"إلهان عمر" تنتصر لغزة وتطيح بملايين من المال الصهيوني في أميركا.. ما القصة؟

12

طباعة

مشاركة

اعتاد اللوبي الصهيوني الأميركي ضخ ملايين الدولارات لإسقاط نواب الكونغرس المنتقدين لإسرائيل، لكن هذه المخططات لم تجد بالنفع مع عضوة مجلس النواب المسلمة “إلهان عمر”.

ففي 14 أغسطس/ آب 2024، فازت عمر في الانتخابات التمهيدية التي أجراها الحزب الديمقراطي بولاية مينيسوتا، لتضم ترشح الحزب في انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 النيابية، التي سترافق أيضا الانتخابات الرئاسية.

وهذا رابع فوز لعمر، والثاني على "دون سامويلز" مرشح اليهود والمسيحيين الإنجيليين المتطرفين في الانتخابات التمهيدية عن الحزب الديمقراطي، وهو مهاجر جامايكي.

أهمية هذا الفوز أنه "فرمل" قطار المال الصهيوني الذي أطاح، عبر حملات مالية ضخمة، باثنين من النواب المعادين لإسرائيل، وهما جمال بومان من نيويورك وكوري بوش من ولاية ميزوري، لأنهما من أكثر المنتقدين لحرب الإبادة في غزة.

وفي انتخابات هذا العام، أصبح الصراع الإسرائيلي الفلسطيني محور الإنفاق الخارجي في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي. 

دلالات الفوز

يمكن تلخيص أهمية فوز عمر  في أنه يعطي دفعة كبيرة للتيار المناهض لإسرائيل في مجلس النواب والحزب الديمقراطي.

حيث جاء بالتزامن مع محاولة المرشحة "كامالا هاريس" ونائبها الجديد، التقرب من المجموعات المناهضة لإبادة غزة في الحزب، خاصة مجموعة "غير ملتزم" التي تشكل نصف مليون صوت، وكانت أحد أسباب تنحي جو بايدن عن السباق الرئاسي.

صحيفة "ذا هيل" الأميركية لخصت أهمية فوزها بتأكيد أن “التقدميين في مجلس النواب حققوا انتصارا كانوا في أمس الحاجة إليه بفوز عمر”.

أكدت أن فوز عمر يعد "اختبارا لقوة الجناح التقدمي داخل الحزب الديمقراطي"، مشيرة إلى أنها فازت على الرغم من انتقاداتها الصريحة لتعامل إسرائيل مع حربها في غزة، والتخوف من أن يجعلها هذا في موقف ضعيف محتمل.

وهو ما يعني مشاركة أميركيين رأيها فيما يخص دفاعها عن غزة وانتقادها إسرائيل.

لذا قالت عمر في سلسلة تغريدات على موقع "أكس" وهي تشكر مؤيديها: "في هذه الليلة، خسرت المصالح الخاصة وفازت حركتنا".

وواجهت عمر انتقادات بسبب تصريحاتها المعادية للاحتلال، وصوت الجمهوريون في مجلس النواب عام 2023 على إبعادها من لجنة الشؤون الخارجية بسبب قولها على إكس عام 2019 إن "أنصار إسرائيل كانوا مدفوعين بالمال وليس بالمبادئ".

وتأمل عمر أن يؤدي فوز حزبها بأغلبية ديمقراطية في مجلس النواب إلى العودة إلى لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس، والتي أطاحت بها أغلبية الحزب الجمهوري بسبب مزاعم معاداة السامية.

كان من اللافت أيضا، خلال تبرير اللوبي الصهيوني عدم إنفاقه الكثير ضد "عمر"، هذه المرة، وترك الأمر للوبي يهودي مسيحي من رجال الأعمال، هو اعتراف قادة "أيباك" بقوة التيار المناهض لإسرائيل في دائرة "عمر".

قال إنه مهما تم الإنفاق ضدها فسوف يحملها مؤيدوها في مينيسوتا إلى الكونغرس لعلاقتها القوية بهم وتمثيلها مصالحهم، وهو مؤشر مهم على أن كراهية إسرائيل وليس المال اليهودي هو محور فوز عمر.

وهو ما يشير بدوره إلى حجم تأثير "طوفان الأقصى" والعدوان على غزة على تشكيل الوعي لدي الشعب الأميركي بعيدا عن الدعاية الصهيونية.

وفي هذا الصدد يشير موقع أكسيوس" الأميركي في 13 أغسطس إلى أن مدينة مينيابوليس كانت مركزا لحركة " غير الملتزم" للاحتجاج على الحرب في غزة، أي مؤيدي عمر ضمنيا لتضامنها مع غزة ضد إسرائيل.

