مصر تهدد أوروبا من موجة هجرة حال نزوح فلسطينيي غزة إليها.. ما القصة؟

منذ ١٣ يومًا

12

طباعة

مشاركة

على مدار الأيام الأخيرة حذّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي العديد من الشركاء الأوروبيين من مخاطر موجة هجرة محتملة في حل طرد إسرائيل الفلسطينيين من غزة. 

ومن بين هؤلاء الشركاء الأوروبيين الملك الإسباني فيليب السادس الذي أدى زيارة أخيرا إلى مصر. بحسب صحيفة “إلباييس”.

وقالت صحيفة إسبانية: إن احتمال طرد إسرائيل الفلسطينيين غزة بشكل جماعي إلى مصر، في عملية مدعومة بهجوم عسكري على المدينة وبأوامر لسكانها بالتوجه جنوبا قرب الحدود المصرية؛ يُثير قلق القاهرة. 

ودفعت هذه المخاوف السلطات المصرية إلى تعميم هذا القلق على شركائها الأوروبيين.

سابقة مصرية

في الأيام الأخيرة، أشار السيسي علنا، ولأول مرة، إلى احتمال موجة هجرة إلى أوروبا في حال تحققت توقعاته. وأصرّ أمام عدد من القادة في القارة على أن أفضل سبيل لتجنبها هو وقف إطلاق النار في غزة.

وأشارت الصحيفة إلى أن الملك الإسباني، فيليب السادس، الذي استقبله السيسي في قصر الاتحادية الرئاسي خلال اليوم الأول من زيارته الرسمية إلى مصر، كان من بين المسؤولين الأوروبيين الذين أبلغتهم مصر بشكل مباشر بهذا الخطر. 

ورغم أن أيا من الزعيمين لم يتطرق إلى هذه المسألة في خطابيهما، فقد أعلنت الرئاسة المصرية في بيان أنهما اتفقا خلال لقائهما على "الرفض القاطع" لأي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه.

وحذّرا من أن مِن بين "التداعيات الخطيرة" لمثل هذا السيناريو "موجات غير مسبوقة" من “الهجرة غير النظامية إلى أوروبا”. وفقا للقاهرة.

وقبل فيليب السادس، كان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، هما من تلقّيا هذه الرسالة خلال اجتماع افتراضي عُقد قبل أسبوع. 

وفي تلك المناسبة، شدّد السيسي على ضرورة مواجهة الإجراءات التي تسعى إلى خلق "بيئة غير صالحة للعيش" في غزة "بهدف تهجير الشعب الفلسطيني"، وحذّر من أن ذلك سيؤدي إلى زيادة واضحة في الهجرة إلى أوروبا. 

وأكد الرئيس المصري أن السبيل إلى تجنب ذلك يكمن في وقف إطلاق النار في غزة، والذي يتطلب، في رأيه، "موقفا حازما وقويا من أوروبا والمجتمع الدولي". وقبل أيام قليلة كان السيسي قد نقل هذا التحذير صراحة إلى ستارمر لأول مرة عبر الهاتف.

وأشارت الصحيفة إلى أن قلق مصر ازداد منذ إعلان إسرائيل نيتها السيطرة على مدينة غزة، المدينة الرئيسة في القطاع، أواخر آب/ أغسطس؛ حيث لا يزال يقطنها حوالي مليون نسمة. 

وقد شنّ جيش الاحتلال هجومه البري على المدينة، بعد أسبوع واحد فقط من إصدار أوامر للسكان بالنزوح جنوبا، بالقرب من الحدود المصرية، حيث تُركز إسرائيل أعدادا متزايدة من الفلسطينيين. ووفقا للتقديرات الإسرائيلية، غادر المدينة بالفعل حوالي 400 ألف شخص.

سيناريو محتمل

بالتوازي مع الهجوم على مدينة غزة، أثار رئيس وزراء حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، علنا مسألة طرد الفلسطينيين من القطاع مجددا في أوائل سبتمبر، وشدد موقفه من مصر، متهما إياها بـ"سجن سكان غزة الراغبين في مغادرة منطقة الحرب رغما عنهم". 

