تثير خلافا أوروبيا وسخرية روسية.. تفاصيل "خطة النصر" الأوكرانية

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

لا تحظى الحرب في أوكرانيا بنفس التغطية الإعلامية بسبب توترات الشرق الأوسط، لكن المواجهة على الجبهة الشرقية مستمرة مع روسيا بكل قوتها.

وهنا تسلط صحيفة إندبندنت البريطانية بنسختها التركية الضوء على جهود الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البحث عن دعم لخطة "النصر" التي عمل عليها لفترة طويلة وكشف عنها في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2024.

وتقول الكاتبة التركية "جولرو جازار" إنه “طالما أن الغرب يواصل تزويد أوكرانيا بالأسلحة، ولا تتراجع روسيا رغم خسارتها لما يقرب من ألف جندي يوميا، فإن انتهاء الحرب في المستقبل القريب يبدو غير ممكن”.

“خطة النصر”

وأردفت: زار زيلينسكي الولايات المتحدة في سبتمبر/أيلول 2024، لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الـ 79، والتقى نظيره الأميركي جو بايدن ونائبته المرشحة الرئاسية للحزب الديمقراطي كامالا هاريس، وشارك معهم "خطة النصر".

وبعد ذلك التقى المرشح الرئاسي للحزب الجمهوري دونالد ترامب. وحاول زيلينسكي استكشاف ردود فعل محاوريه لفهم التطورات المتعلقة بمصير بلاده بعد انتخابات 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2024. وقد واصل الرئيس الأوكراني بحثه عن الدعم في أوروبا أيضا.

وفي منتصف أكتوبر، تحدث زيلينسكي في جلسة مفتوحة للبرلمان الأوكراني وكشف عن تفاصيل خطة النصر، والتي تتضمن بحسب الكاتبة خمسة عناوين رئيسة وثلاثة ملاحق سرية.

1. توجيه دعوة رسمية لأوكرانيا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو”، وهي عملية أعلن أعضاء الحلف سابقا أنه لا رجعة فيها.

2. تقديم المزيد من الأسلحة ورفع القيود على استخدامها، بالإضافة إلى ذلك مساعدة حلفاء أوكرانيا في تدمير الصواريخ القادمة من روسيا. 

إذ إنه بسبب خطر انتشار الحرب لا تزال بعض الدول، وخاصة الولايات المتحدة، لا تسمح باستخدام الصواريخ بعيدة المدى ضد روسيا.

3. نشر أدوات ردع إستراتيجية شاملة غير نووية في أوكرانيا. لكن زيلينسكي لم يقدم تفاصيل حول الأسلحة التي قد تتضمنها هذه الأنظمة.

4. توقيع اتفاقيات مع الحلفاء للحفاظ على اقتصاد أوكرانيا وتطويره. في إطار هذه الاتفاقيات سيلبي شركاء كييف احتياجاتهم من الموارد الطبيعية.

5. بعد الحرب، ستسهم أوكرانيا في هيكل الأمن الأوروبي. وسيتم نقل القوات الأوكرانية التي اكتسبت خبرة من الحرب لتحل محل القوات الأميركية الموجودة في أوروبا.

وعلقت الكاتبة التركية: يعتقد زيلينسكي أن تنفيذ الخطة سيؤدي إلى انتهاء الحرب في غضون عام واحد، لذا فهو يرفض تقديم أي تنازلات إقليمية.

وأشارت إلى أن الجزء غير المعلن من الخطة وكيفية تنفيذها هو الأهم، حيث لم يقدم زيلينسكي تفاصيل حول تنفيذها في خطابه أمام البرلمان الأوكراني.

فإشارة زيلينسكي إلى الأسلحة النووية كبديل للردع أثارت الكثير من التساؤلات، وقد أوضح لاحقا أنه كان يشير إلى مذكرة بودابست لعام 1994 التي تتضمن التزامات روسية واضحة وغير قابلة للتأويل فيما يتعلق بأمن أوكرانيا والاعتراف بوحدة أراضيها.

وتابعت الكاتبة: لقد وجد بعض البرلمانيين الأوكرانيين الخطة خيالية، بينما رأى آخرون أنه يجب منحها فرصة، لكنهم أشاروا إلى أن العبء يقع على الشركاء. 

وانتقد بعض النواب عدم تناول الخطة لقضايا داخلية مثل الديمقراطية والإصلاح.

وفي اليوم التالي (16 أكتوبر)، توجه زيلينسكي إلى بروكسل لحضور قمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي وقدم خطته للاتحاد المكون من 32 عضوا. 

في نفس اليوم التقى بالأمين العام الجديد للناتو مارك روته وشرح تفاصيل خطته أمام وزراء دفاع الحلف.

وفي تصريحاته بعد اجتماعاته في بروكسل، أشار زيلينسكي إلى أنه ينتظر ردا من الولايات المتحدة بشأن الخطة.

جولات الدعم

وتابعت الكاتبة: لم يتضح بعد ما إذا كانت جهود زيلينسكي ستؤتي ثمارها، حيث قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إنّه ليس في وضع يسمح له بالتعليق على الخطة، لكنه أكد أن الولايات المتحدة ستواصل دعمها الذي استمر لمدة سنتين ونصف السنة.