وتقول صحيفة “مينسوتا ريفورمر” إن فوز عمر هو "انتصار للتقدميين في مينيابوليس، وكذلك لمعارضي حرب إسرائيل في غزة".

وتوقعت أنه من المرجح أن تعود عمر إلى واشنطن وتظل نائبة في الكونغرس لفترة أخرى في ظل المعارضة الجمهورية الضعيفة في انتخابات نوفمبر 2024.

حيث ستواجه منافستها الجمهورية "داليا العقيدي"، وهي صحفية عراقية أميركية مسلمة علمانية.

تحالف صهيوني إنجيلي نازي

قبل الانتخابات التي فازت فيها عمر، كشف موقع "إنترسيبت" في 11 أغسطس، أنه بجانب تدخل اللوبي الصهيوني الأميركي (أيباك) ضدها، شكل رجال أعمال يهود ومن "المسيحيين الإنجيليين اليمينيين" المتطرفين مجموعة "واتساب" ضدها.

أكد الموقع أن مجموعة واتساب، وعنوانها "صهاينة من أجل دون سامويلز"، تم تشكيلها لدعم المرشح المنافس "سامويلز" وأنهم جمعوا أموالا طائلة له للإطاحة بإلهان عمر.

ويشير موقع "إنترسيبت" إلى أن أبرز مؤسسي هذه المجموعة التي جمعت ملايين الدولارات هم "مانحون أثرياء مؤيدون لإسرائيل"، نسقوا لضخ أموال نقدية تقدر بالملايين، في اللحظة الأخيرة للانتخابات لدون سامويلز ضد النائبة إلهان عمر.

تبين أن أحد المشاركين في مجموعة الواتس "صهاينة من أجل دون صامويلز"، هو مايكل سينينسكي، وهو رجل أعمال ثري يكتب في المجموعة معبرا عن دعمه لـ "النازيين الجدد المسيحيين اليمينيين البديلين"، كما يسميهم.

وفي أول رسالة كتبها على مجموعة واتساب، مستشار الحملة، أليكس مين، في 24 يوليو/تموز 2024 قال: "يجب تجميع قوتنا للمساعدة في التخلص من "فريق غزة"، والعدو العام رقم 1 لليهود وإسرائيل وأميركا، وهي إلهان عمر".

وزعم "مين" أن "النائبة عمر هي من أنصار الكراهية ضد اليهود، وينتقدها بشكل روتيني كل من زملائها الديمقراطيين والجمهوريين بسبب تعصبها المعادي للسامية، آمل أن تخسر، وقد فعلت كل ما في وسعي لذلك".

ودفع هذا إلهان عمر للقول في كلمة ألقتها فور فوزها: "كانت هذه الحملة واحدة من أبشع الحملات وأكثرها إثارة للاشمئزاز ضدي التي شهدتها على الإطلاق، كان لدينا خصم كان على استعداد للتحالف مع النازيين الحرفيين من أجل هزيمتنا".

ويسعى اللوبي الصهيوني المسيحي لإسقاط مجموعة نواب معادين للاحتلال، يُطلق عليهم "الفرقة" أو "سكواد" The Squad.

ومن أبرز أعضاء "الفرقة"، إلهان عمر من مينيسوتا، ورشيدة طليب من ميشيغان، وأيانا بريسلي من ماساتشوستس، وجمال بومان وآخرون.

ويطلق عليهم اللوبي الصهيوني اسم “فرقة غزة” لتشويههم، بسبب رفضهم العدوان الإسرائيلي، وخصص 100 مليون دولار لإسقاطهم في انتخابات 2024، بحسب موقع "الديمقراطية الآن" في يناير/كانون ثان 2024.

وشكل إيباك لجنتي عمل سياسي أنفقت أكثر من 25 مليون دولار لهزيمة اثنين فقط من الديمقراطيين السود الحاليين، هما النائبة كوري بوش، والنائب جمال بومان، ما يشير لحجم الإنفاق لصالح إسرائيل في الانتخابات الأميركية.

وأشار لنفس هذه الحملة الصهيونية المسيحية من أجل دعم مرشحي إسرائيل في الكونغرس، تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني في 12 أغسطس/آب 2024.

أكد أن مجموعة من المانحين السياسيين الأثرياء المؤيدين لإسرائيل في الولايات المتحدة قاموا بجمع مئات الآلاف من الدولارات، في حملة استمرت 11 ساعة في محاولة للإطاحة بعضو الكونغرس إلهان عمر.

