"ضغط أعصاب".. ما رسالة القسام من نشر صور أسرى الاحتلال باسم "رون أراد"؟

شدوى الصلاح | منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

تواصل حركة المقاومة الإسلامية حماس الضغط على أعصاب قادة الاحتلال الإسرائيلي وجمهوره عبر ملف الأسرى، من أجل دفعه لإنهاء العدوان المستمر على قطاع غزة منذ عامين.

ونشرت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة “حماس” صورة تضم عددا من الأسرى الإسرائيليين وصفتها بأنها "وداعية"، في إشارة إلى أن توغل الجيش في مدينة غزة قد يؤدي لمقتلهم.

وجاء نشر القسام صورة تضمنت 47 أسيرا إسرائيليا في 20 سبتمبر/أيلول 2025، بالتزامن مع توغل الجيش في أحياء مدينة غزة بهدف احتلالها، وهي عملية انطلقت في 11 أغسطس/آب 2025، وأطلق عليها اسم "عربات جدعون 2".

وتستهدف العملية احتلال كامل مدينة غزة وتهجير أهلها، وتخللها نسف منازل باستخدام روبوتات مفخخة، وقصف مدفعي، وإطلاق نار عشوائي، وتهجير قسري.

وكتبت القسام على الصورة التي نشرتها للأسرى باللغتين العربية والعبرية "بسبب تعنت (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو وخضوع (رئيس الأركان إيال) زامير: صورة وداعية إبان بدء العملية في مدينة غزة".

وفي ترقيم الأسرى كتبت كتائب القسام اسم "رون أراد" مع كل رقم في إشارة إلى الطيار الإسرائيلي الذي فُقِد منذ 1986 في جنوب لبنان، وترجح تقارير إعلامية عبرية أن تكون "حركة أمل" اللبنانية قبضت عليه، وسلمته إلى "حزب الله" إبان سنوات الصراع مع إسرائيل بين عامي 1985 و2000.

لكن في 2006، نفى الأمين العام السابق لـ"حزب الله" حسن نصر الله، الذي اغتالته إسرائيل، علمه بمصير "أراد"، وقال في مقابلة متلفزة إنه يعتقد أنه "ميت وضائع".

ونشرت القسام صورة الأسرى بعدما حذرت من أنها لن تكون حريصة على حياة الأسرى الإسرائيليين بمدينة غزة طالما قرر نتنياهو قتلهم بقراره احتلال المدينة وتهجير الفلسطينيين منها.

وقالت الكتائب: "أسراكم موزعون داخل أحياء مدينة غزة، ولن نكون حريصين على حياتهم طالما أن نتنياهو قرر قتلهم".

وأضافت محذرة الإسرائيليين من أن بدء الجيش "هذه العملية الإجرامية وتوسيعها (في مدينة غزة) يعني أنكم لن تحصلوا على أي أسير لا حي ولا ميت، وسيكون مصيرهم جميعا كمصير رون أراد".

في الأثناء، انطلق صاروخان من قطاع غزة باتجاه مدينتي أسدود وعسقلان الواقعتين ضمن الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.

وأكد جيش الاحتلال اعتراض أحدهما بينما سقط الثاني في منطقة مفتوحة، وذلك بعدما دوت صفارات الإنذار بين أسدود وعسقلان للتحذير من سقوط قذائف.

وميدانيا، أعلن الجيش إصابة 10 جنود بعد انقلاب مركبة عسكرية كانت تقلهم على مشارف مدينة غزة، جرى نقل اثنين منهم إلى مستشفى هداسا عين كارم (بالقدس) بواسطة مروحية، وثمانية بواسطة سيارة إسعاف".

وأعرب ناشطون على منصات التواصل عن سعادتهم باستهداف عسقلان، مشيرين إلى أنه يأتي ردا من فصائل المقاومة الفلسطينية على تصعيد الاحتلال الإسرائيلي المتواصل وغير المسبوق على مدينة غزة وإيقاعه شهداء وجرحى أطفال ونساء ومدنيين وتدمير المدينة وتهجير أهلها.

وأثنوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #كتائب_القسام، #غزة_تباد، #عسقلان، وغيرها، على المقاومة واستمرارها في مقارعة الاحتلال وتأثيرها على الرأي العام الإسرائيلي.

وسلط ناشطون الضوء على الرسائل والتهديدات التي تحملها الصورة التي نشرتها القسام للأسرى الإسرائيليين، والتي كان أبرزها إغلاق باب تحرير الأسرى بوجه نتنياهو، وإجباره على اتخاذه إجراءات من بينها إنهاء الحرب.

وعشية نشر القسام صورة الأسرى، اتهم ذووهم نتنياهو بالتضحية بأرواح أبنائهم من أجل بقائه السياسي وحماية حكمه، وذلك خلال وقفة احتجاجية قرب مقر إقامته في غرب القدس.

