نجاح طلابي في مقاطعة منتجات إسرائيل بالمغرب.. هل تنتشر الخطوة؟

3 months ago

12

طباعة

مشاركة

يواصل طلبة المغرب وفئات اجتماعية ومهنية وجامعية عدة، التعبير الواضح والمستمر عن رفضهم للتطبيع مع الاحتلال، وانخراطهم القوي في مسار مقاطعة منتجات الكيان الإسرائيلي وداعميه.

وفي هذا الصدد، أعلن طلبة معهد “الحسن الثاني للزراعة والبيطرة” بالعاصمة الرباط، نجاحهم في مقاطعة كل منتجات داعمي الاحتلال الإسرائيلي بجامعتهم، في خطوة نالت تنويها وإشادة من ناشطين وحقوقيين.

بادرة طيبة

وقال طلبة المعهد، عبر بيان في 13 أغسطس/آب 2024، إنه "تم التخلص أولا من الشركات الداعمة للكيان المحتل، ولو في أدق تفاصيل الحياة الجامعية، بما في ذلك المنتجات الغذائية المستهلكة أثناء الوجبات المقدمة من طرف مطعم المعهد".

وأوضح الطلبة أنهم يسعون مع بداية الموسم المقبل، إلى "عقد شراكات مع شركات مغربية فيما يخص المشروبات الغازية، كما يسعون إلى أن تعم المقاطعة حتى المواد المستعملة في تحضير الوجبات، والتي تشمل منتجات المعجنات، الكسكس، الدقيق، الدجاج وغيرها".

ونبهوا إلى أن هذه الخطوات “قد تبدو بسيطة، لكنها تكبد شركات المقاطعة ما يقارب 450 ألف درهم شهريا، (نحو 45 ألف دولار)”.

وقال الطلبة إنه “من أجل بلوغ أرقام أهم، دعوا باقي الجامعات المغربية إلى اتباع نفس النهج، لبلوغ تأثير أهم وأكبر”.

وفي تعليقه على البيان، قال رئيس منظمة التجديد الطلابي، مصطفى علوي، إن ما قام به طلبة معهد الحسن الثاني هي "خطوة وبادرة طيبة نثمنها، ونشجع باقي الطلبة في المعاهد والمؤسسات الجامعية الأخرى لاتخاذ نفس الخطوة".

وأضاف علوي لـ"الاستقلال"، أن هذه الخطوة "قد تبدو بسيطة لكنها مهمة، خاصة أنها تعكس التراكم الذي يحققه الطلبة في مسار مناهضة التطبيع ومقاومته".

ونبه إلى أن "ما قام به الطلبة بالمغرب، ومنهم طلبة معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، وإن لم يصل إلى مستوى التأثير في القرار السياسي، لكنه مجهود يضيف إلى الجهد الوطني لأجل إسقاط التطبيع".

وأردف علوي، "كما أن الطلبة يقومون بمجهود مقدر في التوعية بأهمية مقاطعة منتجات العدو وداعميه، وكذا ملاحقة أشكال التطبيع الأكاديمي والجامعي  كافة، وأيضا مناهضة التطبيع الأكاديمي غير الرسمي، كالذي يكون بين بعض الأفراد مؤسسات صهيونية".

عدد من الناشطين والفاعلين بالمجتمع المغربي، عبروا عن تنويههم ببيان طلبة معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، مشددين على أن ما قام به "خطوة نضالية تستحق الإشادة والتعميم".

وفي هذا الصدد، كتب الناشط الإعلامي والباحث في التواصل السياسي، عبد الصمد بنعباد، في 14 أغسطس، "خطوات صغيرة على الأرض= قفزات عملاقة في التاريخ".

أما الكاتب الوطني لشبيبة حزب العدالة والتنمية، عادل الصغير، فتفاعل عبر صفحته على فيسبوك في 13 أغسطس، بقوله: "تحية عالية لطلبة معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة".

أما الناشط السياسي سامي صولدة، فرأى في منشور عبر حسابه على فيسبوك، في 13 أغسطس، أن النجاح في المقاطعة هي "خطوة رائدة من طلبة معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة".

