية "البحر الميت" ضد جنود إسرائيليين.. ما انعكاساتها على إخوان الأردن؟
!["جماعة الإخوان في الأردن أكدت أن العملية كانت تصرفا فرديا وليس بتوجيه منها"](https://s3.eu-west-3.amazonaws.com/alestiklal/gallery/2024/10/22/697534751.jpg)
"جماعة الإخوان في الأردن أكدت أن العملية كانت تصرفا فرديا وليس بتوجيه منها"
جدل واسع اندلع في الوسط السياسي الأردني على خلفية عملية "البحر الميت" التي نفذها اثنان من الشباب الأردني بإطلاق نار على جنود إسرائيليين، وأسفر عن استشهاد المنفذين، وذلك بالحديث عن انتماء الشهيدين إلى جماعة الإخوان المسلمين في الأردن.
وأعلن الاحتلال الإسرائيلي في 18 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، أن قواته قتلت "مهاجمَين يرتديان ملابس عسكرية عبرا من الأردن إلى الأراضي الإسرائيلية" جنوب البحر الميت وأطلقا النار على الجنود، ما تسبب بإصابة جنديين بجروح طفيفة في المواجهة.
في المقابل، نفى الجيش الأردني، خلال بيان نشره على موقعه الإلكتروني في اليوم نفسه، اجتياز عسكريين الحدود الغربية باتجاه إسرائيل، بالقول: "لا صحة لما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام العبرية باجتياز عسكريين أردنيين الحدود الغربية للمملكة".
![](https://s3.eu-west-3.amazonaws.com/alestiklal/gallery/2024/10/21/613508269.jpg)
"جدل الانتماء"
على وقع عملية البحر الميت، أعلن المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، معاذ الخوالدة، أن المهاجمين اللذين قتلهما جيش الاحتلال بعد تسللهما من الأردن وإطلاق النار على جنود، ينتميان إلى الجماعة.
ونقلت وكالة "فرانس برس" في 18 أكتوبر، عن الخوالدة، قوله إن المهاجمين حسام أبو غزالة وعامر قواس من منتسبي الجماعة في عمان "من أبناء الجماعة وكانا يشاركان دائما في الفعاليات المتضامنة مع غزة والمؤيدة للمقاومة".
وتناقل أردنيون مقطعي فيديو لقواس وأبو غزالة نشرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي قبل ساعات يعلن فيه كل منهما أنه "الشهيد الحي" وذلك قبيل إعلان الاحتلال قتل "مهاجمَيْن عبرا من الأردن الى الأراضي الإسرائيلية" جنوب البحر الميت.
لكن في الوقت الذي رحب فيه حزب جبهة العمل الإسلامي -الذراع السياسية للإخوان المسلمين في الأردن- بالعملية ووصفها بـ"البطولية"، أكدت أنها حصلت "كرد فعل فردي من شبان أردنيين لم يتحملوا مشاهد الوحشية الصهيونية الغاشمة".
وقالت الجبهة خلال بيانها في 18 أكتوبر، "تابعت جماعة الإخوان المسلمين الأخبار التي تواردت عن عملية البحر الميت البطولية فجر اليوم، التي نفذها الشهيدان حسام أبو غزالة وعامر قواس، كرد فعل فردي من شبان أردنيين لم يتحملوا مشاهد الوحشية الصهيونية الغاشمة".
وأضافت أن "هذا الفعل ليس جديدا على الشعب الأردني فهو يأتي في سياق مسيرة بدأها الشهيد البطل كايد العبيدات ولم تقف عند الشهيد البطل ماهر الجازي، دون أن ننسى تضحيات جيشنا العربي الذي ما زالت دماء شهدائه شاهدة على أرض القدس وفلسطين".
وفي 8 سبتمبر/ أيلول 2024، أطلق ماهر الجازي وهو سائق شاحنة أردني وعسكري سابق، طلقات نارية احترافية، على ثلاثة عناصر من الأمن الإسرائيلي عند معبر الكرامة الحدودي "اللنبي" بين الأردن والاحتلال الإسرائيلي، وأرداهم قتلى على الفور، ثم استشهد لاحقا.
