بعد هروب الشيخة حسينة.. سيناريوهات الانتقال السياسي للسلطة في بنغلاديش

4 months ago

12

طباعة

مشاركة

أعلن جيش بنغلادش، الإثنين 5 أغسطس/آب، استقالة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة وطالب المواطنين بالكف عن "العنف" ووضع ثقتهم في المؤسسة العسكرية.

يأتي ذلك على إثر مغادرة رئيسة الوزراء البلاد في أعقاب أسابيع من احتجاجات مناهضة للحكومة وأعمال عنف واضطرابات تسببت في سقوط مئات القتلى والجرحى. 

وفور إعلان مغادرة الشيخة حسينة البلاد، اقتحم محتجون مبتهجون القصر الحكومي وخرجت حشود للاحتفال ملوحة بالأعلام.

وضع فوضوي 

 وفي تقرير عن التطورات المستقبلية، أكدت صحيفة إيطالية ضبابية الموقف الحالي مشددة على أن الوضع فوضوي للغاية.

وكانت قد تساءلت صحيفة "إيل بوست" عن إعلان رئيس أركان الجيش، وكر الزمان عن تشكيل حكومة مؤقتة، ستتولى مهمة قيادة البلاد خصوصا في ظل احتجاج ورفض الكثيرين لأي دور محتمل للجيش في العملية السياسية المستقبلية.

وترجح الصحيفة بالقول إنه "من المحتمل جدا أن يلعب الجيش، الذي قام بقمع الاحتجاجات في الأسابيع الأخيرة بناء على أوامر من النظام، دورًا حاسمًا في هذا التحول السياسي". 

في هذا الصدد، أشارت إلى أن البلاد تتميز بتاريخ طويل من الانقلابات العسكرية والدكتاتوريات، بينما حافظ الجيش على دوره "المؤثر جدًا في البلاد".

يذكر أن رئيسة الوزراء المستقيلة والتي يرجح بأنها فرت إلى الهند، شغلت منصب رئيسة الوزراء من يونيو 1996 إلى يوليو 2001 ومرة أخرى من يناير 2009 إلى أغسطس 2024.

وبينما حصدت السياسية البالغة من العمر 76 عاما إشادات بتحقيق نهضة اقتصادية، شهدت البلاد، بحسب مراقبين، انتهاكات لحقوق الإنسان واعتقالات واسعة للخصوم السياسيين ومضايقات على المواطنين.

واتهمت منظمات حقوق الإنسان حكومة حسينة بإساءة استخدام مؤسسات الدولة لإحكام قبضتها على السلطة والسيطرة على المعارضة.

وبالعودة إلى التطورات الحالية، قال قائد الجيش الذي كان يرتدي الزي العسكري في خطاب متلفز "أعدكم بأنه سيتم التعامل مع جميع المظالم" مضيفا "لقد عانت البلاد كثيراً، وتضرر الاقتصاد، وقُتل الكثير من الناس، لقد حان الوقت لوقف العنف". 

وأشار إلى أنه أجرى محادثات مع زعماء أحزاب المعارضة الرئيسة وبعض الأفراد في المجتمع المدني، ولكن ليس مع رابطة عوامي، حزب رئيسة الوزراء المستقيلة الشيخة حسينة.

ثورة الطلاب

بدأت الاحتجاجات الطلابية التي أدت إلى استقالة حسينة في بداية يوليو/تموز، بطريقة سلمية ضد نظام الحصص في الوظائف العامة الذي يخصص 30 بالمئة من الوظائف لأفراد أسر المحاربين القدامى في حرب الاستقلال 1971، إلا أنها سرعان ما تحولت إلى أعمال عنف واضطرابات دامية.

ولم يُهدِّئ قرار المحكمة العليا بتخفيض هذه الحصة في وظائف القطاع العام من 30 بالمئة إلى 5 بالمئة- غضب المحتجين لتتسع رقعة الاحتجاجات إلى فئات أخرى من السكان وتطورت إلى ثورة ضد الحكومة.