تفاعلات إعلامية

وذكر موقع "لكم" المحلي في تفاعله مع بيان طلبة معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، أن هذه الخطوة "تأتي لتأكيد تواصل خطوات مناهضة التطبيع بالمؤسسات الجامعية المغربية".

وأوضح الموقع عبر تقرير نشره في 13 أغسطس 2024، أن بيان المعهد "يأتي بعد الحملات التي خاضها طلبة جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بالرباط، وجامعة عبد الملك السعدي بتطوان، وطالبة الكوفية بالمدرسة العليا للتكنولوجيا بالدار البيضاء، ومبادرات طلابية بمؤسسات أخرى".

من جانبه، قال موقع "صوت المغرب"، في 13 أغسطس، إنه "منذ السابع من شهر أكتوبر/تشرين الأول 2023، أي في بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، خاض الطلبة المغاربة داخل الجامعات سلسلة احتجاجات داخل الحرم الجامعي، منها ما منع، مثل ما كان قد سجل في جامعة عبد المالك السعدي في تطوان".

وفي السياق ذاته، يردف المصدر ذاته، "انتقل حراك الطلبة المغاربة إلى الجامعات الخاصة بشكل أقوى، حيث خاض الطلبة والخريجون في جامعة محمد السادس متعددة التخصصات حملة واسعة لمطالبة الجامعة بوقف تعاونها مع الجامعات الإسرائيلية التي تبرم اتفاقيات معها، وهو ما رفضته الجامعة".

وذكر الموقع أن "الطلبة صعدوا احتجاجاتهم على رئاسة الجامعة، وهو ما ردت عليه بإلغاء حفل تخرج الطلبة عام 2024، خوفا من إهدائهم لتخرجهم إلى شهداء غزة، وتوشيح الكوفيات الفلسطينية".

وفي السياق ذاته، يضيف "صوت المغرب"، خاض طلبة جامعة الأخوين حراكا رافضا لزيارة زملاء لهم إلى إسرائيل في عز العدوان على غزة، وإدلائهم بتصريحات داعمة للعدوان، مطالبين رئاسة الجامعة بتحرك ضد الطلبة الداعمين للاحتلال في عز عدوانه.

على المستوى الأكاديمي، يردف الموقع، "يخوض الطلبة والأساتذة في الجامعات المغربية حراكا واحدا، لحمل الحكومة وكل الجامعات، الخاصة والعمومية، على وقف تعاونها مع الاحتلال الذي باتت تدين محكمة العدل الدولية جرائمه".

وذكر أن الطلبة يطالبون بإلغاء كل اتفاقيات الشراكة والتعاون مع الجامعات والمؤسسات التابعة لإسرائيل، كما يطالبون بـ"رفع ما الحصار والتضييق المفروض على حق الطلبة المغاربة في التعبير عن دعمهم ومساندتهم لحق الشعب الفلسطيني في الحرية والحياة والعيش الكريم فوق أرضه كاملة من البحر إلى النهر".

التطبيع مرفوض

هذا الرفض الطلابي الواسع للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي، توقفت عنده صحيفة "لوموند" الفرنسية، حيث خصصت تقريرا للحراك الطلابي في الجامعات المغربية، من أجل المطالبة بوقف التطبيع الأكاديمي مع إسرائيل، وحمل الجامعات المغربية عن التراجع على اتفاقياتها مع نظيرتها الإسرائيلية.

وكشفت الصحيفة في 15 يوليو/تموز 2024، عن استعداد أساتذة في معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة لتقديم عريضة تطالب بوقف معهدهم للتطبيع مع إسرائيل، منذرة بدخول جامعي ساخن، سبتمبر/أيلول 2024.

وعادت الصحيفة إلى حراك طلاب جامعة محمد السادس متعددة التخصصات للمطالبة بتراجع الجامعة عن اتفاقياتها مع الجامعات الإسرائيلية، ونقلت تصريح أحد خريجي الجامعة، والذي يقول إن الطلبة والخريجين كان أملهم في البداية جمع 300 أو 400 توقيع لتقديمها للجامعة، وحصلوا بدل ذلك على 1300 توقيع، للمطالبة بـ"قطع العلاقات بين المؤسسة والجامعات الإسرائيلية، ما يمثل خمس عدد طلاب الجامعة".

