شركاء في الإبادة.. ماذا وراء الدعم العسكري الصربي والهندي لإسرائيل؟

12

طباعة

مشاركة

غير آبهة بالتنديدات الدولية، تواصل دول الغرب، في مقدمتها الولايات المتحدة وألمانيا، توفير دعم عسكري واسع للكيان الإسرائيلي لمواصلة عدوانه على غزة، وبسببها أسقط الصهاينة ذخائر تعادل 3 قنابل هيروشيما وناغازاكي على الفلسطينيين بالقطاع المحاصر.

لكن العتاد العسكري القادم من صربيا الأرثوذوكسية، والهند الهندوسية لعب أدورا خطيرة أيضا في قتل وتدمير غزة وأهلها، حسبما كشفت تحقيقات استقصائية أجرتها مواقع بلقانية وإسرائيلية.

وتتشابه العقيدة الدينية السياسية للصهاينة والهندوس والصرب في العداء الشديد للمسلمين، كما تتشابه في اتباعها نفس أساليب الإبادة، والرغبة في قتل وتهجير المسلمين سواء في فلسطين أو الهند أو البلقان.

تواطؤ صربي

ليست مفاجأة أن يتم اكتشاف أن صربيا صدرت ذخائر وأسلحة إلى إسرائيل لتدمير غزة، فالعلاقات بين الجانبين قديمة، وصربيا وافقت على افتتاح سفارة لها في مدينة القدس المحتلة عاصمة الدولة الفلسطينية المستقبلية..

وسبق لصربيا أن صدرت أسلحة إلى إسرائيل بقيمة 540.120 مليون يورو في أكتوبر/تشرين أول 2023، وفق ما نشر موقع "بلقان إنسايدر" في 13 أبريل/ نيسان 2024.

وقال الموقع إن صربيا صدرت كميات ضخمة من الأسلحة إلى إسرائيل منذ بداية العدوان على غزة أكتوبر 2023.

لكن الجديد أن تحقيقا مشتركا أجرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، وشبكة تقارير التحقيقات الاستقصائية في البلقان "بيرن" في 10 يونيو/حزيران 2024 كشف "زيادة هائلة" في حجم الأسلحة الصربية التي تم بيعها لإسرائيل منذ طوفان الأقصى.

التحقيق الاستقصائي رصد قرابة ثماني رحلات جوية عسكرية إسرائيلية من صربيا لنقل سلاح صربي لتل أبيب، وقدر صادرات الأسلحة الصربية إلى إسرائيل بقيمة 15.7 مليون يورو منذ العدوان على غزة.

وتحدت صربيا بذلك توصية خبراء الأمم المتحدة في 23 فبراير/ شباط 2024 لمنع تصدير الدبابات والمدفعية، وأسلحة المشاة وألغام الهاون لإسرائيل، وهي ذخائر وأسلحة متوفرة في صربيا، وتنتجها شركة كروسيك المملوكة للدولة.

كما دعا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 5 أبريل/نيسان 2024 "لوقف بيع ونقل وتحويل الأسلحة والذخائر وغيرها من المعدات العسكرية إلى إسرائيل لمنع المزيد من انتهاكات القانون الإنساني الدولي وانتهاكات حقوق الإنسان". 

وتحصل إسرائيل بالفعل على الكثير من الأسلحة من الولايات المتحدة، التي نفذت جسرًا جويًا غير مسبوق للأسلحة لتل أبيب يضم مئات طائرات الشحن العسكرية.

وطائرات بوينغ 747 التي هبطت بشكل رئيس في قاعدة نيفاتيم الجوية قرب بئر السبع كما وصلت أسلحة أخرى عن طريق السفن.

لكن "في مرحلة ما، ومع انخفاض المخزونات، بدأ الجيش الإسرائيلي في استخدام قذائف المدفعية التي تحمل علامة "للتدريب فقط" والذخائر المنتجة في عام 1953 رغم أن صلاحيتها 40 عاما كحد أقصى"، وفق "هآرتس"، لذا زاد الاستيراد.

حيث كانت إسرائيل بحاجة إلى ذخائر موجهة وغير موجهة للطائرات، خاصة القنابل الجوية لاختراق المخابئ والمنشآت تحت الأرض.

وصواريخ لأنظمة الدفاع الجوي، وذخائر متوسطة العيار، وقذائف الدبابات والمدفعية، وأسلحة المشاة، وقذائف الهاون، وفق الخبير العسكري الصربي "فلادا رادولوفيتش" لصحيفة "هآرتس".

وفي 6 نوفمبر 2021، وضمن توثيق علاقتهما، افتتحت بلغراد مكتبا تجاريا في القدس، بعدما توترت العلاقات عقب اعتراف إسرائيل بكوسوفو، أي بانفصالها عن صربيا، وتراجعت صربيا عن وعدها السابق بنقل سفارتها إلى القدس.

وحينئذ قال مصدر مقرب من الحكومة الصربية لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" في 16 نوفمبر 2021 إن "الخلاف السياسي حول الاعتراف بكوسوفو لن يؤثر على عمق العلاقة بين الصرب واليهود".

