مسار إجباري.. لهذه الأسباب يتوجب على العراق تطوير علاقته النفطية مع تركيا
"مشاركة المستثمرين الأتراك في تطوير البنية التحتية بالعراق مهمة لتحقيق الاستقرار بالمنطقة"
مع تحسن العلاقات بين البلدين بصورة لافتة في الشهور الأخيرة، كثرت الأحاديث بشأن فرص التعاون بين تركيا والعراق الذي بلغ حجم التعاون التجاري بينهما نحو 20 مليار دولار.
وفي هذا السياق، نشرت وكالة الأناضول التركية مقالاً سلطت فيه الضوء على أهمية التعاون بين البلدين الجارين في قطاع الطاقة، لا سيما نقل النفط والغاز، في ظل الأزمة التي تشهدها منطقة مضيقي هرمز وباب المندب.
أهمية حيوية
واستهلت الوكالة المقال بالقول: العراق الذي يمتلك احتياطيات هيدروكربونية كبيرة يعد منتجا رئيسا للنفط الخام.
ويسهم العراق بقدرته الإنتاجية التي تصل إلى 4-4.5 ملايين برميل يوميًا في ضمان أمن إمدادات العالم.
وتتيح الاحتياطيات الحالية للبلاد فرصة زيادة الإنتاج والتصدير. وقد تأثر تطور العراق في قطاع الطاقة بشكل سلبي بسبب التطورات الجيوسياسية التي مر بها البلد على مر السنين.
لذلك لم يتمكن العراق من الاستفادة الكاملة من إمكانات إنتاج الغاز الطبيعي العالية وتطوير البنية التحتية الوطنية.
ولا شك أن إنتاج النفط الخام من شمال العراق وجنوبه ووصوله عبر تركيا إلى الأسواق العالمية يشكل القيمة الأساسية للاقتصاد العراقي.
والتعاون مع تركيا مهم للعراق لأسباب عدة. فأحد أهم أركان النشاط التجاري يتمثل في خط أنابيب النفط الخام من كركوك إلى يومورتاليك، والذي يعمل منذ سنوات لكنه يعاني من بعض الانقطاعات في الوقت الراهن.
حيث يتيح خط أنابيب النفط الخام الذي ينتجه العراق في شماله وصول النفط إلى البحر المتوسط وتقديمه إلى الأسواق العالمية.
وحين يكون الخط نشطاً يمكنه توفير تدفق يومي للنفط الخام بما يصل إلى 500 ألف برميل.
ونظراً لإدراك كلا البلدين بأهمية الخط فإنّ هناك اتفاقياتٍ تعاونية مستمرة ومتنامية بينهما بما يصب في مصلحة كل منهما.
ويعد أمان ووظيفية وديناميكية هذا الخط رافعة للتنمية الاقتصادية والإقليمية. وفي هذا السياق نجد أنّ العراق يوفر فرصا لرواد الأعمال في تركيا لتطوير البنية التحتية الطاقَوية، خصوصا في مسألة زيادة قدرات العراق في إنتاج الغاز الطبيعي والتي ستكون مفيدة بلا شك لكلا البلدين.
شريك إستراتيجي
بالنسبة لتركيا، فإنها جارة مهمة وشريك إستراتيجي للعراق الذي لا يمتلك الكثير من البدائل في الوصول إلى الأسواق العالمية بسبب الموقع الجغرافي.
لذا فمشاركة المستثمرين الأتراك في الأنشطة التجارية بين البلدين وتطوير البنية التحتية في العراق مهمة بشكل حاسم لتحقيق الاستقرار.
حيث يعتمد التعاون بين البلدين على المنفعة المتبادلة وتستمر في إطار العلاقات التجارية والتاريخية. وتتداخل تركيا والعراق بشكل طبيعي في قضايا المياه والطاقة ذات الأهمية الاستراتيجية.
وتستمر تركيا بإثبات وجودها في منطقة الشرق الأوسط بفضل نفوذها الاقتصادي الكبير وقدرتها على توفير ملاذ آمن. ومع تجاوز مشكلات الأمن ستظهر الإمكانات الحقيقية للبلدين وستتحقق زيادة الرفاهية.
