كيف فشلت خطط حفتر في تحويله إلى قذافي جديد؟.. موقع إيطالي يجيب

6 months ago

12

طباعة

مشاركة

بعد أن فشلت جميع محاولاته في السيطرة على العاصمة طرابلس، يقضي الجنرال الانقلابي الليبي خليفة حفتر أيامه متحصنا في مقر إقامته داخل قاعدة الرجمة العسكرية غير البعيدة عن مدينة بنغازي في شرق ليبيا.

وفي داخلها يستقبل الضيوف الأجانب في مكتبه وغالبا ما يكون ذلك بإقامة بروتوكولات شبيهة بالزيارات الرسمية. 

وقال موقع إنسايد أوفر الإيطالي إن "حفتر قد اختار هذا المكان ليكون مقرا لنشاطه وعالمه السياسي والعسكري الصغير ومحور كل الأحداث المتعلقة بشرق ليبيا". 

مسار معاكس

ولفت إلى أن الأمور سارت عكس مخططه في حكم ليبيا بشكل كامل ما بعد رئيس النظام السابق معمر القذافي والذي انطلق في تنفيذه منذ عشر سنوات بإطلاق عملية أسماها "الكرامة". 

وبدأت العملية في 16 مايو/أيار 2014 من مدينة بنغازي شرق البلاد بهجوم قوات حفتر على مقار للثوار والكتائب الإسلامية، وبعد ذلك انتقلت إلى العاصمة طرابلس قبل أن تتوسع لتشمل العديد من مناطق البلاد. 

وكان خصوم حفتر قد اتهموه بقيادة تمرد عسكري ومحاولة انقلاب ضد مكتسبات ثورة 17 فبراير/شباط التي أطاحت بحكم العقيد معمر القذافي.

ومن بينهم رئيس المؤتمر الوطني العام آنذاك نوري أبوسهمين الذي قال إن العملية العسكرية التي شنتها القوات الموالية لحفتر "تشكل انقلابا على الثورة".

وذلك ردا على مزاعم حفتر بأن عملية "كرامة ليبيا" تهدف إلى تطهير مدينة بنغازي وباقي كبرى المدن الليبية من الجماعات "الإرهابية والمتطرفة". 

وبحسب الموقع الإيطالي، ما كان ينويه الجنرال الانقلابي مختلف تماما عما أعلنه.

فقد "أراد على وجه الخصوص، تقليد صديقه القديم الذي أصبح فيما بعد عدوا لدودا له" في إشارة إلى القذافي الذي حكم ليبيا لعقود وأطلق على نفسه لقب قائد الثورة.

وقال إن "حفتر كان يحلم لفترة طويلة بالبقاء في طرابلس إلى أجل غير مسمى وقيادة البلاد بأكملها من هناك، ومن هذا المنطلق يمكن الحكم على العملية التي قادها بأنها كانت فاشلة".

محاولات فاشلة

أشار الموقع الإيطالي إلى أن حفتر كان له تصفية حسابات عالقة لأكثر من 20 عاما مع القذافي الذي كان مستشارا عسكريا له وذلك بعد أن أضرت الهزيمة التي مني بها الجيش الليبي في تشاد في بداية التسعينيات بالعلاقات بين الطرفين.

وقال إنهما أصبحا "عدوين لدودين"، لكن الضابط السابق في جيش القذافي "تسلح بالصبر وانتظر من منزله في فيرجينيا الواقع على بعد خطوات قليلة من مقر وكالة المخابرات المركزية، أن يتغير شيء ما في طرابلس".

وهو ما حدث بالفعل عام 2011، على إثر اندلاع ثورة فبراير ضمن موجة الربيع العربي والتي أدت إلى سقوط نظام القذافي إثر احتجاجات شعبية  في مدن عديدة.

وبذلك سنحت الفرصة التي طال انتظارها من الخارج للجنرال الانقلابي حفتر وفي غضون سنوات قليلة، شكل جيشه الخاص للاستيلاء على السلطة.