وقال: "كانت صربيا أول من صادق على وعد بلفور، وأول من أشار إلى الدولة اليهودية باسم إسرائيل، ودُفن أجداد مؤسس الصهيونية السياسية ثيودور هرتسل في صربيا".

أقامت كوسوفو علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في بداية فبراير 2021، وفي مارس أصبحت أول دولة أوروبية وأول دولة ذات أغلبية مسلمة تفتتح سفارة في الجزء الغربي من القدس.

وأعلنت كوسوفو استقلالها عن صربيا عام 2008، واعترفت بها كدولة مستقلة 97 دولة عضو في الأمم المتحدة، من ضمنها إسرائيل.

وتبلغ قيمة التجارة بين صربيا وإسرائيل حوالي 73 مليون يورو سنويا.

وترتبط صربيا أيضا بمساعدة إسرائيل على تطوير علاقتها مع الإمارات بصفتها أقرب حليف عربي لصربيا والوحيدة التي تربطها معها اتفاقية شراكة إستراتيجية، وفق "تايمز أوف إسرائيل".

تواطؤ هندي

تحت قيادة رئيس الوزراء الهندوسي المتطرف "مودي"، أصبحت الهند أقرب إلى الكيان الإسرائيلي من أي وقت مضى.

وحاليا تعد نيودلهي أكبر مشتر للأسلحة الإسرائيلية بقيمة تصل إلى أكثر من مليار دولار سنويا، حتى إن مشتريات الهند من الأسلحة الإسرائيلية زادت بنسبة 175 بالمئة بين عامي 2015 و2019.

وبعد ذلك بدأت الشركات الهندية والإسرائيلية في إنتاج الأسلحة في المصانع في الهند، وفق موقع "ميدل إيست آي" 12 فبراير/شباط 2024.

واستوردت الهند معدات عسكرية بقيمة 2.9 مليار دولار من إسرائيل على مدى العقد الماضي، بما في ذلك الرادارات وطائرات المراقبة والطائرات القتالية بدون طيار والصواريخ، بحسب وكالة "رويترز" في 23 فبراير/شباط 2024.

ويوم 11 مايو/أيار 2024 كشف موقع "كاليبر" العبري، أن الهند كثفت من إرسال الأسلحة إلى إسرائيل خلال مراحل العدوان وإبادة غزة، ضمن تعاون تصنيع عسكري واسع بين البلدين منذ عام 2017.

وأكد أن شركة تابعة لوزارة الدفاع الهندية تدعى "Muniions India" تصنع الذخائر والمتفجرات حصلت على إذن بتصدير منتجاتها إلى إسرائيل منذ يناير 2024.

وأن هناك شركة هندية أخرى تدعى "Premier Explosives" حصلت على إذن آخر بتصدير المتفجرات وملحقاتها لجيش الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى المعدات والتقنيات، منذ بدء الحرب.

كما تم الكشف عن تصدير طائرات بدون طيار هندية الصنع من طراز "هيرميز 900"، تصنعها مجموعة "أداني" المملوكة للقطاع الخاص في الهند، إلى إسرائيل بين عامي 2019 و2023.

حيث باعت شركة "أداني-إلبيت"، وهي مشروع مشترك بين "أداني" الهندية، و"البيت سيتيمز" الإسرائيلية أكثر من (20) طائرة بدون طيار من طراز "هيرميز 900" هندية الصنع إلى إسرائيل.

وتؤكد مجلة "تابلت" في 7 مايو/أيار 2024 أن شركات السلاح الهندية الإسرائيلية المشتركة "مكملة لإمدادات الذخائر الأميركية وغيرها من المعدات الدفاعية الأكبر حجما لإسرائيل".

وأوضحت أنه "في المستقبل، يمكن للهند أيضا أن تحل محل الإمدادات الأميركية لمجموعة واسعة من الأنظمة الحربية بالإضافة إلى الذخائر العادية".

وفي هذا السياق، سلط الناشط الأميركي "جاكسون هينكل" عبر منصة إكس عن دور مصانع الأسلحة المملوكة لشركات حكومية هندية في شحن السلاح لإسرائيل للمشاركة في الإبادة الجماعية للفلسطينيين.

كما أكد تحقيق استقصائي لموقع "واير" الهندي في 13 فبراير 2024 أن الهند أمدت إسرائيل بطائرات هيرميز 900 هندية الصنع، ونقل عن نشطاء حقوق الإنسان الهنود إنها "خطوة ودليل على تورط الهند في حرب الإبادة الإسرائيلية ضد غزة".

وكان تقرير لقناة الأخبار TV9 الهندية، قد ذكر في 7 فبراير 2024 أن الطائرات بدون طيار التي يتم تصنيعها في مدينة حيدر أباد جنوب الهند، سوف تساعد في تلبية "احتياجات إسرائيل في حربها ضد حماس".

وقال المحلل العسكري الهندي، جيريش لينجانا، لموقع "ميل إيست آي" في 12 فبراير/شباط 2024، إن هيرميز 900 تستخدمها إسرائيل باستمرار داخل غزة وأنها بتصنيع مشترك بين شركة أداني الهندية وشركة إلبيت سيستمز الإسرائيلية، منذ 2018.

