نشأت قبل "حزب الله".. ماذا تعرف عن "قوات الفجر" التي تقاوم إسرائيل من لبنان؟

منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

إلى جانب مناوشات حزب الله، ظهر طرف سني في معادلة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي في لبنان يتمثل في "قوات الفجر"، الجناح العسكري لـ "الجماعة الإسلامية".

وخلال معركة "طوفان الأقصى" التي تخوضها المقاومة الفلسطينية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلنت قوات الفجر عدة مرات استهداف مواقع للاحتلال بالصواريخ.

وكان آخرها استهداف مستوطنة كريات شمونة في 28 أكتوبر مما نتج عنه اشتعال حرائق في منازل المستوطنين.

وقال بيان لقوات الفجر وقتها: "طلقاتنا الصاروخية ستستمر وتزداد كلما أمعن العدو الصهيوني وتمادى في عدوانه على أهلنا في جنوب لبنان وقطاع غزة، قادرون على توسيع دائرة ردّنا لثنيه عن عدوانه".

#عاجل | قوات الفجر الجناح العسكري للجماعة الإسلامية في #لبنان تعلن مسؤوليتها عن قصف مستوطنة #كريات_شمونة برشقة صاروخية. pic.twitter.com/Lnh25c3Ktu

— صحيفة الاستقلال (@alestiklal) October 29, 2023

دور "قوات الفجر" 

المفارقة أن هذا الجناح العسكري للجماعة الإسلامية، المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، ليس جديدا، وتاريخه أقدم من إنشاء حزب الله الشيعي اللبناني.

بل إن روايات كثيرة تقول إن الجماعة الإسلامية كانت تدرب بعض مقاتلي حزب الله قبل تشكيله رسميا.

وتروي بعض مراجع الجماعة أن أحد معسكراتها كان مركزا لتدريب شباب من حزب الله، وأن "المقاومة الإسلامية" التي انطلقت بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان، في يونيو/حزيران 1982، كانت بجناحين.

الأول، لـ "قوات الفجر" الجناح العسكري للجماعة الإسلامية، والثاني كان لشباب من جنوب لبنان مهدوا لإطلاق حزب الله رسميا عام 1983.

فما قصة قوات الفجر الإسلامية السنية وتاريخها في محاربة الاحتلال والهدف من تنشيط دورها الآن لدعم غزة بمناوشة الاحتلال من جنوب لبنان؟ 

وما علاقتها بجماعة الإخوان المسلمين، وهل يعني هذا النشاط العسكري عودة نشاطها السياسي بقوة في لبنان وفرض معادلات جديدة؟

منذ اندلاع الحرب بين حركة المقاومة الإسلامية حماس وإسرائيل، ضربت قوات "الفجر" الإسلامية مستوطنات إسرائيلية عبر الحدود مع لبنان ثلاث مرات أيام 18 و21 و29 أكتوبر 2023، حسب بيانات موقعها.

ويرى مراقبون أن صواريخ "قوات الفجر"، رغم محدوديتها في المعركة الحالية والمرشحة إلى انفجار الجبهة بين لبنان وإسرائيل، حملت رسائل سياسية وعسكرية.

هذه الرسائل بعضها يستهدف تحذير جيش الاحتلال من تعدد القوى والفصائل الجاهزة لمواجهته على جبهته الشمالية إلى جانب حزب الله.

والبعض الآخر يبدو كمسعى من الحزب الإسلامي لكسب غطاء سياسي أوسع بالداخل اللبناني، في معركة عنوانها القضية الفلسطينية ودفاعا عن قطاع غزة، كما ترى تقارير إعلامية لبنانية.

ويقول محللون إن الجماعة الإسلامية، ومنذ تأسيسها الرسمي في ستينيات القرن الماضي، كانت من المؤسسين الفاعلين "للمقاومة الإسلامية" في لبنان، لكن الإعلام لا يركز على دور المقاومة السنية.

أوضحوا أن الجماعة الإسلامية، كانت الجناح اللبناني لحركة الإخوان المسلمين، وأنه وإن خفت دورها في المشهد السياسي الداخلي، فقد ظل نشاطها في المقاومة حاضرا في كل تصعيد عسكري تشهده جبهة جنوب لبنان.

وأكد أمين عام الجماعة الإسلامية في لبنان الشيخ محمد طقوش في حوار مع موقع "الجزيرة نت" 21 أكتوبر 2023 أن قوات الفجر نشأت في العام الأول للاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، كـ "جناح مقاوم" للجماعة.

قال إنه، آنذاك، أطلقت الجماعة الإسلامية في لبنان شرارة الجهاد والمقاومة ضد الاحتلال خاصة في مدينة صيدا وألحقت به خسائر كثيرة واختارت اسم قوات "الفجر" تيمنا بالآية الكريمة "والمغيرات صبحا".