وشددت العائلات على أن استمرار الحرب يهدد حياة جميع الأسرى، متهمة نتنياهو بأنه "يعرقل عمدا أي فرصة للتوصل إلى اتفاق شامل، ويدفع إسرائيل نحو حرب لا نهاية لها".

وتقدر تل أبيب وجود 48 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها نحو 11 ألفا و100 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، قتل العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.

المقاومة تقصف

وحفاوة باستهداف عسقلان وأسدود، لفت المحلل السياسي ياسين عزالدين إلى أن الاحتلال "يستطيع قتل الأطفال والنساء والمدنيين، لكنه لن يستطيع الانتصار على المقاومة التي ما زالت تحافظ على إمكانياتها وقادرة على تدفيعه الثمن".

وأوضح الصحفي فايد أبو شمالة، أن صواريخ انطلقت من غزة تسبب في سماع صفارات الإنذار تدوي في المنطقة بين أسدود وعسقلان.

وأفادت راضية بدير بأن المقاومة تطلق صاروخين من غزة نحو الأراضي المحتلة، موضحة أنها مناطق ينتشر فيها جيش الاحتلال.

ودعت قائلة: "اللهمَّ سدد رميهم، وثبت أقدامهم، وأيدهم بنصرك، وأعنهم ولا تُعن عليهم، فأنت تنصر من ينصرك، فهم للحق ناصرون، وبالحق منتصرون".

وأشار المغرد جراح إلى مرور 714 يوما من الحرب الإسرائيلية المدعومة من (أميركا والغرب) على غزة المخذولة من الأمة العربية والإسلامية، ورغم هذا ما زال ورثة الأنبياء يستبسلون في الحرب ويرجمون جُند قارون بحجارة من سجيل.

وقال: "لو تكفلت دولة إسلامية بتحييد الطيران الحربي.. لكان الآن الشباب يقاتلون في عسقلان وأسدود".

وكتب أحد المغردين: "الله أكبر الله أكبر.. رشقة صاروخية من غزة نحو شمال عسقلان.. صفارات الإنذار تدوي قرب أسدود".

وعرض أبو عبادة مقطع فيديو وخارطة موضحة عليها مكان القصف الذي نال الاحتلال، لافتا إلى انطلاق صواريخ من غزة إلى عسقلان وأسدود وتفعيل صافرات الإنذار في المنطقة.

رسالة للاحتلال

وعن الصورة التي نشرتها القسام لأسرى الاحتلال، قالت المغردة هدى، إن ذكر الكتائب لتوزيعه الأسرى على أحياء مدينة غزة، تشير إلى أنهم لم يعودوا ورقة مهمة لديها طالما أن المدينة ستُدمر، ولذلك “فليُقتلوا جميعًا”.

وعد محمد المعتصم نشر القسام صورة وداعية للأسرى الإسرائيليين رسالة مباشرة تحمل القيادة الإسرائيلية المسؤولية عن مصيرهم.

وذكر أحد المدونين بأن القسام نشرت منذ فترة ما غايته التأثير في عائلات الأسرى ليضغطوا على حكومتهم المجرمة، وقد كان تأثير ذلك كبيرا على احتجاجات الشارع.

وقال: "لكن يبدو أن هذه الصورة الوداعية ستكون الإنذار الأخير لعائلات الأسرى ولنتن ياهو من المقاومة، وستكون لها تداعيات وهزات ارتدادية قد تجعل معركة استباحة غزة انتحارا جماعيا للنتن وحكومته".

وأشار إبراهيم ناصر الدين المغربي إلى أن القسام خرجت بصورة "وداعية" لأسرى العدو، تقول فيها بلسان المؤمنين: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا}، في وقتٍ يمعن فيه العدو الصهيوني في بطشه وقتله للأطفال والنساء والشيوخ في غزة.

ولفت إلى أن الكتائب تقول: إن من أراد إبادة شعب بأكمله، عليه أن يعلم أن للمظلوم دعوة لا تُرد، وأن للمجاهدين بأسا لا يُكسر، وأن لأسرى القسّام حسابًا لن يُغلق إلا بثمن يليق بحجم الجريمة.

وأوضح المغربي أن القسام خاطبت بالصورة التي نشرتها من يحكمون في تل أبيب، قائلة "إن أردتم السلام فأطلقوا أسرانا، وإن أردتم الحرب، فخذوا مزيدًا من النعوش. فهؤلاء الأسرى لن يعودوا إلا بما تقرّ به أعين المجاهدين وقلوب أمهات الشهداء".

وأكد أن القسّام لا يهدد، بل يوفّي بوعده، ويعلم أن الله وعده بالنصر، *{إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}*.