في الواقع، أعلنت الولايات المتحدة عن حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا بقيمة 425 مليون دولار في اليوم الذي التقى فيه زيلينسكي بقادة الاتحاد الأوروبي.

وبدورها، قدمت المندوبة الدائمة للولايات المتحدة لدى الناتو، جوليان سميث، تصريحا أكثر وضوحا. 

إذ قالت إن انضمام أوكرانيا إلى الناتو في المستقبل القريب ليس واقعياً، مما ينسف توقعات كييف.

من جهةٍ أخرى، ظهرت أصوات مختلفة من الدول الأوروبية؛ فقد وصف رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، المعروف بقربه من روسيا، الخطة بأنها "أكثر من مخيفة".

وأشار إلى أنه سيتحدث مع قادة فرنسا وألمانيا لتشجيعهم على التواصل المباشر مع موسكو. وفي نفس الوقت أعلنت المملكة المتحدة أنها ستواصل التواصل مع الحلفاء لدعم الخطة.

بينما أدلى وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو، الذي زار كييف أخيرا، بتصريح مشابه، قائلا إنّه يجب جمع أكبر عدد ممكن من الدول حول خطة النصر لضمان عدم فوز روسيا.

وأشار الأمين العام للناتو روته إلى أن الخطة لا تتضمن فقط عضوية أوكرانيا في الحلف، بل العديد من الأمور الأخرى، ولذلك يجب تقييمها بشكل أكبر.

وأردفت الكاتبة: كانت التصريحات الروسية ساخرة، حيث جاءت أول ردود الفعل من قبل المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف.

وقال بيسكوف إنه من المبكر جداً التعليق على الخطة، لكنه أضاف: "يجب على كييف أن تعود إلى رشدها وتدرك عبثية سياساتها".

وقد وصفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الخطة بأنها "سلسلة من الشعارات غير المتسقة، من فم نازي مغطى بالدماء". واتهمت زيلينسكي بمحاولة جر الناتو إلى مواجهة مباشرة مع روسيا.

وساطة تركيا

وفي خضم الحديث عن هذه الخطة، أجرى وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها زيارة لتركيا في 21 أكتوبر 2024. 

وكانت هذه هي أول زيارة لوزير خارجية أوكراني إلى تركيا منذ 4 سنوات، بينما زار نظيره التركي هاكان فيدان أوكرانيا آخر مرة في أغسطس/آب 2023.

وتأتي الزيارة في وقت متزامنٍ مع جهود زيلينسكي الدبلوماسية، الأمر الذي يجعلها مهمة. 

فتركيا هي الدولة الوحيدة في الناتو التي حافظت على اتصالاتها مع كلا الجانبين منذ بداية الحرب.

لذلك، من المحتمل أن يكون سيبيها قد أطلع فيدان على خطة النصر وطلب من تركيا استكشاف مدى قابلية تنفيذها.

وبدوره، زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إسطنبول كذلك خلال أكتوبر لحضور اجتماع منصة التعاون الإقليمي لجنوب القوقاز.

كما أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يحضر حاليا قمة بريكس في قازان بروسيا في الفترة من 22 إلى 24 أكتوبر.

ومع لقائه الرئيس فلاديمير بوتين خلال القمة، فمن الممكن أن تكون تركيا تدير عملية دبلوماسية بين كييف وموسكو، وفق الكاتبة.

وأشارت إلى أن كلا من أوكرانيا وروسيا لا ترغبان في تمديد فترة الحرب، بغض النظر عن الخطة المعلنة للنصر. 

وعلى الرغم من قبول الغرب لخطة زيلينسكي كما هي، يبدو أن انتهاء الحرب في غضون عام غير ممكن في الظروف الحالية.

وإذا فاز دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية، فقد يجري استبعاد خطة زيلينسكي تماماً وقد تنتهي الحرب بنتائج غير مواتية لأوكرانيا، بحسب تقديرها.

لذلك، فإن تواصل أوكرانيا مع دول مثل تركيا التي يمكنها إقناع روسيا بشأن مقترحات بديلة قد يكون مفيداً لإنهاء الحرب.

في هذا السياق، توضح الكاتبة أن اجتماع الأطراف للتفاوض وإنهاء الحرب بطريقة مشابهة لعملية إسطنبول هو خيار أكثر واقعية من فرض أوكرانيا السلام على روسيا.

واستضافت إسطنبول في مارس/ آذار 2022، عدة جولات من المباحثات بين وفود روسية وأوكرانية للتوصل إلى اتفاق بشأن الحرب المتواصلة بين البلدين.

وخلال مراسم أقيمت بإسطنبول في 22 يوليو/ تموز 2022، وقعت الأمم المتحدة وروسيا وتركيا وأوكرانيا اتفاقية ممر الحبوب في البحر الأسود بهدف الحد من تأثير الحرب الأوكرانية الروسية على أسعار المواد الغذائية العالمية.

لكن توقف العمل بالاتفاق بسبب خلافات بين روسيا من جهة، وأوكرانيا ودول غربية من جهة أخرى.

وتقول الكاتبة: “يعرف زيلينسكي جيدا أنه لولا ضغط الغرب لكانت عملية إسطنبول قد نجحت، وكان من الممكن التوصل إلى اتفاق في بداية الحرب، وهو الأمر الذي كان سيمنع وصول الوضع إلى هذه النقطة”.