وتضيف أن ما يثير غضب طلاب هذه الجامعة على وجه الخصوص، أن مؤسستهم تقيم علاقات مع 8 جامعات إسرائيلية معروفة بتنفيذ برامج بحثية مع الجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية، مثل معهد دراسات الأمن الداخلي في جامعة بن غوريون، وهي مؤسسات يقول الطلاب إنها "متورطة بشكل مباشر في جرائم وانتهاكات صارخة للحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وحقوق الإنسان بشكل عام".

وحسب الصحيفة، فإن إدارة الجامعة تواجه الإحراج وهي تتعامل مع مطلب حملها على التراجع عن اتفاقياتها مع إسرائيل، وهو ما فهم من وسيط الجامعة، الذي استقبل الطلبة خلال يونيو/حزيران 2024، والذي قال لهم إن قرارا بهذا الحجم "لا يمكن اتخاذه"، فيما لم تستجب الجامعة لطلب التواصل مع الصحيفة الفرنسية.

كما وقفت الصحيفة عند واقعة إلغاء جامعة محمد السادس متعددة التخصصات لحفل تخرج طلابها في كلية الحكامة بالرباط، وذلك خوفا منها من ارتداء الكوفية الفلسطينية، والحديث عن القضية الفلسطينية في خطابات تخرجهم.

وعرجت الصحيفة على باقي الوقائع المماثلة، من إلغاءٍ لحفل تخرج طلاب في الرباط بسبب عزمهم إهداءه لفلسطين، وامتناع عميد كلية الدار البيضاء عن توشيح طالبة بسبب الكوفية.

وبالإضافة للطلاب، تقول الصحيفة إن التعبئة متواصلة بين أساتذة التعليم العالي في المغرب لمناهضة العلاقة مع إسرائيل والمطالبة بوقف التطبيع الأكاديمي.

وأشارت إلى مبادرة توقيع 600 أستاذ على مطلب تراجع جامعة عبد الملك السعدي عن تطبيعها مع جامعة حيفا، ونقلت تصريحا لمنسق العريضة نور الدين المطيلي، والذي قال إن مطالب إلغاء الاتفاقية ستعرض على مجلس إدارة الجامعة لاتخاذ قرار فيه.

ونبه المصدر ذاته، إلى أن الغضب من التطبيع الأكاديمي، لن تخفف العطلة الصيفية في الجامعات والمعاهد العليا من قوته، مشيرا إلى أن انتهاء الموسم الجامعي، ومغادرة الطلاب لمقاعدهم في الجامعات، تبقى التعبئة لرفض التطبيع الأكاديمي متواصلة حسب الصحيفة.

وفي هذا الصدد، قال رئيس منظمة التجديد الطلابي، مصطفى علوي، إن "تعبيرات الطلبة الرافضة للتطبيع، هي رسالة للدولة وللسلطات المعنية، بأن عموم المغاربة والطلبة بالخصوص لن يقبلوا بالتطبيع".

وأضاف علوي لـ"الاستقلال"، كما أن هذه المبادرات تجدد التأكيد لكل من له شك، بأن حلم الكيان بالتطبيع الشعبي مع مختلف مكونات الشعوب العربية لن يتم مهما طال الزمن أو قصر.

واسترسل، "ولن تقبل الشعوب العربية بالتطبيع مهما تم استهدافها بالحملات التضليلية والإعلامية، ومهما اشتغل ونشط عملاء الصهاينة والتطبيع على بث أفكارهم وأوهامهم".

ورأى علوي أن "موقف الشعوب العربية ومنها طلبة المغرب، يعكس فهمهم العميق للخطر الوجودي للتطبيع، ليس فقط على الشعب الفلسطيني ولكن على كل الدول العربية، وعلى الأمة العربية والإسلامية عموما".

وعليه، يردف المسؤول الطلابي والناشط الحقوقي، “لن يكون هناك أي تطبيع على مستوى القاعدة الشعبية، بل سيكون فقط على مستوى الرسمي”.

ونبه علوي إلى أن "ما يقوم به الطلبة، يبين أنهم لم يرضخوا للسياسات التي تريد تدجينهم وحصر انشغالهم في تخصصهم العلمي والأكاديمي والتقني، دون أي معرفة أو اهتمام بما يجرى ويقع على مستوى الوطن والأمة العربية والإسلامية".