ولا شك أن استقرار العراق السياسي وتطوره الاقتصادي مهم أيضاً بالنسبة لتركيا. حيث يمكن تصدير مزيد من النفط الخام عبر تركيا إلى الأسواق الدولية.
وزيادة إنتاج النفط الخام وتحويل إنتاج الغاز الطبيعي واستغلاله في الاقتصاد يُعَدّ أمرًا ذا أهمية بالغة للعراق
ومن أجل تحقيق هذا الهدف تعد تركيا شريكاً مهماً للعراق بفضل البنية التحتية والتكنولوجيا والقدرات البشرية التي تمتلكها.
وعند النظر إلى الوضع غير المستقر في الشرق الأوسط، فإنّ تركيا توفر الاستقرار والأمان والبنية التحتية القوية المتكاملة لجيرانها.
وفي حال لم يتمكن النفط الخام من الوصول إلى البحر المتوسط عبر الطريق الجنوبي من البصرة أو في حالة حدوث انقطاعات فإن المسار التجاري الأكثر أهمية للعراق هو الذي يمر عبر تركيا إلى البحر المتوسط.
أوضاع غير مستقرة
وقد تسببت التطورات العالمية في السنوات الخمس الأخيرة والأوضاع غير المستقرة في الشرق الأوسط تغييراً في الخطط والتحليلات.
ونلاحظ جميعًا أن النظام العالمي قد أفرز توازنات جديدة سياسياً واقتصادياً.
وقد أثار عدم اليقين الذي خلفته الحرب المستمرة بين أوكرانيا وروسيا والمجازر التي لا يمكن إيقافها في فلسطين مشكلات أمنية في المناطق الحيوية للطاقة بل وأثّرت على أمن الإمدادات.
وأدت المشاكل في مسارات التجارة والمشاكل الأمنية في مضيق هرمز وخليج عدن والبحر الأحمر إلى تأثير سلبي على التجارة العالمية وزيادة أسعار الشحن وتعطيل سلاسل التوريد.
لذلك تعد تركيا بفضل موقعها الجغرافي وهيكليتها المستقرة وبنيتها التحتية المتطورة وإمكاناتها التجارية بديلاً جديراً بالاهتمام لتشكيل مسارات بديلة وضمان استدامة سلاسل التوريد.
حيث تمثل خطوط الأنابيب الدولية والوطنية الموجودة لدى تركيا وقدرتها على تخزين الغاز الطبيعي ووحدات تخزين الغاز الطبيعي المسائية والتسييل وزيادة إنتاج الغاز الطبيعي والنفط الخام يومًا بعد يوم مساهمة كبيرة في أن تصبح تركيا مركزًا للطاقة.
ويدرك العالم بأسره إمكانات تركيا في هذا المجال. ويعد الهيكل المتكامل الذي ستكون فيه تركيا جزءًا منه أحد أهم مصادر الطاقة في الشرق الأوسط.
بشكل خاص، يحمل مشروع "طريق التنمية" أهمية استراتيجية في إيجاد بدائل. ويمكن أن يتم تصدير إنتاج الهيدروكربونات في خليج البصرة إلى البحر المتوسط عبر خط أنابيب يربط الجنوب بالشمال عبر العراق.
ويمكن تحقيق أقصى استفادة من وظيفة وسعة خط الأنابيب الحالي بين كركوك ويومورتاليك من خلال الاتصال القادم من الجنوب.
ولا شك أن نقل الغاز العراقي عبر تركيا إلى أوروبا أيضاً يعد بديلاً مهمًا يسهم في ضمان الأمن الطاقوي.
وتُعَد خطوط الأنابيب الدولية المتصلة بأوروبا ذات قيمة مهمة وتعد قابلةً للتطوير بالنسبة لتركيا.
لكن مع الأسف لم يتم استغلال إمكانات الغاز الطبيعي في شمال العراق بشكل اقتصادي حتى الآن. ويمكن تحويل هذه الاحتياطيات إلى إنتاج وتقديمها إلى الأسواق العالمية بشكل فعال من خلال تركيا، تختم الوكالة.