لإسناد غزة.. ما حقيقة تسليح المليشيات العراقية لـ"مقاتلين في الأردن"؟
مسؤول عراقي أكد أن السلطات العراقية ترفض انتهاك سيادة البلد الجار
لا تزال مليشيات إيران في العراق تحاول إيجاد موطئ قدم لها في الأردن لشن هجمات على إسرائيل، رغم أنها تستطيع قصف الاحتلال عبر الأراضي اللبنانية التي يسيطر عليها حزب الله، أو عن طريق سوريا في المناطق الخاضعة للنظام السوري، وقريبة من هضبة الجولان المحتلة.
وبين الحين والآخر تعلن المليشيات الشيعية هذه، تحت عنوان "المقاومة الإسلامية في العراق"، شن هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على الاحتلال الإسرائيلي، في سياق الرد على العدوان على قطاع غزة الذي بدأ في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وتضم "المقاومة الإسلامية" في العراق بشكل أساسي، خمس جماعات، هي: "كتائب حزب الله"، و"عصائب أهل الحق"، و"حركة النجباء"، و"كتائب سيد الشهداء" و"كتائب الإمام علي"، إضافة إلى بعض الفصائل الصغيرة مثل “أنصار الله الأوفياء، ولواء الطفوف”.
"تسليح المقاومين"
ولعل آخر المحاولات التي صدرت عن هذه المليشيات، هو إعلان "كتائب حزب الله" العراقية في 2 أبريل/ نيسان 2024، أنها جهّزت أسلحة وقاذفات ضد الدروع وصواريخ تكتيكية لـ "مقاتلين"، تحت اسم "المقاومة الإسلامية في الأردن".
وقال المسؤول الأمني للكتائب أبو علي العسكري، إن "المقاومة الإسلامية في العراق أعدت عدتها لتجهيز المقاومة الإسلامية في الأردن بما يسد حاجة 12 ألف مقاتل من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقاذفات ضد الدروع والصواريخ التكتيكية وملايين الذخائر وأطنان من المتفجرات، لنكون يدا واحدة للدفاع عن إخوتنا الفلسطينيين".
وأكد العسكري في منشور على قناته في تطبيق "تلغرام"، جهوزية "المقاومة في العراق بالشروع في التجهيز"، متابعا "ويكفي في ذلك التزكية من حركة (المقاومة الإسلامية) حماس أو الجهاد الإسلامي، لنبدأ أولا بقطع الطريق البري الذي يصل إلى الكيان الصهيوني".
وخلال العدوان على غزة، نشرت وسائل إعلام عبرية عن إقامة طريق بري يصل دول الخليج بدولة الاحتلال لإيصال البضائع إليها عبر الأردن، وهو ما أثار حالة غضب عربية واسعة ومطالبات أردنية خلال المظاهرات بوقف هذا الجسر.
ولم يصدر أي تعليق من الجانب العراقي الرسمي عما صدر من المليشيات حتى يوم 7 أبريل، لكن صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، نقلت عن مسؤول حكومي عراقي، قوله إن "الواقع لا يسمح لأي جهة عراقية بتسليح مجاميع خارج البلاد للقيام بتحركات مشبوهة"، مؤكدا أن "العراق يرفض انتهاك سيادة البلد الجار".
وأوضح المسؤول العراقي (لم تكشف عن هويته)، أنه "لا دليل على أرض الواقع يشير إلى إمكانية تسليح مجاميع في الأردن".
وفي 28 مارس، شكك نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية فؤاد حسين، بتبنّي "المقاومة الإسلامية" في العراق، الهجمات المتكررة لمواقع عسكرية في العمّق الإسرائيلي، مشيرا إلى أن "سلطات الاحتلال لم تعلن صحّة هذه المعلومات".
الوزير العراقي، أوضح خلال مقابلة مع إذاعة "صوت أميركا"، قائلا: “قرأت البيانات الصادرة، ولكن الجانب الآخر لم يقل إنها صحيحة، وأنا لا أعرف هل هذه البيانات للاستهلاك الداخلي أو أنها حقيقة؟”
ووفق حسين، فإن "استخدام السلاح داخل العراق يتطلب قرارا من القائد العام للقوات المسلحة، ولا ينبغي لأي شخص أن يتخذ قرارا من ذاته أن يشن حربا على هذه الجهة أو تلك"، مؤكدا أن "قرار الحرب يصدر من البرلمان العراقي حصرا، وليس قرارا شخصيا".
محاولات للاختراق
وفي الوقت الذي لم يصدر فيه أي تعليق من الجانب الرسمي الأردني، فإن صحيفة "إندبندنت عربية"، أفادت بأن "الحكومة الأردنية رفضت قبل أسابيع دخول شخصيات عراقية محسوبة على تيارات سياسة موالية لإيران إلى الأردن ضمن قوافل إغاثة تبرع بها العراقيون لقطاع غزة المنكوب".
ولفتت الصحيفة في 2 أبريل، إلى أن "الحكومة لمست محاولات جادة لاختراق السيادة الأردنية عبر شماعة المساعدات، ونقلت السلطات لنظيرتها العراقية ضرورة مرور أي مساعدات عبر أراضي الأردن إلى الجهات المسؤولة، وهي الهيئة الخيرية الهاشمية والقنوات الرسمية الأخرى".