وعن شهادته، قال شادي، شقيق ماهر الجازي الذي ينتمي لعائلة الحويطات، إن "شقيقه غضب على ما يجرى في غزة وحزن من حال الأمة الإسلامية، فكل إنسان يرى القتل في إخواننا بالقطاع يتحرك ضد الاحتلال الصهيوني فبادر لهم"، حسبما نقلت وكالة "عمون" الأردنية.
تحريض للإقصاء
في المقابل، قال الخبير الأمني الأردني عمر الرداد إن تبني الإخوان المسلمين العملية التي نفذها عضوان من الجماعة، “يعكس تحولا عميقا” في علاقة الإخوان مع الدولة، تلك العلاقة التي حكمتها مقاربة "اللاحرب واللاسلم" بمعنى أن الدولة صاغت هذه العلاقة على أساس أنهم ليسوا أعداء ولا حلفاء.
وأضاف الرداد في مقال نشره موقع "مدار الساعة" المحلي في 19 أكتوبر، أن "الإخوان المسلمين أصدروا بيانا صحفيا بعد مضي أكثر من 15 ساعة على العملية يزعمون فيه أن العملية فردية، وذلك بعد نشر وصايا المنفذين، وصدور بيان عن جبهة العمل الإسلامي يبارك العملية، والإعلان عن مهرجان مركزي احتفالا بعرس الشهيدين".
وزعم الرداد، أن "عملية البحر الميت، وخلافا لعملية ماهر الجازي الفردية، جرى التخطيط لها والتنفيذ من جماعة الإخوان أو على الأقل من تيار فيها، يعمل مع حركة حماس وإيران، وهي محطة من محطات الخط البياني المتصاعد للجماعة عبر نشاطات جماهيرية".
وادعى الضابط الأردني المتقاعد أن "الجماعة عبر هذا النشاط استهدفت الدولة الأردنية، بإعلان الولاء لـ(السنوار والضيف وأبي عبيدة)، والمطالبة بإسقاط معاهدة السلام، والتشكيك بمواقف الدولة الأردنية الداعمة للفلسطينيين على أرضهم".
وحرّض الكاتب، الدولة الأردنية على التحرك السريع بـ"حلّ جماعة الإخوان في الأردن وحزبها، وتطبيق مواد قوانين مكافحة الإرهاب، وكذلك حلّ مجلس النواب.. ولتكن رسالتنا على نفسها جنت براقش، وإلا فالخطوة القادمة من براقش ستكون أخطر".
وفي السياق ذاته، قال وزير الإعلام الأردني الأسبق، سامح المعايطة، عبر منصة "إكس" في 18 أكتوبر، إن "وكالة الأنباء الفرنسية نقلت عن الإخوان المسلمين أن منفذي عملية اليوم (البحث الميت) من أعضاء الجماعة".
وتساءل المعايطة، قائلا: "فهل قاما بذلك بقرار من الجماعة أم باجتهاد منهما أم هناك طرف ثالث يصنع خلايا من عناصر الإخوان ويوجههم بعلم قيادات من الجماعة ومشاركتها.. إجابات هذه الأسئلة ستصنع مسارا جديدا لوضع الجماعة في الأردن".
"حالة طبيعية"
وبخصوص مدى انعكاس عملية "البحر الميت" على واقع الإخوان المسلمين في الأردن، قال الكاتب والمحلل السياسي الأردني، حازم عيّاد، إنه "في ضوء تأكيد قيادة الجماعة بأن العمل فردي، فإن التبعات السياسية والقانونية الناجمة عن ذلك ستبقى محصورة بالأفراد المنفذين لها".
وأضاف عيّاد لـ"الاستقلال" أن "العملية من حيث الجوهر لا تختلف عن عملية الشاب من عشيرة الحويطات الشهيد ماهر الجازي، لأن الأخير يُعد أحد كوار الجيش كونه عسكري متقاعد ينتمي للجيش الأردني".
