ينسف المباني ويزرع متفجرات بين السكان.. هذا ما يفعله الاحتلال شمال غزة
"جرائم إبادة جماعية مكتملة الأركان تحدث في شمال غزة"
لليوم الـ13 على التوالي، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي اجتياحه البري لمدينة جباليا شمال قطاع غزة وحصارها وارتكاب كل أنواع عمليات الإبادة من قتل ونسف للمباني ومنع الطعام والشراب والدواء.
وفي 6 أكتوبر/ تشرين الأول، بدأت إسرائيل هذا الاجتياح، ودعت المواطنين إلى التوجه جنوبا، تمهيدا لفصل المنطقة بالكامل عن بقية قطاع غزة وعدّ كل من يتحرك فيها هدفا عسكريا.
خطة الجنرالات
وتندرج هذه المحرقة في إطار “خطة الجنرالات” التي كشف عنها موقع "واي نت" العبري، في 4 سبتمبر/ أيلول، وتهدف إلى "تحويل كامل المنطقة الواقعة شمال ممر نتساريم (أنشأته إسرائيل وسط القطاع)، أي محافظتي غزة والشمال، لمنطقة عسكرية مغلقة".
والخطة أعدها عسكريون إسرائيليون سابقون، وتقضي بـ"إجلاء السكان خلال أسابيع قليلة، وفرض حصار على المنطقة، لدفع المسلحين بمدينة غزة للاستسلام أو الموت"، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية في 22 سبتمبر.
وتشمل تفاصيل الخطة بحسب وسائل إعلام إسرائيلية إحكام الحصار على شمال قطاع غزة، وقطع المساعدات الإنسانية عن مئات الآلاف من الفلسطينيين داخله، ومنعهم من الحصول على الطعام والشراب، وعدّ من سيبقى داخله مقاتلين.
وفي 17 أكتوبر، حملت حركة المقاومة الإسلامية حماس الإدارة الأميركية مسؤولية الإبادة التي تنفذها إسرائيل في شمال قطاع غزة، وذلك بالتوازي مع حرب تشنها إسرائيل على كل القطاع منذ عام.
وقال بيان للحركة إن "جرائم إبادة جماعية مكتملة الأركان تحدث في شمال غزة" في إطار ما يعرف بـ"خطة الجنرالات"، واصفا إياها بأنها "وحشية وإحدى أكثر الخطط العسكرية التي عرفها التاريخ الحديث انحطاطا ونازية".
ومن جانبه، طالب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الاحتلال الإسرائيلي، بالسماح للمنظمة وشركائها بإيصال المساعدات الإنسانية إلى الشمال، مشيرا إلى استمرار الهجمات على خدمات الصحة كافة في القطاع.
فيما دعت 38 منظمة إنسانية في بيان مشترك، قادة العالم إلى التحرك الآن لإنهاء الفظائع التي ترتكبها "إسرائيل" في شمال القطاع، مؤكدين أن حدة الهجوم الذي تشنه قوات الاحتلال على غزة تصاعد إلى مستوى مروع.
وأضافت أنه "تم محو شمال غزة من على الخريطة"، وأن ما يحدث هناك "تهجير قسري تحت نيران الأسلحة النارية"، قائلة: "لا يمكن للعالم أن يستمر في الوقوف مكتوف الأيدي بينما ترتكب الحكومة الإسرائيلية هذه الفظائع. إن قادة العالم ملزمون قانونيا وأخلاقيا بالتحرك الآن".
وتحدث ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية على منصتي "إكس"، و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #جباليا، #جباليا_تباد، #محرقة_جباليا وغيرها، عن ممارسة الاحتلال عملية تطهير عرقي وإبادة جماعية وفرض التجويع ضد سكان شمال القطاع.
وتداولوا صورا ومقاطع فيديو توثق تعرض مناطق واسعة للدمار نتيجة العمليات الإسرائيلية الانتقامية التي حولت غزة، خاصة شمالها، لمنطقة منكوبة، وتبرز صورة قاتمة لسوء الأوضاع الإنسانية.
