إعلان تركيا "قطع" العلاقات مع إسرائيل.. انعكاساته على الشرق الأوسط

منذ ٩ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في تأكيد على النهج التركي المعارض للسياسات الإسرائيلية في قطاع غزة والشرق الأوسط، أعاد وزير الخارجية هاكان فيدان خلال جلسة طارئة للبرلمان، التذكير بالإجراءات التي اتخذتها أنقرة تجاه الاحتلال منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وشدد الوزير فيدان على استمرار تركيا قطع علاقاتها الاقتصادية مع إسرائيل بشكل كامل، إلى جانب إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات الإسرائيلية. 

في هذا السياق، يرى موقع "الدبلوماسية الإيرانية" أن تصريحات فيدان تمثل نقطة تحول في العلاقات الثنائية، مشيرا إلى أنها "قد تحمل تداعيات واسعة على معادلات الطاقة والتجارة الإقليمية وتوازن القوى في الشرق الأوسط".

نقطة الصفر 

وخلال جلسة البرلمان الاستثنائية نهاية أغسطس/ آب 2025، جدد فيدان اتهام إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في قطاع غزة، مشيرا إلى أن دولة الاحتلال "انتهكت القيم الإنسانية في أحد أكثر الفصول ظلمة في تاريخ البشرية".

وتتماشى تصريحات فيدان مع الموقف الصارم الذي اتخذته أنقرة من إسرائيل منذ اندلاع الإبادة في 2023؛ إذ أشار الموقع في تقرير له إلى أن "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم يتردد في تشبيه بنيامين نتنياهو بهتلر".

علاوة على ذلك، لفت إلى أن "تركيا شهدت تصاعدا في الغضب الشعبي التركي تجاه إسرائيل، ما دفع الحكومة إلى تبني سياسات أكثر تشددا تجاهها".

وأضاف: "رغم أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ نحو 7 مليارات دولار عام 2023، فإن تركيا كانت قد بدأت بالفعل في تقليص العلاقات التجارية المباشرة خلال عام 2024".

وأكد أنه "مع القرار الأخير بإغلاق جميع المسارات البحرية والجوية مع إسرائيل، تكون أنقرة قد أوصلت العلاقات الاقتصادية إلى نقطة الصفر".

ويعتقد الموقع الفارسي أن التصعيد التركي الأخير لا يتعلق بالعدوان على غزة فقط، قائلا: "رغم أن الخطوة التركية تبدو في ظاهرها ردا مباشرا على الحرب في غزة، إلا أن تطورات الساحة السورية تحمل وزنا لا يُستهان به في خلفيات هذا القرار".

وتابع: "فمع سقوط نظام بشار الأسد نهاية 2024، وصعود أحمد الشرع -الشخصية المقربة من أنقرة- برزت معادلة جديدة في دمشق".

ومن أبرز مظاهر هذه المعادلة الجديدة، بحسب الموقع، استغلال إسرائيل حالة الفراغ السياسي في سوريا لتكثيف ضرباتها الجوية ضد دمشق، وتدمير القدرات العسكرية للجيش السوري بالكامل.

وأضاف: "كما قدمت دعما واسعا للأكراد والدروز في مساعيهم لتأسيس كيانات ذاتية الحكم، أو حتى نظام فيدرالي داخل سوريا".

ويرى الموقع أن "هذه التحركات الإسرائيلية تُضعف موقف الشرع، الذي كان من الممكن أن يجعل من تركيا اللاعب الرئيس في سوريا ما بعد الأسد".

وبالتالي، يقرأ الموقع "الخطوة التركية الأخيرة ضد إسرائيل كجزء من رد فعل على سياسات تل أبيب في سوريا".

"حيث تخشى أنقرة أن تؤدي خطط إسرائيل لدعم الأقليات إلى إنشاء مناطق ذاتية الحكم، مما يضعف الحكومة السورية"، وفق قوله.

تداعيات ملموسة

وحول تأثيرات هذا القرار على إسرائيل، أكد الموقع أن "قطع العلاقات الاقتصادية بين تركيا وإسرائيل ليس مجرد خطوة رمزية، بل قرار يترتب عليه تداعيات عملية ملموسة".