وظل هذا الجناح عاملا طيلة فترة الاحتلال الإسرائيلي للجنوب والبقاع الغربي، وكان له دور بتحرير القسم الأكبر من لبنان سنة 2000، واستمر بعد اندحار قوات الاحتلال عن البلاد، لأن قسما من أراضيها لا يزال محتلا في مزارع شبعا.

وأوضح أن قوات الفجر حاربت الاحتلال أيضا وكان لها دور بارز في رد العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006 .

وأكد أن دور هذا الجناح العسكري للجماعة الإسلامية، هو العمل من أجل الدفاع عن أهلنا في هذه القرى المتاخمة للحدود من ناحية، والعمل على تحرير الأراضي المحتلة من ناحية أخرى.

جهاز مقاوم

ويقول "بسام حمود" نائب رئيس المكتب السياسي لـ "الجماعة الإسلامية" إن "قوات الفجر"، أطلقت كجهاز مقاوم لمواجهة الاحتلال بعد الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982.

أكد لموقع "إندبندنت عربي" 21 أكتوبر 2023 أن "قوات الفجر" كانت بقيادة "الشهيد القائد جمال حبال"، ونفذت العديد من العمليات العسكرية، في مدينة صيدا أبرزها مواجهة مع "لواء غولاني" الإسرائيلي الذي اعترف حينها بمقتل قائده وعدد من الجنود.

أوضح أنه "بعد انسحاب العدو من منطقة صيدا وإنشائه ما سمي حينها بالحزام الأمني في جنوب لبنان، نفذت قوات الفجر العديد من العمليات ضد مواقعه العسكرية".

وأشهرها عملية بحرية في منطقة الناقورة على الحدود بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تسللت مجموعة من قوات الفجر إلى داخل الأراضي الفلسطينية، واشتبكت مع العدو واستشهد ثلاثة منها.

أكد أنه بعد تحرير جنوب لبنان عام 2000 وانسحاب الجيش الإسرائيلي، لم تتخل الجماعة الإسلامية عن جناحها العسكري، "تحسباً لأي اعتداء على البلاد، ولاستمرار احتلال أراض لبنانية في مزارع شبعا وتلال كفر شوبا".

وجاءت عودة ناشطي "قوات الفجر" في توقيت دقيق للغاية، فعلى المستوى الإقليمي يتعرض أهل غزة لهجمات غير مسبوقة لناحية الإفراط في العنف الإسرائيلي والقوة العسكرية، وعدم نضوج التسويات. 

أيضا على المستوى اللبناني، هناك مخاوف من اتساع رقعة الاشتباك، والانتقال إلى مرحلة الحرب المفتوحة، في موازاة استمرار الخلاف حول بند "تشريع عمل المقاومة في البيانات الوزارية المتعاقبة"، و"قرار السلم والحرب" ومطلب "حصرية السلاح في يد الجيش اللبناني".

تعد الجماعة الإسلامية واحدة من القوى السياسية الرئيسة في لبنان، التي تتمتع بحضور شعبي وجماهيري في معظم المناطق اللبنانية، وتنتمي إلى مدرسة الإخوان المسلمين الفكرية.

نشأت "الجماعة الإسلامية" في لبنان في الخمسينيات ونمت على فكر ومؤلفات الشيخ مؤسس الإخوان المسلمين حسن البنا.

وكان الراحل "فتحي يكن" أول أمين عام للجماعة الإسلامية. وفي عام 1964 برزت بشكل رسمي، وافتتحت مركزها في بيروت.

وأصدرت مجلة «الشهاب» في الأول من يناير/كانون الثاني 1966، وكان لها كتلة من 3 نواب في البرلمان اللبناني، حسبما أكد موقع "الأمان" 25 مايو/أيار 2022.

لكن يمثلها حاليا نائب واحد فقط من أصل 27 نائبًا سنيا في مجلس النواب، هو "عماد الحوت"، وفق مركز "مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط" 15 سبتمبر 2022.

جمهور واسع

ويقول "بسام حمود" نائب رئيس الجماعة إنها حزب لبناني "موجود في كل المحافظات اللبنانية، ويلتزم القوانين والتشريعات الصادرة عن السلطات الرسمية، و"تحرير الوطن لا يحتاج إلى إذن من أحد".

ويدافع عن موقف الجماعة باللجوء إلى العمل المسلح بالقول "نحن نعيش حالة حرب، وملزمون الآن بالدفاع عن وطننا وأهلنا في وجه آلة القتل".