في المقابل، نشرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية التابعة لحزب الله، تقريرا في 3 أبريل نقلت فيه عن مصادر قالت إنها في "المقاومة العراقية" بأن "فتح قناة تواصل مع المقاومة الأردنية، وتزويدها بالسلاح وتدريب بعض مقاتليها، تم عبر مراحل مختلفة".
وتابعت: "لكن الاهتمام بها بدأ بعد عملية طوفان الأقصى انطلاقا من ضرورة فتح جبهات جديدة لدعم حركات المقاومة داخل فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي".
وأشارت المصادر إلى أن "المقاومة العراقية كانت طوال فترة الحرب ضدّ غزة تتواصل مع نظيرتها الفلسطينية لتحديد أهم إستراتيجيات الإسناد والدعم، والتي قد تشمل التسليح ومستلزمات عسكرية أخرى، فضلا عن استهداف منشآت إسرائيلية".
لكن البرلماني الأردني الأسبق، هايل ودعان الدعجة، قلل من أهمية كل هذه المعلومات، لا سيما حديث "كتائب حزب الله" العراقية عن استعدادها لتسليح المقاومة في الأردن.
وأوضح الدعجة في حديث مع "الاستقلال" أنه "في الأصل لا يوجد ما يسمى بالمقاومة في الأردن، بالتالي كيف لنا الردّ أو أن نعلق على شيء غير موجود بالمرة؟".
ولفت البرلماني الأردني السابق أن "أكثر ما يميّز الأردن عن غيره من دول المنطقة هو عدم وجود هكذا مسميات تتعلق بالمقاومة أو تنظيمات مسلحة أو غيرها".
"تعظيم الضغط"
من جهته، قال الباحث في الشأن العراقي، علي المساري إن "حديث مليشيا كتائب حزب الله العراقية، لا يعدو كونه استعراضا إعلاميا هدفه تعظيم الضغط على السلطات الأردنية أمام الجماهير التي تملأ الشوارع وتحيط بسفارة الاحتلال الإسرائيلي".
وأوضح المساري لـ"الاستقلال" أن "ما تصرح به هذه المليشيا وتحديدا ما يصدر عن أبو علي العسكري، هو أمر اعتدنا عليه من المبالغات والأكاذيب، فهي تعلم أنها يصعب عليها إدخال إبرة إلى الأردن، فكيف تدخل كل هذه الكمية التي ذكرها الأخير من العتاد والأسلحة؟".
ولم تكن هذه المحاولة الأولى التي تريد فيها المليشيات الموالية لإيران الدخول إلى الأردن.
فقد احتشد الآلاف من عناصر قوات الحشد الشعبي على الحدود العراقية الأردنية بعد 7 أكتوبر، مطالبين بالمرور إلى إسرائيل.
وعلى ضوء ذلك، لوّحت شخصيات بارزة عدة بتحشيد أبناء العشائر في الأردن لمواجهة الحشد العراقي، إذ رأى مازن القاضي وزير الداخلية الأردني الأسبق- وهو أيضا من الزعماء القبليين الأردنيين- أن دخول الحشد الشيعي عنوة وبدون إرادة أردنية أمر لا يقبله الأردنيون.
وشدد القاضي الذي كان أيضا مديرا لجهاز الأمن العام الأردني خلال مقابلة مع التلفزيون الأردني الرسمي في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، على أن "الأردن بلد لا يقبل أبناؤه ولا مؤسساته مثل هذه التصرفات".
وألمح إلى أنه إذا كان الحشد الشيعي يُصر على الدخول عنوة عبر المركز الحدودي، فإنه سيقابل الشعب الأردني ذلك الحشد بحشد من أبناء العشائر الأردنية.
ولفت الوزير السابق إلى أن "مثل هذه المجموعات برأي شعب الأردن هي المسؤولة عن الكثير من الخراب الذي اعترى العراق وسوريا، وبالتالي ليس مطلوبا من الأردني أن يقبل أي مساس بأمن وطنه وبلاده".
وفي السياق ذاته، توعد الناطق الرسمي الأسبق باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، الحشد الشعبي العراقي بأن تكون الأردن "مقبرة" لهم إذا حاولوا الدخول له.
بحسب مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي خلال مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في 5 نوفمبر، قال محمد المومني: "نقولها مزلزلة لن نسمح بتدنيس حدودنا الأردنية، ونقول لحشود الجيش الشعبي على حدودنا العراقية: اقتربوا منها وسيكون الأردن مقبرة لكم".
وبحسب صحيفة "رأي اليوم" اللندنية، فإن البرلماني الأردني، خليل عطية، قد طالب علنا في 6 نوفمبر 2023، من الحشد الشيعي وأي مواطنين عراقيين يحاولون الدخول عبر الأردن، الاشتراك مع فعاليات المقاومة في بلادهم عبر سوريا أو لبنان.
المصادر
- مسؤول عراقي: لن نسمح لأي طرف بانتهاك سيادة الأردن
- كتائب حزب الله العراقية تتعهد بتسليح "المقاومة في الأردن" ومباحثات دولية وإقليمية حول تطورات الهدنة بين إسرائيل وحماس
- الأردن يراقب تحركات ميليشيات عراقية موالية لطهران
- رغم وجودهم بسوريا ولبنان.. لماذا يحتشد حلفاء إيران بالعراق على حدود الأردن؟
- المقاومة العراقية توسّع الإسناد: الجبهة الأردنية ليست ميتة