ومن جانبها، رفضت القاهرة بشدة أي طرد لسكان غزة إلى أراضيها، وانتقدت هذه التصريحات، وكثّفت جهودها الدبلوماسية لحشد الدعم الدولي.

ونقلت الصحيفة أن مصر ترفض هذا السيناريو؛ لأنها لا تريد أن تكون متواطئة في تهجير سكاني من شأنه أن يقوض طموح الفلسطينيين في إقامة دولتهم. 

وتصرّ على أن إسرائيل بصفتها القوة المحتلة، مسؤولة عن القطاع. وتؤكد القاهرة أن التركيز يجب أن ينصب على إنهاء العنف وليس على تهجير المدنيين، وتحذر من أن التهجير القسري للسكان يمثل تهديدا لأمنها الوطني والإقليمي.

في الوقت الراهن، يبدو أن التحذيرات من موجة من الوافدين إلى أوروبا، في حال طرد فلسطينيي غزة إلى مصر، تبرز المخاطر التي يشكلها الوضع في القطاع. 

ولم تحدد التصريحات الصادرة عن الرئاسة المصرية ما إذا كان هذا التدفق المحتمل سيشمل تحديدا اللاجئين الفلسطينيين النازحين من غزة، أم المهاجرين واللاجئين من جنسيات أخرى الموجودين بالفعل في مصر. 

علاوة على ذلك، يغلق الجيش حاليا الجانب المصري من الحدود مع غزة، بينما لا يزال الجانب الفلسطيني محتلا من قِبل قوات الاحتلال.

ونوهت الصحيفة إلى أن القاهرة أثارت قضية الهجرة مرارا، إدراكا منها أنها أحد الشواغل الرئيسة للعديد من الحكومات الأوروبية، وتباهت مرارا بوقفها رحيل المهاجرين من شواطئها لأسباب إنسانية. 

في آذار/ مارس سنة 2024، أي بعد نصف عام تقريبا من بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة، والذي فاقم هشاشة الاقتصاد المصري، وقّع الاتحاد الأوروبي اتفاقية شراكة مع القاهرة تضمنت حزمة تمويل بقيمة 7.4 مليارات يورو؛ وهو أمر فسّر على نطاق واسع على أنه عبارة عن طوق نجاة لدعم استقرارها.

سياق معقد 

وتجدر الإشارة إلى أن الشرق الأوسط يعيش على وقع أزمة؛ وهو حقيقة ليست حديثة مع اقتراب الربع الأول من القرن الحادي والعشرين من نهايته. ومع ذلك، فإن اللحظة الراهنة لها تداعيات عالمية وسياق عدائي لم نشهده في الماضي القريب في منطقة. 

وفي هذا السياق الكئيب والمتفجر، أدى ملك إسبانيا أول زيارة رسمية له إلى مصر.

في هذا السياق، تشير روزا مينيسيس، نائبة مدير مركز الدراسات العربية المعاصرة، في حوار مع صحيفة لاراثون الإسبانية إلى أن: "الملك الإسباني يزور مصر في سياق إقليمي حساس، مع اقتراب حرب غزة من ذكراها الثانية دون أي نهاية في الأفق؛ بل على العكس، تفاقم الصراع. ولهذا السبب تكتسب هذه الزيارة أهمية بالغة.

فهي تعبير عن دعم إسبانيا لمنطقة تعاني من عواقب الصراع. وفي سياق إبادة غزة، يُمكننا تسليط الضوء على أوجه التشابه مع السياسة التي انتهجتها إسبانيا، مثل دعم حل الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية".

مع ذلك، يتضاءل دور مصر التقليدي كمفاوض لصالح دول الخليج، التي أصبحت الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى. ومع ذلك، وبما أن إسبانيا اقترحت مدريد مجددا مكانا لمؤتمر السلام، فقد يتفق البلدان على مبادرات أكثر حزما من شأنها دفع دول أخرى في المنطقة وأوروبا إلى الأمام.