وتشير دراسة لمركز "الجزيرة للدراسات" 24 سبتمبر/أيلول 2020 أن أهمية الجماعة الإسلامية ودورها في محيطها المحلي أو في السياق العربي، أنها تكاد تكون الكيان اللبناني الإسلامي الوحيد الذي يمارس دورا سياسيا.

وتمثل الجماعة شريحة واسعة من اللبنانيين السُّنة بعد تيار المستقبل الذي يتزعمه سعد الحريري، وتستدعيها "السُّنِّيَّة السياسية" لتكون إلى جانبها فقط عند تلاقي الديني والسياسي في الصراع الطائفي اللبناني أو في المنطقة.

كما أنها جزء من منظومة حركة الإخوان المسلمين، من حيث المرجعية الفكرية والرؤية، وهي الحركة التي قُرن صعودها السياسي بصعود الربيع العربي عام 2011.

ويقول مركز الجزيرة للدراسات إن الجماعة الإسلامية شهدت ما بين الربيع العربي (2011) والحراك اللبناني (2019) مرحلةَ انتقال طويلة في القيادة، ربما لم تنته بعدُ، من الجيل المؤسس إلى الجيل التالي له، وهو ما أحدث تبايناتٍ وخلافاتٍ تنظيمية لم تكتمها الجماعة. 

ويقول تقرير لموقع "أساس ميديا" اللبناني الممول من السعودية، 5 سبتمبر 2022 إن الجماعة الإسلامية اللبنانية تتألف من ثلاثة مكونات رئيسة هي:

الأول، إمبراطوريات الجمعيات والمؤسسات التربوية والصحية والاجتماعية، التي تتلقى دعماً مالي وازناً من الخارج، وتبلغ قيمة وارداتها السنوية حوالي 30 مليون دولار، وفق زعمه.

والثاني، الجناح العسكري المعروف بـ "قوات الفجر" بقيادة محمود بديع (أبو خالد)، الذي يتولى رئاسة هذا الجناح في صيدا والجنوب ولبنان منذ مطلع التسعينيات.

والثالث، الجناح الأمني الذي أُعيد تفعيله بقوة إبان ولاية الأمين العام الأسبق إبراهيم المصري، وحظي بصلاحيات مفتوحة، وأغلب أعضاء هذا الجهاز موظفون في حركة حماس ويتقاضون منها رواتب شهرية، وفق "أساس ميديا".

ويزعم الموقع أن هذه "الجماعة العميقة" تضغط منذ سنوات من أجل التحالف مع حزب الله والانضواء تحت راية حلف الممانعة، وأن الجهازين العسكري والأمني ينسقان بالكامل، ويعقدان لقاءات دورية لم تنقطع أبداً.

ويقول تقرير نشره "مهنّد الحاج علي"، نائب مدير مركز "مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط" لشؤون الأبحاث، 15 سبتمبر 2022 إن انتخابات مجلس شورى الجماعة الإسلامية في لبنان، أظهرت تحولًا ملحوظًا لصالح الجناح المحسوب على حركة "حماس" و"حزب الله"

قال إنه "بعد الخلافات الحادة بين حركة حماس وحزب الله على خلفية النزاع في سوريا، شهدت العلاقات بين الجانبين تحسنًا".

تجلى التحسن بوضوح حين تدخلت حماس، كما أُفيد، في انتخابات الجماعة الإسلامية، وهي فرع الإخوان المسلمين في لبنان، وفق المصدر.

واستند لما ورد في تقارير إعلامية نُشرت في مواقع مثل "المدن" و"أساس ميديا"، عن الانتخابات التي جرت في سبتمبر 2022، ليؤكد أنها أسفرت عن فوز التيار المقرب من حماس وحزب الله في الانتخابات الأخيرة لاختيار قيادتها.

إذ فاز الشيخ محمد طقوش، رئيس جهاز أمن الجماعة سابقًا في بيروت، والذي تترد مزاعم إنه يتقاضى راتبًا من حماس، أمينًا عامًا للجماعة الإسلامية.

في حين جرى التجديد لمقداد قلاوون المقرب أيضًا من حماس وحزب الله، في منصب مسؤول الجهاز الأمني للجماعة الإسلامية. 

وأشار تقرير "كارنيغي" لما أسماه "خلافات عميقة في أوساط الجماعة الإسلامية"، في صفوف القيادة حول بناء تحالف قوي مع إيران وسوريا. 

إذ يُبدي يحيى السنوار، زعيم حماس في قطاع غزة وأحد مؤسسي الجهاز الأمني لها، تأييده لهذا التحالف، في حين أن الممثلين السياسيين التقليديين للحركة، مثل زعيمها السابق خالد مشعل، يعارضونه.