وبعد تصريحات زمان بشأن تشكيل حكومة مؤقتة مقبلة، عبرت بعض القيادات الطلابية عن موقفها برفض حكومة مستقبلية غير ممثلين فيها.

وجاء على لسان أحد المتحدثين باسمهم "يجب أن يكون الطلاب المحتجون ممثلين في الحكومة المؤقتة وإلا فلن نقبل ذلك". 

ونشر منسقو الاحتجاجات الطلابية بعد ذلك مقطع فيديو على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك يدعون فيه إلى تشكيل حكومة مؤقتة جديدة يترأسها محمد يونس الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2006.

وقد أفرج عن الأخير في مارس الماضي بعد اعتقاله بتهم اختلاس، لكنه نفى هذه الاتهامات.

وقالت منظمة "ناهد إسلام" الحقوقية، في مقطع الفيديو المذكور إن قادة الاحتجاجات الطلابية تحدثوا بالفعل مع يونس، الذي وافق بدوره على تولي المسؤولية بالنظر إلى الوضع الحالي في البلاد.

نقلت الصحيفة الإيطالية كذلك استياء محام وناشط في مجال حقوق الإنسان، من بيان قائد الجيش "لم نتلق أي خطة ملموسة من قائد الجيش. ما قاله هو حل مؤقت". 

وتساءل المحامي زي كان بانا، عن "مستوى التأييد الشعبي الذي يحظى به الأشخاص الذين تحدث إليهم بشأن تشكيل حكومة مؤقتة؟ لا أعتقد أن الشعب سيقبل بذلك".

انتقال السلطة

وفي الوقت نفسه، أكدت مجموعة من 21 شخصية بارزة في البلاد، تضم ناشطي حقوق إنسان ومحامين، على ضرورة نقل السلطة إلى حكومة وطنية أو مؤقتة "من خلال الوسائل الدستورية أو عن طريق تعديل الدستور، إذا لزم الأمر، بعد إجراء محادثات مع الطلاب والأحزاب السياسية المحتجة". 

وشددت المجموعة أيضًا على أنه لا ينبغي للجيش أن يتولى "مسؤولية إدارة البلاد وأن يقوم بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية والعودة إلى ثكناته والاضطلاع بدوره الأساسي وهو حماية بنغلاديش من التهديدات الخارجية وليس ممارسة الحكم".

وجاء في بيان صادر عن إدارة العلاقات العامة بالجيش أن القائد زمان سيجري قريبا محادثات مباشرة مع ممثلي الطلاب والمدرسين الذين يحتجون منذ أسابيع.

وقال مبشر حسن، الخبير في شؤون بنغلاديش بجامعة أوسلو، لشبكة "بي بي سي" إن "هناك العديد من اللاعبين الرئيسين في المفاوضات المستقبلية لتشكيل حكومة مؤقتة" في إشارة إلى "الجيش ومنسقي الاحتجاجات الطلابية ومختلف منظمات المجتمع المدني المحتجة".

 وقال أيضا: "لا أعتقد أن حالة عدم اليقين ستستمر طويلا، وذلك على وجه التحديد بسبب التصميم والقدرات السياسية التي أظهرها جيل الطلاب".

من جانبه، شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من على أهمية "الانتقال السلمي والمنظّم والديموقراطي" للسلطة.

بدوره، وجه مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الدعوة نفسها، بينما دعت كل من بريطانيا والولايات المتحدة إلى "التهدئة".

في الأثناء أمر الرئيس البنغلاديشي محمد شهاب الدين، المنتخب عام 2023 وعضو رابطة عوامي، بالإفراج عن رئيسة الوزراء السابقة وزعيمة المعارضة خالدة ضياء، رئيسة الحزب الوطني البنغلادشي، إلى جانب الإفراج عن كل المعتقلين خلال الاحتجاجات الطلابية الأخيرة.