استئناف اجتماعات قادة الصين واليابان وكوريا الجنوبية.. الدلالات والتوقعات
"هذا التعاون الثلاثي ذو أهمية كبيرة أيضا للسلام والتنمية في آسيا والعالم"
في 27 مايو/ أيار 2024، اجتمع زعماء كوريا الجنوبية والصين واليابان بـ"سول" في أول قمة ثلاثية لهم منذ نحو 5 سنوات، وتبادلوا وجهات النظر حول التعاون الثلاثي.
وأصدرت الأطراف الثلاثة بيانات مهمة، كما اتفقت بالإجماع على الالتزام بتنفيذ "آفاق التعاون بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية في السنوات العشر المقبلة".
وفي ضوء ذلك، حدد موقع “الصين نت” الرسائل الإقليمية والدولية التي بعثت بها هذه القمة.
بداية جديدة
في بداية التقرير، يشير الموقع الصيني إلى حضور القمة من قبل رئيس مجلس الدولة الصيني، لي تشيانغ، ورئيس كوريا الجنوبية، يون سيوك يوي، ورئيس وزراء اليابان، فوميو كيشيدا.
وأصدرت الأطراف الثلاثة "الإعلان المشترك للاجتماع التاسع لقادة الصين واليابان وكوريا الجنوبية" و"بيانا مشتركا حول رؤية عشرية للتعاون في مجال الملكية الفكرية بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية" و"بيانا مشتركا حول الوقاية من الأوبئة في المستقبل والتأهب لها ومكافحتها".
وباتفاقهم على الالتزام بتنفيذ "آفاق التعاون بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية في السنوات العشر المقبلة"، يرى الموقع أن ذلك "يعزز إضفاء الطابع المؤسسي على التعاون بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية".
كما أنه "يحافظ على التواصل الوثيق والتعاون ضمن أطر متعددة الأطراف؛ مثل الآسيان والصين واليابان وكوريا الجنوبية"، فضلا عن أنه "يحمي بشكل مشترك السلام والاستقرار والتنمية والرخاء في العالم".
وعلى جانب آخر، اتفقت الأطراف الثلاثة على تحديد الفترة من 2025 إلى 2026 سنة للتبادل الثقافي بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية.
وأثناء حضوره الاجتماع التاسع لقادة الصين واليابان وكوريا الجنوبية، قال رئيس مجلس الدولة الصيني، لي تشيانغ: "عند نقطة بداية جديدة، يجب على الصين واليابان وكوريا الجنوبية الالتزام بالنية الأصلية للتعاون، والتمسك بالانفتاح والشمول والاحترام والثقة المتبادلة".
وأكد أن "الأطراف الثلاثة عازمة على تعزيز التعاون وتجديده وتسريعه والتحرك نحو رحلة جديدة من التنمية الشاملة، وتقديم مساهمات أكبر للرخاء والاستقرار الإقليميين".
إعادة إحياء
بالعودة إلى ما قبل 20 عاما، تقول "الصين نت" إن "آلية التعاون بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية بدأت في عام 1999".
"ومنذ تطويرها، أكملت بناء نظام شامل يكون اجتماع القادة في قلبه، وتدعمه الاجتماعات الوزارية والاجتماعات الرسمية رفيعة المستوى وأكثر من 70 آلية على مستوى العمل"، وفق الموقع الصيني.
وتابع: "ومن بينها، يُعد اجتماع القادة آلية على أعلى مستوى لوضع التخطيط الإستراتيجي والتوجيه للتعاون والتنمية بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية".
ويتزامن عام 2024 مع الذكرى الـ 25 لإطلاق التعاون بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية مما يعطي أهمية خاصة لعقد اجتماع ثلاثي "لبدء رحلة جديدة" في هذا السياق.
وفي هذا السياق، يلفت الموقع إلى أن "هذه القمة تعد استئنافا لاجتماعات قادة الصين واليابان وكوريا الجنوبية المتوقفة منذ أكثر من أربع سنوات ونصف"، مما يعكس "التوافق على أن الدول الثلاث لا تزال ملتزمة باستعادة آليات التعاون على الرغم من الاختلافات في الوضع الدولي المتغير".
وبذلك، يبرز الموقع الصيني أن "الاجتماع المشترك لقادة الدول الثلاث له معنى في حد ذاته وسيخلق فرصا للحوار".
"وخلال ما يقرب من أربع سنوات ونصف، أي منذ تعليق آلية اجتماع قادة الصين واليابان وكوريا الجنوبية، والوضع الإقليمي والدولي يشهد تغيرات كبيرة"، بحسب الموقع.
وهنا، يسلط "الصين نت" الضوء على أن "منطقة شمال شرق آسيا تتمتع بإمكانات اقتصادية هائلة وقيمة إستراتيجية أمنية".
ورغم المشاكل التي خلفها التاريخ بين البلدان، ومع التدخل المستمر للولايات المتحدة، يقول الموقع إن "العلاقات الجيوسياسية في شمال شرق آسيا معقدة بشكل متزايد".
ويشير إلى أن "الاضطرابات والمعارضة بين المعسكرات تزايدت وأصبحت محورا للألعاب والصراعات على السلطة والنفوذ".