وتابع: "فضلا عن أن الجازي أحد أفراد واحدة من أكبر العشائر وهو ما احتفى به الأردنيون وعلى رأسهم عشيرته مع التأكيد أن قام بعمل فردي يعكس حالة الغضب الناجمة عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وأشار عيّاد إلى أنه "يمكن النظر إلى الجدل الحاصل في الساحة الأردنية بأنه جدل طبيعي كون الحادثة تبحث عن تفسير سياسي وآخر قانوني، التي تعد من الأفعال الفردية وهو ما أشكل لدى الكثيرين في ضوء ردود الفعل السياسية والاجتماعية الناجمة عنها".
ورأى الباحث أن "الردود الحاصلة على الحادثة انحصرت بين الاحتفاء بها وبين التأكيد على أنها عمل فريدي يعكس حالة العضب التي تعتري الشارع الأردني بسبب جرائم الاحتلال".
من جهته، استهجن المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين، مراد العضايلة، الحملات التحريضية المتواصلة ضد الحركة الإسلامية وحزب "جبهة العمل الإسلامي" على خلفية الموقف من "عملية البحر الميت"، حسبما نقلت وكالة "البوصلة" الأردنية في 20 أكتوبر.
وأكد العضايلة في تصريحاته أن "الحركة الإسلامية التي عمرها 78 عاما في هذا البلد ليست حالة طارئة وليست جديدة، وهي ليست بحاجة لإعادة تعريف نفسها، لا سيما وأن الجميع يعرف جيدا سلوكها ومواقفها وعلى رأسهم من يقودون هذه الحملات".
وشدد على أن "البيان الصادر عن الإخوان المسلمين أجاب على ما التبس في بيان جبهة العمل الإسلامي، وأوضح أن هذا عمل فردي قام به هؤلاء الشباب تحت ضغط ما يرون من المجازر والظلم الذي يقع على أهلنا وشعبنا في غزة، ومن التهديدات الصهيونية لبلدنا وشعبنا التي لا تتوقف، وهذه العربدة الصهيونية التي لا ترى أحدا في المنطقة".
وعبّر العضايلة عن أسفه من أن "البعض جعل من هذه الحملة فرصة للدعوة إلى حل مجلس النواب على فوز الإخوان في الانتخابات النيابية من خلال هذه الحملة، وتسديد السهام للحركة وإخراجها عن وطنيتها ودورها".
ولفت إلى أن "استمرار هذه الحملة الظالمة على الحركة الإسلامية ليس في صالح البلد، فالتحريض على أكبر مكون سياسي واجتماعي في البلاد هو تحريض على الفتنة".
ونفى العضايلة وجود أي تعامل بطريقة ندية مع الدولة، بالقول: "إننا في الحركة الإسلامية جزء من هذا المجتمع ونحترم القانون والدستور ونقوم بدورنا الوطني على أكمل وجه".
وأشار إلى أن “هناك من يغيظه أن الحركة الإسلامية في صدارة المشهد السياسي، وتقود الشارع، ويحترمها المجتمع، وظهر ذلك في الانتخابات وفي صناديق الاقتراع في كل أنحاء الأردن في بواديه ومخيماته ومدنه وقراه، ولذلك يسعون لتسديد السهام للحركة”.
وخاطب العضايلة شباب الأردن، قائلا: "معركتنا مع اليهود قادمة لا محالة وستفرض علينا، فلا تتعجلوا المعارك، ونحن في دولة، نمارس دورنا، لنصرة القضية الفلسطينية، ولن نتخلف على ذلك، ونحن نطالب منذ بداية هذه المعركة بإعادة خدمة العلم وأن يكون هناك جيش شعبي رديف للدولة".
المصادر
- الأردن ينفي أنباء اجتياز عسكريين حدوده الغربية نحو إسرائيل
- إخوان الأردن يؤكدون انتماء مهاجمين إليهم قتلهما جيش إسرائيل
- مطالبات بحل اخوان الاردن.. خبير امني: على نفسها جنت مراقش
- الأردن.. جماعة الإخوان تتبنى "عملية البحر الميت"
- المراقب العام للإخوان المسلمين: أولويتنا حماية الأردن وعلى المحرضين توفير أقلامهم وكلماتهم للعدوّ الصهيوني