وقال الموقع إنه في حين أن هذه الجهود كانت مستمرة على مدى السنوات العديدة الماضية، فقد تسارعت حملة الإنفاق السياسي من قبل هذه الجماعات منذ أن بدأت الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأضاف أن "عمر" ليست غريبة على هجمات الجماعات الموالية لإسرائيل فمنذ انتخابها للكونغرس في عام 2018، كانت هدفا رئيسا لهجمات من دعاة إسرائيل.

وسبق أن كتبت عمر عبر  إكس تقول إن "أيباك" تنفق أموالا طائلة على المشرعين الذين يدفعون السياسة لصالح إسرائيل.

وفي عام 2022، أنفق مشروع "سوبر باك"، 350 ألف دولار في محاولة فاشلة ضد عمر في انتخاباتها الأولية.

كيف تعمل لجان إسرائيل؟

وقبل فوز عمر، كشفت مجلة "بوليتيكو" الأميركية في 13 أغسطس، أن “أيباك” وغيرها من جماعات الضغط الإسرائيلية "تعمل بقوة لإقصاء الأعضاء التقدميين من الحزب في الكونغرس وسحقهم بآلة المال والدعاية".

أكدت أن "لجان العمل السياسي المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة تنفق عشرات الملايين من الدولارات ما يعوق عمل الزعماء التقدميين في الكونغرس لعدم وجود وسيلة لمواجهة هذه الهجمة العنيفة ضدهم.

"بوليتيكو" كشفت أن هذه المجموعات، وعلى رأسها لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك)، أنفقت، بحسب المعلن فقط، حتى الآن، ما مجموعه 25 مليون دولار على الإعلانات لهزيمة نائبين هما جمال بومان وكوري بوش.

وذلك "بسبب صوتهما المرتفع في انتقاد العدوان الإسرائيلي على غزة، ما جعل هذه الانتخابات التمهيدية هي الأغلى في تاريخ مجلس النواب".

وتقول "بوليتكو" إنه بعد أن تراجع كل من بومان وبوش تحت وطأة هذا الطوفان من الإنفاق الذي أطلقته (أيباك)، بسبب انتقادهما لإسرائيل في حربها على غزة، استيقظ الديمقراطيون التقدميون على واقع جديد قاتم قد يطاردهم لسنوات قادمة.

فهم لا يملكون وسيلة منظمة لمواجهة هذا النوع من المال، ويخشون أن تتمكن (أيباك) والجماعات المتحالفة معها من اكتساب المزيد من القوة لمواجهة أهداف أكبر في الدورة المقبلة 2026 وما بعدها، لأنهم يدركون أن إستراتيجيتهم أصبحت ناجحة.

لهذا قالت نائبة الكونغرس الداعمة لغزة "كوري بوش" في ردها على إسقاط اللوبي الصهيوني لها في الانتخابات الأولية للحزب الديمقراطي بدعم منافسها بملايين الدولارات "أنا قادمة لهدم مملكتكم".

وبوش من أبرز المشرعين الأميركيين الذين تضامنوا مع القضية الفلسطينية، وقد هاجمت مرارا الحرب الإسرائيلية الدامية على غزة ووصفتها بحرب الإبادة الجماعية كما انتقدت الدعم الأميركي لإسرائيل مما أثار غضب اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة.

وأعادت هزيمتها الجدل حول دور المال اليهودي واللوبي الصهيوني في إسقاط المعادين لاسرائيل والداعمين لغزة بعد الإبادة الصهيونية الجماعية هناك، ولفتت الأنظار إلى أن صوت التمرد على اللوبي الصهيوني قد أخذ يعلو شيئا فشيئا.

 وكانت النائبة ألكسندريا أوساكا كورتيز، التي هزمت اللوبي وفازت، قالت بعد تكتل اللوبي لإسقاط النائب الداعم لغزة جمال بومان: "أعتقد أننا بحاجة إلى إجراء محادثة حقيقية حول لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية".

ودعت لبحث شرعية وقانونية قيام منظمة يهودية أميركية بالعبث في الانتخابات لصالح من تريده واستغربت تمويل الحزب الجمهوري لايباك ثم تدخل في الانتخابات التمهيدية لحزب آخر هو الحزب الديمقراطي.

وقال أحد أعضاء حملة "التقدميين" لمجلة "بوليتيكو": “يحتاج الحزب الديمقراطي ككل إلى إجراء محادثة أوسع نطاقاً حول ما يحدث، إذ إن أيباك تشكل من يتم انتخابه كديمقراطي في الكونغرس، أي تشكل كيف يبدو الحزب الديمقراطي ككل؟”