حال لم تنسحب إسرائيل من فيلادلفيا.. هكذا تخسر مصر ورقة تأثيرها على حماس
"مصر تخشى من خطر تسرب النيران وزيادة الاحتكاك بين الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن المصرية"
“القاهرة غاضبة”.. بهذه العبارة وصف معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي رد الفعل المصري إزاء قرار حكومة بنيامين نتنياهو بالمصادقة على الوجود الإسرائيلي الدائم في محور فيلادلفيا، وهو الأمر الذي أعاد نتنياهو التأكيد عليه في مؤتمره الصحفي المثير للجدل في 2 سبتمبر/ أيلول 2024.
وفي اليوم التالي، رفضت مصر اتهامات نتنياهو بغضّها الطرف عن تهريب الأسلحة إلى غزة عبر محور فيلادلفيا، وعدتها محاولة لعرقلة التوصل لوقف إطلاق النار في القطاع، وعبر كثير من الدول مثل قطر والأردن وتركيا عن تضامنهما مع القاهرة بهذا الشأن.
في ضوء ذلك، يناقش المعهد، قرار بقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا من الزاوية المصرية، موضحا الأهمية الإستراتيجية للمحور ومعبر رفح للقاهرة.
كما يشرح أسباب معارضة مصر بقاء القوات الإسرائيلية في المحور، منتقدا ضبابية السياسية الإسرائيلية بشأن خطة "اليوم التالي" للحرب، الأمر الذي أسهم في تعقيد المشهد أكثر فأكثر مع القاهرة.
أهمية إستراتيجية
يشير المعهد، في البداية إلى تصاعد حدة الأزمة بين مصر وإسرائيل؛ حيث اتهمت الخارجية المصرية نتنياهو بإفشال مساعي التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وحمّلته مسؤولية التصعيد الإقليمي المتوقع.
ورأى المعهد أن "الانتقادات المصرية القاسية، تعكس رغبة القاهرة في وقف الحرب، وإحباطها من فشل جهود الوساطة لوقف إطلاق النار".
في الوقت ذاته، تبرز قضية محور فيلادلفيا ومعبر رفح، كقضية مركزية في الخلاف بين البلدين، إذ تدل ردود الفعل الغاضبة من القاهرة على “الأهمية التي توليها مصر للمحور والمعبر”.
ويسلط المعهد الضوء على الأهمية الإستراتيجية لمحور فيلادلفيا ومعبر رفح، حيث يعتقد أن “القاهرة تستغله في التأثير على حركة حماس”.
فوفق المعهد، "خلال العقد الماضي، تحولت الحدود بين سيناء وغزة من مصدر للإرهاب الذي احتدم في شمال سيناء، إلى أداة نفوذ سياسي واقتصادي ساعدت القاهرة على استقرار الوضع الأمني في أراضيها، وذلك عبر تقديم الجزرة والعصا لحماس".
حيث يرى المعهد أن "مصر قامت بفتح معبر رفح على نطاق أوسع، واستُخدم لمرور البضائع والأشخاص والمساعدات الإنسانية ومواد البناء".
وزعم أن "المعبر استخدم أيضا لتمرير الأسلحة غير القانونية، و/ أو المواد ذات الاستخدام المزدوج، التي ساعدت في تعزيز قوة حماس عسكريا".
أسباب القلق المصري
ويفصّل المعهد في دوافع معارضة مصر لبقاء إسرائيل في المحور، إذ عزا ذلك لعدة أسباب، على رأسها، "الخوف من أن يصبح الوجود الإسرائيلي المؤقت دائما، وهو ما يؤدي إلى تآكل الدور المصري".
كذلك أشار المعهد إلى أن القاهرة تستند على "اتفاقية كامب ديفيد" في معارضتها لوجود الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا.
حيث "تطالب بتنفيذ اتفاقيات فك الارتباط المنصوص عليها في الملحق العسكري لاتفاق السلام بين إسرائيل ومصر، وحصر نطاق قوات الجيش الإسرائيلي في المحور بأربع كتائب، بشرط التطلع إلى عودة السلطة الفلسطينية إلى معبر رفح (اتفاق المعابر)".
واتفاق المعابر هو اتفاق تم توقيعه في عام 2005 بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، بوساطة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بهدف تنظيم حركة المرور عبر المعبر بين غزة ومصر، وذلك بعد انسحاب إسرائيل من القطاع من نفس العام.
فيما يتمثل السبب الثالث، بحسب المعهد، في خشية القاهرة من "خطر تسرب النيران وزيادة الاحتكاك بين الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن المصرية".
ويمثل الرأي العام المصري ضغطا إضافيا على القاهرة، فيقول المعهد: "ويلعب الرأي العام أيضا دورا في الحسابات المصرية، فهو يخشى أن يُنظر إليه على أنه شريك في الترويج للترتيبات الحدودية الجديدة في قطاع غزة".
وتابع: "خاصة أنه ليس من الواضح لمصر بعد ما هي الأهداف التي تسعى إسرائيل إلى تحقيقها في اليوم التالي الحرب، فهل ترمي إلى احتلال القطاع والإقامة الدائمة فيه، أو الرحيل وعودة محتملة للسلطة الفلسطينية؟".
ودعا المعهد مصر وإسرائيل إلى تنحية الحسابات السياسية والشعبوية على جنب، والسعي لحل الأزمة القائمة عبر الجهات الأمنية المشتركة.
فيقول إن "حل الأزمة الحالية وإيجاد ترتيبات مستقرة وآمنة في قطاع غزة يتطلب من إسرائيل ومصر، وضع الحسابات السياسية والشعبوية جانبا".
كما يتعين عليهما “الاستفادة من الحوار المثمر القائم منذ سنوات عديدة بين المؤسسات الأمنية في البلدين، من أجل استعادة الثقة وتعزيز المصالح الإستراتيجية العديدة المشتركة بينهما” يختم المعهد.