وفي غضون ذلك، يلفت الموقع الأنظار إلى أن "الولايات المتحدة تسعى إلى التودد إلى اليابان وكوريا الجنوبية لبناء علاقة أمنية ثلاثية".
وأردف: "في حين تعمل كوريا الشمالية وروسيا على تعميق التعاون لمواجهة التحالف بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية".
وكثيرا ما تظهر الصراعات الإقليمية، في رأي الموقع، أن "التعاون الاقتصادي والتجاري والتبادلات الثقافية بين البلدان تتأثر بشكل خطير".
وفي ضوء هذه الخلفية، يؤكد الموقع أن "زعماء الصين واليابان وكوريا الجنوبية اجتمعوا لمناقشة اتجاه التعاون المستقبلي، الذي له أهمية كبيرة للحفاظ على السلام والرخاء الإقليميين".
روابط عميقة
وبالحديث عن نقاط القوة لكل من الأطراف الثلاثة، يقول الموقع إن "الصين واليابان وكوريا الجنوبية قريبة جغرافيا ومترابطة ثقافيا، ولها روابط تاريخية عميقة، وشعوبها على اتصال دائم ببعضها بعضا منذ العصور القديمة".
ومن الناحية الاقتصادية، يذكر أن "الدول الثلاث تشكل اقتصادا مهما في العالم، إذ يبلغ مجموع سكانها 20 بالمئة من إجمالي سكان العالم. كما يقترب ناتجها المحلي الإجمالي مجتمعا من 25 بالمئة من الإجمالي العالمي".
وفي هذا الصدد، يوضح "الصين نت" أن "صناعات الدول الثلاث متكاملة إلى حد كبير، حيث تُعد سلاسلها الصناعية وسلاسل التوريد متكاملة للغاية، مما يجعلها شريكة مهمة لتنمية بعضها بعضا".
وبهذا الشأن، في كلمته أمام القمة الثامنة بين الدول الثلاث، أشار لي تشيانغ، إلى أن "التعاون الاقتصادي والتجاري هو حجر الأساس للتعاون بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية".
وهنا، يشدد الموقع على أن "تعميق التعاون بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية يصب في المصالح المشتركة للدول الثلاث"، لافتا إلى أن هذا التعاون "يتمتع بأساس متين وطلب قوي وإمكانات هائلة وآفاق واسعة".
وبتسليط الضوء أكثر على الصين، أفاد الموقع بأن "الصين تُعد أكبر شريك تجاري لليابان، كما أنها الدولة المستهدفة للتصدير".
ويشير إلى أنه "في عام 2023، وصل إجمالي حجم التجارة بين الصين واليابان إلى 317.998 مليار دولار أميركي".
وأكمل: "وفي الوقت نفسه، تعد الصين أكبر شريك تجاري لكوريا الجنوبية، وأكبر سوق للتصدير وأكبر مصدر للواردات. حيث بلغ حجم التجارة بين البلدين عام 2023 إلى 310.737 مليارات دولار ".
3 إشارات
ويختم "الصين نت" تقريره بتحديد 3 إشارات أرسلتها هذه القمة الثلاثية؛ حيث تفيد الإشارة الأولى بأن استئناف الاجتماع الثلاثي يلفت إلى أن "العلاقات بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية عادت إلى المسار الصحيح ويضع الأساس لمزيد من التعاون بين الدول الثلاث".
وهنا، يؤكد على أن "زعماء الدول الثلاثة اجتمعوا لإجراء اتصالات وحوارات صريحة ومباشرة".
"وهو الأمر الذي يعكس عودة السياسات العقلانية لكل من اليابان وكوريا الجنوبية تجاه الصين ودفء المناخ السياسي بين الدول الثلاث"، من وجهة نظر الموقع.
أما الرسالة الثانية لهذه القمة فتتمثل في أن "استئناف الاجتماع يعني تعزيز التنمية الاقتصادية والتعاون الإقليمي وتعميق التعاون الاقتصادي والتجاري والابتكار التكنولوجي".
والذي من شأنه أن "يجلب فرص تنمية جديدة للدول الثلاث ومنطقة شرق آسيا بأكملها".
"وبشكل خاص، في الوضع الحالي الذي يتسم بتزايد عدم اليقين الاقتصادي العالمي، فإن التعاون بين الدول الثلاث يمكن أن يضخ حيوية جديدة في الاقتصاد الإقليمي ويشكل قوة دافعة أقوى للنمو"، وفق الموقع.
وبالنسبة للإشارة الثالثة والأخيرة، يقول الموقع إن "هذه القمة تضمن تعزيز السلام والاستقرار في شمال شرق آسيا، والذي من خلاله يمكن للدول الثلاث أن تكون أكثر تنسيقا في مواجهة المواقف الدولية المعقدة".
وأضاف: "كما أن الأطراف الثلاثة، من خلال هذا التعاون، ستتمكن من المحافظة بشكل مشترك على السلام والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والعالمي".
وفي النهاية، يخلص الموقع إلى أن "هذا التعاون الثلاثي ليس مفيدا لتنمية أطرافه فحسب، بل إنه ذو أهمية كبيرة أيضا للسلام والتنمية في آسيا والعالم".