وأشاد ناشطون بثبات وصمود أهل جباليا وصبرهم على ما يلاقونه من صنوف القتل بكل وسائل الإجرام التي عرفها التاريخ، وعزيمتهم على مجابهة حرب الإبادة التي يرتكبها الاحتلال بحقهم وإغلاقه جميع المخارج والمداخل وإطباقه الحصار عليهم.
واقع جباليا
ورصدا للواقع في جباليا، أكد مراسل قناة الجزيرة أنس الشريف، عدم دخول أي مساعدات إلى مناطق شمال غزة المحاصرة منذ بدء الحصار.
وأضاف أن جيش الاحتلال يمنع الدخول والخروج من هذه المناطق المحاصرة، ويواصل استهداف أهلها بالقتل والتدمير والتجويع. وعرض الشريف، صورا تشير إلى أن القوات الإسرائيلية تزرع براميل متفجرة بين السكان.
وقال محمد عبدالرحمن، إن حجم الدمار الناتج عن تدمير المباني السكنية في غرب مخيم جباليا، وبالأخص في أحياء الفالوجا، بئر النعجة، والصفطاوي، يفوق كل ما شهدناه سابقا، حتى في أعتى مراحل الاجتياح البري.
وأشار إلى أن أصوات الانفجارات مستمرة بلا انقطاع طوال اليوم، وفي الليل تعلو قوتها لدرجة أن أصداءها تصل إلى المحافظات الوسطى، مما يعكس مدى العنف والشراسة في تدمير المنطقة.
وعرض المصور أسامة أبو ربيع، مقطع فيديو يوثق استهداف مدرسة خليفة بن زايد شمال غزة، مؤكدا أن سياسة التجويع هناك "فظيعة وغير مقبولة".
وأوضح أنه في اليوم الثاني عشر من العدوان المتواصل على شمال غزة وفي اليوم 376 للإبادة في القطاع، يُصعد جيش الاحتلال غاراته على منازل المواطنين في المناطق الغربية لمخيم جباليا والأحياء السكنية المحيطة بها في محاولة لتهجير أهلها إلى جنوب القطاع.
وأشار أبو ربيع، إلى أن جيش الاحتلال أقدم في ظل عدم استجابة الأهالي لتلك المخططات، على استخدام أساليب جديدة من خلال البراميل المتفجرة لوضعها بين المنازل وتفجيرها عن بعد مما تحدث أهوالا من الانفجارات الضخمة ونسف مربعات سكنية كاملة.
براميل متفجرة
وتحدث ناشطون عن بشاعة الاحتلال الإسرائيلي وتفننه في إبادة الفلسطينيين بشتى الطرق ومنها زراعة البراميل المتفجرة بين أزقة مخيم جباليا، وعمده إلى تفجير بعضها بين الحين والآخر.
وأكد حسين نشار، أن الجيش الإسرائيلي يتفنن في قتل المدنيين وهذه المرة بخطة لا تخطر على بال إبليس نفسه.
ولفت إلى أنه وضع بالقرب من البيوت براميل مليئة بكمية كبيرة من المواد المتفجرة تشبه براميل المياه تنفجر في كل من يقترب منها وتحدث دمارا هائلا.
وأشار عبدالرحمن شليب، إلى أن في جباليا المحاصرة منذ 12 يوما بلا طعام ولا ماء وضع الجيش براميل مياه؛ ولكنها لم تكن تحتوي على مياه.
بل كانت مليئة بكميات كبيرة من المتفجرات عند الاقتراب منها، تنفجر بشكل مخيف جدا، وتدمر المربع بالكامل من شدة الانفجار.
وتداول ناشطون صورا لمجموعة فلسطينيين يصلون صلاة الجنازة على رأس شهيد كانت هي كل ما تبقى من جسده نتيجة العدوان الإسرائيلي.
صمود أسطوري
وإشادة بصمود أهل جباليا، وصد الصحفي عماد زقوت، تفاصيل العملية العسكرية الإسرائيلية التي تجرى في شمال غزة منذ 13 يوما وما أسفرت عنه من استشهاد قرابة 400 مواطن وجرح العشرات وتدمير عشرات المنازل، وتقدم آليات الاحتلال تجاه المناطق السكانية وتتراجع وتعيد تموضعها في أماكن مختلفة .