وأردف: "فإسرائيل كانت تستورد جزءا من احتياجاتها عبر تسجيل الطلبات باسم السلطة الفلسطينية، غير أن هذا المسار أُغلق بعد إعلان أنقرة وقف التعاملات بشكل كامل".

وهو ما "سيجبر إسرائيل على اللجوء إلى طرق بديلة أكثر تكلفة وتعقيدا لتأمين احتياجاتها الأساسية"، وفقا للموقع.

على صعيد الطاقة، قدر التقرير أن "وقف تصدير النفط من ميناء جيهان التركي إلى إسرائيل يربك المعادلة الثلاثية بين تركيا وأذربيجان وإسرائيل".

وتابع: "فباكو، التي تربطها علاقات إستراتيجية وثيقة بتل أبيب، ستجد نفسها مضطرة لإعادة النظر في خططها التصديرية"، وهو ما يعتقد الموقع أنه "قد يؤدي إلى فتور في العلاقات بين أنقرة وباكو".

وبحسبه، يعد قرار "إغلاق الأجواء التركية أمام الطيران الإسرائيلي من أكثر الإجراءات تأثيرا".

وأردف: "فقد واصلت شركات الطيران الإسرائيلية، وعلى رأسها شركة (العال)، استخدام المجال الجوي التركي رغم الخلافات السياسية، لكن القرار الجديد أرغمها على اعتماد مسارات أطول".

وأوضح أن ذلك "يبرز في الرحلات المتجهة من تل أبيب إلى جورجيا وروسيا وأذربيجان؛ إذ تحولت الرحلة المباشرة بين تل أبيب وتبليسي من ساعتين فقط إلى نحو خمس ساعات".

تحد صعب 

أما عن ردود الفعل الإسرائيلية إزاء الخطوات التركية الأخيرة، فقال التقرير: "لم تصدر إسرائيل موقفا رسميا تجاه القرار التركي، لكن وسائل إعلامها نقلت قلقا متزايدا لدى مسؤولي قطاع الطيران".

وأضاف: "ويرى خبراء أن إغلاق المجال الجوي قد يتعارض مع اتفاقية شيكاغو للطيران المدني الدولي، غير أن تركيا تستطيع تبرير موقفها بدواع تتعلق بالأمن القومي".

وفي ظل هذا التصعيد، يقدر الموقع أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "يواجه خيارين صعبين".

"فإما الدخول في مفاوضات مع أنقرة، أو الاستعداد لاحتمالات المواجهة الجوية المباشرة في سماء سوريا، حيث تزداد فرص الاشتباك بين الطائرات الحربية التركية والإسرائيلية"، وفق تقييمه.

وبناء على تلك المعطيات، خلص إلى أن "خطوة تركيا بإغلاق مجالها الجوي وقطع علاقاتها الاقتصادية مع إسرائيل ليست مجرد رد فعل على حرب غزة، بل هي أيضا نتيجة لمزيج من العوامل السياسية والأمنية والجيوسياسية في المنطقة".

فوفقا له، ترى أنقرة أن "الدعم الإسرائيلي للأكراد والدروز في سوريا، والذي يهدف إلى تقويض حكومة الشرع المدعومة من أنقرة، يُشكل تهديدا مباشرا لنفوذ تركيا في سوريا الجديدة".

من جانب آخر، يعتقد الموقع أن "ضغط الرأي العام التركي والغضب الشعبي إزاء الأزمة الإنسانية في غزة دفع حكومة أردوغان إلى تبني سياسة أكثر تشددا تجاه إسرائيل".

ورجح أن "تؤثر هذه التوترات على العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، وعلى معادلات الطاقة والتجارة في المنطقة بأسرها".

ورغم أن التقرير يتوقع أن "تركيا، بهذه الخطوة، ستعزز مكانتها كأحد أبرز المنافسين على القيادة السياسية في الشرق الأوسط، لكنها في الوقت ذاته ستكون مطالبة بتحمل التكاليف الاقتصادية والدبلوماسية".

بالإضافة إلى ذلك، يرى الموقع أن "مصير نظام الشرع، وقدرة تركيا على دعمه، يشكلان عاملين حاسمين في رسم ملامح المرحلة المقبلة".