كلاهما يريد رئاسة تركيا.. لماذا تصاعد التوتر بين منصور يافاش وإمام أوغلو؟
الصراع بين الرجلين بات يخرج للعلن ويزداد صعوبة يوما بعد آخر
يتعمق الصراع في الآونة الأخيرة داخل حزب الشعب الجمهوري المعارض، بين رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو ونظيره في أنقرة منصور يافاش في خضم طريق طويل للترشح للانتخابات الرئاسية عام 2028.
ورأت صحيفة يني شفق التركية في مقال للكاتب تامر كوركماز أن الصراع بين الرجلين بات يخرج للعلن ويزداد صعوبة في خضم البحث عن أدوار سياسية مستقبلية.
وتابع: “أصبح إمام أوغلو يتصرف ويتحدّث في الاجتماعات والجولات والمؤتمرات وكأنه رئيس الحزب أو صاحبه، وهذا الوضع بدأ يتزايد يوما بعد يوم”.
صراع جديد
ومن المثير للاهتمام، أن هناك جبهتين حريصتين على تأليب إمام أوغلو ويافاش ضد بعضهما البعض مثل المصارعين في الساحة.
ففي الآونة الأخيرة كتب يوكسل أرسلان مدير مكتب يافاش السابق، والنائب السابق لحزب الجيد في أنقرة، تغريدة تستهدف أكرم إمام أوغلو.
وقد سقطت هذه التغريدة مثل قنبلة في منتصف الأجندة السياسية، حيث يتهم أرسلان، إمام أوغلو بأنه "مزور سياسي".
وقال: “من يتعاونون مع أعداء المبادئ التأسيسية التي وضعها (مؤسس الجمهورية الحديثة مصطفى كمال) أتاتورك لا يمكن أن يكونوا من جنوده”.
وأردف الكاتب التركي: عند الإشارة إلى الجدل الداخلي في حزب الشعب الجمهوري، يعبر أكرم إمام أوغلو عن رأيه بشكل مثير للجدل.
وأشار هنا إلى تصريح شهير لإمام أوغلو قال فيه: “كل من يثير القضايا الداخلية في الحزب، يرتكب خيانة تجاه الشعب ومبادئ أتاتورك”.
وأردف أن “أولئك الذين يشاركون في هذه الأنشطة يعدون خونة للشعب ولتراث أتاتورك”.
وأشار الكاتب إلى أن إمام أوغلو لا يرغب مطلقا بحدوث ضجة داخل الحزب وهو على بُعد بضع سنوات فقط من تحقيق حلمه نحو رئاسة الجمهورية.
فعندما يحين الوقت، فإن أكرم إمام أوغلو متأكد من أنه سيتم تقديمه من قبل حزب الشعب الجمهوري كمرشح لرئاسة الجمهورية.
وفي الوقت نفسه، يبذل إمام أوغلو جهدا كبيرا للانفصال عن حزب الشعب الجمهوري من أجل أن يبقى المرشح الرئاسي الوحيد.
ولفت الكاتب إلى أن التقارير التي تفيد بأن منصور يافاش سيستقيل من حزب الشعب الجمهوري تغذيها وسائل الإعلام المقربة من إمام أوغلو.
لكن المثير للاهتمام هو أن هذه الأخبار يجري نشرها من قبل كل من فريقي يافاش وإمام أوغلو.
وتابع: كما كان متوقعا، نفى منصور يافاش "الشائعات" التي تفيد بأنه سينسحب من حزب الشعب الجمهوري.
علاوة على ذلك، صرح بشكل حازم: "ليس لدي وقت للتعامل مع الافتراء والمؤامرة والكذب!".
ويعلق الكاتب: “من الواضح أن هذه الشائعات ستكون في صالح فريق إمام أوغلو، على الرغم من أنه قد يتم تبنيها من قبل شخص آخر”.
من الأكثر شعبية؟
واستدرك: يوجد استطلاع جديد أجري في 26 ولاية يشير إلى أن ناخبي حزب الشعب الجمهوري يفضلون يافاش بفارق كبير عن إمام أوغلو.
وبين أن إمام أوغلو ليس لديه أي قلق بشأن زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل أو الرئيس السابق للحزب كمال كليتشدار أوغلو، وذلك لأنه يحتل موقعا أقوى منهما.
ولكن الشخص الوحيد الذي يشغل باله هو منصور يافاش، حيث يخشى أكرم إمام أوغلو أن يصبح عمدة أنقرة مرشحا محتملا لرئاسة الجمهورية.
فهو يعلم أن منصور يافاش مصمم على الترشح لرئاسة البلاد. ولذلك، فإن فريق أكرم إمام أوغلو ينفذ سلسلة من التحركات ضده، وفق الكاتب.
على الرغم من ذلك، عند مراعاة جميع الناخبين، فإنه من الواضح أن يافاش يتفوق على إمام أوغلو، إذا فرضنا أن كليهما يترشح ويشارك في الانتخابات، وهنا يكمن السر والأمر الحاسم.
وتابع الكاتب: "عندما يحين الوقت، سيكون طبيعيا أن يرغب يافاش في أن يكون مرشح حزب الشعب".
وعلى الجانب الآخر، فإن إمام أوغلو سيضغط باستخدام القوة السائدة في الحزب لقبول ترشيحه.
في هذه الحالة، سيصبح الخيار الوحيد لمنصور يافاش هو الترشح من خارج حزب الشعب (كمستقل أو من حزب آخر).
وعندما يحدث ذلك، قد تتلاشى أحلام إمام أوغلو في أن يصبح رئيسا للجمهورية، وفق تقدير الكاتب.
حسابات قديمة
من الناحية النسبية لتوازنات الحزب الداخلية، لا يزال الرئيس السابق لـ"الشعب الجمهوري" كمال كليتشدار أوغلو يلعب بإستراتيجية "الانتقام يُؤكَل بارداً".
وأضاف الكاتب أنه وللحصول على الانتقام من ابنه المعنوي السابق أكرم إمام أوغلو، يظل كليتشدار أوغلو قريبا من منصور يافاش وسيستمر بذلك في المستقبل.
وبالطبع، فإن الهدف الأول للتصريح الذي أدلى به إمام أوغلو لأعضاء حزب الشعب الجمهوري بالقول: "هؤلاء ليسوا رفاقي في الطريق"، كان المقصود به، الأعضاء المعارضين الذين تجمعوا حول كمال كليتشدار أوغلو.
وذكر الكاتب التركي أنه مازالت محاسبات الماضي القريب تستمر في ضرب كليتشدار أوغلو، وأحدها، البروتوكول الذي وقعه مع زعيم حزب النصر، المتطرف أوميت أوزداغ بعد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية عام 2023.
وتضمن البروتوكول سبعة بنود جرى توقيعها بشكل رسمي من الطرفين في مايو/أيار 2023، تضمنت تأكيدا على “إرسال 13 مليون لاجئ إلى بلادهم خلال عام على أبعد تقدير”.
بالإضافة إلى مواصلة "مكافحة الإرهاب"، والسياسة المتعلقة بتعيين "الأوصياء"، وهو ما أثار حفيظة حزبين كرديين كانا قد دعما كليتشدار أوغلو في الجولة الأولى.
وبعد أن نفى كليتشدار أوغلو البروتوكول الذي أبرمه قبل الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الأخيرة في 28 مايو/أيار 2023، كشف أوزداغ عن الاتفاقية الموقعة بالحبر الرطب وأفشى أوراق الرئيس السابق لحزب الشعب الجمهوري.