وبحسب إنسايد أوفر "لم تكن حساباته خاطئة، ففي ظل الفوضى التي تعيشها ليبيا، كان بوسعه أن يقدم نفسه في الداخل والخارج على أنه الشخصية الوحيدة القادرة على استعادة النظام ووقف تقدم تنظيم الدولة والإسلاميين".

وبالرغم من أن "حساباته كانت دقيقة إلا أن تنفيذها كان سيئا لا سيما أنه كان دائمًا مخطئا في اختيار التوقيت المناسب لذلك". 

ويذكر بأنه "هدد في عام 2014 بتنفيذ انقلاب إذا لم تدعُ الحكومة الانتقالية إلى إجراء انتخابات جديدة، إلا أن الأوان كان قد فات بالفعل للسيطرة على طرابلس دون إطلاق رصاصة واحدة".

وفي مايو من نفس العام، أطلق عملية الكرامة ونجح في السيطرة فعليا على شرق ليبيا بأكمله وكان ذلك بتكلفة كبيرة من ناحية عدد الضحايا. 

وفي عام 2018، "كان يعتقد أنه أصبح يحمل مفاتيح البلاد في جيبه"، على حد تعبير الموقع الإيطالي، إلى الحد الذي "قامر فيه في العام التالي بشن هجوم في توقيت خاطئ على طرابلس لا سيما أن سكان العاصمة تعاملوا معه كعدوان وليس تحريرا".

ماذا تبقى؟

ومنذ ذلك الحين، يتحصن حفتر في بنغازي ويؤكد من حين إلى آخر، من خلال بعض التحركات أنه لا يزال حاضرا.

وذلك على غرار احتجاز صيادين إيطاليين (في سبتمبر/أيلول 2020 والإفراج عنهم نهاية نفس العام) وكذلك تورط قواته والموالين له في تكثيف عمليات الهجرة غير النظامية من شرق ليبيا نحو السواحل الأوروبية. 

إلا أن تخطيطه، بحسب الموقع الإيطالي، لا يزال ينتهي إلى الفشل لا سيما أنه أخفق في تحقيق مشروعه في أن يكون القذافي الجديد.

 ويرجح أن يكون تفكيره اليوم مركزا على فكرة من يخلفه في الحكم بعد أن بلغ من العمر 81 عاماً إلا أنه لن يتمكن من توريث حكم ليبيا بأكملها لأبنائه "الطموحين".

يزعم الموقع أن عملية الكرامة التي أدت إلى إبعاد العديد من الجماعات الإسلامية، أسهمت في "توحيد إقليم برقة كما يبدو اليوم مقارنة بإقليم طرابلس المنقسم"، أي أنه تحت سيطرة ونفوذ شخصية واحدة وهي حفتر.

علاوة على ذلك، يضيف إنسايد أوفر أن اللواء الليبي المتقاعد "عزز بهذه العملية العسكرية منطقة نفوذه، وهذا يحمل في طياته دلالات مهمة أيضًا على صعيد السياسة الخارجية".

ويفسر بأن شرق ليبيا يظل منطقة متنازعا عليها بين الروس، المقربين جدا من حفتر والموجودين هناك من خلال عناصر مرتزقة فاغنر منذ عام 2016، من ناحية. 

ومن ناحية أخرى الولايات المتحدة الأميركية التي تضغط بحقيقة أن حفتر مواطن أميركي لتذكير الأخير بعدم البقاء مرتبطًا بمصالح موسكو لفترة طويلة. 

وبذلك يستنتج الموقع الإيطالي أن ما يحدث في ليبيا، خاصة في شرقها، "حرب داخل أخرى تدور بين البيت الأبيض والكرملين وهي نتيجة مباشرة لعمليات جيش حفتر في جميع أنحاء إقليم  برقة".