إشادة بالقسام

وثناء على القسام، قالت الصحفية شيرين عرفة: "حتما هُم جنود الله، فما يبهروننا به كل يوم وكل ساعة، أكبر من قدرتنا على الاستيعاب، لم يكتفوا بأن يثبتوا للعالم بأنهم أعظم أبطال عرفتهم الدنيا في الحروب والقتال، بل أكدوا أيضا أنهم خير عقول أنجبتها البشرية، وأنهم بلا منازع عباقرة هذا الزمان".

وتوقعت أن الصورة التي نشرتها القسام ربما تُصبح مستقبلا موضوعا مهما للأبحاث العلمية والدراسات والنقاشات، في كليات ومعاهد الإعلام، وسيتم الاستعانة بها في الكتب والمناهج ودوريات العلوم والدراسات المتخصصة في الإعلام وأدواته، والحرب النفسية وتأثيرها على الناس.

وأشارت عرفة إلى أن المذهل في الصورة التي نشرتها “حماس”، أنه لم يكتب بها أسماء الأسرى، بل تم ترقيمهم، وبجانب كل رقم- اسم (رون آراد)، متسائلة: “ماذا كانت تقصد؟”

وأكدت أن اختيار هذا الطيار الإسرائيلي تحديدا، رسالة قوية ومزلزلة من حماس مضمونها أن إسرائيل لن تعرف أبدا مصير أسراها، وأنهم لن يصلوا إليهم لا أحياء ولا أموات، إذا ما أصروا على احتلالهم غزة وقرار الاجتياح.

وقال براءة أبو عيشة: نحن أمام معركة إفناء وحرب وجودية بالنسبة للمقاومة، فقادة الكيان يعلمون أن صفوة الصفوة من القادة والمجاهدين ما زالوا متخندقين بثبات داخل أحياء وأزقة وركام مدينة غزة، بكل ثبات وإصرار على المواجهة النهائية مهما كان الثمن والكلفة".

وبين أن "الاستسلام للعدو أو الانسحاب من هذه البقعة، أمر مستحيل، وبالتالي فإن شكل القتال وطرق العمل وأساليب الدفاع سيكون مغايرا، خاصة مع حشد لفرق العدو النخبوية.

تنديد وغضب

وتنديدا بتصعيد الاحتلال لمجازره، قال المتحدث باسم بلدية غزة عاصم النبيه: "دماغي ليست قادرة على استيعاب أو هضم مجرد فكرة فقدان غزة، ذهني لا يستطيع معالجة معنى هذا الفقد ولا أستطيع فهم هذه المفردة ولا التعامل معها ولا وضعها في سياق منطقي ما".

وأضاف: "قد أستطيع تفهم خسارة أي شيء وتوظيفه في سياق منطقي يمكن معالجته مع الوقت. إلا خسران غزة لا منطق فيه أبدا".

وعرضت الصحفية ديما الحلواني، مقطع فيديو لجثامين أطفال ومدنين مكفنة داخل أكياس سوداء، موضحة أن "إسرائيل" قتلته.

ونقلت عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، تأكيده أن الاحتلال يفجّر 17 عربة مفخخة يوميًا في غزة.. بقوة زلازل تصل إلى 3.7 درجة بمقياس ريختر.

وأشار الناشط تامر قديح إلى أن الجثث تصل متكدسة فوق بعضها من مربعٍ سكني دمّره الجيش الإسرائيلي بالكامل على رؤوس ساكنيه في مدينة غزة. 

وأوضح أنه يتحدث عن مجزرة كبيرة؛ إذ لا يزال أغلب الضحايا تحت الأنقاض، ويصعب انتشالهم بسبب كثافة النيران وخطورة المكان وعدم توفر معدات هندسية لذلك، مؤكدا أنها كانت ليلة صعبة في مدينة غزة.

واستبق قديح، ذلك بالإشارة إلى أن "إسرائيل" أدخلت 70 ألف جندي مزودين بأسلحتهم الثقيلة ودباباتهم، تحت غطاء السلاح الجوي والمعلومات الاستخباراتية والتكنولوجيا المتطورة. 

ولفت إلى أنه من المتوقع أن تزداد أعدادهم في الأيام المقبلة داخل مدينة غزة لمواجهة نحو 2500 مقاتل فلسطيني بعتاد خفيف، الذين تقدر إسرائيل وجودهم داخل المدينة، موضحا أن هذا ما نشرته الصحيفتان العبرية "يديعوت أحرنوت" و"والّلا".

وقال قديح: "بالتأكيد، لن تتحرك دباباتهم التي يتحصن داخلها الجنود إلا بعد أن يُدمر كل شيء أمامها ويحترق تمامًا".