وتشمل باقة الأسلحة التي يتم إنتاجها بشكل مشترك بين البلدين، بخلاف الطائرات المسيرة "هيرميز 900"، بنادق هجومية من طراز Tavor X95، وبنادق قنص الجليل، ورشاشات النقب الخفيفة.

علما أن الطائرات بدون طيار من طراز هيرميز 900 قادرة على البقاء في الجو لأكثر من 30 ساعة.

ولذلك تستخدم عادة في مجموعة متنوعة من العمليات العسكرية، بما في ذلك مهام الاستطلاع والقصف الجوي، وقد تم إدخالها لأول مرة خلال الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2014، وتستخدمها إسرائيل بكثافة في غزة وجنوب لبنان.

ويرى موقع "ميدل إيست آي" أن رئيس الوزراء "مودي" استخدم علاقته مع إسرائيل "من أجل تطوير قدرات الجيش الهندي وتعزيز صورته كبطل في الإنتاج والتصنيع، دعما لبرنامج صنع في الهند".

وقال موقع "واير" الهندي في 7 مايو/أيار 2024 إن مبيعات الطائرات بدون طيار والذخائر التي تقوم بها مجموعة "أداني" من الهند إلى إسرائيل، وهي دولة متهمة بارتكاب جرائم إبادة جماعية في محكمة العدل الدولية، تدين نيودلهي.

وأوضح أن الشركة المشتركة بين "أداني" و"إلبيت" قامت بتصدير ذخائر وأسلحة استخدمت في قتل الفلسطينيين في غزة.

وفي السياق، أكد نشطاء فلسطينيون أن إسرائيل تستخدم أسلحة هندية في غزة، ونشروا صورة لبقايا قذيفة سقطت على غزة وتسببت في قتل العشرات، مكتوبا عليها "صنع في الهند".

وقد عاقبت إسبانيا وإيطاليا شركات هندية لإرسالها أسلحة لإسرائيل تُستخدم فيها مكونات من البلدين، ما قد يعرضهما لعقوبات دولية واتهام بالمشاركة في إبادة غزة.

نظامان عنصريان

وتطورت العلاقات بين إسرائيل والهند بصورة كبيرة منذ وصول اليمين الديني المتطرف من كلا البلدين للسلطة ممثلين في بنيامين نتنياهو وناريندرا مودي، وشملت تعاونا عسكريا واقتصاديا واستخباريا وتجاريا.

حيث يتشابه النظامان بتبني عقيدة دينية تتسم بالعنصرية والعداء ضد المسلمين، والسعي لهدم مساجدهم لبناء معابد يهودية وهندوسية فوقها.

وأدانت الهند هجوم حماس على جنوب إسرائيل وامتنعت عن التصويت ضد إسرائيل في الأمم المتحدة في العديد من القرارات.

ولدى إسرائيل سفارة في نيودلهي، وقنصلية واحدة في كل من مومباي وبنغالور، وللهند سفارة في تل أبيب.

ووفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري)، تُعد الهند أكبر مستورد للأسلحة في العالم، حيث اشترت ما قيمته 37 مليار دولار بين عامي 2012 و2022، وإسرائيل هي ثاني أكبر مورد دفاعي للهند بعد روسيا.

ويشير استيراد إسرائيل للسلاح من الهند خلال العدوان على غزة لنقص كبير في مخزون الأسلحة، حيث بدأت تل أبيب تلجأ لدول عديدة للحصول على ذخائر.

وعقب منع إسرائيل العمالة الفلسطينية من دخول المدن اليهودية، بعد طوفان الأقصى، تدفق الآلاف من عمال البناء والتمريض الهنود إلى إسرائيل للعمل هناك على الرغم من استمرار الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.

وكشف "راندير جايسوال"، المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية، لوكالة "أسوشيتدبرس" 4 أبريل/نيسان 2024، عن توقيع اتفاق بين إسرائيل والهند لاستقبال آلاف العمال.

وأضاف أن 18 ألف هندي يعملون في إسرائيل في الوقت الحالي، معظمهم من مقدمي الرعاية الصحية.

وسبق أن وقعت إسرائيل والهند عام 2023 اتفاقا للسماح لأكثر من 40 ألف هندي بالعمل في إسرائيل في قطاعي التمريض والبناء، بحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" في 18 يناير/كانون الثاني 2024.

وشارك هندوس ويهود من الجالية بالهندية في إسرائيل، في العدوان على غزة بعد تطوعهم في جيش الاحتلال، بهدف "التطهير العرقي" حسبما أكد أستاذ القانون بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، خالد أبو الفضل، مارس/آذار 2024.

وقال لصحيفة "إنديا توداي" الهندية في 16 أكتوبر 2023، التحق أكثر من 200 شخص من الهنود المولودين في الهند بجيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 8 أكتوبر.

وأضاف أنهم من الجالية اليهودية الذين يعيشون في الهند، خاصة في ولايتي مانيبور وميزورام، وبعضهم سبق لهم الخدمة في لواء "جولاني".