ولفت إلى أن جنود الاحتلال منذ 12 يوما يسيرون روبوتات مفخخة تجاه مناطق سكانية تحديدا في منطقة الفالوجا غرب جباليا وتعمد إلى تفجيرها الأمر الذي أدى إلى تدمير مربعات سكانية .
وأضاف زقوت، أن الاحتلال يفرض حصارا خانقا على محافظة شمال غزة ، وتمنع المساعدات عن الناس ولم يصل الوقود اللازم لتشغيل آبار المياه وغيرها من الخدمات ما يتسبب بكوارث إنسانية.
وأوضح أن مستشفيات الشمال صامدة في وجه الاعتداءات وإطلاق النار المتكرر والتحليق المستمر لمسيرات الكواد كابتر، وترفض أوامر الاحتلال بالإخلاء وما تزال تقدم الخدمات الأولية للجرحى والمرضى، وهناك أكثر من 150 ألف مواطن ما يزالون يوجدون في محافظة الشمال ، وفشلت كل محاولات إجبارهم على النزوح إلى جنوب القطاع.
وأكد أن زقوت هذا الصمود الاسطوري يحتاج إلى مساندة كبيرة من الجميع في الداخل والخارج حتى نفشل جميعا كل مؤامرات إفراغ شمال غزة من أهله و الذي سيؤدي إلى جلب أزمات إنسانية لا حدود لها في الجنوب.
وقال الناشط محمد النجار، إن ثبات السكان في جباليا ينهي أحلام الجيش بتفريغها من أهلها، فضلا عن الهزيمة المعنوية لقادة الجيش أمام صمود سكان عزّل إلا من الإرادة، لكنا سنكون أمام جباليا مهشمة محطمة.
وأشار إلى أن هذه معركة كبيرة تستهدف الوجود الفلسطيني من أساسه، ويراهن على الإنهاك التام للسكان على المدى الطويل.
وأكد أن ما يجرى في جباليا تجاوز فكرة خطة الجنرالات، ولا يتوافق معها، العدو يريد تدمير المدينة بما يجعلها غير قابلة للحياة، بأقل الخسائر الممكنة في قواته، معتمدا على إدخال الروبوتات المفخخة التي تدمر أفقيا بأضعاف ما يحتاجه من ذخيرة سلاح الجو التي يحتاجها بشكل ماس لحربه القادمة في لبنان وربما إيران.
وأشار عبدالرؤوف إلى استمرار الشعب الفلسطيني في ملحمة صمود أسطورية رغم المعارك الطاحنة في مخيم جباليا والحصار والتجويع وحرب الإبادة، وقتاله إلى آخر طلقة عدوا همجيا لا يقيم وزنا لأي قوانين أو أعراف.
وأكد أحد المغردين، أن وحدهم أهل الشمال في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون وغيرها أحبطوا مخطط التهجير الدموي بصدورهم العارية وقدموا من أجل ذلك أنفسهم وأبناءهم في قصة صمود لم يشهد التاريخ الحديث مثلها، مشيرا إلى أنهم كان بإمكانهم منذ سنة الانتقال إلى الجنوب.
خذلان وتواطؤ
وإعرابا عن الغضب من الخذلان الغربي والعربي والإسلامي لغزة وأهلها في ظل استمرار الإبادة الجماعية بحق أهلها واشتداد الخطب عليهم، قال الأكاديمي براء نزار ريان، إن جباليا تباد على عين العالم وسمع العرب والمسلمين.
وقال بدران بن لحسن: “إذا كان القوي بلا ضمير، فإنه لا تنفع معه الخطابات الإنسانية أو الشرعية أو الأخلاقية مهما كان مستواها، ولا يوقفه إلا فقدان قوته بقوة تساويه أو تتجاوزه”.
ورأى خالد بلمصابيح، أن أوان الصحوة قد آن، مستنكرا إبادة شعب بأكمله وتغيير خريطة الواقع، وأن هناك طرفا واحدا مدججا بأعتى الأسلحة يُبيد شعبا أعزل.
وعلق وليد إسماعيل، على تدوينة مدون يدعو للحديث عن جباليا لأن شعبها يباد بلا صوت ولا صورة، قائلا: "وهي جباليا بس لوحدها دا كل فلسطين تباد من قديم الأزل ولم ولن يتحرك أي قائد عربي من أجلها".